اتفاق إيطاليا واليونان.. ضربة قاصمة لأردوغان تُغرق طموحاته في "المتوسط"
كتبت – إيمان محمود:
في وقت ظنّ فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه اقترب من أطماعه في ليبيا؛ قطعت إيطاليا بشكل مفاجئ الطريق أمامه بتوقيع اتفاقية تاريخية مع اليونان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وتُعد هذه الاتفاقية ضربة قاصمة لأردوغان، وردّ مفاجئ من إيطاليا التي لم توافق على ترسيم الحدود البحرية مع اليونان منذ عام 1977.
وكشف أردوغان مؤخرًا عن أطماعه في الموارد الطبيعية الليبية شرقي البحر الأبيض المتوسط، وسعيه لتوسيع عمليات التنقيب عن النفط والغاز في حقول جديدة، كما جاء الاحتلال التركي لليبيا أيضًا في إطار مساعي أردوغان في إحياء العثمانية الجديدة وبسط نفوذه على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
FMs @NikosDendias & @luigidimaio sign the Agreement on the Delimitation of Maritime Zones between #Greece & #Italy
— Υπουργείο Εξωτερικών (@GreeceMFA) June 9, 2020
Οι ΥΠΕΞ Ν. Δένδιας & L. Di Maio υπογράφουν τη Συμφωνία Οριοθέτησης Θαλασσίων Ζωνών μεταξύ 🇬🇷 & 🇮🇹@ItalyMFA pic.twitter.com/ncqpktY9xf
أهمية الاتفاق
بالإضافة إلى أهمية الاتفاق كـرد على تحركات تركيا مع حليفها في طرابلس (فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية)، للتنقيب عن النفط قرب السواحل الليبية، فإنه كذلك يؤكد يونانية الجزر في مناطق اليونان البحرية، ويمهد الطريق أمام اليونان للتوصل إلى صفقة مماثلة مع ألبانيا المجاورة.
ووقّع الاتفاق وزير الخارجية اليونانى نيكوس دندياس، ونظيره الإيطالى لويجى دى مايو، اليوم الثلاثاء، لتعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين.
وقال دندياس، عقب التوقيع على الاتفاقية، في تصريحات نقلتها صحيفة "كاثيميرني" اليونانية: "تعيين حدود المناطق البحرية مع كل جيراننا في سياق القانون الدولي يعد هدفًا ثابتًا لهذا البلد (اليونان)".
من جهته، أشاد المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم، بالاتفاقية، ووصفها بأنها تطور له أهمية تاريخية.
وجاء الاتفاق بعد بضعة أشهر من لقاء دندياس ودي مايو التقيا في روما، لبحث سبل التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تربط اليونان وإيطاليا شراكة في مشروع أنابيب غاز شرق المتوسط.
التدخل التركي في ليبيا
في 27 نوفمبر الماضي، وقعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية مذكرة تفاهم؛ شقّها الأول حول التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، والثانية حول السيادة على المناطق البحرية.
وعلى إثر هذا الاتفاق استطاعت تركيا أن تجد لها موطئ قدم في ليبيا الغنية بالنفط والغاز، وبدأت بإرسال عدد كبير من المُرتزقة السوريين الذين تدعمهم في ليبيا بالإضافة إلى كمية هائلة من الأسلحة، وذلك من أجل مساعدة السرّاج ضد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي.
وأثار الاتفاق غضب العديد من الدول، كما أعلنت مصر، أنها اتفقت مع اليونان وقبرص على "عدم وجود أي أثر قانوني لهذا الإجراء الذي لن يتم الاعتداد به لكونه يتعدى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الليبي وفقًا لاتفاق الصخيرات، فضلًا عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال".
من جانبها رفضت اليونان الاتفاق ووصفته بأنه أمر مناف للعقل من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي، واستدعت سفير حكومة الوفاق لديها للاستفسار عن معلومات تخصّ الاتفاق العسكري الذي وقعته مع تركيا، ثم اتخذت بعدها بأيام قرارًا بطرده.
كما أعلن قادة دول الاتحاد الأوروبي، في اجتماع ببروكسل، رفضهم مذكرة التفاهم واعتبارها "باطلة"، مُعتبرين الاتفاق "انتهاكا للقانون الدولى والحقوق السيادية لدول أخرى ولا يتطابق مع قانون البحار للأمم المتحدة ولذلك لا يمكن لها أن تكون ذات تبعات قانونية بالنسبة للدول الأخرى".
قطع الطريق أمام تركيا
وأمس قال رئيس أركان الجيش اليوناني، كونستانتينوس فلوروس، عبر التلفزيون الحكومي، إن الجنود اليونانيين سيقطعون الطريق أمام الأتراك، على حد تعبيره.
وهناك خلافات بين اليونان وتركيا حول عدد من القضايا ترجع لعقود بدءا من نزاعات على حقوق استغلال الموارد المعدنية في بحر إيجة وحتى قبرص المقسمة عرقيا.
وأفادت صحيفة "كاثيمريني" في وقت سابق من اليوم، أن أثينا تستعد لفترة طويلة من التوتر هذا الصيف في ضوء استعدادات تركيا لإجراء حفر استكشافي من شمال رودس إلى جنوب شرق جزيرة كريت في 24 قطعة أرض مدرجة في خريطة نشرت في المسئول التركي الجريدة تحدد المناطق التي تقدمت فيها شركة البترول التركية TPAO الحكومية بطلب للحصول على تصاريح استكشاف.
وتقول المصادر أن التقييم السائد هو أن أنقرة ستبدأ أنشطة استكشافية في منطقة قبالة ساحل كريت وليس على مسافة 6 أميال بحرية من الساحل اليوناني، بعد تصريحات مشتركة للرئيس التركي وزعيم حكومة الوفاق.
واستنادًا إلى الجدول الزمني لـTPAO، من الواضح أنه سيتم تعبئة كل من سفن البحث بارباروس واوروش ريس في وقت مبكر من شهر أغسطس.
وفقًا للمصادر نفسها، من المرجح أن ترد أثينا على ذلك بإرسال فرقاطات إلى المنطقة، بينما تجري المشاورات خلف الكواليس أيضًا - بشكل رئيسي مع فرنسا - لإنشاء وجود دولي في المنطقة، ربما في شكل تدريبات عسكرية.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أن بلاده ستوفر “فرقاطة وطائرتين” للعملية البحرية إيريني لمراقبة تطبيق حظر توريد الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا.
وأعاد الوزير الايطالي التأكيد على أن عملية ايريني يجب أن تضمن “أقصى قدر من التوازن” ، حتى “لا تكون لصالح أحد من طرفي النزاع، بل لإنهاء الصراع من خلال منع دخول الأسلحة” الى ليبيا. وفق وكالة "آكي" الإيطالية.
ويوم السبت الماضي، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد تفويض تفتيش السفن التي يشتبه بانتهاكها حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، في إستمرار لمحاصرة السلاح التركي المتدفق إلى طرابلس.
والأسبوع الماضي ترأس أردوغان اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، وصدر عنه بيان جاء فيه: "سنواصل تقديم الاستشارات العسكرية للحكومة الشرعية في ليبيا من أجل إحلال السلام والاستقرار، عبر الحفاظ على وحدة الكيان السياسي لليبيا ووحدة أراضيها".
ورفض أردوغان مرارا تحذيرات الاتحاد الأوروبي، مُهددًا "تركيا بها أربعة ملايين لاجئ، أغلبهم سوريون، ويمكن أن تفتح لهم الأبواب في اتجاه أوروبا".
فيديو قد يعجبك: