لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أول "اشتباك حدودي دموي" منذ عقود.. ماذا يحدث بين الصين والهند؟

03:28 م الثلاثاء 16 يونيو 2020

النزاع الحدودي بين الصين والهند

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

في "اشتباك دموي" على الحدود الصينية الهندية يُخلّف ضحايا لأول مرة منذ 45 عامًا، قُتِل ثلاثة عسكريين هنود (ضابط وجنديان) بوادي جلوان الحدودي مع بكين، لتدخل المواجهات بين القوتين الآسيوتين العملاقتين فصلًا جديدًا من فصول المواجهة بشأن حدودهما البالغة 4 آلاف كيلومتر والتي ي لم يتم ترسيمها على نحو صحيح.

وأعلن الجيش الهندي، الثلاثاء، عن ضحايا "من الجانبين" لكن الصين لم تشر إلى أي قتلى أو جرحى، موجّهة للهند أصابع الاتهام في تجاوز الحدود المُتنازع عليها "واستفزاز ومهاجمة عناصر صينيين ما أدى إلى مواجهة جسدية خطيرة بين قوات الحدود على الجانبين"، بحسب رويترز.

يأتي ذلك في أعقاب أسابيع من التوترات، ونشر تعزيزات بآلاف الجنود من الجانبين، ومحادثات عسكرية وسياسية أعقبت مناوشات حدودية في ولاية لداخ المرتفعة، شمالي الهند. وفي 7 يونيو الجاري، أعلنت الهند عن توافق مع الصين على ضرورة حل الأزمة الحدودية "سلميًا".

3

"خط السيطرة الفعلية"

تنبثق معظم المناوشات بين البلدين- على ما يبدو- من التقييمات المختلفة لموقع ما يُسمى بـ"خط السيطرة الفعلية"، أي الحدود الدولية الفعلية بين البلدين. فيما يحتشد آلاف الجنود من الهند والصين على طول ذلك الخط غير المرسوم.

ونتيجة لذلك، تُعد هذه المناوشات ظاهرة شائعة، ولا تُصنّف على أنها عدوان من قبل أي من الجانبين، وفق موقع "ديفينس بلوج" المعني بالشؤون الأمنية.

في 5 مايو الماضي، اشتبك الجنود الهنود والصينيون بالقرب من بحيرة بانجونج تسو الواقعة في منطقة لاداخ بجبال الهيمالايا، فيما يُعتقد أن سبب المناوشات يعود إلى اعتراض جيش التحرير الشعبي على الدوريات العسكرية الهندية في المنطقة.

1 (1)

وفي 9 مايو، تشاجر الجانبان في منطقة ناكولا بالقرب من التبت، وألقيا الحجارة على بعضهما البعض في محاولات لدفع القوات الهندية إلى التراجع عن المناطق التي كانوا يحرسونها. لم تُستخدم أسلحة لكن أُصيب عشرات الجنود، من ضمنهم ضابط هندي كبير.

ولم يعلق سلاح الجو الهندي رسميًا على ذلك الحادث، في الوقت الذي تحظر فيها حركة الطائرات المقاتلة بالقرب من خط السيطرة الفعلي بموجب الاتفاقية الثنائية.

في الأسابيع التي تلت ذلك، حشد كلا البلدين للقوات والأسلحة لتأكيد المطالب الإقليمية في المناطق الحدودية المتنازع عليها في جبال الهيمالايا. ونشرت الصين عدة آلاف من المظليين والمركبات المدرعة في المناطق المرتفعة على حدود هضبة التبت، بحسب "ديفينس بلوج".

"وساطة ترامب"

في 27 مايو، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خط الأزمة بين البلدين، مُعلنًا الوساطة في المناطق الحدودية المُتنازع عليها بين الصين والهند في الهيمالايا. وغرّد وقتذاك عبر تويتر: "أبلغنا الهند والصين بأن الولايات المتحدة جاهزة ومستعدة وقادرة على القيام بوساطة أو لعب دور الحكم في الخلاف الحدودي المشتعل حاليا بينهما".

لكن يبدو أن الطرفين رفضا العرض؛ إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية زهاو ليجيان، إن البلدين لا يريدان "تدخل" طرف ثالث لحل خلافاتهما.

فيما أوضح وزير الخارجية الهندي هارش فاردان شرينجلا، أن بلاده "تعمل مع الجانب الصينى لحل هذه القضية سلميًا"، مُضيفًا أن "القوات الهندية اتخذت أسلوبا مسؤولا تجاه إدارة الحدود ومتابعة البروتوكولات".

2

بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي على طول الحدود الصينية - الهندية، عادت الحوادث العسكرية إلى الواجهة مرة أخرى. ووفق الحكومة الهندية، عبر الجيش الصيني إلى داخل الأراضي الهندية 1025 مرة في الفترة بين عاميّ 2016 و2018.

وكانت المرة الأخيرة التي انخرط فيها البلدان في مواجهة حدودية عام 2017، عندما اعترضت نيودلهي على بناء طريق صيني في منطقة دوكلام، وهو تقاطع ثلاثي على الحدود يفصل بين الهند وبوتان والصين. وسمحت مفاوضات بحلحلة التوتر بين الطرفين.

وفي تقرير سابق الشهر الماضي، رجّحت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية نشوب "حرب نووية" بين البلدين، يمتد أثرها ويتجاوز الصين والهند، في أحد أكبر الصراعات وأكثرها تدميراً في آسيا والعالم.

وقالت المجلة إن من شأن هذه الحرب المُحتملة أن "تهز منطقة المحيط الهادئ الهندية، وتتسبب في سقوط أعداد هائلة من الضحايا من كلا الجانبين، وتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي. ولكن ربما تلعب الجغرافيا والديموغرافيا دورًا في الحد من نطاق الحرب".

ما المناطق الحدودية المُتنازع عليها؟

تخوض الدولتان النوويتان نزاعات حدودية عدة في مناطق:

- هضبة أروناتشال براديش:

منطقة حدودية، تقع عند مفترق طرق بين الصين ومملكة بوتان وولاية سيكيم، شمال شرق الهند.

تطلق بوتان والهند على المنطقة اسم هضبة "دوكلام"، في حين تُسميها الصين "جنوب التبت"، وتُصر على أنها جزء من أراضيها، وتدعم الهند مطالب بوتان بالسيادة على المنطقة، وتقول إن بكين تحتل أجزاء كبيرة منها.

- أكساي تشين:

منطقة متنازع عليها بين الطرفين غرب جبال الهيمالايا، تبلغ مساحتها حوالي 38 ألف كيلومتر مربع، وهي خالية من السكان تقريبًا، وتحتوي على العديد من البحيرات الملحية.

تخضع السيطرة الصين التي تعتبرها جزءا من إقليم شنجيانج، وما تزال الهند تطالب بالمنطقة وتعتبرها جزءا من منطقة لاداخ الواقعة في إقليم جامو وكشمير.

تاريخ النزاع

يتمحور الخلاف الرئيسي بين البلدين حول عدم ترسيم حدودهما الممتدة على طول أربعة آلاف كيلومتر.

ويُعد ويعتبر مصير "ولاية أروناتشال براديش" الهندية أخطر نقاط المواجهة، فقد ضُمت المنطقة إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني، ولكن بعد استقلال الصين والهند أواخر أربعينيات القرن الماضي طالبت كل منهما بالسيادة على المنطقة.

وتفاقم الصراع عام 1959 عندما لجأ الدلاي لاما، القائد الروحي لمنطقة التبت، إلى الهند هربًا من السلطات الصينية.

4

وعام 1962، اندلعت حرب خاطفة من 20 أكتوبر إلى 21 نوفمبر بين الصين والهند، ومنيت الأخيرة بهزيمة قاسية، ورغم ذلك احتفظت بولاية "أروناتشال براديش "بعد انسحاب القوات الصينية وسط ضغوط دولية.

واندلعت مواجهة أخرى بين البلدين عام 1987، عندما أطلقت الحكومة الهندية لقب "ولاية" على منطقة أروناتشال براديش، الأمر الذي أغضب بكين وأنذر بنشوب حرب، قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي يُحلحل الأزمة.

ومنذ عام 1975 لم تُطلق رصاصة واحدة عبر حدودهما المشتركة، وفق تقرير سابق لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية. وفي عامي 1993 و1996، وقّعت الصين والهند اتفاقيات حفظ سلام في المناطق المتنازع عليها.

محطات تاريخية

- عام 1826: ضمت شركة الهند الشرقية البريطانية "آسام" ومدت التأثير البريطاني تدريجيًاإلى الإقليم الشمالي الشرقي من الهند.

- عام 1912: أصبح الإقليم الذي يُطلق عليه الآن "أروناتشال براديش" وحدة إدارية ضمن آسام، وأطلق عليه منطقة الحدود الشمالية الشرقية.

- عام 1914: توصلت الصين والتبت وبريطانيا إلى معاهدة مع الهند سميت "اتفاقية سيملا" لترسيم الحدود بين التبت الداخلية والخارجية، وكذلك بين التبت الخارجية والهند البريطانية. رفضت الصين ترسيم حدود التبت الخارجية وانسحب مندوبها، فأرفقت بريطانيا والتبت مذكرة تحرم الصين من أي امتيازات بموجب الاتفاق، لتُصبح بذلك "اتفاقَا ثنائيًا".

- عام 1950: بدأت الهند تطالب بالمناطق المتنازع عليها على أساس اتفاقية سيملا. لكن الصين رفضت ذلك، وقالت إن التبت "لم تكن دولة مستقلة"، ولذلك لم تتمكن من توقيع معاهدة نيابة عن بكين لتعيين حدود دولية.

- عام 1960: عقد مسؤولون هنود وصينيون مناقشات من أجل تسوية النزاع الحدودي بينهما، بناء على اتفاق بين رئيسي الوزراء جواهر لال نهرو وتشو إن لاي. واختلف البلدان على مستجمعات المياه الرئيسية في القطاع الغربي من الحدود.

- عام 1962: احتلت الصين أجزاء من ولاية "أروناتشال براديش"، واندلعت الحرب الصينية الهندية. ومُنيت الهند بهزيمة قاسية، ورغم ذلك احتفظت بالولاية بعد انسحاب الصين.

5

- عام 1986: وقعت اشتباكات حدودية، ودخل الطرفان في مفاوضات لحلها ولتحديد الخط الحدودي بينهما، دون التوصل إلى نتيجة.

- عام 1987: تأججت المواجهة بين البلدين عندما أطلقت الحكومة الهندية لقب "ولاية" على منطقة أروناتشال براديش، لتصبح الولاية الهندية رقم (29) وهذا ما أغضب بكين وأنذر بنشوب حرب، قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي حال دون ذلك.

- عام 1996: أبرم اتفاق لحل النزاع بما في ذلك "تدابير بناء الثقة" وخط المراقبة الفعلية المتفق عليه بصورة متبادلة.

- عام 2009: أعلنت الهند نشر قوات عسكرية إضافية على طول الشريط الحدودي.

- عام 2013: قالت الهند إن قوات صينية أنشأت معسكرا على بعد 10 كيلومترات من حدودها الشرقية، وقالت إن التوغل شمل دخول مروحيات عسكرية صينية المجال الجوي الهندي، فيما نفت بكين ذلك. وانتشر جنود من البلدين على الحدود لمدة شهر قبل أن ينسحبوا جميعًا.

- عام 2014: اقترحت نيودلهي أن تعترف الصين بسياسة "الهند واحدة" لحل النزاع الحدودي.

6

- عام 2015: تواجهت القوات الصينية والهندية بمنطقة بورتسه، شمال لاداخ، بعد تفكيك القوات الهندية برج مراقبة بنته الصين بالقرب من خط الدوريات العسكرية المتفق عليه بين البلدين.

-عام 2017: كثّف الجانبان حشد قواتهما إلى 3 آلاف جندي لكل منهما، بعد أن اعترض جنود هنود على قيام الجيش الصيني ببناء طريق في منطقة متنازع عليها.

وطالبت الصين جارتها بسحب قواتها من الجزء الصيني للشريط الحدودي بينهما، محذرة من الاستهانة بقدرات جيشها مع التأكيد على قدرتها قدرته على الدفاع عن السيادة تتعزز باستمرار.

كما اتهمت بكين، نيودلهي، بانتهاك اتفاقية حدودية أبرمتها بريطانيا مع بكين عام 1890 وتعهدت الحكومات الهندية السابقة باحترامها. وطالبت الحكومة الصينية نظيرتها الهندية باحترام الاتفاق الحدودي لإنهاء توغل "خطير للغاية" نفذته القوات الهندية.

- عام 2019: أرسلت الصين جنودا لحماية أعمال بناء بمنطقة "دوكلام" المتنازع عليها، وذلك لشق طريق حدودي، فردت الهند بنشر قوات عسكرية منعت استكمال المشروع. واتهمت بكين القوات الهندية باجتياز الحدود الصينية، مطالبة إياها بسحب قواتها.

فيديو قد يعجبك: