"مؤامرة روسية" تدفع رؤساء بلديات في التشيك إلى الاختباء
لندن (بي بي سي)
توارى سياسي تشيكي عن الأنظار بسبب مؤامرة روسية مزعومة لاغتياله، ويقول السياسي إن التهديد ضده ملموس وبات يخشى على حياته.
ويخضع حالياً ثلاثة من مسؤولي العاصمة براغ لحراسة الشرطة على مدار 24 ساعة بسبب المؤامرة المزعومة لتسميمهم - وهي ادعاءات نفتها موسكو بشكل قاطع.
"الأمر صعب جداً"، قال أندريه كولار، رئيس بلدية المنطقة السادسة في براغ، في حديث لبي بي سي من مكان غير معلوم تحت حراسة مشددة من الشرطة.
وقال لي عبر سكايب، وهي وسيلته الوحيدة للاتصال مع العالم الخارجي الآن "لم ألتق بأطفالي منذ فترة طويلة، ولم يشاهدوني، حتى عائلتي لا تعرف أين أنا".
أعرف كولار بشكل سطحي، فقد عمل كلانا في جامعة نيويورك في براغ.
وتبدو وراءه خلفية زرقاء زاهية مكتوب عليها عبارة " بلدية منطقة براغ 6" مألوفة. ثم تذكرت أن آخر مرة التقينا فيها كانت قبل فترة وجيزة من التصويت في مجلس حي "براغ 6" لإزالة التمثال البرونزي للمارشال السوفيتي إيفان كونييف من إحدى ساحات الحي.
كان كونييف قائداً عسكرياً بارزاً خلال الحرب العالمية الثانية وحرر قسماً كبيرا من جمهورية التشيك، لكن المؤرخين يتفقون على أنه لم يكن "محرر براغ".
وقد أقيم له التمثال في عام 1980.
كان شخصية مثيرة للجدل، أشرف على القمع الوحشي السوفييتي للانتفاضة المجرية عام 1956 وساعد في سحق ربيع براغ عام 1968.
وردت الحكومة الروسية بغضب على إزالة التمثال وهددت باتخاذ إجراء قانوني.
وكان العمدة كولار يرأس اجتماع مجلس الحي وكان عليّ أن أنتظره. جلست في غرفة انتظار، تحت لوحة زرقاء كبيرة زاهية. ويبدو أنه أخذ اللوحة إلى مخبأه الذي لم يكشف عنه.
وقال لي "هناك أشياء لا يمكنني الإفصاح عنها. لكن ما يمكنني قوله هو أن لدى الشرطة التشيكية والمخابرات بعض المعلومات التي تفيد بأنه قد يكون هناك تهديد مباشر علي من الجانب الروسي".
أصداء رواية جاسوسية
إن طبيعة هذا التهديد، الذي أثير لأول مرة في خبر قصير لكن مثير في الأسبوعية الاستقصائية التشيكية "رسبكت"، ويشبه الخبر كثيرا ما يجري في عالم روايات الجاسوسية.
وزعمت المجلة أنه قبل ثلاثة أسابيع، نقلاً عن مصادر استخباراتية لم تصرح عن هويتها، وصل رجل يحمل جواز سفر دبلوماسي روسي إلى مطار براغ حاملاً حقيبة تحتوي على مادة الريسين السامة القاتلة.
وبحسب رواية المجلة، حملته سيارة تحمل لوحات دبلوماسية روسية من المطار فوراً إلى السفارة الروسية، الواقعة على مسافة قريبة من مكتب أندريه كولار في حي براغ السادس.
وزعمت الاسبوعية أن أجهزة المخابرات التشيكية اعتبرت الرجل تهديداً مباشراً لمسؤولين في المدينة أغضبا موسكو في الأشهر الأخيرة: أندريه كولار، وزدينيك حريب، عمدة العاصمة.
وأشرف حريب مؤخراً على إعادة تسمية ساحة تقع أمام السفارة الروسية باسم ساحة بوريس نيمتسوف، تكريماً للمعارض الروسي البارز للرئيس فلاديمير بوتين والذي قتل في عام 2015.
وفي اليوم التالي، ادعت صحيفة "دينيك ان"، أن مناوئاً ثالثاً لموسكو - رئيس البلدية المحلي بافيل نوفوتني - بات يحظى بحماية الشرطة.
نفي قاطع
كان النفي الروسي سريعاً وقطعياً. وقالت السفارة الروسية إن هذه الأخبار "لا أساس لها على الإطلاق". ووصف ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين التقرير الإخباري بأنه "مزيف". ولم يكن هناك تأكيد من جانب السلطات التشيكية.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية التشيكية إنها لبي بي سي إنها "لن تعلق على التسريبات التي نشرت في وسائل الإعلام"، على الرغم من أنها أكدت أن دبلوماسياً روسياً وصل إلى المطار، على الأرجح في إحدى الرحلات الجوية القليلة التي كانت تسير أثناء الإغلاق بسبب فيروس كورونا.
انتشرت هذه الاخبار حول العالم وأثارت مزيجاً من الغضب وعدم التصديق والسخرية، وبدأ الصحفيون والدبلوماسيون باتصالاتهم. ورغم ذلك يشك المهتمون بالشأن الروسي في صحة هذه الأخبار.
إن اغتيال عمدة عاصمة أوروبية سيكون بمثابة إعلان حرب. سيكون ذلك غير مفيد للكرملين لأنه سيكون ببساطة جنوناً.
وحسب مصدر داخل جهاز مكافحة التجسس التشيكي، ليس هناك شيء ملموس ومؤكد لكنه لا ينفي هذه الاخبار بشكل كامل بل أخبرني أن التقارير الإعلامية تستند إلى معلومات حقيقية.
ولا يمكن لا ندريه كولاب المجازفة. وقال لبي بي سي "نعرف ما حدث في الماضي عندما قامت المخابرات الروسية وعملاؤها بتسميم السيد سكريبال بغاز الأعصاب".
وتم تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في سالزبوري في 2018، من قبل جواسيس يعتقد أنهم أرسلوا من قبل المخابرات الروسية.
"عندما يمتلكون الجرأة للقيام بذلك في المملكة المتحدة ، فلماذا لا يفعلونه ذلك في براغ؟".
فيديو قد يعجبك: