فيروس كورونا: حكايات من بلاد غربية خففت قيود الإغلاق (صور)
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
كتبت-رنا أسامة- وهدى الشيمي:
كان أول قرار تتخذه مرام سالم، فلسطينية مُقيمة في مدينة بون غرب ألمانيا، بعد تخفيف القيود الاجتماعية لمواجهة وباء فيروس كورونا، هو قيادة دراجتها لـ12 كيلومترا. استمتعت خلالها باستنشاق الهواء المُنعش الذي حُرمت منه خلال الحجر الصحي وإلزام المواطنين والُمقيمين في ألمانيا بالبقاء في منازلهم لمواجهة الفيروس المُسبب لمرض كوفيد-19.
كانت ممارسة الرياضة في الهواء الطلق من الأنشطة التي أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل أيام السماح بها، بشروط معينة، في إطار خطة البلاد لتخفيف "قيود كورونا" بعد تجاوزها المرحلة الأولى من جائحة الفيروس التاجي.
سجلت ألمانيا إلى الآن أكثر من 175 ألف حالة، و8013 وفاة.
أثلج قرار تخفيف القيود في ألمانيا صدر كثيرين، لاسيما أولئك الذين ترقبوا فتح صالونات التجميل والحلاقة، أما مرام سالم فكانت متلهفة لإعادة فتح المتاجر المتخصصة في بيع أدوات الزراعة والخياطة، خاصة وأنها تزرع بعض الزهور في منزلها.
ومع استمرار تفشي الفيروس في الولايات الألمانية لم تستطع مرام تشتيت نفسها عما يجري، أو التوقف عن متابعة الأخبار الخاصة بكورونا خاصة وأنها تعمل في مجال الإعلام، مع ذلك. وتقول: "بشكل عام كنت ماسكة أعصابي، وأتعامل مع اللي بيصير (يحدث) بحرفية ومهنية وما أخليه يزعجني."
رغم تخفيف القيود وتعامل برلين بحذر شديد، توقعت مرام ألا تمر الأزمة مرور الكرام، معتبرة أنه من الضروري ان "يستمر الحجر وقتا أطول"، ولكن "مع انتهاء الأزمة، ممكن أرجع أسافر من بلد لبلد واستمتع بفكرة حرية التنقل".
"الاشتياق للحرية"
وكما مرام، قررت الإيطالية سارة ريبولي السفر حول العالم والتعرف على الثقافات الأخرى ومشاركة الآخرين حياتهم وقتما ينتهي كابوس الوباء، لا سيما بعدما أنهكتها الحياة الافتراضية والتواصل عن بُعد، سواء للاتصال بمعارفها أو الانضمام في دورات تدريبية خلال فترة الحجر المفروض على إقليم لومبارديا شمال البلاد، حيث تقيم، والذي كان أحد أكثر المناطق تضررًا.
كانت ريبولي في ميامي الأمريكية عندما اتخذت الحكومة الإيطالية قرارًا بإغلاق شامل للبلاد مع تفشي الفيروس المُستجد، وازهاقه لعدد كبير من الأرواح، وتحول إيطاليا لأكثر دول العالم تضررًا من الجائحة مع ارتفاع أعداد الوفيات والمصابين، وعدم قدرة المستشفيات عن استيعاب أعدادهم الكبيرة، والعجز عن دفن جثث بعض الضحايا.
سجلت إيطاليا حتى الآن أكثر من 224 ألف إصابة و31 ألف وفاة.
ومع وصول ريبولي إلى مطار مالبينسا في ميلانو في 9 مارس الماضي أصابتها الدهشة، خاصة وأن المطار الذي اعتادت عليه مُكتظًا بالمسافرين كان خاليا تمامًا، "وقتها فقط أدركت خطورة الموقف".
ورغم تشديد إجراءات الإغلاق في إيطاليا، لم تتوقف ريبولي عن العمل كمربية أطفال لدى عائلة تعيش بالقرب من منزلها، ولكن الأمر بات أصعب مع إغلاق المدارس وبقاء الوالدين في المنزل طوال الوقت.
تكرار الأيام وتشابهها كان أصعب ما مرت به الفتاة الإيطالية التي اعتادت السفر والاستمتاع بحرية التنقل. تتذكر ريبولي أنه في خلال هذه الفترة "كانت الشوارع خالية تمامًا، والصمت يخيّم على محال التسوق مع اصطفاف المواطنين في طوابير"، لكنها في الوقت نفسه "شعرت بالأمان لتحمل مواطنيها المسؤولية خلال هذه الفترة وحتى الآن".
"الخروج من السجن"
تحمل الإيطاليون المسؤولية ولزموا منازلهم لذلك شعروا بأن تخفيف القيود المفروضة بمثابة الخروج من سجن احتجزوا فيه لفترة مع غياب أي إشارة لخروج قريب، حسب عصام جميل، مصري إيطالي مُقيم في إيطاليا منذ الثمانينيات.
يتذكر جميل الذي يعيش في شارع فيا ديل كورسو، أحد أجمل شوارع العاصمة الإيطالية وأكثرها اكتظاظًا بالسياح، فترة الحجر الشامل، وكيف كان الوضع سيئا للغاية. "كنا محتجزين في منازلنا ولا نستطيع الخروج إلا لسببين الأول شراء الأدوية، والثاني الذهاب للسوبر ماركت"، وحتى في هاتين الحالتين لم يكن بالإمكان التحرك بدون تصريح أو إذن من الطبيب المُختص يخوّل المواطنين بالذهاب إلى الصيدليات لشراء الأدوية.
مع بدء المرحلة الثانية من التعامل مع تفشي الفيروس القاتل، بات بمقدور الإيطاليين النزول إلى الشوارع مع الالتزام بقوانين التباعد الاجتماعي، مع ارتداء الكمامة والقفازات، ومع ذلك لا تزال الأوضاع صعبة ولا يوجد ما يُشير إلى عودة المياه إلى مجاريها سريعًا، مع صعوبة القيام بأبسط الأمور وأيسرها مثل التسوق، "مشوار السوبر ماركت بيحتاج ساعتين على الأقل، وبين كل واحد والتاني مترين، وبيدخلوا الناس على حسب مساحة السوبر ماركت".
في المقابل، لن تغير مسألة تخفيف القيود شيء من ظروف البعض، لاسيما أصحاب المطاعم أو الفنادق ومن يعملون في السياحة والذين يعتمدون في الأساس على توافد السياح من كل حدب وصوب على المنطقة.
ومع استمرار تفشي الفيروس والعجز عن التوصل إلى لقاح يعالجه، لم يضع عصام جميل أي خطط لفترة ما بعد الوباء، خاصة وأن "الخبطة جامدة، ومن الصعب التفكير في أي شيء الآن".
"خطوة مُطمئنة"
لم يختلف الوضع كثيرًا في إسبانيا التي لا يزال شبح الخوف من "موجة ثانية" من الفيروس يُخيم على سكانها، لا سيّما مع تخفيف القيود المفروضة تدريجيًا إثر انخفاض عدد الإصابات، لا تزال مشاعر الخوف والتوتر والقلق تسيطر على الجميع.
الأمر الذي تؤكده هناء الإدريسي، عاملة الصحة المغربية المُقيمة في منطقة إقليم الباسك ذاتية الحكم في شمال إسبانيا، مُضيفة: "معرفش كيف نواجهه، ومعنديش دراية كافية به، كيف تنتقل العدوى به وكيف يمكن الشفاء منه.. وحتى الآن لازلنا خائفين".
وخوفًا من ارتفاع عدد الإصابات مُجددًا في حال تم رفع القيود سريعًا، قررت السلطات ألا تشمل المرحلة الأولى العاصمة مدريد وبرشلونة؛ المنطقتين الأكثر تأثرًا بالجائحة.
وستطال إجراءات تخفيف القيود في منطقة جاليسيا شمالًا على حدود البرتغال، وإقليم الباسك، إلى جانب مدن داخلية كبيرة على غرار سرقسطة وإشبيلية، لكن بثلث طاقتها فقط، بينما سيُسمح للمتاجر الأصغر باستقبال الزبائن بشرط أن تتم الزيارة بموعد مسبق.
الأمر الذي عدّته الإدريسي خطوة تبعث على الطمأنينة، قائلة إن "الحكومة لم تسمح للناس بممارسة أعمالهم بطريقة طبيعية، بل سمحت فقط ببعض المشاريع الصغرى وخروج الناس من المناطق التي يقيمون بها، وألا يتواجدوا في تجمعات أكتر من 10 أشخاص مع أخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة".
سجلت إسبانيا حتى الآن أكثر من 276 ألف حالة، و26 ألف وفاة.
ومنذ منتصف مارس الماضي، لا يُسمح للأشخاص في إسبانيا بالخروج من المنزل إلا في حالات استثنائية، بما في ذلك الذهاب إلى العمل أو التسوق. وبحسب تقديرات السلطات، فإن "الإقامة الإجبارية" بدأت تؤتي ثمارها منذ أسابيع وتراجع عدد الوفيات الناجمة عن كورونا.
"مشاعر مُتضاربة"
بين الفرح بعودة الحياة إلى طبيعتها نوعًا ما والخوف من تفشي الفيروس على نطاق أكثر خطورة، اختلطت مشاعر سارة فريد، مصرية مُقيمة في هولندا، لأن "الناس ما صدقت وهتخرج ومش هنقدر نحجّم الفيروس واعتقد أنه يُمكن أن يتسع، لكن في نفس الوقت فرحت لأن الحياة هترجع لطبيعتها خصوصا إذا كان هناك مصالح، فالحكومة ستبدأ في العمل وتسيير المصالح".
ما أن أعلنت هولندا رفع قيود الإغلاق تدريجيًا منذ 11 مايو الجاري، حتى بدأ الناس يُزاولون أعمالهم بشكل طبيعي، الأمر الذي أثار مخاوف من اتساع نطاق عدوى الفيروس وفقدان السيطرة على تحجيمه، بما يُنذر بوقوع مزيد من الضحايا.
كانت هولندا واحدة من بين دول قليلة اعتمدت بشكل واضح سياسة "مناعة القطيع" المثيرة للجدل، ووُصِف موقفها في هذا المجال بأنه "عقلاني ومحسوب".
سجلت هولندا حتى الآن أكثر من 43 ألف حالة و5670 وفاة.
غير أن تخفيف القيود في هولندا لا يعني العودة إلى "الحياة الطبيعية" التي ألفتها سارة قبل الوباء على ما يبدو، إذ بات الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية جزءًا أصيلًا من روتين حياتها اليومية، يُرافقها كظلها أينما حلّت وفعلت، حتى وهي تتسوق لشراء حاجياتها.
ويبدو أن التسوق في زمن الجائحة لم يعد ممتعًا. تقول سارة "الشوبينج (التسوق) بقى مجهد وسخيف، لأنه وانت رايحة لازم تاخدي عربية التسوق تطهريها وتطهري يديك، و تلبسي جوانتي، وتاخدي بالك من المسافات بينك وبين الناس حولك.. فأصبح الموضوع سخيف للغاية ولا يُجرى إلا للضرورة القصوى".
ومن المُقرر إعادة فتح أماكن التخييم والحدائق في هولندا اعتبارًا من الأول من يوليو، إلى جانب إعادة فتح المسارح والمطاعم ودور السينما التي تتسع لأكثر من 100 شخص مع الالتزام بالتباعد المكاني، مع استئناف الفعاليات الكبرى والرياضات الجماعية في سبتمبر.
ومع ذلك، لا تبدو سارة مُتحمسة لفعل أي نشاط. "سأنتظر حتى ينتهي الموضوع تمامًا أو حتى بنسبة 90 بالمائة، وحينها يمكن أن أسافر لأنني كنت أخطط إلى السفر لأكثر من بلد. لكن الآن سأظل في مكاني لحين معرفة ما ستؤول إليه الأمور".
فيديو قد يعجبك: