كيف أصبحت كوريا الجنوبية وألمانيا نموذجين يُحتذى بهما في تخفيف قيود كورونا؟
كتبت- هدى الشيمي:
انقلبت الحياة كما نعرفها في معظم أنحاء العالم رأسًا على عقب بسبب انتشار فيروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض كوفيد-19، فيما برزت دولتان كنموذجين يُحتذى بهما في كيفية التعامل مع الجائحة وهما كوريا الجنوبية وألمانيا.
قالت شبكة سي إن إن الأمريكية كل من كوريا الجنوبية وألمانيا اتبعتا مناهج مختلفة بشكل ملحوظ، وكل منهما في وضع يُحسد عليها نظرًا إلى قدرتهما على تخفيف القيود المفروض للحد من تفشي الفيروس التاجي، مع بعض الثقة في أنه معدل الإصابات لن يرتفع مُجددًا.
إذا كيف استعدت برلين وسول إلى العودة إلى الحياة الطبيعية؟ حسب سي إن إن فإن الإجابة تتمثل في كلمة واحدة وهي "الحذر". ربما يلاحظ المراقبون في الدول الأخرى أن الأوضاع في كلتا البلدتين لا تزال بعيدة عن الوضع الطبيعي.
اعتمدت كوريا الجنوبية، التي شهدت في فبراير الماضي أكبر حصيلة إصابات خارج الصين، على إجراء اختبارات واسعة النطاق وكذلك تتبع المصابين وحاملي الفيروس واتباع إجراءات صارمة لاحتواء الفيروس التاجي دون الحاجة إلى فرض حظر واسع النطاق، علاوة على ذلك شددت القيود المفروضة على التعامل مع جيرانها.
ذكرت (سي إن إن) أنه بفضل هذه الإجراءات انخفض مُعدل الإصابات ووصل إلى 256 حالة الجمعة الماضية، وفقًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، وبالتالي بدأت الحكومة الكورية الجنوبية بتخفيف الإجراءات الصارمة المفروضة على التباعد الاجتماعي، التي فرضتها في 22 مارس الماضي، لكن مع الحفاظ على مجموعة من المبادئ التي يُشار إليها بأنها دليل استرشادي للتباعد في الحياة اليومية.
إرشادات كوريا الجنوبية
وفقًا للإرشادات، فإنه يجب على الكوريين الجنوبيين البقاء في منازلهم إذا شعروا بأي أعراض كوفيد-19، وكذلك الحفاظ على مسافة 2 متر بين الآخرين، وغسل أيديهم لمدة 30 ثانية والحفاظ على التهوية في منازلهم بصورة مستمرة وتعقيم أدواتهم باستمرار. وفي الوقت نفسه تُشدد سول على إبقاء الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا داخل منازلهم، والابتعاد تمامًا عن الأماكن المغلقة أو المزدحمة.
شددت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها على ألا يفسر المواطنون هذه السياسة بأنها العودة إلى الحياة الطبيعية أو كما كانت عليه قبل تفشي الفيروس، ولكنها محاولة لتقليل الأضرار الناجمة عن الإغلاق الاقتصادي.
تماشيًا مع ذلك، سيعود موسم البيسبول في كوريا الجنوبية الثلاثاء المُقبل لكن مع منع حضور الجماهير، وارتداء الحكام والمدربون أقنعة الوجه، وكذلك سيعود الطلاب في كوريا الجنوبية إلى المدارس اعتبارًا من 13 مايو الجاري، لكن مع وصولهم إلى الفصول سيكون عليهم تنظيف مقاعدهم ومكاتبهم وإبقاء النوافذ مفتوح لضمان تهوية الفصول.
وحسب وزيرة التعليم الكورية الجنوبية، فإن الطلاب في المدارس عليهم الالتزام بارتداء أقنعة وجه طوال الوقت باستثناء أوقات تناول الطعام، مع الحفاظ على مسافة تصل إلى ذراعين بين الطلاب الآخرين.
شجاعة الألمان
كذلك تتبع ألمانيا نهجًا لإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية بعد إغلاق استمر لأسابيع. قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للألمان، الأربعاء الماضي، إنهم عليهم التعامل مع الموقف بالقليل من الشجاعة، ولكنها شددت على أهمية مراقبة الأوضاع حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.
قالت ميركل إن القيود المفروضة على التواصل الاجتماعي بين البشر ستبقى سارية حتى 5 يونيو، ولكن المواطنين قادرين على مقابلة أفراد أسرتهم وعائلاتهم، مع الحفاظ على ابقاء مسافة تصل إلى 1.5 متر بين بعضهم البعض، وتغطية أفواههم وأنوفهم في الأماكن العامة.
وأضافت ميركل في مؤتمر صحفي عقب اجتماع عقد عبر تقنية الفيديو مع وزراء 16 ولاية ألمانية، أنه من الممكن إعادة فتح المتاجر ولكن مع الحفاظ على إجراءات النظافة، مُشيرة إلى أن ألمانيا قد تجاوزت بالفعل المرحلة الأولى من انتشار الوباء، ولكنهم لا يزالوا في البداية وسيبقى معهم لفترة طويلة.
من المقرر استئناف الدوري الألماني لكرة القدم في 16 مايو الجاري في ظل ظروف صارمة وبدون جمهور.
لفتت سي إن إن إلى أنه يُنظر إلى استجابة ألمانيا في التعامل مع الفيروس التاجي باعتباره قصة نجاح في أوروبا، خاصة وأن عدد القتلى ظل مُنخفضًا نسبيًا مقارنة بالدول الأخرى، كما سمح نظامها الصحي المزود بالموارد اللازمة للتعامل مع الفيروس التاجي على استقبال مرضى آخرين من دول أوروبية أخرى عانت من تفشي الوباء.
تخفيف القيود ببطء
تجري نقاشات في دول أخرى حول كيفية رفع القيود المفروضة على حياة الناس وإعادة تشغيل الاقتصاد دون الحاق الضرر بأرواح المواطنين، حسب سي إن إن فإنه حتى مع تخفيف الإجراءات فإن المواطنين سوف يعيشون واقعًا مختلفًا تمامًا.
سمحت إيطاليا لحوالي 4 مليون شخص بالعودة إلى عملهم هذا الأسبوع، معظمهم من عمال البناء والمصانع، وكذلك سُمح للإيطاليين بزيارة أفراد أسرهم القاطنين في نفس المنطقة، واُعيد فتح بعض الحانات والمطاعم، مع تقديم الطلبات الجاهزة دون السماح للأشخاص بالجلوس داخلها.
وأعلنت الحكومة الإيطالية والمسؤولين في الكنائس أنه يمكن إقامة حفلات زفاف بداية من 18 مايو، بعد حظرها لمدة شهرين تقريبًا، لكن عملية إتمام المراسم لم تكون كما كانت عليه، سيتعين على الكاهن وحضور الحفل ارتداء الأقنعة، وكذلك ارتداء القفازات، مع الحفاظ على المساحات فيما بينهم ومنع دخول أي شخص مُصاب بحمى من التواجد بين الحضور.
فرنسا كذلك ستبدأ في رفع قيود البقاء في المنازل اعتبارًا من يوم الاثنين، حسب تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب. وقال إن العملية ستحدث تدريجيًا وببطء، ولكن بثبات.
ومن المُقرر أن يلقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خطابًا مُتلفزًا الأحد حول القيود المفروضة على البلاد، لكن وزير الخارجية دومينيك راب لفت إلى أنه في حالة رفع الإجراءات ستتم بالتدريج وستكون متواضعة نسبيًا.
فيديو قد يعجبك: