في القدس القديمة بعض من يرى كورونا "أسوأ من الحرب"
القدس المحتلة (ا ف ب)
بدت البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة مهجورة، شوارعها خالية من المارة، محلاتها مغلقة، وسكانها لاذوا ببيوتهم للاحتماء، فيما اعتبر منيب أبو عصب، ابن المدينة، أن فيروس كورونا المستجد "أسوأ" من كل الحروب التي عاصرها.
وقال منيب أبو عصب (56عاما) ذو البشرة الفاتحة والعيون الزرقاء "لقد شهدت حرب يونيو عام 1967 وحرب السادس من أكتوبر1973 وحرب الخليج عام 1991، والانتفاضتين الفلسطينيتين عام 1987 والثانية عام 2000".
وأضاف أبو عصب الذي ينظم رحلات سياحية خارجية وهو يقضي وقته اليوم في إلغاء عشرات الرحلات التي كان حجزها زبائن "إن عام 2020 هو الأسوأ في حياتي".
في الأيام العادية، كانت أزقة المدينة التي عمرها آلاف السنين، تكتظ بالناس والسياح الذين يسيرون متأملين طرازها المعماري ومتفرجين بتمهل على البضائع المعروضة في المحلات من خزف وسجاد وقمصان مطبوعة عليها صور القدس، لكن اليوم، لا يوجد أحد.
وقال منيب أبو عصب "خلال الانتفاضتين، كان عدد السياح قليلا، وكنا نعمل يوما ونعطل أياما، ونضطر أن نحرم أنفسنا من أشياء كثيرة، لكن الوضع كان أقل سوءا".
وتنهد قبل أن يتابع "الكورونا يقتلنا. لدي أربعة موظفين، يمكنني الإبقاء على موظفين اثنين بعد آخر الشهر. بعدها لن أتمكن من دفع الرواتب للآخرين، إذ لا يوجد دخل بتاتا".
وحظرت إسرائيل على الأجانب دخول أراضيها وذلك لمحاربة انتشار فيروس كورونا المستجد باستثناء أولئك الذين يمكنهم أن يثبتوا قدرتهم على إخضاع أنفسهم للحجر الصحي الانفرادي لمدة 14 يومًا.
وأعلنت إسرائيل التي تسيطر على البلدة القديمة منذ احتلالها لمدينة القدس عام 1967 أن لديها 427 بفيروس كورونا المستجد. وقد حظرت على السكان مغادرة منازلهم لأسباب "غير ضرورية".
وأعلنت السلطة الفلسطينية من جهتها عن 44 إصابة على أراضيها، وهي تخطط لإغلاق ﺍﻟﺤدوﺩ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ.
وفرضت إسرائيل إغلاقا على الضفة الغربية وقطاع غزة.
- "مدينة ميتة" -
ويزور أكثر من ثلاثة ملايين سائح سنويا مدينة القدس التي تعتبر المركز الديني الرئيسي للديانات التوحيدية الثلاث.
في شارع فرعي في البلدة القديمة، فتحت تزوغ كاركاشيان محلها، وسط إقفال شبه تام للمحال الأخرى.
وقالت المرأة الخمسينية التي احتفلت العام الماضي بمرور مئة عام على افتتاح متجر عائلتها للخزف "إن الموظفين يفضلون البقاء في البيت لتجنب الوباء قدر المستطاع، لكنني لا أريد إغلاق المحل".
وأكدت لفرانس برس أنها لم تر "زبونًا واحدًا طوال اليوم.. المدينة القديمة مدينة ميتة".
وقالت "إن فيروس كورونا أثر على الناس من الناحية النفسية. هم يخشون المخاطرة وتعريض صحتهم للخطر".
وأشارت الى أن الأمر "كان مختلفا تماما خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين".
وقال شقيقها موسى أينتابليان، بائع الأيقونات بالقرب من كنيسة القيامة، "في الحرب، نحن نعرف كيف ستسير الأمور. نعلم أنها ستتوقف عاجلاً أم آجلاً، لكن الفيروس... لا أحد يعرف ما إذا كان سينتهي أو سيزداد سوءًا، لا أحد يعرف".
في كنيسة القيامة التي يقف المؤمنون فيها عادة بالطابور للدخول الى ضريح السيد المسيح، ويزدحم المصلون داخلها أمام بلاطة "المغسل المقدس"، تواجد عدد قليل من الزوار، وقبل عدد من المصلين البلاطة، واحد تلو الآخر دون الاكتراث لاحتمال وجود خطر بالتقاط عدوى الفيروس.
وبدا المسجد الأقصى بكل باحاته وقبة الصخرة شبه خالية، وكذلك كان حائط المبكى، المكان المقدس لدى اليهود، فارغا تماما.
- خطر غير مرئي -
بالنسبة الى السياح القلائل الذين وصلوا إلى البلاد قبل تشديد القيود، هذه فرصة فريدة.
وقال السائح جون بروخ الذي جاء من أريزونا الأميركية مع زوجته، "نحن محظوظون لأن المدينة لم تكن مزدحمة. تمكننا من رؤية كل شيء بشكل جيد ومعمق أكبر مما كان ممكنا أن نشاهده في الأوقات العادية".
خلف نافذة مخبزه المليء بالكعك، كان منصور شاور يراقب الشارع المهجور. وقال متسائلا "ماذا يمكننا أن نفعل؟". وأضاف "في حرب الخليج، كان الناس يخرجون لرؤية سقوط الصواريخ، في الانتفاضتين، كان الناس يطالبون بتحررهم. لم يكونوا خائفين من الموت".
وتابع "لكن هذا الفيروس أسوأ من الحرب، إنه أكثر خطورة. نحن نقاتل ضد شيء غير معروف وغير مرئي".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: