لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تعرف على الجزيرة الصغيرة التي "ستختفي بحلول 2022"

05:32 م السبت 08 فبراير 2020

تعرف على الجزيرة الصغيرة التي ستختفي بحلول 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن (بي بي سي)

تجوب المئات من مراكب الصيد المياه الزرقاء المحيطة بجزيرة فان، ذاك الشريط الضيق من اليابسة الذي يقع بين الهند وسريلانكا. وتقع هذه الجزيرة في خليج منار الذي أدرجته اليونسكو ضمن محميات المحيط الحيوي.

ويعد خليج منار واحدا من أغنى المناطق في العالم بالتنوع البيولوجي البحري، إذ تضم مياه الخليج 23 في المئة من أنواع الأسماك العظمية في الهند، و106 أنواع من السلطعون وأكثر من 400 نوع من الرخويات، وهي موطن أيضا للدلافين قارورية الأنف التي تعيش في المحيطين الهندي والهادئ وخنزير البحر والحوت الأحدب.

وتمثل هذه المحمية البحرية مصدر الرزق الأساسي لنحو 15 ألف صياد من القرى المجاورة. وتعد جزيرة فان، التي تبعد نصف ساعة عن البر الرئيسي، بوابتهم إلى مياه الخليج. فطالما كانت الجزيرة مركزا للباحثين والعلماء وملاذا للصيادين، يؤون إليها هربا من العواصف. لكن سواحل جزيرة فان آخذة في التآكل بوتيرة سريعة منذ 50 عاما.

وفي عام 1986، كانت محمية خليج منار تضم 21 جزيرة، لم يتبق منها سوى 19 فقط، بعد أن غرقت جزيرتان. وتواجه جزيرة فان الآن مخاطر الغرق، إذ كانت مساحة الجزيرة في عام 1973 تبلغ 26.5 هيكتار، ووصلت مساحتها في عام 2016 إلى 4.1 هيكتار، ويتوقع بعض الباحثين اختفاءها تماما في عام 2022.

وقد يعزى زوال هذه الجزر الصغيرة الغنية بيئيا، مثل جزيرة فان، إلى أسباب عديدة منها الصيد غير الرشيد وارتفاع منسوب مياه البحر إثر تغير المناخ واستخراج الشعاب المرجانية، الذي أصبح محظورا الآن في المنطقة. وزُرعت الآن شعاب مرجانية اصطناعية لحماية الجزر من التعرية بفعل الأمواج.

وابتكر غيلبرت ماثيوز، عالم أحياء بحرية بمعهد أبحاث سوغانثي ديفادسون للأبحاث البحرية جنوبي الهند، حلا لإنقاذ النظام البيئي في الجزيرة، يتمثل في استعادة الحشائش البحرية. فهذه الحشائش، خلافا للعشب البحري، هي نباتات تنمو تحت الماء ولها جذور وسيقان وأوراق، وتثمر أزهارا وفاكهة وبذورا وتلعب دورا محوريا في الحفاظ على النظام البيئي البحري.

ويقول ماثيوز إن الحشائش البحرية توفر موطنا للكثير من الكائنات البحرية. وتختبئ بين أوراقها وسيقانها الأسماك الصغيرة واللافقاريات التي تمتص ثاني أكسيد الكربون الذائب وتنتج الأكسجين والمغذيات. وتسهم الحشائش البحرية أيضا في تراكم الرواسب، وتعمل كمرشح طبيعي ينقي المياه وتمنع التعرية.

وفحص ماثيوز للمرة الأولى الحشائش البحرية تحت المياه حول جزيرة فان في عام 2008. لكنه لاحظ أن الكثير من الحشائش كانت تطفو حوله في المياه. وكانت هذه الجزر في الماضي تحتضن مروجا بحرية خضراء كثيفة.

وقد اقتلع الصيادون على متن مراكب الصيد بشباك الجر الذين يصطادون بها في المياه الضحلة، سيقان الحشائش البحرية. وكانت شباكهم تجمع الأسماك والقشريات وكذلك مئات الحشائش البحرية. لكن تدمير الحشائش البحرية أدى إلى الإخلال بالتوازن البيئي ومن ثم تناقصت أعداد الأسماك في المياه.

وبالرغم من أن الصيد في المياه الضحلة وتدمير طبقات الحشائش المائية غير قانوني في الهند، إلا أن القانون لا يطبق بصرامة بسبب غياب الرقابة.

وكشفت دراسات أجراها ماثيوز عن تدهور 45 كيلومترا مربعا من الحشائش البحرية في مضيق بالك، حيث تلتقي مياه المحيط الهندي مع خليج البنغال. ويرى ماثيوز أن استعادة المروج البحرية في هذه المياه قد يسهم في إنقاذ هذه الجزيرة وحماية غيرها من الغرق.

ويقول إدوارد باترسون، مدير مركز للأبحاث، إن الزراعة واستعادة الغطاء النباتي قد يسهمان في التخفيف من تداعيات تغير المناخ ويوفران بعض الحماية لأراضي هذه المنطقة المعرضة لمخاطر الأعاصير والرياح العاتية.

ولكي يستعيد الباحثون الغطاء النباتي، حاولوا في البداية نقل الحشائش البحرية من المروج البحرية الكثيفة إلى المواقع التي أصبحت خالية من الحشائش. لكن محاولاتهم باءت بالفشل بعد أن اقتلعت مراكب الصيد بشباك الجر الحشائش التي وجدوا عناء في غرسها.

وعلى مدى ثماني سنوات حاول الفريق التوصل إلى طريقة أخرى لاستعادة المروج البحرية. وفي عام 2013، قسمت موجات المدّ جزيرة فان إلى نصفين. وفي عام 2016، تعرضت الشعاب المرجانية في خليج منار إلى أسوأ موجة تبييض، وهو ما أدى إلى موت 16 في المئة من الشعاب المرجانية. وأصبح الهم الأكبر لفريق الباحثين استعادة الحشائش البحرية والشعاب المرجانية لأن كليهما يعمل كحاجز طبيعي يحمي الأراضي من التعرية والأمواج العاتية.

وبعد محاولات عديدة، توصل الفريق إلى طريقة أفضل لنقل الحشائش البحرية من بقعة إلى أخرى. وفي عام 2016، انضمت للفريق الباحثة ماهالاكشمي بوباثي، الباحثة في الشعاب المرجانية، وأراثي أشوك الباحث في الإسفنج البحري، لتنفيذ الطريقة الجديدة.

وكان أشوك وبوباثي يغطسان في الخامسة صباحا ويسبران أغوار قاع البحر حول جزر خليج منار ومضيق بالك، واستطاعا أن يسجلا المناطق التي تحتاج للحشائش وتلك الغنية بالحشائش، التي أطلقوا عليها "مناطق مانحة".

ولاحظ الباحثان أن المناطق كثيفة الحشائش كانت أيضا غنية بالتنوع الحيوي. ويقول أشوك: "عثرت على اسفنج ضخم، كان آخر مرة شوهد فيها في المياه منذ 30 عاما".

ثم جمع الاثنان سيقان الحشائش المائية من المروج الكثيفة بحرص شديد، وغسلاها بماء البحر لإزالة الرواسب قبل وضعها في الأكياس، بعد أن اكتشفا أن الرواسب تمنع وصول أشعة الشمس للحشائش وتعوق عملية التمثيل الضوئي.

ووضع فريق آخر على القارب الحشائش البحرية في حاويات مملؤة بمياه البحر، وكان عليهم نقلها إلى المناطق التي سيجري زراعتها فيها في غضون ساعة لئلا تذبل السيقان.

وعندما وصل الفريق إلى المناطق التي أصبحت خالية من الحشائش البحرية، ربطوا سيقان الحشائش بأطر بلاستيكية مربعة صغيرة، ثم غرسوا الجذور في التربة. ويقول أشوك إن الجذور استغرقت شهرين أو ثلاثة أشهر لتنمو وتترسخ في التربة الرملية والطينية في قاع البحر. وبعدها عاد الفريق لنزع الأطر البلاستكية.

وظل الفريق يراقب العوامل البيئية التي قد تؤثر على نمو الحشائش لشهور، مثل درجة حرارة المياة والملوحة والحموضة والتقلبات الجوية والترسبات ومستويات الأكسجين. وفي الشهر الخامس، لاحت بوادر النجاح.

إذ أسهمت هذه الأطر البلاستيكية المربعة في تدعيم السيقان حتى ترسخت جذورها في التربة، ونمت المروج الخضراء مرة أخرى حول الجزيرة. وتقول بوباثي: "لمسنا بأنفسنا زيادة التنوع الحيوي في هذه المناطق، إذ لاحظنا تنوع الأسماك العظمية والرخويات وأحصنة البحر والسلاحف المائية". ولم تتأثر أيضا المروج الكثيفة التي اقتلعت منها الحشائش، فسرعان ما نمت الحشائش من جديد.

لكن عودة الأسماك وغيرها من الأحياء البحرية اجتذبت أيضا الصيادين، وأخذت شباك الصيادين في القاع تقتلع الحشائش البحرية المزروعة حديثا.

وظل الفريق يغوص ويعيد غرس الحشائش المقتلعة، وكانوا يقضون ساعات طويلة تحت المياه. ويقول آشوك إنه يتذكر الجروح والخدوش التي كانت تصيبهم إثر السباحة بالقرب من الشعاب المرجانية. لكن بوباثي تقول إن مشاهدة الحشائش البحرية وهي تنمو وتزدهر كان يستحق هذا العناء.

ويقول روكسي ماثيو كول، عالم تغير المناخ بالمعهد الهندي لعلم الأرصاد الجوية في المناطق المدارية، إن ارتفاع درجة حرارة المحيطات في العقود الأخيرة قد أدى إلى تقليص مساحة المروج البحرية التي تختزن الكربون ومن ثم أسهم في تسريع وتيرة الاحترار العالمي.

ويقول كول إن جهود بوباثي وفريقها في استعادة المروج البحرية في الساحل الهندي، إذا كللت بالنجاح، يمكن محاكاتها في البيئات المشابهة بمحاذاة الساحل، وهذا سيسهم في الحد من الانبعاثات وربما يساعد في إيقاف تغير المناخ.

واستعاد الفريق تسعة فدادين من المروج البحرية المتدهورة في خليج منار. ويأمل الباحثون أن تجتذب هذه المروج البحرية المستعادة الثدييات المهددة بالانقراض مثل حيوان الأطوم البحري.

لكن على المدى الطويل، سيتطلب الحفاظ على المروج البحرية إصدار قوانين جديدة تمنع مراكب الصيد بشباك الجر وسفن الصيد الكبيرة من الصيد إلا بعد الحصول على ترخيص، لتشديد الرقابة على المياه والحيلولة دون تدمير الحشائش البحرية والشعاب المرجانية.

ويقول بيترسون إن الجهود المشتركة لاستعادة المروج البحرية والشعاب المرجانية حول جزيرة فان وجيرانها ساهمت في حماية الشواطئ من التعرية.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: