بنيامين نتانياهو صاحب أطول عهد في رئاسة الحكومة في إسرائيل
تل أبيب- (أ ف ب):
صار بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ إسرائيل. عرف باستمرار كيف يخوض معاركه من أجل البقاء، لكنه يواجه اليوم تحديا مزدوجا: الفوز في الانتخابات المقررة الاثنين، ثم "الانتصار" على القضاء الذي يتهمه بالفساد.
يطلق عليه أنصاره اسم "الملك بيبي"، لكّن نتانياهو صار في نوفمبر أول رئيس حكومة إسرائيلي في المنصب توجه له العدالة اتهاما. ويواجه الرجل ثلاث قضايا هي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وستبدأ المحاكمة فيها في 17 مارس، بعد 15 يوما على انتخابات ستكون حاسمة في مسيرته السياسية.
صاحب صوت أجش وشعر فضيّ، غالبا ما يرتدي بزة وربطة عنق يطغى عليهما اللون الأزرق مع قميص أبيض. وفرض نتانياهو (70 عاما) نفسه في محور النظام السياسي في إسرائيل كما لو كان دائما جزءا منه، علما أنه الوحيد بين جميع رؤساء الوزراء في تاريخ إسرائيل الذي ولد بعد قيام الدولة العبرية في مايو 1948.
ولد نتانياهو في 21 أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده بنتسيون عقيدة متشددة، إذ كان هذا الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدم نفسه على أنه "تصحيحي" يسعى لتأسيس "إسرائيل الكبرى" التي تشمل الأردن.
اليوم، يدافع بنيامين نتانياهو عن رؤية لإسرائيل بوصفها "دولة يهودية" يجب أن تمتد حدودها في الجهة الشمالية الشرقية وصولا للأردن. ومن هنا يأتي وعده بضمّ غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.
أصغر رئيس وزراء
خدم نتانياهو في وحدة نخبة مرموقة في الجيش الإسرائيلي. كان ذلك بعد حرب 1967 التي استولت خلالها اسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، علاوة على الجولان السوري.
عربيا، خلفت الحرب مرارة. وإلى جانب الجيوش التقليدية، فرض فاعلون جدد وجودهم، على غرار منظمة التحرير الفلسطينية التي تجمع تنظيمات مسلحة عدة.
عام 1976، قتل شقيق نتانياهو، يوناتان، أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها الوحدة التي كان يشرف عليها لتحرير الرهائن المحتجزين على متن طائرة خطفها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا.
تأثر بنيامين بمقتل شقيقه، وجعل من "مكافحة الإرهاب" الذي ينسبه غالبا الى الفلسطينيين، أحد أبرز محاور مسيرته السياسية.
يتمتع نتانياهو بموهبة الخطابة وبعزم، ما ساعده في أي يصبح في الثمانينات دبلوماسيا في واشنطن ثم سفيرا في الأمم المتحدة.
مع عودته إلى اسرائيل، انتخب عام 1988 نائبا في البرلمان عن الليكود، أكبر أحزاب اليمين، وصار نجم الحزب الصاعد بأسلوبه المستوحى من الأمريكيين.
أثناء حرب الخليج عام 1991، التي تعرضت خلالها اسرائيل لقصف بصواريخ "سكود" عراقية، دافع النائب الجديد عن وجهة النظر الإسرائيلية عبر تلفزيون "سي ان ان" الأمريكي. فبدا مرتاحا أمام الكاميرا، عارفا بقواعد الإعلام وطليق اللسان. وكان تلقى دروسه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
واصل صعوده وصولا إلى عام 1996 عندما تفوق في عمر ال47 على شيمون بيريز وصار أصغر رئيس حكومة في تاريخ اسرائيل.
لم يستمر حكمه سوى ثلاثة أعوام. لكن عقب غياب وجيز، عاد إلى السياسة. استرد قيادة الليكود ثم رئاسة الوزراء عام 2009.
معركة شخصية
منذ ذلك الحين، لم تعرف اسرائيل غير "بيبي" الذي احترف تشكيل التحالفات وجذب الأحزاب الصغيرة والتنظيمات الأرثوذوكسية المتشددة، لتثبيت حكمه.
يقدم نتانياهو نفسه على أنه أكبر مدافع عن الدولة العبرية في وجه إيران التي يعتبرها بمثابة "العماليق" المذكورين في التوراة بوصفهم عدوا شرسا للعبرانيين.
لكن خصومه يعتبرونه تسلطيا مستعدا لفعل أي شيء للبقاء في منصبه.
نتانياهو المتزوج والأب لثلاثة أطفال هو اليوم في مرمى العدالة بتهم رشوة واحتيال وخيانة الأمانة مرتبطة بقضايا تتعلق بتلقيه تبرعات من أثرياء وتبادل خدمات مع رؤساء شركات ومحاولته تجنيد الصحافة لخدمة صورته.
مؤدلج أم براغماتي؟ يعتبر هذا من أكبر الأسئلة حوله. في كتابه الحديث عن سيرة نتانياهو، يقول الباحث نايل لوشري "قبل أن يكون بنيامين نتانياهو متعاطفا مع سياسة والده (...) ترتكز أفعاله كرئيس حكومة على اعتبارات براغماتية".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون راحات أن نتانياهو يتأرجح بين "صقر متطرف" و"معتدل".
ويضيف "لكنه منذ اتهامات الفساد، صار يمينيا أكثر، ومال أكثر إلى الشعبوية والقوانين المعادية للديموقراطية (...) إنه يحارب من أجل البقاء، لتجنب المحاكم، إنها معركة شخصية".
عقب توجيه التهم له، أعلن الإعلام الإسرائيلي "نهاية حقبة نتانياهو"، لكن ذلك لم يثبت بعد.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: