عندما وضع أكثر من 100 ألف أمريكي في معسكرات اعتقال
واشنطن- (بي بي سي):
في مثل هذا الوقت عام 1942 وقع الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت على قرار أتاح للجيش الأمريكي نقل الأمريكيين من أصل ياباني إلى معسكرات اعتقال.
جاء ذلك في أعقاب قيام الطائرات الحربية اليابانية بالإغارة على ميناء بيرل هاربر الأمريكي في 7 ديسمبرعام 1947 ، وقد شككت وزارة الحرب الأمريكية في أن المواطنين من أصل ياباني ربما يصبحون مخربين أو جواسيس، وقد أيد سياسيون نقل الأمريكيين من أصل ياباني الذين يعيشون في منطقة الساحل الغربي إلى معسكرات اعتقال، وهو الأمر الذي عارضته وزارة العدل.
ورغم اعتراض وزارة العدل، فقد تم وضع نحو 110 آلاف من الأمريكيين من أصل ياباني في معسكرات الاعتقال في أكبر عملية نقل قسري رسمية في تاريخ الولايات المتحدة، وهي العملية التي مازالت مؤلمة في التاريخ الأمريكي.
وتتذكر ماري ماتسودا، وهي في العقد العاشر من العمر، ذلك الوقت الذي قضته مع أسرتها في معسكر الاعتقال.
وتقول ماتسودا: " كلما تذكرت ذلك الأمر، انخرطت في البكاء".
كانت ماري في السادسة عشر من عمرها عندما وقعت أحداث بيرل هاربور وكانت تعيش في فاشون قرب سياتل.
كان والداها يديران مزرعة فراولة وكانا من الرموز المحترمة في المجتمع ..طيبان وكادحان ويترددان على الكنيسة.
وكانت ماري وشقيقها يونيشي قد ولدا في الولايات المتحدة ويعتبران نفسيهما أمريكيين ويابانيين في آن واحد لذلك صدما مثل بقية الأمة من الهجوم الياباني الذي أسفر عن مقتل 2400 أمريكي.
لقد أصبحت أمريكا في حرب وبسبب الخلفية اليابانية باتت وشقيقها عدوين.
وتقول ماتسودا: "لم نكن من البيض ولم يكن هناك مكان نختبئ فيه، لقد كنا نعلم أن أمرا سيئا سيحدث لنا".
تراجيديا الديموقراطية
ويقول المؤرخ البروفيسور غريغ روبينسون بجامعة كيبيك بمونتريال في كندا، وهو مؤلف كتاب "تراجيديا الديموقراطية: عزل اليابانيين في أمريكا الشمالية بأمر الرئيس": "حدث ذلك بدعم الطبقة السياسية أما بقية البلاد فلم يكن الناس يعرفون أو يهتمون حيث كان الناس يرون أن الحكومة تعرف ما تفعله".
وفي مايو عام 1942 تحول الأمر إلى كابوس بالنسبة لماري وأسرتها التي أمهلت 8 أيام للمغادرة.
وتتذكر ماري ماتسودا : "لم نكن نعلم إلى أين سنذهب؟ وكم ستطول غيبتنا عن بيتنا وأعمالنا؟".
كانت الأسرة قد حملت ملابس تكفيها أسبوعا واحدا فقط ، ووضعت السلطات على ساعد كل فرد في الأسرة شارة تحمل رقما.
وتقول ماري: "عندما وصلنا إلى سياتل، تقدمت السيارة التي تقل الأسرة وسط حشد من الناس الذين قاموا بسبنا وتهديدنا وبعضهم بصق علينا".
وتضيف قائلة: "بعد 3 أيام وصلنا إلى مكان في كاليفورنيا قرب بينديل حيث قضينا شهرين في مركز اجتماعي، قبل نقلنا إلى معسكر في ليك تول، ثم إلى معسكرين آخرين في السنوات التالية".
الحياة داخل المعسكر
عاشت أسرة ماري ماتسودا في معسكر الاعتقال الخاضع لسيطرة الجيش في غرفة صغيرة لها نافذة صغيرة وبطانية واحدة لكل فرد من أفراد الأسرة.
كانت الأسرة تصف الغرف بـ "الشقة" التي كانت في الواقع سجنا، بحسب ماري ماتسودا.
وتقول: "كان يوجد سلك شائك على سطح الغرفة، في ما الحرس وأبراج الحراسة والمدافع الرشاشة في كل مكان".
وتضيف قائلة: "كانت هناك مدرسة في المعسكر الذي كان يوجد به أطفال، والذي لم يكن مجهزا سوى بأساسيات الحياة، وكان أغلب المدرسين من داخل المعسكر، وقليلون من خارجه".
الولاء
وذات يوم قدمت لهم ورقة استقصائية بها أسئلة حول ما إذا كانوا يرغبون في خدمة الجيش الأمريكي؟ وهل يقسمون على الولاء للولايات المتحدة وينبذون الولاء لإمبراطور اليابان؟
ولم يعلموا حينئذ أن من أجاب بالإيجاب مثل أسرتها سيصنف بأنه "موال" وسيسمح له بمغادرة المعسكر.
وقد التحق شقيق ماري بالجيش.
وسرعان ما جاء دور ماري، وأطلق سراحها في أغسطس عام 1944.
وقد انضمت لفريق تمريض، حيث اعتنت بها ممرضتان وعاملاتها على قدم المساواة.
وتقول ماري ماتسودا: "تعلمت الكثير في ذلك الوقت، ما هو شعورك عندما تجد نفسك مكروها، وكيف تشعر بالعار من نفسك؟"
وفي سبتمبر عام 1945 غادر والداها أيضا المعسكر.
والآن تستعد ولاية كاليفورنيا الأمريكية للاعتذار عن الدور الذي لعبته في أكبر عملية نقل قسري رسمية في تاريخ الولايات المتحدة، وهي العملية التي مازالت مؤلمة في التاريخ الأمريكي.
فيديو قد يعجبك: