تنصتت على السادات.. أعتى شركات الحماية من التجسس "جاسوس أمريكي"
كتب – محمد الصباغ:
كشفت صحيفة واشنطن بوست، اليوم الثلاثاء، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تجسست لعقود على زعماء دول حول العالم من خلال شركة سويسرية متخصصة في مجال الحماية الإلكترونية، حيث امتلك الجهاز الأمريكي تلك الشركة سرًا، وزودته بمحادثات هامة لزعماء ودبلوماسيين خلال أحداث تاريخية منذ الحرب العالمية الثانية.
بدأت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن شركة "كريبتو إيه جي – Crypto AG" الوحيدة التي وثقت فيها حكومات على مدار عقود لحماية اتصالاتها من التجسس، كانت تعمل لصالح المخابرات الأمريكية.
ووفقًا لواشنطن بوست، فإن الرئيس الراحل أنور السادات عندما كان في منتجع كامب ديفيد خلال محادثات السلام مع إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، تعرض لتنصت من المخابرات الأمريكية على اتصالاته مع المسئولين في القاهرة خلال المفاوضات.
وحصدت الشركة السويسرية على ملايين الدولارات من بيع معدات لأكثر من 120 دولة حول العالم في القرن الحادي والعشرين، من بينهم إيران والجارتين النوويتين الهند وباكستان، ودول في أمريكا اللاتينية.
وأشار التقرير، إلى أن هؤلاء العملاء لم يكونوا على علم أبدًا بأن الشركة مملوكة سرا للمخابرات الأمريكية، وبدورها استطاع الجهاز الحصول على الشفرات الخاصة بالأجهزة الموزعة على دول وحكومات العالم من الشركة السويسرية، واختراق اتصالاتها.
وتشير الصحيفة إلى أن جهاز المخابرات في ألمانيا الغربية كان شريكًا للمخابرات الأمريكية في إطلاق الشركة السويسرية، وهو ما كشفت عنه واشنطن بوست بالتعاون مع شبكة "ZDF" الألمانية.
ذكر التقرير أنه بنهاية عام 1978، اجتمع قادة مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في منتجع كامب ديفيد من أجل توقيع اتفاق سلام، وكانت وكالة الأمن القومي الأمريكي تراقب مكالمات الرئيس السادات بشكل سري.
وتحدثت وثائق للمخابرات الأمريكية، التي كشفتها واشنطن بوست، عن أن عمل الشركة والمعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأمريكية بالتعاون معها هي "انقلاب القرن في مجال المخابرات"، وأشارت إلى أن "الحكومات الأجنبية كانت تدفع أموالا كبيرة إلى الولايات المتحدة وألمانيا الغربية ليمتلكوا بدورهم اتصالات سرية، يمكن لدولتين على الأقل (وربما خمس أو ست دول أجنبية) الاطلاع عليها".
ومنذ عام 1970، تحكم جهاز المخابرات الأمريكية ووكالة الأمن القومي التابعة له، في كل عمليات شركة "كريبتو إيه جي"، حيث اطلعت على العديد من الأسرار بينها أيضا مكالمات النظام الملالي الإيراني خلال أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في عام 1979، ومعلومات من الجيش الأرجنتيني خلال حرب جزر فوكلاند مع بريطانيا.
وخلال أزمة الرهائن الإيرانية، كان الرئيس جيمي كارتر يجري اتصالات بوكالة الأمن القومي الأمريكي لمعرفة ردود فعل الإيرانيين على العروض الأمريكية من أجل تحرير الـ52 رهينة داخل السفارة الأمريكية.
وذكر مدير سابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي، "كنا قادرين على الرد على أسئلة الرئيس كارتر بنسبة 85% من الوقت"، وذلك لأن الإيرانيين كانوا يتحدثون مع الوسيط (الجزائر آنذاك) عبر أجهزة لحماية الاتصالات من شركة "كريبتو".
في الثمانينيات، بحسب واشنطن بوست، كانت السعودية من أبرز عملاء الشركة السويسرية، ومعها إيران وإيطاليا وإندونسيا والعراق وليبيا والأردن وكوريا الجنوبية.
وبحسب التقرير، فإنه من أجل إبعاد المنافسين كانت الشركة تقدم الرشاوى للمسئولين الحكوميين في بعض الدول، فعلى سبيل المثال وصل مدير تنفيذي للشركة إلى السعودية بعشر ساعات من طراز رولكس الشهير، وقدم برنامجًا تدريبيًا للسعوديين هناك.
لكن على الجانب الآخر، الاتحاد السوفيتي والصين تشككا في الشركة ولم يكونا أبدًا من عملائها بسبب بُعدها الغربي، ولمحاولات سابقة من المخابرات الأمريكية التجسس على بكين والصين.
وفي بداية التسعينيات، خشيت المخابرات الألمانية من فكرة انكشاف أمر الشركة، ونأت بنفسها عنها. وهنا حصلت المخابرات الأمريكية على نصيب نظيرتها الألمانية واستمرت في العمل والتجسس لصالحها حتى عام 2018، حينما باعت أصول الشركة بحسب ما نقلته واشنطن بوست عن مسئولين أمريكيين حاليين وسابقين.
وجاءت معلومات واشنطن بوست حول تجسس المخابرات الأمريكية عبر مقابلات مع مسئولين استخباراتيين غربيين سابقين وحاليين، بجانب موظفين في شركة "كريبتو إيه جي"، تحدث أغلبهم بشرط عدم كشف هويتهم لحساسية الأمر.
ولا تزال عشرات الدول تستخدم منتجات الشركة السويسرية حول العالم، وشعارها البرتقالي مازال موجودا على المبنى الرئيسي في مدينة زيورخ السويسرية.
فيديو قد يعجبك: