"فورين بوليسي": الأمريكيون يريدون قيادة العالم بما لا يتعارض مع اقتصادهم
كتب- محمد صفوت:
تشغل السياسة الخارجية المحتملة للإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، العالم والأمريكيين على وجه الخصوص، خاصة بعد تصريحه في مؤتمر قدم خلاله فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي الشي قال خلاله: "أمريكا عادت لقيادة المسرح العالمي من جديد"، وما تبعه من تغريدة له عبر تويتر بأن فريق السياسة الخارجية مستعد لقيادة العالم.
وسلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الضوء على السياسة الخارجية المحتملة، مستندة إلى تقرير بعنوان "جعل السياسة الخارجية للولايات المتحدة تعمل بشكل أفضل بالنسبة للطبقة الوسطى" أعدته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي بقيادة سلمان أحمد، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي بإدارة أوباما، الذي اعتمد على مئات المقابلات مع أصحاب الأعمال الصغيرة والمزارعين والمعلمين ومسؤولي الحكومة المحلية وآخرين.
وتسعى إدارة بايدن إلى إعادة أمريكا للمسرح العالمي، واستعادة نفوذها في الخارج، واتباع نهجًا يقدم تقييمًا صادقًا وواقعيًا لوجهات نظر الأمريكيين حول مكانة بلادهم في العالم.
وترى المجلة الأمريكية أن اختيار بايدن، لجيك سوليفان مستشارًا للأمن القومي، اختيارًا جيدًا حيث عمل مع إدارة أوباما وشارك في اجتماعات الاتفاق النووي الإيراني، وشارك في تقرير مؤسسة كارنيجي.
وترى المجلة أن التقرير يستحق اهتمامًا أكبر بعد الانتخابات، فهو يتبنى رؤية ترامب "أمريكا أولاً" لكنه يرفض النزعة الانقسامية التي تسبب بها الرئيس الجمهوري، إذ يقول المشاركون في التقرير إن الأمريكيين يريدون أن تنخرط بلادهم في العالم، لكن ليس بأي ثمن، حيث يواجه معظمهم حالة من عدم اليقين الاقتصادي، ليس فقط من آثار جائحة كورونا ولكن من عقود من العولمة والتغير التكنولوجي الذي رفع مستوى التعليم الجيد والمتصل جيدًا بينما ترك الكثيرين يكافحون من أجل البقاء.
ويقول التقرير إنه حال فشل السياسة الخارجية في عكس هذا التحدي فلن تلقى دعمًا من الأمريكيين.
ويقدم التقرير نهجًا واضحًا للولايات المتحدة التي تمتلك موارد محدودة وتواجه انقسامات داخلية وعرقية، ويدعو إلى سياسة خارجية أقل طموحًا، بهدف تحقيق مصالح الطبقة الوسطى في البلاد.
وتقول المجلة: "لا يمكن للولايات المتحدة أن تجدد الطبقة الوسطى ما لم تصحح التمدد المفرط الذي كثيرًا ما حدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة".
ويشير تقرير كارنيجي إلى أنهم لن يجدوا الكثير من الدعم في جميع أنحاء البلاد، وأنه لا يوجد دليل على أن الطبقة الوسطى في أمريكا سوف تتجمع خلف الجهود الرامية إلى استعادة تفوق الولايات المتحدة في عالم أحادي القطب، أو تصعيد حرب باردة جديدة مع الصين أو شن صراع بين الديمقراطيات والحكومات الاستبدادية في العالم.
ويرى التقرير أن أغلب الأمريكيين يهتمون بالتهديدات المباشرة لأمنهم المادي والاقتصادي.
ووفقًا لباحثين شاركوا في اللقاءات، فإن خارطة الطريق للسياسة الخارجية التي تدعم تطلعات الطبقة الوسطى في أزمة ليست "مباشرة بشكل خاص" فإن أولئك يريدون من الحكومة المقبلة تعزيز مصالحهم بشكل خاص، عن طريق تعزيز الاستقرار وتقليل مخاطر العيش في عالم أكثر انفتاحًا.
وذكر مؤلفان مشاركان في تقرير كارينجي، أن الأجندة الجديدة للسياسة الخارجية لما بعد ترامب ستعطي الأولوية لقضايا مثل التأهب للأوبئة والأمن الإلكتروني ودعم البحث والتطوير والابتكار وتنمية القوى العاملة وطرق توفير فرص أفضل للمجتمعات المتعثرة، ولتطبيق هذا النهج يتطلب من الإدارة الجديدة كسر القيود التي تصنع السياسة الخارجية الأمريكية، والتركيز على قضايا النمو المحلية والمساواة.
وقال التقرير إن المستقبل سيتطلب "تنسيقًا أفضل بين الوكالات المختلفة في البلاد، وخبرة متعددة التخصصات، وبعض الخيال السياسي".
وتشمل القضايا الحرجة التي تمزج بين السياسة الداخلية والخارجية، الحد من التهرب الضريبي، وكبح الممارسات المناهضة للمنافسة من قبل الشركات الكبيرة، وتعزيز معايير العمل والبيئة حول العالم من أجل ثني الشركات عن نقل الصناعة إلى الخارج.
ودعا فريق العمل على التقرير، إلى استراتيجية تنافسية وطنية من شأنها أن تربط بشكل أوثق أولويات الولايات المتحدة الخارجية والمحلية.
وذكر أن التغير المناخي سيكون مجالاً آخر للصراع المحتمل داخل إدارة بايدن، وقدم لمحات عن الصراعات الداخلية المحتملة، منها على سبيل المثال لا الحصر خطة بايدن المعروفة باسم "إعادة البناء بشكل أفضل" التي تؤيد المفهوم القديم الذي يرى أن التصنيع هو أفضل طريق للازدهار، وتوفير ملايين فرص العمل، لكن التقرير يشير إلى أن التصنيع يوفر ٩% فقط من القوى العاملة في أمريكا، وأن الاقتصاد الرقمي يوفر وظائف أكبر ويستحق الأولوية الأكبر.
وينطبق الشيء نفسه على الإنفاق الدفاعي، بينما يؤيد التقرير إعادة توزيع بعض الإنفاق العسكري على البحث والتطوير وتدريب القوى العاملة فإنه يحذر من أن التخفيضات الكبيرة في ميزانية الدفاع ستكون مدمرة اقتصاديًا للمجتمعات التي لديها القليل من الخيارات الأخرى قصيرة المدى.
وقدم التقرير توصية للإدارة الجديدة، بفتح لجان استشارية للحكومة بشأن السياسة الاقتصادية الدولية.
ويقول التقرير إن الأمريكيين يريدون احتضان العالم وقيادته بطرق تجعل حياتهم أفضل، ويشير إلى أن مشاركة مستشار الأمن القومي لبايدن فيه، يعد إشارة جيدة على استعداد الإدارة الأمريكية لتولي هذه المهمة.
فيديو قد يعجبك: