كيف اختطفت إيران مواطنًا سويديًا من تركيا؟
كتب- محمد صفوت:
أعلنت السويد، الثلاثاء، أن إيران لم تمنح قنصلها في طهران الإذن بمقابلة معارض سويدي من أصل إيراني تبين أنه محتجز في الجمهورية الإسلامية بعد اختفائه خلال زيارته تركيا في أكتوبر الماضي.
حبيب أسيود المعروف باسم حبيب الشعب، هو معارض إيراني وقيادي بارز بحركة "النضال العربي لتحرير الأحواز" ويعيش في منفاه بالسويد مع زوجته.
وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" تفاصيل اختطاف أسيود في تركيا، في أكتوبر الماضي، قبل نقله إلى إيران، وتحدثت مع أصدقائه الذين أكدوا أنه لم يخبرهم بسفره
ويقول فؤاد الكعبي أحد الأصدقاء: "لم يكن أي منا سيقبل ذهابه إلى تركيا التي وصفها بأنها نافذة خلفية للاستخبارات الإيرانية.
واختفى أسيود، بعد وقت قصير من وصوله إلى تركيا في أكتوبر الماضي، وبعد يومين أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، اعتقاله ونشرت مقطع فيديو قالت إنه: "اعتراف" بتورطه في هجمات إرهابية استهدفت عرضًا عسكريًا إيرانيًا قبل عامين، دون تفاصيل عن عملية اعتقاله.
امرأة ومهرب مخدرات وراء العملية
ذكر مسؤول تركي رفض الكشف عن هويته لصحيفة "واشنطن بوست" إن الاستخبارات التركية عملت سريعًا لكشف غموض اختفاء أسيود.
وكشف عن "مخطط مفصل" لاختطاف المعارض الإيراني، إذ استدرجته امرأة إلى تركيا وخدر واختطف حين ذهب لمقابلتها، ثم هرب إلى الحدود الإيرانية، من قبل تاجر ومهرب مخدرات، بأمر من الاستخبارات الإيرانية.
وأعلنت تركيا أمس الاثنين، إلقاء القبض على ١١ شخصًا بدعوى التورط في عملية اختطاف وتهريب أسيود إلى إيران.
أشارت الصحيفة، إلى أن تفاصيل عملية أسيود، تتشابه مع اختطاف المعارض الإيراني روح الله زم، الذي أعدم السبت الماضي في طهران، وكان قد اختفى بعد استدراجه من منفاه بفرنسا إلى العراق العام الماضي.
وذكرت أن اختطاف أسيود من تركيا، تُعد ثالث عملية رفيعة المستوى تنفذ في تركيا وتتهم بها إيران، ما يهدد بتوتر العلاقات بين الخصمين الإقليميين.
وفي العام الماضي، قتل مسعود فاردانجاني، المسؤول الدفاعي الإيراني السابق الذي انتقد حكومته، بالرصاص في أسطنبول، في عملية قال مسؤولون أتراك لوكالة رويترز وقتها، إنها بتحريض من ضباط استخبارات يعملون في القنصلية الإيرانية.
وقالت إنه في ٢٠١٧، قتل إعلاميًا إيرانيًا محكومًا عليه بالسجن غيابيًا في إيران في إطلاق نار من سيارة مسرعة في أسطنبول قيل أن مساعد مهرب مخدرات يدعى ناجي شريفي زندشتي نفذه.
سجن زندشتي في أبريل ٢٠١٨، وقضى ٦ أشهر فقط قبل إطلاق سراحه في فضيحة ضجت تركيا بها، وأشارت الأصابع إلى تدخل مستشار الرئيس التركي، برهان كوزو، الذي نفى تلك الاتهامات.
وفقًا لكتاب "معركة البارونات" الذي صدر مؤخرًا في تركيا، ويتحدث عن حرب زعماء عصابات المخدرات، فإن زندشتي سجن في شبابه بقضايا تتعلق بالمخدرات، في إيران ونجح في الهروب من سجنه، وفر من طهران في العشرين من عمره.
ويقول الكاتب، إن بعد مقتل معارضين إيرانيين في تركيا، ظهرت علاقة زندشتي بالحكومة الإيرانية، وناقشتها وسائل الإعلام التركية، لكن لم يتضح متى بدأ العمل مع طهران.
واعترف أحد أقارب زندشتي، ألقت تركيا القبض في أكتوبر الماضي خلال محاولته السفر إلى إيران، بأن زندتشي التقى بمسؤولين إيرانيين عدة مرات قبل اختفاء الشعب.
وتتهم إيران حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، بتلقي التمويل من خصوم بالخليج لزعزعة استقرار البلاد، كما تتهم عددًا من أعضاء الحركة بشن هجمات في إيران في ٢٠١٨، والتخطيط لهجوم على عرض عسكري إيراني.
تفاصيل العملية
سافر أسيود، من منفاه إلى تركيا في أكتوبر الماضي، وجرت عملية اختطافه وتهريبه إلى إيران قبل بث فيديو اعترافات له بالتخطيط لهجوم مميت في طهران.
ويشتبه أصدقاء أسيود في امرأة تدعى "صابرين.س" ويتهمونها بلعب دور في العملية، ويقول أحدهم إنه يعرفها منذ فترة وأنها متزوجة أسيود "سرًا" منذ ٤ أعوام.
ويتابع أن الديون أغرقت أسيود واضطر إلى اقتراض نحو ١٠٠ ألف يورو من "صابرين" التي عرضت عليه أموالاً أخرى، بعد أن يلتقي بها في قطر، مضيفًا: "كيف أقنعته بالذهاب إلى تركيا؟ لا نعرف".
وأشارت الصحيفة إلى أن التحقيقات التركية، كشفت أن أسيود سافر إلى إسطنبول في ٩ أكتوبر الماضي، للقاء "صابرين.س" وصلت قبله بيوم بجواز سفر إيراني مزور.
وخلصت التحقيقات التركية، أنه فور وصول أسيود إلى إسطنبول توجه إلى لقاء صابرين التي كانت تنتظره في شاحنة في محطة وقود بإسطنبول، وبمجرد دخوله الشاحنة تم تخديره وتقييده.
وذكرت أنه تم اقتياده إلى مقاطعة فان شرقي تركيا، وسُلم إلى مهرب وتم تهريبه عبر الحدود في اليوم التالي، فيما عادت صابرين إلى إيران، ولا يزال زندشتي طليقًا ولا يعرف مكانه بعد، ولكنّ هناك اعتقادًا بأنه في إيران.
وذكرت "واشنطن بوست" أنها حاولت التواصل مع زندشتي، عبر البريد الإلكتروني للرد على تلك المزاعم، كما تواصلت مع بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، لكنها لم تتلق ردًا بعد.
سيناريو آخر للعملية
عقب فيديو الاعتراف الذي بثته وسائل الإعلام الإيرانية لأسيود، اتهمت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، في بيان لها دولا عربية خليجية، دون تسميتها في اختفاء أسيود، وقالت إن الاستخبارات الإيرانية اختطفته من تركيا.
واتهمت زوجته هدى الهواشمي، في مداخلة مع فضائية "العربية" في نوفمبر الماضي، قطر باستدراج زوجها قبل تسليمه إلى تركيا التي اختطف منها بأوامر الاستخبارات الإيرانية.
فيديو قد يعجبك: