إثيوبيا تغلي.. لماذا اندلعت حرب في تيجراي؟ وكيف تأثرت المنطقة؟
كتبت- رنا أسامة:
يتصاعد النزاع طويل الأمد بين القوات الموالية للحكومة الفيدرالية برئاسة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وجبهة تحرير شعب تيجراي التي تحكم المنطقة المعارضة الواقعة شمالي البلاد، مُسفرة عن سقوط مئات الضحية وسط مخاوف من تمزيق البلاد وجرّها إلى حرب أهلية وشيكة.
وفي وقت مبكر من نوفمبر، أمر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بتنفيذ عملية عسكرية ردًا على غارة على معسكر للجيش في تيجراي. وبعد 4 أسابيع من القتال، أعلن آبي سيطرة قواته بالكامل على المنطقة المضطربة. فيما ندّد زعيم الجبهة، ديبرتسيون جبريمايكل، ذلك، متعهدًا بمواصلة القتال، بما يعرض ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان لخطر حرب عصابات طويلة الأمد.
وفيما تغلي إثيوبيا مع استمرار النزاع الدموي في تيجراي، وسط رفض آبي الوساطة الأفريقية، تُفنّد وكالة "بلومبرج" الأمريكية، في 7 أسئلة، أبرز تفاصيل الصراع:
1- لماذا اندلع الصراع؟
قال آبي إن قوات جبهة تحرير شعب تيجراي هاجمت قاعدة عسكرية تابعة للجيش الفيدرالي لسرقة أسلحة. فيما قالت الجبهة، التي تحكم تيجراي، إن الهجوم كان ضربة استباقية لأن القوات الفيدرالية كانت تستعد لمهاجمة أراضيها.
2- لماذا توتّرت العلاقات بشكل كبير بين الجانبين؟
توتّرت العلاقات بين تيجراي وإدارة آبي منذ تولّيه الحكم في أبريل 2018، وشروعه في تعزيز سلطته من خلال حزب "الرخاء" المُشكّل حديثًا. الأمر الذي أدى إلى تهميش جبهة تحرير شعب تيجراي، التي كانت ذات يوم وسيط القوة البارز في البلاد.
تصاعدت التوترات بعد أن أجرت تيجراي انتخابات إقليمية في سبتمبر، مُتحدية قرار الحكومة بإرجائها على خلفية جائحة كوفيد 19. وردّ البرلمان الفيدرالي بأمر أصدرته وزارة الخزانة الإثيوبية بوقف الدعم المباشر لميزانية الإدارة الإقليمية. علاوة على ذلك، غَضِب قادة تيجراي من محاولة الحكومة الفيدرالية تعديل القيادة العسكرية المتمركزة على أراضيهم ودعوات مجلس النواب لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية.
3- ما خلفية العداء؟
تعاني إثيوبيا، أقدم دولة قومية في أفريقيا، من خلاف طويل الأمد بين أكثر من 80 مجموعة عِرقية. فقد كانت البلاد ملكية مُطلقة حتى ثورة 1974 الاشتراكية التي أطاحت بالإمبراطور هيلا سيلاسي، ثم تحوّلت إلى متعدد الأعراق في عام 1991، عندما أطاح تحالف من المتمردين بقيادة جبهة تيجراي بالنظام العسكري الماركسي الذي أعقب سيلاسي.
ورغم أن التيجرايين يشكلون 6 بالمائة فقط من السكان، هيمنوا على السياسة الوطنية، بما أثار حفيظة عِرقيات الأورومو والأمهرة الأكبر. واستقال هايلي ماريم ديسالين من رئاسة الوزراء في 2018 بعد فشله في قمع الاحتجاجات العنيفة التي بدأت أواخر عام 2015 وأودت بحياة عدة مئات. وعيّنت جبهة تيجراي، آبي ، من الأورومو، خلفًا له.
4- كيف تعامل آبي مع الأزمة؟
بدأ رئيس الوزراء الإثيوبي حكمه بشكل مثير. ألغى الحظر المفروض على المعارضة والجماعات المتمردة، وأطاح بالمسؤولين المزعومين الفاسدين، وأنهى عقدين من الخصومة مع إريتريا المجاورة - وهي مبادرة دفعته لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2019. كما وضع بساط الترحيب برأس المال الأجنبي للحفاظ على الزخم في أحد أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.
وإلى جانب المعارضة في تيجراي، كان على آبي أن يتعامل مع الاحتجاجات العنيفة بعد مقتل المغني الثوري الشهير من الأورومو، هاشالو هونديسا، في يونيو، والتي أودت بحياة حوالي 200 شخص. وفي سبتمبر، أدى القتال العِرقي في منطقة بني شنقول-جوموز الغربية إلى مقتل ما لا يقل عن 140 شخصًا وشرّد أكثر من 25 ألفًا آخرين.
ولا يزال الصراع العرقي مستمرًا في أمهرة ، ولا تُظهِر الهجمات وعمليات الخطف التي ترتكبها الميليشيات في أجزاء من منطقة أوروميا الوسطى أي بوادر للتراجع. وألقي القبض على عدد من قادة المعارضة الرئيسيين.
5- إلى أي مدى كان النزاع في تيجراي مميتًا؟
مميت للغاية. كانت المنطقة بالفعل ذات طبيعة عسكرية شديدة بحُكم قربها من إريتريا، التي خاضت حربًا مع إثيوبيا من عام 1998 إلى عام 2000. ولا توجد أرقام دقيقة لعدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في النزاع، رغم أن دبلوماسيين تلقوا تقارير تُفيد بوقوع إصابات كبيرة.
وأحدث العنف في أزمة إنسانية، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص، وظهور نقص واسع النطاق في الغذاء والوقود والضروريات الأخرى. كانت قوات تيجراي مدججة بالسلا ، وقد يكون طردهم من معاقلهم الجبلية "مهمة شاقة".
6- كيف تأثرت المنطقة؟
امتد الصراع إلى حدود إثيوبيا، حيث أطلقت قوات جبهة تحرير تيجراي صواريخ على إريتريا التي تتهمها بالانحياز إلى الحكومة الفيدرالية. فيما لم ترد الأخيرة على ذلك الادعاء.
وتأثر السودان أيضًا، حيث فر أكثر من 45 ألفًا عبر حدوده هربًا من القتال بحلول أواخر نوفمبر- وهو رقم حذرت الأمم المتحدة من أنه قد يصل إلى 100 ألف في غضون 6 أشهر إذا لم يُستعاد السلام.
وسحبت إثيوبيا حوالي 3 آلاف جندي كانوا يساعدون الحكومة الصومالية في محاربة تمرد إسلامي للمساعدة في هجوم تيجراي، كما نقلت بلومبرج عن 3 أشخاص مُطلعين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتعليق. وأثار ذلك مخاوف من فراغ أمني عبر الحدود الشرقية لإثيوبيا.
7- ما التداعيات المُحتملة على الاقتصاد الإثيوبي؟
توسع اقتصاد إثيوبيا البالغ 107 مليار دولار أمريكي بأكثر من 9 بالمائة سنويًا خلال العقد الماضي مع تدفق الاستثمار، ما جعله أحد أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. لكن صندوق النقد الدولي توقّع أن يتباطأ معدل النمو بشكل ملحوظ إلى 1.9 بالمائة في عام 2020 بسبب وباء كوفيد 19.
وتضررت معنويات المستثمرين من الاحتجاجات بعد مقتل هونديسا، مما قلل من احتمالات حدوث انتعاش اقتصادي. وزاد النزاع في تيجراي طين الأزمة بلّة، كما يتضح من الركود في سندات اليورو في البلاد.
وفي تلك الأثناء، تُثار مخاوف من خروج خطط الحكومة لفتح الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها من الصناعات التي تسيطر عليها الدولة أمام المستثمرين الخارجيين عن مسارها.
فيديو قد يعجبك: