لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تجاهلت إثيوبيا جهود الاتحاد الأفريقي لحل النزاع في تيجراي؟

09:25 ص الثلاثاء 01 ديسمبر 2020

أجرى رئيس الوزراء آبي أحمد (يسار) محادثات مع رئيسة

أديس أبابا- (بي بي سي):

كان لإثيوبيا زمام المبادرة في إنشاء المنظمة الأفريقية القارية؛ الاتحاد الأفريقي (AU) عام 2002، لكن الخبير في الشأن الإثيوبي أليكس دي وال، الذي عمل مع الاتحاد الأفريقي لمدة سبع سنوات، والمدير التنفيذي الحالي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر للشؤون العالمية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة)، يرى أن أفعال إثيوبيا باتت اليوم تهدد المبادئ التأسيسية للمنظمة.

قبل فترة قصيرة من وصول ثلاثة من رؤساء دول أفريقية سابقين، إلى العاصمة الإثيوبية ، أديس أبابا، للبحث عن حل سلمي للصراع في منطقة تيجراي الشمالية، أمر رئيس الوزراء آبي أحمد بما أسماه "المرحلة الأخيرة من عمليات سيادة القانون لدينا".

وكان هذا رفضاً واضحا لمبادرتهم.

والتقت الرئيسة الليبيرية السابقة، إيلين جونسون سيرليف، ونظيرها الموزمبيقي يواكيم شيسانو، وكجاليما موتلانثي رئيس جنوب أفريقيا السابق، بآبي يوم الجمعة الماضي، لكن قيل لهم إن الحكومة الإثيوبية ستواصل عملياتها العسكرية.

كما قال آبي إنهم لا يستطيعون مقابلة أي من ممثلي المجموعة التي تقاتل إثيوبيا في جبهة تحرير تيجراي الشعبية، والتي وصفها رئيس الوزراء بأنها "عصبة إجرامية".

كان رئيس الوزراء الإثيوبي قد استشهد بميثاق الأمم المتحدة في بيان صدر في وقت سابق من الأسبوع، مشددا على أن الحكومة الفيدرالية تشارك في عملية محلية لفرض النظام والقانون، على ضرورة تطبيق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، الذي نص عليه المثاق في هذا الصدد.

بيد أن الخبير القانوني النيجيري تشيدي أودينكالو ، يرى أن إثيوبيا تستخدم الميثاق لتصعيد الحرب، على عكس نواياها السلمية المعلنة، قائلاً إن "الجرأة في هذا الموقف مقلقة".

ويشير إلى أن الصراع قد تحول إلى شأن دولي فعلياً ، لأن إريتريا منخرطة في القضية وبات اللاجئون يعبرون الحدود إلى السودان.

كما تبنت الأمم المتحدة قواعد لمنع الدول من إساءة استخدام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لمنح أنفسها حصانة ضد العقوبات التي تطال ارتكابها فظائع وجرائم حرب داخل حدودها.

ومنذ عام 1981، نص الميثاق الدولي على أن حل النزاع حق واجب، كما نص على أن الدول تتحمل مسؤولية حماية المدنيين في النزاعات منذ عام 2005.

مخاوف من وقوع جرائم حرب

وعبر رفضه للوسطاء الأفارقة، لا يرفض آبي فقط مبادرة سلام. إنه يتحدى المبادئ التأسيسية للاتحاد الأفريقي نفسه.

وتحدد المادة 4 (جي) من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي - الذي انضمت إليه إثيوبيا في عام 2002 مبدأ "عدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى".

ولكن يتبع ذلك مباشرة المادة 4 (أج) ، التي تمنح الاتحاد الأفريقي الحق في "التدخل في دولة عضو في الاتحاد، في حال وقوع ظروف خطيرة وهي "جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية".

وتم تبني ما يسمى بـ "واجب عدم اللامبالاة" في أعقاب الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

وقد صاغه لأول مرة فريق دولي يضم شخصيات بارزة، بدعم قوي من إثيوبيا، التي جمعتهم للتوصية بكيفية منع وقوع مثل هذه الفظائع في أفريقيا في المستقبل.

و"واجب عدم اللامبالاة" هي النسخة الأفريقية من قانون "مسؤولية الحماية" التي تتحملها الأمم المتحدة.

واتهمت الحكومة الإثيوبية نفسها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بارتكاب فظائع ، ويخشى المراقبون أنه عندما يتم رفع التعتيم الإخباري، ستظهر أدلة على جرائم حرب من كلا الجانبين.

ووردت أنباء غير مؤكدة تفيد بأن القوات الإريترية عبرت الحدود واعتقلت لاجئين إريتريين في معسكرات الأمم المتحدة في تيجراي، مما يعد انتهاكًا لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين.

نصر إثيوبيا الدبلوماسي

تأسست منظمة الوحدة الإفريقية (OAU) في عام 1963، ومقرها في أديس أبابا ، بهدف توطيد استقلال الدول الأفريقية الذي اكتسبته حديثاً.

وكان تحديد موقع مقر منظمة الوحدة الأفريقية في إثيوبيا بمثابة انتصار دبلوماسي للإمبراطور هيلا سيلاسي، الذي دافع لفترة طويلة عن القانون الدولي.

ومن المعروف أنه خطابه في عام 1936 في عصبة الأمم تنبأ بأنه إذا لم يُعاقب الغزو الإيطالي لإثيوبيا، فإن العالم أجمع سيغرق في الدماء.

وشكلت منظمة الوحدة الأفريقية جبهة مشتركة لتحرير إفريقيا من الحكم الاستعماري والعنصري.

لكنها كانت أيضاً بمثابة نادٍ لحكام مستبدين، تمسّكوا بمصلحتهم المشتركة في البقاء في السلطة مهما حدث.

وأعرب الرئيس المؤسس لتنزانيا، جوليوس نيريري، عن أسفه لأنها أصبحت أشبه بـ "نقابة لرؤساء الدول".

وبحلول التسعينيات، بات من الواضح أن منظمة الوحدة الأفريقية بحاجة إلى إعادة تشكيل كي تكون قادرة على الرد على الحروب والانقلابات والفظائع في أفريقيا.

وفي عام 2002 أنشئ الاتحاد الأفريقي بأجندة أكثر طموحاً لتعزيز السلام والديمقراطية.

ومنذ ذلك الحين، طور الاتحاد مجموعة من الآليات التي تشمل تعليق عضوية الدول التي يقع فيها تغيير غير دستوري للحكومة، وتقديم المساعدة للتوسط في النزاعات، فضلا عن الزام الدول المنكوبة بالصراعات بالترحيب بجهود صنع السلام بنية صادقة.

كيف ساعد الاتحاد الأفريقي؟

تدخل السيد آبي شخصياً في الأزمة السودانية العام الماضي عندما سعى إلى حل سلمي للمواجهة بين الحركة المؤيدة للديمقراطية والجيش، والتي أطاحت بالرئيس عمر البشير.

وأُعدّت صيغة لانتقال السودان إلى مرحلة الديمقراطية على وفق نموذج أعده الاتحاد الأفريقي. لكن الاتحاد ليس مؤسسة قوية، فميزانيته منخفضة ولا يمكنه فرض إرادته.

ويمكن للدول والمنظمات الأكثر قوة نقضها - كما فعل الناتو عندما سعى الاتحاد الأفريقي إلى تسوية تفاوضية للنزاع الليبي في عام 2011 ، لكن الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية سعت إلى تغيير النظام.

وتكمن القيمة الحقيقية للاتحاد الأفريقي في قوته الناعمة: فهو يوضح معايير السلام والتعاون ويقنع القادة الأفارقة بالمضي قدماً، مع علمهم بأنهم ينهضون معًا ويغرقون معاً.

ومع مرور الزمن، أثبت المنظمة الأفريقية جدواها، وباتت إفريقيا أكثر ديمقراطية وسلمية.

لقد كانت الجهود الدبلوماسية الأفريقية لتجنب النزاعات أو حلها نادرة لدى الجيل السابق. لكنها أصبحت اليوم ممارسات معتادة.

وقد أكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، مرة أخرى على موقف المنظمة القائل بأنه "يجب إنهاء الصراع عن طريق الحوار".وذلك في بيان الإعلان عن مهمة المبعوثين الثلاثة،

لكن هذا البيان قد صيغ بلغة مجاملات دبلوماسية عادية تفتقر إلى اللهجة المتشددة.

وفي حالات مماثلة - من أمثال ليبيا أو السودان - دعت رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى عقد اجتماع خاص على مستوى الرؤساء لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي. وفي هذه القضية لم يفعل رامافوزا ذلك.

وأجلّت جنوب إفريقيا - التي تعد حالياً واحدة من ثلاث دول أفريقية في مجلس الأمن الدولي - مناقشة حول الوضع في إثيوبيا في الأمم المتحدة يوم الاثنين، بذريعة الحاجة إلى الاستماع إلى تقرير المبعوثين أولاً.

ولإثيوبيا تأثير كبير على الشؤون اليومية للاتحاد الأفريقي، لأنها تستضيف مقره الرئيسي في عاصمتها.

ولطالما شككت دول أفريقية أخرى في أن لدى الاتحاد معايير مزدوجة، وأنه أعطي لإثيوبيا مهلة لا يمنحها للدول الأخرى. ولم يكن ذلك يهم كثيرا، عندما كانت إثيوبيا نشطة في دعم جهود الوساطة وعمليات حفظ السلام، لا سيما في الصومال وجنوب السودان والسودان.

والآن، يتساءل كثيرون عما إذا كانت قد تجاوزت خطا أحمر بصلافة.

"الاتحاد الأفريقي من أجل الآخرين وليس إثيوبيا"

وأفاد تقرير نشر في مجلة فورين بوليسي نقلاً عن وثيقة للأمم المتحدة، بأن الحكومة الإثيوبية قامت بعملية تطهير أبعدت فيها ضباطا ترجع أصولهم إلى إقليم تيجراي من بعثات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. كما طالبت مفوضية الاتحاد الأفريقي بإقالة رئيس جهاز الأمن فيه والذي كان من إقليم تيجراي والذي شُكك في ولاءاته بسبب الصراع.

والآن، رفض آبي فعلياً الوسطاء رفيعي المستوى في أفريقيا، قائلاً بأدب أنهم "نقلوا حكمتهم ورؤاهم واستعدادهم للدعم بأي طريقة مطلوبة".

وبعد أن احتلت القوات الفيدرالية الإثيوبية عاصمة تيجراي ميكيلي يوم السبت ، أعلن آبي أن عمليته اكتملت - مما يعني أنه لا يحتاج إلى صانعي سلام. لكن من غير المرجح أن يكون الوسطاء الأفارقة - وجميعهم من البلدان التي لديها خبرة طويلة في النزاعات المسلحة، واثقين جدا من ذلك.

وكان مقر الاتحاد الأفريقي قد بُني في موقع السجن المركزي سيئ السمعة في إثيوبيا، والمعروف باسم عالم بيكان - ويعني "وداعاً للعالم" باللغة الأمهرية.

وسجن الآلاف من السياسيين هناك، وتعرض الكثيرون منهم للتعذيب وأعدموا، خلال الحكم الديكتاتوري العسكري في السبعينيات والثمانينيات.

وهذه الرمزية لم تغب عن نشطاء المجتمع المدني الأفارقة، الذين يتساءلون عما إذا كانوا قد أصبحوا أسرى لمضيفيهم الإثيوبيين.

وعلّق دبلوماسي كبير بالاتحاد الأفريقي يوم الجمعة قائلا: "يعتقد آبي أن الاتحاد الإفريقي من أجل الآخرين وليس من أجل إثيوبيا".

ويعود رفض آبي للوساطة إلى حقبة سابقة انتهت فيها الحروب الأهلية الأفريقية بقوة السلاح، وليس باتفاقات السلام، تاركة المظالم تتفاقم.

ومثل هذا السلوك بهدد بالاستهزاء بمعايير الاتحاد الأفريقي ومبادئ صنع السلام التي تم الحصول عليها بعد تضحيات جمة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان