بروفايل| تعثرات ومآسٍ وانتصارات.. جو بايدن الرئيس الـ46 لأمريكا
كتب- محمد صفوت:
ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن جو بايدن المرشح الديمقراطي أصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأمريكية، بعد حسمه الانتخابات بأكثر من 270 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي.
عمل بايدن نائبا للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي منحه قبل أيام من مغادرته البيت الأبيض الميدالية الرئاسية للحرية، معلنًا أن ملازمه السبعيني ذا الشعر الأبيض "أفضل نائب رئيس في أمريكا على الإطلاق" و"أسد التاريخ الأمريكي".
وعمل بايدن في فلك المكتب البيضاوي لأكثر من ٤٥ عامًا، وخلال حياته عانى الرجل السبعيني من مزيج من المآسي العائلية والشخصية، والأخطاء السياسية الخاصة والاختيار السيئ للتوقيت في بعض الأوقات، ما لم يسمح له أبدًا بالجلوس خلف المكتب البيضاوي.
"الوقت قد حان أخيرًا". بتلك الكلمات وصفت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية فوز الرجل السبعيني الذي أصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، منتصرًا على منافسه الرئيس الـ45 للولايات المتحدة دونالد ترامب، في انتخابات جرت على خلفية جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية والاحتجاجات ضد العنصرية، ليصطحب معه إلى المكتب البيضاوي، كامالا هاريس وهي أول امرأة سوداء من أصل لاتيني هندي، ليصنع تاريخًا جديدًا لبلاده.
تطلع بايدن لأن يصبح رئيسًا خلال الـ3 العقود الماضية، لكن دون جدوى في آخرها محاولته ليصبح مرشح الديمقراطيين خلفًا لباراك أوباما، مع ذلك، يقول حلفاء الرئيس المنتخب إن هذا الطريق المتأخر هو الذي أعده لعام 2020، عندما كان بإمكانه أخيرًا أن يعرض نفسه ليس فقط كعضو في مجلس الشيوخ أو حاكم آخر لديه خطط من 10 نقاط وطموح كبير، بل أصبح رجلاً مخضرمًا كسب تعاطفًا كبيرًا استعدادًا لهزيمة رئيس "خطير" و"مثير للانقسام" ثم "استعادة روح الأمة" حسبما تقول أسوشيتد برس الأمريكية.
وتقول كارين فيني أحد كبار مساعدي هيلاري كلينتون عام 2016: "رفضه الكثير من الناس لكن عندما رأيت خطابه الافتتاحي، متحدثًا عن النضال من أجل استعادة روح البلاد قلت، لقد فهمها.. هذا ما يفعله الرئيس أن ينظر في البلاد ويفهم الأحداث".
وتقول "أسوشيتد برس" إن انتصاره لم يجلب معه أغلبية ديمقراطية في مجلس الشيوخ وخسر العديد من المرشحين في مجلس النواب، ما يزيد احتمالية وجود حكومة منقسمة.
بدأ بايدن السباق إلى البيت الأبيض بمعركة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ونافس نحو ٢٠ شخصًا، معظهم من الشباب لنيل ثقة الحزب، لكن جاذبيته العاطفية العميقة تجاوزت هوية الحزب، فعندما حذر من إعادة انتخاب ترامب بحجة أنها "ستغير إلى الأبد شخصية" أمريكا، كان بايدن يعتمد على الحياة والخبرة السياسية ليخبر زملاءه الديمقراطيين أنهم يدورون في نقاش سابق لأوانه. في تقديره ، كانوا يتجادلون حول المكان الذي يجب أن يذهب إليه القطار، في حين أن القطار كان وما زال خارج القضبان.
حصل بايدن في أغسطس الماضي على ترشيح الحزب الديمقراطي رسميا لتمثيله في سباق التنافس للفوز بالرئاسة في الانتخابات المقبلة، بعد تصويت غالبية المندوبين الديمقراطيين في مؤتمر الحزب الوطني العام الذي جرت وقائعه افتراضيا بسبب تفشي فيروس كورونا.
من المهم ملاحظة الأحداث الكارثية التي لا تُنسى التي أحاطت بترشيحه خلال مسيرته الأولى، عندما انتهى عرضه الأول إلى البيت الأبيض بشكل محرج بخطاب مسروق في ١٩٨٧ من زعيم حزب العمال البريطاني نيل كينوك، أو في ٢٠٠٨، عندما هزمه أوباما وآخرون في مؤتمرات ولاية آيوا الحزبية، أو حتى في ٢٠١٦، عندما أجبره مزيج من وفاة ابنه بو الذي توفي بالسرطان عام ٢٠١٥، ودعم أوباما خلف الكواليس لهيلاري كلينتون على تخطي السباق.
رغم فوزه بترشيح الديمقراطيين في المؤتمر العام، لكونه محبوبًا ونائبًا مخلصًا لأوباما، لكنه واجه موجة من الانتقادات لكونه عجوزًا جدًا، ومعتدلًا، وحزينًا.
تقول الوكالة الأمريكية، إن بايدن في ٢٠٢٠ لم يكن نفس الشخص الذي ذهب لأول مرة إلى ولاية أيوا في دورة عام ١٩٨٨ كنجم شاب في حزبه، وخطيب موهوب يملك القدرة على جذب الناخبين والاقتراب من قنبلة موقوتة قابلة للانفجار ليقف على بعد جملة واحدة من كارثة.
وضع بايدن في نهاية المطاف أجندة سياسية لفترة رئاسية طموحة مؤكدًا الاستمرار في محاربة وباء كورونا بخطك واستراتيجيات فعالة والبقاء على قانون الرعاية الصحية وتوسيعة ليشمل فئات أكثر.
خلال حياته تعرض لكثير من المآسي وفقدان الأحبة، فبينما كان يستعد لأداء اليمين الدستورية بعد وقت قصير من فوزه بأول انتخابات لمجلس الشيوخ في ١٩٧٢ توفيت زوجته نيليا وابنته الرضيعة نعومي في حادث سير.
لعقود من الزمان في مجلس الشيوخ دعا إلى التدقيق في التصويت على قوانين العدالة الجنائية والصفقات التجارية والضريبية وقرارات الحرب التي تعد لعنة على الديمقراطيين الشباب.
ترامب لم يترك بايدن طوال الفترات الماضية وظل يوجه الاتهامات له وإضفاء طابع الفساد عليه وعلى ابنه هانتر، في خطابات عنصرية فجة.
عندما بدأت عملية الترشيح داخل الحزب الديمقراطي، خسر بايدن خسارة فادحة في ولايتي آيوا ونيو هامبشير، ما جعل العديد يدعوه إلى التفكير في طريقة للخروج بشكل جيد يليق بتاريخه من السباق داخل الحزب، لكنه وجد الخلاص بدعم الناخبين السود وهو أمر حيوي لأي مرشح ديمقراطي، وفاز في الانتخابات التمهيدية في ساوث كارولينا ونجح في إعادة السباق لصالحه، أرسلت تلك الانتصارات برسالة إلى الناخبين الديمقراطيين في الولايات الرئيسية مفادها أن بايدن يمكنه بناء ائتلاف ناجح.
وتقول جوين جراهام، عضو الكونجرس السابقة في فلوريدا: "لقد أيدت جو بايدن بمجرد إعلانه لأنني اعتقدت أنه المرشح الوحيد الذي سيفوز على الإطلاق" استشهدت جراهام التي خدم والدها مع بايدن في مجلس الشيوخ بـ"الوسطية والخبرة" للرئيس المنتخب كأسباب أولية، لكنها أضافت سمة أخرى قالت إنها كانت حاسمة في عهد ترامب، قائلة: "جو بايدن مجرد رجل لائق في الأساس".
ونجح بايدن في كسب ثقة جيم كليبيرن، أبرز أسود في الكونجرس والديمقراطي الأكثر نفوذًا في ساوث كارولينا، وأعلن تأييده لبايدن في فبراير الماضي، وقال: "نحن نعرف جو، والأهم من ذلك، جو يعرفنا".
ويواجه بايدن تحديًا خاصًا؛ إذ يسعى لتحويل ائتلافه الذي شكله من الناخبين السود ثم الديمقراطيين البيض المعتدلين وامتد إلى المتضررين من كورونا وتداعيات الجائحة الاقتصادية، إلى تحالف حاكم بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
فيديو قد يعجبك: