لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أزمة الرسوم المُسيئة تدخل عامها الخامس عشر فما الذي تغير؟

04:30 م الأربعاء 28 أكتوبر 2020

ماكرون في جنازة صمويل باتي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن- (بي بي سي):

منذ أكثر من 15 عاماً يتجدد الجدل حول الرسوم الكاريكاتيرية المُسيئة، وفي كل مرة تقع ضحايا وتندلع احتجاجات ومظاهرات ويتكرر الجدل حول حدود حرية التعبير والمعتقد والرأي والعلمانية ويذهب البعض أبعد من ذلك للحديث عن المواجهة بين الإسلام والغرب.

في أعقاب قتل وذبح مدرس التاريخ والجغرافيا صمويل باتي على يد شاب شيشاني الأصول بسبب عرضه لرسم كاريكاتيري مُسيء، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تصريح ناري له "إن الخوف سينتقل إلى الجانب الآخر" والمقصود بالأخر هم الذين يرتكبون أعمال عنف أو يحضون عليها واضاف أن "الإسلاميين يحاولون مصادرة مستقبلنا" ولن تتخلى فرنسا عن الرسوم الكاريكاتيرية.

ونفذت قوات الأمن أكثر من 120 عملية تفتيش لمنازل أفراد، واتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات مثل حظر جمعيات متهمة بنشر التطرف ووقف تمويل "الإرهاب"، وزيادة الدعم للمعلمين، وممارسة المزيد من الضغوط على شركات التواصل الاجتماعي لمراقبة المحتوى الذي ينشر عبرها بشكل أفضل.

وسبق أن شهدت فرنسا العديد من الهجمات الإرهابية التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء ورجال الأمن وكان أشهرها على الاطلاق عام 2015 عندما نفذ 8 مسلحين وانتحاريين هجمات على مطاعم ومسرح وملعب رياضي في باريس واسفرت عن مقتل 137 شخصاً وإصابة المئات.

كان التعامل الحكومي مع مسألة أعمال العنف التي ينفذها متشددون اسلامين يعتمد على مقاربة أساسها أن هؤلاء أقلية وقعوا تحت تأثير الافكار المتطرفة وأن السواد الاعظم من المسلمين في فرنسا لا علاقة لهم بهؤلاء ويقفون ضد هذه الاعمال.

لكن قتل وذبح المدرس فتحا أعين الحكومة والفرنسيين على واقع جديد ومسألة أخرى ألا وهي موقف مسلمي فرنسا العاديين من مسألة علمانية الدولة وحرية الرأي والمعتقد. ففي استطلاع للرأي جرى قبل عامين تبين أن ثلث المدرسين في فرنسا كانوا يتوخون الحذر أو يتفادون الحديث عن مسألة العلمانية خلال دروسهم بغية تفادي إثارة الحساسيات والصدام حول هذا الموضوع.

ويقول المحلل السياسي الفرنسي جيروم فوركه إن هذا الحادث يختلف عن الحوادث السابقة أولاً لانه استهدف مدرساً كان يقوم بعمله، وثانيا الطريقة الوحشية التي قتل بها مضيفاً أن هناك حولاً في الموقف الحكومي من التطرف الاسلامي.

وحسب رأي فوركه لم تعد فرنسا في مواجهة شبكات منظمة من الجماعات الجهادية حسب، بل في مواجهة "إرهابي" فرنسي عاش في قوقعة وتبنى افكاراً متطرفة والحكومة الفرنسية ترى أن التعامل مع هذا الحادث عبر القضاء والقانون فقط غير كاف بل عليها التعامل مع البيئة الاجتماعية والجمعيات التي تنتج هذه الأفكار وتنشرها وضبطها، لأن هذا الحادث أبرز الدور الذي تقوم به هذه الشبكات والجمعيات في نشر خطاب الكراهية والعنف داخل المجتمع فضلا عن أن هناك حاجة ماسة لتغيير هذا الوضع.

وما يؤكد هذا الموقف هو ما كشفت عنه تحقيقات الأمن الفرنسي من تحريض أحد المساجد عبر أحد منشوراته على موقع فيسبوك ضد المدرس والدعوة للقيام بعمل ما ضده إضافة الى نشر عنوان المدرسة التي يعمل فيها. وتبادل أحد أولياء االطلاب الرسائل مع القاتل الذي بالكاد تجاوز مرحلة المراهقة قبيل ارتكابه الجريمة.

وقدم القاتل 300 يورو لطالبين مراهقين في المدرسة لمساعدته في التعرف على المدرس. واخبر القاتل المراهقين أنه بصدد "تأديب" المدرس وضربه وإرغامه على تقديم اعتذار عن عرضه الرسوم في الصف، وأحد هذين المراهقين هو ابن شخص قاد حملة التحريض على المدرس عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو نفسه الذي تواصل مع القاتل وهو رهن الاعتقال مع ابنه.

وظل المراهقان مع القاتل لمدة ساعتين إلى أن نفذ جريمته. وكل هذه الوقائع تثير أسئلة كبيرة بشأن الهوة العميقة التي تفصل بين الدولة الفرنسية المبنية على العلمانية وحرية المعتقد من جهة وكثير من مسلميها الذين تزيد نسبتهم عن عشرة في المئة من السكان.

دوامة العنف المستمر

في 30 سبتمبر 2005 قامت صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية بنشر مجموعة من الرسوم الكرتونية الساخرة المُسيئة، الأمر الذي اثار غضباً عارماً لدى قطاع كبير من المسلمين في الغرب والبلدان الإسلامية.

وطالب المسلمون من الدنمارك بتقديم اعتذار عن نشر الرسوم بينما تظاهر آلاف المسلمين في العاصمة في كوبنهاغن.

في أوائل عام 2006 استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها في كوبنهاغن وانتشرت دعوات لمقاطعة المنتجات الدنماركية في الدول العربية والإسلامية مما أضر بصادرات البلاد.

كما تعرض العديد المواقع الدنماركية على الإنترنت لهجمات إلكترونية وعمليات قرصنة.

الجدل العالمي

كما نشر العديد من الصحف الأوروبية، بما في ذلك صحيفة مسيحية نرويجية تسمى ماغازينت ومجلة شارلي ايبدو الساخرة في باريس نفس الرسوم ليصبح الجدل حول الرسوم عالمياً.

وفي قطاع غزة هددت الجماعات المسلحة باستهداف الصحفيين الغربيين تعبيراً عن غضبها بسبب نشر الرسوم. وفي بيروت ودمشق وطهران، وفي إندونيسيا والصومال ونيجيريا وأفغانستان خلفت مظاهرات عنيفة وهجمات وإحراق سفارات أوروبية وعشرات القتلى.

وفي فبراير 2008 وبعد أن بدا أن الأمور قد هدأت، أعادت 17 صحيفة دنماركية نشر الرسوم الكاريكاتيرية الأكثر إثارة للجدل بعد أن افشلت قوات الأمن محاولة قتل الرسام كورت ويسترغارد الذي قام برسمها، مما أثار الغضب مجدداً في العديد من البلدان الإسلامية.

وفي يونيو 2008 تبنى تنظيم القاعدة هجوما انتحاريا ضد السفارة الدنماركية في إسلام آباد خلف ستة قتلى.

وفي أوائل عام 2010، ألقت الشرطة الدنماركية القبض على صومالي يبلغ من العمر 28 عاماً مسلحاً بسكين وفأس في منزل ويسترغارد حيث كان يخطط لقتله.

وفي فبراير 2015 ، قتل عمر الحسين المولود في الدنمارك صانع أفلام اثناء مشاركته في ندوة عن حرية التعبير حضرها الفنان السويدي لارس فيلكس. كما قام عمر حسين لاحقاً بقتل رجل يهودي خارج كنيس.

وفي مايو 2015 ، قتلت الشرطة في الولايات المتحدة مسلحين رميا بالرصاص في إحدى ضواحي دالاس في تكساس بالقرب من مركز كان يستضيف مسابقة رسوم مُسيئة نظمتها مبادرة الدفاع عن الحرية الأمريكية.

وكان من بين المدعوين السياسي الهولندي المعادي للأجانب خيرت فيلدرز ، الذي أنتج فيلم "فتنة" في عام 2008 ربط فيه الإسلام بالإرهاب.

الهجوم على شارلي إيبدو

في تشرين الثاني نوفمبر 2011، تعرضت مكاتب مجلة شارلي إبدو لعملية تخريب واضرمت النيران فيها رداً على طبعة المجلة التي حملت "شريعة إيبدو" مع رسم كاريكاتيري مُسيء على الغلاف.

ثم في 7 كانون الثاني (يناير) 2015 ، قتل الأخوان سعيد وشريف كواشي 12 شخصاً بينهم خمسة فنانين في مكاتب تشارلي ايبدو بعد أن تلقت المجلة تهديدات بالقتل لنشرها رسوم كاريكاتيرية مُسيئة.

كما اقتحم مسلح متجراً لمنتجات كوشر اليهودية وقتل في الهجوم خمسة أشخاص بينهم المهاجم.

وأدى نشر المجلة بعد أسبوع من الهجوم لطبعة جديدة تحمل على غلافها رسماً مُسيئاً إلى نشوب مظاهرات عنيفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي قتل فيها العديد من المتظاهرين.

وفي 2 سبتمبر من هذا العام، مع بدء محاكمة عدد من المتهمين بالتواطؤ في الهجوم على مكاتب تشارلي ايبدو أعادت المجلة نشر الرسوم المُسيئة مما أثار حفيظة العديد من الدول الإسلامية وهدد تنظيم القاعدة مرة أخرى باستهداف هيئة تحريرها.

وبعد ثلاثة أسابيع من بدء المحاكمة أصاب رجل مسلح بسكين شخصين بجروح خطيرة خارج مكاتب شارلي إيبدو السابقة وقال المهاجم أنه نفد الهجوم رداً على نشر المجلة للرسوم.

وفي 16 اكتوبر 2020 انهال عبد الله أنزوروف البالغ من العمر 18 عاما بسكين على رأس مدرس التاريخ والجعرافيا صمويل باتي لدى خروجه من المدرسة وبعد سقوط الضحية أرضاً قام بفصل رأسه عن الجسد وصور ما قام به ونشره على موقع تويتر.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: