لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بغداد: تظاهرات الصدريين – رفض الأمريكيين أو الولاء لإيران!

09:57 ص السبت 25 يناير 2020

تظاهرات الصدريين

برلين (دويتشه فيله)

مع انطلاق التظاهرات التي دعا اليها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، أطلق الأخير ما اسماه بمبادرة لحفظ سيادة العراق، بجدولة خروج القوات الأمريكية مع دمج الحشد الشعبي بالوزارات الامنية، دون إشارة إلى النفوذ الإيراني في البلاد.

تحشد المتظاهرون الداعمون للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، صبيحة الجمعة في منطقة الجادرية، أرقى أحياء العاصمة العراقية، حيث تنتشر مقرات وبيوت الأحزاب الشيعية، وحيث يصل الجسر المعلق فوق نهر دجلة مباشرة إلى المجمع الرئاسي والمنطقة الخضراء ومداخل السفارة الأمريكية في جهة كرادة مريم المقابلة للجادرية.

السفارة وضعت منذ غروب يوم أمس لافتات تحذيرية على الجدران الكونكريتية الساترة خارج جدار السفارة. وتداولت مواقع فيسبوك العراقية تسجيلات فيديو تصور توافد المتظاهرين، وردد في أحدها فتى يافع " لا أمريكا ولا إيران اتدلل يابن محمد"، وهو جوهر ما أعلنه الصدر في وثيقته.

كثير من الناشطين والكتاب القريبين من الحراك الجماهيري كانوا قد عبروا عن مخاوفهم من حدوث صدام بين تظاهرات الصدريين وتظاهرات ساحة التحرير، ويبدو أن الصدريين قرروا أن ينزعوا فتيل الأزمة قبل وقوعها، فنقلوا تظاهراتهم إلى الجادرية بعيداً عن ساحة التحرير.

ويفسر المحلل السياسي كريم بدر في حوار مع DW عربية هذا الأمر باعتباره "محاولة لفرز الخنادق، ولتشخيص من هم المتظاهرون الحقيقيون ومن هم المتظاهرون الذين يتبعون للسفارات في ساحة التحرير".

صلاح العبيدي المتحدث باسم الصدر لخص مطالب تظاهرة الجمعة بمطلبين، هما خروج القوات الاجنبية وضرب الفاسدين.

وأوضح العبيدي في مقابلة أجراها مساء الاربعاء مع قناة العراقية الرسمية أن "هناك أطرافاً يمثلون ثوار تشرين يعتقدون أن إيران فقط هي المسؤولة عن الخراب في العراق، وأطراف أخرى يمثلها الحشد أو أنصاره يقولون أميركا السبب في الخراب".

وأضاف "نحن نعتقد أن الاثنين معاً هم وراء الخراب، ويحاول السيد أن يوائم بين الطرفين".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مقتدى الصدر مقيم في مدينة قم منذ بداية حراك أكتوبر 2019 وقد أعلن تفرغه للدروس الحوزوية في المدينة الدينية الإيرانية.

ويفسر كثيرون مبادرته هذه بأنها محاولة لإرضاء الإيرانيين، وإرضاء الحراك الجماهيري في نفس الوقت، فيما ينتقده البعض لعدم الكلام بوضوح عن طرد النفوذ الإيراني في العراق بنفس الحماس الذي يبديه لطرد الوجود الامريكي.

عن هذا الموضوع تحدث المحلل السياسي كريم بدر إلى DW عربية مشيرا بالقول" تظاهرات السيد مقتدى الصدر تطالب بوضوح بخروج أيّ وجود أجنبي في العراق، وهذا يشمل الوجود الأمريكي بقواعده وجنده، والوجود الإيراني كيفما كان، أما عن وجود السيد مقتدى الصدر في مدينة قم، فهو موجود هناك للدراسة، وهذا لا يعني قط أنّه يشارك الحكومة الإيرانية آراءها مواقفها السياسية، هذا علاوة على أن العراق لم يعد مكاناً آمنا لمن يرفضون الاحتلال، وبالتالي فالسيد مقتدى الصدر ضمن من يستهدفهم الأمريكيون".

تظاهرات العراق المشتعلة منذ الأول من أكتوبر الماضي يصفها كثيرون بأنها حركة احتجاجات مطلبية، وسقف مطالبها مرتفع جداً، حيث تطالب بإلغاء الدستور وحل البرلمان واستقالة الحكومة، دون أن تعرض بدائل.

وتؤكد الأحزاب العراقية المسيطرة على المشهد السياسي أن أعداد المشاركين في الحراك حتى وإن بلغت مئات الألوف فإنها لا تملك حزباً يحشد أصوات هذه الجموع لينافس بها عدد الأصوات التي أحرزتها الأحزاب العراقية، وهو ما كشف عنه الصحفي مصطفى الصوفي متحدثاً في وقت سابق إلى DW عربية من بغداد.

حركة الاحتجاجات شهدت تراجعاً في الآونة الأخيرة بعدما اغتالت الولايات المتحدة بطائرة مسيّرة مطلع يناير الحالي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس ومعهم شخصيات أخرى من الحشد الشعبي قرب مطار بغداد الدولي، ما أثار موجة غضب لدى فئات واسعة من العراقيين.

وقبل عشرة أيام قال الصدر في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر إن "سماء العراق وأرضه وسيادته تنتهك من قبل القوات الغازية".

وحظيت دعوة الصدر، التي جاءت بعد تصويت الأحزاب الشيعية في البرلمان العراقي على تفويض الحكومة بإنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، بتأييد واسع من الفصائل الشيعية المقربة من إيران، وهي نفس الفصائل التي تتهم بالوقوف وراء بعض أعمال العنف ضد المتظاهرين الذين يتجمعون في ساحة التحرير بقلب بغداد.

وهذا جزء من التناقضات الموجودة في مواقف الصدريين، فأنصار مقتدى الصدر مشاركون في الحراك الجماهيري في ساحة التحرير منذ بداياته تقريباً، وبعضهم يحمون الحراك وهم من أسماهم مقتدى الصدر ب "القبعات الزرق" ولكن قلوب كثيرٍ منهم ضد الحراك.

عن هذا التناقض قال المحلل السياسي كريم بدر" الحراك ليس لوناً واحداً، بل عدة ألوان، والحراك برمته يرفض الفساد والاحتلال، وهذا ما يفسر تظاهرات اليوم التي اختصت بهذين المطلبين، ومن يطالبون الحراك بدفع أحزاب للتنافس الانتخابي، فإنّ من المبكر الحديث عن هذا، إذ لابد من تنفيذ مطالب الحراك الأساسية أولاً".

من جانبها نقلت وكالة فرانس برس الفرنسية في تقرير نشرته ليلة الخميس/ الجمعة عن أحد المشاركين في الحراك الجماهيري بساحة التحرير القول إن "الصدر لا يمثلنا".

وأبدى ورفاقه المتظاهرين قلقا كبيراً من دعوة الصدر، متخوفين من أن تكون تظاهراتهم قريبة من ساحة التحرير وأن تؤدي إلى مواجهة.

وصعّد المحتجون منذ 20 يناير الجاري من زخم التظاهرات مشددين الضغط على السلطات، وبدأوا منذ مطلع الأسبوع بقطع الطرقات في العاصمة ومدن جنوبية، لكنّ البرلمان العراقي وسط هذا التصعيد منح نفسه اجازته السنوية لمدة 40 يوماً.

وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات في أنحاء البلاد عن مقتل نحو 470 شخصاً غالبيتهم من المحتجين، وإصابة أكثر من 25 ألفاً بجروح، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مسعفين ومصادر أمنية ومفوضية حقوق الإنسان العراقية.

إلا أنّ رئيس جمهورية العراق برهم صالح وأثناء لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش منتدى دافوس بسويسرا تحدث عن 600 متظاهر قتلوا بسبب "خارجين عن القانون".

وقال صالح إن "شباب العراق يحتجون من أجل حياة أفضل ووطن أفضل، ومزيد من الوظائف، وتحسين الخدمات، ووضع حد للفساد الذي يسبب التعثر وتعانى منه البلاد منذ زمن طويل".

من جهة أخرى، أصدرت الفصائل الشيعية المتشددة مثل حركة النجباء وكتائب حزب الله العراقي، تهديدات شديدة اللهجة تجاه رئيس الجمهورية برهم صالح، تعليقاً على لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأربعاء.

وقدم أحد مستشاري صالح، وينتمي إلى حركة عصائب أهل الحق، استقالته من منصبه اعتراضاً على اللقاء أيضاً، لكن مقتدى الصدر أعلن قبل ليلة عبر المقربين منه عن دعمه لرئيس الجمهورية، واصفاً إياه بـ"حامي الدستور".

وقال الخبير بالشأن العراقي في مركز كارنيغي حارث حسن لوكالة فرانس برس إن الصدر كان يحاول الحفاظ على "هوياته المتعددة" من خلال دعم احتجاجات مختلفة.

واعتبر حسن أنه "من ناحية، يسعى إلى وضع نفسه كزعيم لحركة إصلاحية، كشعبوي، ومناهض للمؤسسة، ومن ناحية أخرى، يريد أيضاً الحفاظ على صورته كزعيم لمقاومة "الاحتلال الأميركي"، جزئياً لكسب تأييد إيران.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان