لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف احتالت مليادريرة أمريكية على مستثمري وادي السليكون باسم الطب؟

04:29 م الخميس 05 سبتمبر 2019

إليزابيث هولمز

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

من صدارة قائمة "أصغر مليارديرة عصامية" في الولايات المتحدة، إلى قفص الاتهام انتظارا للمحاكمة بعد نحو عام من الآن بتهم "الاحتيال والكذب" من بين اتهامات أخرى طالت إليزابيث هولمز، مؤسسة شركة "ثيرانوس" لمختبرات التحاليل الطبية.

في 2015 وضعت مجلة فوربس الشهيرة هولمز في صدارة قائمتها للأثرياء العصاميين بثروة قدرته بـ4.5 مليارات دولار، فيما تخطت القيمة السوقية لشركتها، التي كانت تعد إحدى الشركات الناشئة في وداي السيلكون، حاجز التسعة مليارات دولار.

فمن هي تلك الأمريكية الشابة التي وصلت إلى أعلى درجات السلم قبل أن تهبط أدناه في لمح البصر وتنتظر المحاكمة في يونيو والسجن لمدة تصل إلى 20 عاما حال إدانتها محكمة في كاليفورنيا؟

ولدت إليزابيث لعائلة ميسورة الحال في مدينة واشنطن الأمريكية عام 1984. عمل والدها، كريستيان هولمز الرابع، لدى وكالات أمريكية عديدة أبرزها "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية"، فيما عملت والدتها، نويل آن، موظفةً داخل لجنة الكونجرس الأمريكي. ولديها أخ يُدعى كريستيان هولمز الخامس، بحسب صحيفة "بيزنس انسايدر".

1

انتقلت عائلة هولمز إلى مدينة هيوستن وهي صغيرة. وفي عمر السابعة، حاولت ان تخترع آلة زمن خاصة بها، حيث ملأت دفتر ملاحظاتها بأكمله برسومات هندسية مُفصّلة لهذه الآلة. وفي سن التاسعة، أخبرت أقاربها أنها تريد أن تصبح مليارديرة عندما تكبر. وقال أقرباء لها إنها كانت تقول ذلك "بأقصى درجات الجدية والعزيمة"، وفق تقرير سابق لشبكة "سي بي إس" الأمريكية.

خلال فترة المراهقة استطاعت أن تبدا أول مشاريعها وبيع معالج لبرمجة c++ للمدارس الصينية، ثم اتجهت لدراسة الطب في سن الـ19 تيمنًا بجدها الجراح كريستيان هولمز قبل أن تكتشف خوفها من الحقن وهو الأمر الذي ألهمها لاحقا لتأسيس "ثيرانوس" .

4

التحقت هولمز بجامعة ستانفورد لدراسة الهندسة الكيميائية، وفي عامها الدراسي الثاني اتجهت لأستاذها تشانينج روبيرتسون لتطلب منه مساعدتها في تأسيس شركة Real-Time Cures التي غيرت اسمها لاحقا إلى "ثيرانوس"، ثم قدمت طلبا للحصول على براءة اختراع لجهاز طبي يراقب المؤشرات الحيوية للمرضى وتزويدهم بالدواء، وفي العام التالي، تركت دراستها في ستانفورد لتدير الشركة من قبو منزلها الجامعي.

في عام 2003، أسست شركة "ثيرانوس" Theranos التي بدأت نشاطها كشركة عاملة في مجال التحاليل الطبية وأحد شركات وادي السيلكون التي تم الترويج لها على أنها ستشكل علامة فارقة في مستقبل التحاليل الطبية وستجعلها رخيصة وأكثر فعالية.

قامت الشركة على فكرة سحب عينة صغيرة جدًا من الدم من طرف الإصبع ووضعه في زجاجه صغيرة ومن ثم استخدامه لإجراء ما يقارب الـ 200 فحص ابتداءًا من الفحوصات البسيطة وانتهاءًا بالأكثر تعقيدًا.

زعمت الشركة الوليدة وقتها قدرة هذه الاختبارات على اكتشاف الكثير من الأمراض ومن بينها السرطان وارتفاع الكولسترول.

نجحت هولمز في إقناع عدد لا بأس به من المستثمرين وجمعت تمويلات لشركتها من أكبر رجال الأعمال مثل المستثمر الأمريكي لاري إليسون، ووصل التمويل الذي جمعته حتى العام الماضي إلى 700 مليون دولار، واتفقت معهم على أخذ أموالهم بشرط أن تحتفظ بسر تقنيات عمل الشركة وأن يكون لها القرار الأخير في أي شيء يخص شركتها.

في هذه الأثناء حرصت هولمز على الترويج إلى أنها ستكون "ستيف جوبز" القادم. فقد كانت ترتدي مثله هذا الرداء الأسود الذي يحيط بها مع ياقة تلتف حول الرقبة، كما كانت تتخذ الأوضاع نفسها التي كان يتخذها جوبز في الصور، بل وكانت تعقد اجتماعاتها مع فريق عملها في نفس اليوم الذي يجتمع جوبز فيه مع فريقه.

استعانت أيضا بفريقين للتسويق: أحدهما هو الفريق الذي استعانت به شركة آبل في انطلاقاتها الثورية بقيادة "آفي تيفانيان"، ولم تأخذ أي إجازات خلال عملها تمامًا مثل جوبز.

2

بعد كلّ هذه الضجة التي أحدثتها هولمز وشركتها، تداولت وسائل إعلام تقارير تُشكك في مصداقية الشركة وجدواها.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نشرت أكثر من 40 تقريرا أثبتت أن تحليلات الشركة غير دقيقة ومعيبة، كما أظهرت أن مستوى عوائد الشركة السنوية لا يتجاوز الـ 100مليون دولار.

تأثّرت شركة هولمز سلبًا بهذه التقارير، حتى أن مجلة "فوربس" الأمريكية أعادت تقييم الشركة عند مستويات منخفضة للغاية، فبعد أن كانت موجودات الشركة تقدّر بـ9 مليار دولار تمّ تقدير الموجودات الحقيقة عند 800 مليون دولار فقط، أي أنّ القيمة الحقيقية للشركة لا تساوي شيئًا.

حينها أسقطت المجلة اسم إليزابيث هولمز من قائمة الأثرياء، وقالت إنه يتوجب على السيدة هولمز القيام بتسييل أصول الشركة وإعطاء المستثمرين تعويضات عن الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها.

3

وما كان من هولمز (35 عامًا) إلا أن أعلنت إغلاق مجموعه من المختبرات التابعة لشركتها لها وتسريح عدد كبير جدًا من موطفيها. كما تم استدعاؤها ورئيس مجلس إدارة شركتها، راميش بالواني، إلى مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي).

ووُجّهت إليهما اتهامات عدّة، أهمّها الانخراط في خطة بملايين الدولارات للاحتيال على المستثمرين والأطباء وتعريض حياة المرضى للخطر بفعل المبالغة في تضخيم القدرة التكنولوجية لآلات اختبار الدم، والكذب على المستثمرين فيما يخص المركز المالي للشركة.

وفي يوليو 2016، حظر هولمز من صناعة الاختبارات المعملية لمدة عامين. وبحلول أكتوبر من العام نفسه، أغلقت شركة "ثيرانوس" المختبرات المعملية والمراكز الصحية الخاصة بها، وفق "بيزنس انسايدر".

وفي مارس 2018، وجّهت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية اتهامات إلى هولمز، وشركتها ثيرانوس، ورئيس مجلس إدراة الشركة بالواني، بتنفيذ عملية "احتيال ضخمة". ووافقت هولز على دفع غرامة قدرها 500 ألف دولار، وإعادة 18.9 مليون من أسهم شركتها، كما حُرمت من إدارة شركة مدرجة في البورصة لمدة 10 سنوات.

ورغم الاتهامات، سُمِح لها بالبقاء في منصبها كرئيس تنفيذي لثيرانوس، لأنها شركة خاصة. وناشدت هولمز المستثمرين بضخ مزيد من الأموال لإنقاذ الشركة.

وفي يونيو 2018، أعلنت الشركة تخلّي هولمز عن منصبها كمدير تنفيذي لها لصالح المستشار الأسبق فيها دافيد تايلور· كما قالت وزارة العدل الأمريكية إن هيئة محلفين فيدرالية كبرى قد وجهت إلى هولمز وبالواني 9 تهم تتعلق بالاحتيال وتهمتين بالتآمر لارتكاب عمليات احتيال، وفق تقرير سابق لشبكة "سي إن بي سي" الأمريكية.

وفي سبتمبر 2018، بعثت هولمز برسالة عبر البريد الالكتروني إلى المساهمين في ثيرانوس، لإحاطتهم علمًا بأن الشركة أُغلِقت. وقالت الشركة وقتذاك إنها تعتزم سداد الديون بمواردها المتبقة خلال أشهر، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وفي حين يُخيّم قدر من السرية على الحياة الاجتماعية لهولمز، ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أنها متزوجة الآن من بيلي إيفانز، وريث مجموعة فنادق إيفانز.

ومن المقرر أن تبدأ محاكمة هولمز في يوليو 2020، حسبما حكم قاضي ولاية كاليفورنيا في يونيو الماضي.

فيديو قد يعجبك: