بعد "قرار اليورانيوم".. هل ينسحب شركاء إيران الأوروبيين من الاتفاق النووي؟
كتب – محمد عطايا:
في خطوة هي الأكثر تحديًا، أعلنت إيران رسميًا تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، خلال مؤتمر صحفي قال فيه نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عرقجي، أن طهران رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم المخصب.
خلال المؤتمر الصحفي أكد المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، أن إيران ستبدأ العمل في الخطوة الثانية بخفض تعهداتها في إطار الاتفاق النووي، لتتجاوز مستوى 3.67% في تخصيب اليورانيوم.
تخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من المسموح بها في الاتفاق النووي ، فضلا عن الاستمرار في إنتاج الماء الثقيل، شكل حالة من الجدل دوليًا، نظرًا لتخوف الشركاء الأوروبيين والولايات المتحدة من انهيار الاتفاق الذي قوض قدرات طهران على تطوير سلاح نووي.
ردود فعل دولية اتسمت ما بين الغاضبة، والمتوازنة والمنحازة، فالمتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قال إن إيران خالفت بنود الاتفاق النووي الموقع في 2015 وعليها التوقف فورًا، والعدول عن أنشطتها.
وأكد المتحدث: "انتهكت إيران بنود الاتفاق.. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تبقى ملتزمة بالاتفاق بالكامل فإن على إيران التوقف على الفور والتراجع عن كل الأنشطة التي تخالف التزاماتها".
فيما كانت لهجة فرنسا أقل حدة، بعدما حثت إيران على عدم تخصيب اليورانيوم لمستويات تتجاوز النسبة المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015.
على الجانب الآخر، الجانب الأمريكي هو الأكثر تشددًا منذ بدء الأزمة في 2018، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي سوف يعرضها لمزيد من العقوبات والعزلة.
وقال بومبيو فى تغريدة على تويتر إن توسيع إيران الأخير لنطاق برنامجها النووي سوف يقود إلى المزيد من العزلة والعقوبات.
في المقابل، الصين وروسيا التزمها بموقفهما المؤيد والمساند لإيران في أغلب تحركاتها، برغم مطالبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران في أكثر من مناسبة الالتزام ببنود الاتفاق النووي لأن في وجهة نظره: "العالم لن يتذكر أن الولايات المتحدة هي من انسحبت منه أولًا، ولكن سيلقون باللؤم كله على إيران".
تصر إيران على أنها لا تنتهك الاتفاق النووي المبرم مع الدول خمس + 1 في العام 2015، بينما تتهمها القوى الدولية بالإخلال ببنوده.
هل يحق لإيران تقليص التزامها؟
بحسب المادة 36 في الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، فإنه لا يحق لإيران الانسحاب أو تقليص التزامتها إذا أخل طرف بالبنود.
وبحسب خالد الغرابلي، المحلل السياسي، فإن إيران إذا رأت أن أي دولة من مجموعة الدول الأوروبية الثلاث أو أن جميع تلك الدول لا تفي بالتزامتها في إطار خطة لاعمل، فبإمكانها في البداية إحالة الأمر إلى اللجنة المشتركة لتسويتها.
وأضاف الغرابلي، في تصريحات لـ"فرانس 24"، أنه إذا ظلت الأزمة لم تحل، فيمكن إحالة المشكلة إلى وزراء الشؤون الخارجية، وإذا لم تحل تعرض على مجلس استشاري.
وإذا لم تسو المسألة، فبإمكان المشتكي وقف تنفيذ التزاماته ببنود الاتفاق النووي بموجب خطة العمل كليًا أو جزئيًا.
وأكد الغرابلي أن ما فعلته إيران هو خرق لمضمون الاتفاق، ولكن عمليًا لديها مادة تسمح لها بذلك.
فيما قال رضا بارشزادة، الباحث في العلوم السياسية الإيراني، إن الاتفاق النووي الإيراني، ليس معاهدة دولية، ولكنه اتفاق عقد بين مجموعة دول، وبالتالي فإن بنود هذا الاتفاق هي القانون الوحيد الملزم.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، أنه على هذا النحو، يمكن للنظام الإيراني الالتزام ببنود الاتفاق النووي أو الانسحاب منه كما يحلو له.
الحلفاء الأوروبيون والخصم الأكثر عداوة حاليًا لإيران الولايات المتحدة، يبدو أن مواقفهما عبارة عن رد فعل لتصرفات طهران، ما جعل التساؤلات تحوم حول مدى نفاذ صبر تلك القوى والحفاظ على الاتفاق النووي من الانهيار.
هل ينسحب الشركاء الأوروبيين؟
يرى الباحث في العلوم السياسية الإيراني، أن الدول الأوروبية لا ترغب في انهيار الاتفاق النووي الإيراني بأي حال من الأحوال، ذلك لأنهم يستفيدون جزئيًا من الصفقة، على حساب السلام العالمي، وعلى حساب أمن دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، وعلى حساب مكانة الولايات المتحدة ومصالحها الأمنية.
وأكد أنه مع تصاعد الأزمة، سيتعين على الأوروبيين في نهاية المطاف توضيح موقفهم والتحيز إلى جانب الرئيس الأمريكي ترامب وحلفائه.
في المقابل، قال الغرابلي، إن بريطانيا أقرب في موقفها من الولايات المتحدة، إلا أن فرنسا وألمانيا غير قلقين مما حدث، لأنهم في نهاية الأمر يرون أن ما حدث يمكن التراجع عنه، لأنه في النهاية محاولة للضغط لتحقيق مكاسب سياسية.
وأكد أنه في حالة تصعيد إيران أكثر من اللازم سينهار الاتفاق النووي الإيراني.
فيديو قد يعجبك: