"رعب وبكاء وملاريا".. حكايات أطفال داعش العائدين إلى تركيا (صور)
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتبت- إيمان محمود:
على كرسي مُتأرجح، تجلس نيسا، 9 أعوام، تبتسم ابتسامة شاردة، حين تتذكر قبلة والدتها في آخر مقابلة بينهما، قبل حوالي شهر واحد، في أحد مُعتقلات العراق، حيث تقضي الأم عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة مساعدة تنظيمات إرهابية.
تصف صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حياة الطفلة التركية نيسا بأنها مليئة بالصدمات والاضطرابات التي لا وصف لها.
عاشت نيسا- بحسب الصحيفة- خمس سنوات تحت حُكم تنظيم داعش الإرهابي بعد أن أخذ والدها العائلة وفرّ بهم من تركيا للانضمام إلى التنظيم، وفي هذه الأثناء، فقدت الطفلة أبيها وأخيها في الحرب، ثم قضت أكثر من عام في سجن عراقي مع عشرات العائلات التركية الذين تربطهم علاقة بداعش.
في الوقت الحالي، تُعد نيسا واحدة ضمن أكثر من 200 طفل تركي أعادتهم الحكومة العراقية لذويهم الأتراك.
نقلت الصحيفة عن جدة الطفلة قولها: "كانت نيسا نحيفة جدا وعيناها خائفتين.. خلال الشهر الماضي بدأت تتحسن بسبب عنايتي بها".
وأوضحت جدة الطفلة إنها تعاني من صدمة شديدة منذ عودتها "إنها تخاف من الظلام ولا تذهب إلى الحمام بمفردها، وتشعر بالذعر عندما ترى طائرة قائلة (إنهم سيقصفوننا.. اختبئوا)".
كانت تركيا كالعديد من الدول الغربية؛ بطيئة في استعادة مواطنيها الذين فرّوا للانضمام إلى داعش، حيث وسّع التنظيم دائرة حكمه المُتشدد في سوريا والعراق منذ عام 2014، والآن بعد أن فقد التنظيم أراضيه في الدولتين وتم أسر آلاف المقاتلين وعائلاتهم، تزداد المخاوف من عودة الإرهاب مع عائللات المقاتلين، بحسب الصحيفة.
ويتم احتجاز أكثر من 12000 امرأة وطفل أجنبي في سوريا والعراق، ما يشكل مأزقًا صعبًا بالنسبة لبلدانهم الأصلية، التي رفض معظمهم إعادة مواطنيهم.
وامتد إحجام تلك الدول استعادة المواطنين ليشمل أفراد الأسرة كلها، مثل الزوجات والأطفال، لكن تحت ضغط من الأقارب القلقين، ومعظمهم من الأجداد الذين لم يلتقوا أبدًا مع أحفادهم الذين ولدوا داخل التنظيم، اضطر المسؤولون الأتراك العزوف عن هذا الإحجام.
وبدأت الحكومة التركية في مساعدة العائلات على التفاوض بشأن القانون في العراق وتأمين إطلاق سراح بعض الأطفال، على الأقل المحتجزين في سجن بالقرب من العاصمة العراقية بغداد.
وفي حين تسعى العائلات في تركيا إلى عودة أمهات الأطفال العائدين إلى الوطن، فإن معظمهن تم الحكم عليهن بالفعل، في عملية انتقدتها منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، إذ اعتبرتها "عدالة موجزة".
هناك 188 طفلا عادوا إلى وطنهم الأصلي، لكن 84 أم مازالت رهن الاعتقال، وحُكم على 26 منهنّ بالإعدام.
وأكدت الصحيفة أن الأطفال العائدون مرّوا بفترة عصيبة ويحتاجون إلى رعاية بالغة، إذ وجد ذويهم أنفسهم يتعاملون مع أمراض مثل الملاريا والجرب، بالإضافة إلى الأزمة النفسية التي تسببت لهم البكاء طوال الليل.
سافر حسين، وهو يعمل خبّازًا في مدينة دنيزلي بجنوب غرب تركيا، أربع مرات إلى بغداد لإنقاذ حفيده هاليت البالغ من العمر عامين، والذي كان من بين المجموعة الأولى المكونة من 16 طفلاً الذين أعيدوا إلى وطنهم.
وقال حسين للصحيفة: "هاليت كان مصابًا بالملاريا والجرب.. في الأسبوع الأول، كان يبكي بشدة".
أما جدته نيفين، فقالت: "وصل الأمر إلى درجة أنه لم يعد يستطيع البكاء".
وقال حسين للصحيفة: "عندما أخذنا هاليت للمرة الأولى إلى أحد مراكز التسوق، دخل في مرحلة جنون وظل يضحك بشدة حينما رأى التفاح المسكر".
حطاب، 12 عامًا، عائد آخر من مدينة قونية التركية، حيث احتُجز مدة من الزمن.
يتذكر حطاب سجن بغداد: "تتقاسم العشرات من الأمهات والأطفال الأتراك زنزانة مجتمعية، إنه مكان عصيب، كان الحراس يعاملوننا فيه كأننا حيوانات".
عاد حطاب إلى وطنه مع ثلاثة أولاد صغار، هم أبناء أخته الكبرى، 22 عامًا.
قالت جدته هاسر: "لا نعرف كم عمرهم.. لكن خمنت أن عبد الله 5 أعوام، وجودامي 4 أعوام، ومحمد عامين، جميعهم كانوا يعانون من نقص الوزن، وحمل جودامي ندوبًا على رأسه".
حينما وصل الأطفال الثلاثة إلى تركيا وجلسوا على مائدة الطعام للمرة الأولى "لم يعرفوا نوعية نصف الأطعمة التي وضعت أمامهم" على حد قول الجدة.
تعاملت وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية مع العائدين، وقاموا بتطعيم الأطفال وتسجيلهم وتوفير ملابس جديدة لهم قبل تسليمهم إلى أقاربهم، كما قام المسؤولون بزيارة العائلات في منازلهم وعرضوا عليهم المساعدات النفسية.
تصرّ معظم العائلات على أن بعض النساء السجينات هن ضحايا مثل أطفالهن.
فعلى سبيل المثال، كانت والدة الطفل هاليت والتي تُدعى روميسا، تبلغ من العمر 16 عامًا فقط وفي المدرسة الثانوية، عندما هربت إلى سوريا مع رجل تركي دون إخبار والديها، هي الآن تبلغ من العمر 22 عامًا وأرملة، حُكم عليها بالسجن مدى الحياة في العراق، بتهم تتعلق أيضًا بمساعدة تنظيم داعش.
وقال والدها حسين: "روميسا كانت تبلغ من العمر 16 عامًا، أي كانت طفلة، إنها ضحية وأي شخص يتفهم ذلك. لكن العراق لا يتفهم".
يستعد حسين لرحلة خامسة إلى العراق من أجل ابنته: "إذا اضطررت إلى الذهاب إلى القمر، سأفعل".
أما جد الطفلة نيسا، وهو دِرزي، يدعى محمد، فقال إن ابنته ليلى أُجبرت على الذهاب إلى سوريا عندما هددها زوجها بأخذ الأطفال.
أكد محمد للصحيفة أن ابنته لم تكن سعيدة بالحياة في سوريا، وكانت تتوسل لوالديها أن ينقذوها، مضيفًا "يجب إعادة النساء، أعتقد أن 90 في المائة منهن تم نقلهن إلى هناك دون رغبتهم".
واستطرد: "يجب توجيه الاتهام إليهم هنا (تركيا) إذا كانوا مذنبين".
فيديو قد يعجبك: