لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من هم "صيادو الوثائق" الذين يفضحون انتهاكات نظام الأسد؟

04:43 م الثلاثاء 28 مايو 2019

بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

سلطت شبكة سي إن إن الأمريكية الضوء على الجهود التي يقوم بها مجموعة من محاميي حقوق الإنسان يعرفون أنفسهم بـ"صيادو الوثائق"، ويعملون على جمع آلاف الوثائق والمستندات التي تؤكد ارتكاب نظام الأسد الكثير من الجرائم والانتهاكات في حق الشعب.

قالت الشبكة الأمريكية إن جهود "صيادي الوثائق" ساعدت على إلقاء القبض على مجموعة من المسؤولين السابقين في نظام الأسد، من بينهم العقيد أنور والذي كان يعمل لدى أجهزة الاستخبارات السورية حتى انشق عنها في نهاية عام 2012، ثم سافر إلى تركيا ومن بعدها انتقل إلى أوروبا، لينضم إلى صفوف المعارضة السورية المنفية. ولكنه لم يستطع الهرب لفترة طويلة، إذ اُلقي القبض عليه في شهر فبراير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تعذيب السجناء.

ذكرت شبكة سي إن إن أن أنور كان أول ضابط سوري كبير يجرى اعتقاله بسبب الجرائم الوحشية التي ارتكبها نظام الرئيس السوري بشار الأسد من أجل قمع الاحتجاجات التي انطلقت في مارس 2011.

وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنه جرى اعتقال أنور مع سوري آخر عرفه الإدعاء العام الألماني باسم إياد أ.، الذي عمل بدوره أيضاً في أجهزة الاستخبارات ومُشتبه في تورطه بتعذيب السجناء.

وأوضحت "سي إن إن" أن الرجلين يواجهان العديد من الاتهامات في المحاكم الألمانية. وحاولت الشبكة الأمريكية التواصل مع المحامين المدافعين عنهما ولكن المحاولات انتهت بالفشل.

كما اعتقلت السلطات الفرنسية سوري ثالث بعد الاشتباه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

ترى الشبكة الأمريكية أن عملية الاعتقال تُشير إلى بدء مرحلة جديدة من الصراع الذي خلف ورائه حمام دماء، وراح ضحيته الآلاف وساهم في خلق أكبر موجة نزوح في العالم بعد الحرب العالمية الثانية.

صيادو الوثائق

أجرت الشبكة الأمريكية مقابلات مع صيادي الوثائق، ومن بينهم شخص عرّف نفسه باسم "عادل" قال إنه ودّع زوجته وابنائه، وأخبرهم بأنه لم يعد ينتمي إليهم، لأن عليه المساعدة على تحقيق العدالة في سوريا.

ذكرت "سي إن إن" أن عادل رجل في منتصف العمر، كان يعمل محامي تجاري قبل الثورة، ولكنه كرس السنوات السبع الأخيرة من حياته لتحقيق العدالة.

أكد عادل أن عملهم "مهمة خطيرة للغاية لاسيما وأنهم ليسوا مسلحين، وعليهم الحفاظ على الدليل وكأنهم يحمون طفلاً".

منذ عام 2012، سعت لجنة العدالة والمساءلة الدولية إلى جمع الأدلة والوثائق والمستندات التي تؤكد وقوع جرائم حرب في سوريا، من أجل استخدامها في المحاكمات المُستقبلية، وتمكنت بالفعل من الحصول على أكثر من 800 ألف وثيقة من وثائق أجهزة الاستخبارات والأمن السورية.

وعلى مدار السنوات الأربعة الماضية، استخدمت لجنة العدالة والمساءلة الدولية هذه الوثائق لرفع دعاوى قضائية ضد مسؤولين بارزين حاليين وسابقين في نظام الأسد.

قواعد التهريب

أوضحت الشبكة الأمريكية أن المحققين مثل عادل وضعوا مجموعة من القواعد لتهريب الوثائق، والتي تعتمد بشكل أساسي على انتظار انسحاب الجيش السوري من منطقة ما، وتركها في أيدي المتمردين، ثم يتوجه مجموعة من المُهربين فورًا إلى مرافق النظام المهجورة ويجمعون كل ما يحصلون عليه من مستندات والأدلة.

وكانت أكبر التحديات التي يواجهها المهربون تتمثل في حرص النظام على قصف المكان الذي ينسحب منه، ما يجبرهم على العمل بمنتهى السرعة والدقة حتى يخرجون من المكان دون التعرض لأذى، وحتى يتمكنوا من إنقاذ الوثائق قبل أن تلتهمها النيران.

خلال الأعوام الأخيرة الماضية وقع العديد من المهربين وجامعي الوثائق رهائن في أيدي الأطراف المتناحرة. وعلى مدار العامين الماضين تمكن نظام الأسد من استعادة معظم أنحاء سوريا، ما جعل عملية جمع الوثائق أصعب كثيراً مما كانت عليه، ومع ذلك تؤكد المجموعة أنها لا تزال تعثر على المستندات والأدلة.

تمكنت شبكة سي إن إن من حضور عملية تهريب الوثائق عبر الحدود السورية. في نوفمبر الماضي وصل فريق عادل إلى نقطة سرية على إحدى المناطق الحدودية حاملين أكياس قمامة سوداء اُخفيت فيها المستندات، ثم أعطوها إلى كريس إنجلز، مدير التحقيقات والعمليات في عت لجنة العدالة والمساءلة الدولية.

ويتم الاحتفاظ بالمستندات والوثائق في المقر السري للجنة العدالة والمساءلة الدولية في أوروبا، حيث يقوم فريق من المحللين بترجمتها وتحليلها.

الضحايا

مع ذلك، أوضحت "سي إن إن" أن القضايا المرفوعة ضد مُجرمي الحرب المُشتبه بهم لا تعتمد فقط على الوثائق التي يجمعها صيادو الوثائق، ولكنها تعتمد على شهادات الشهود البصرية والعديد من الأدلة الأخرى.

انتشرت قصص تعذيب ووفاة المتظاهرين المسالمين داخل المعتقلات والسجون السورية، ويُعتقد أن حوالي 82 ألف شخص اختفوا قسرياً وجرى احتجازهم في السجون ومراكز الاستخبارات العسكرية على مدار الأعوام الثمانية الماضية، وفقاً لتقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في عام 2018.

قالت "سي إن إن" إن العديد من سجناء النظام السابق يترددون في التحدث عما عاشوه من أهوال وما تعرضوا إليه من انتهاكات داخل سجون الأسد، ولكن بالنسبة لأمينة الخولاني، المُعتقلة السابقة والناشطة التي فقدت أشقائها الثلاثة داخل المعتقلات فإن الصمت لم يعد خياراً.

عائلة الخولاني

قالت الخولاني لـ"سي إن إن" إن قوات الأسد احتجزتها هي وزوجها أمام والدتها وابنائها، مُشيرة إلى أن الجنود الذين احتجزوهم تعاملوا معهم بمنتهى العنف فضربوا والدتها بالسلاح وأثاروا الهلع في نفوس ابنتها الصغيرة ذات الأربعة أعوام، وعذبوها هي وزوجها خلال الاستجواب، وأجبروها على مشاهدة المحققين وهم يضربونه داخل الغرفة الصغيرة التي كانت علمية الاستجواب تتم فيها، قبل أن يجبروها على توقيع اعتراف مُزيف.

تعرف الخولاني رجالاً عُذبوا حتى الموت، قالت للشبكة الأمريكية إن زوجها بدا في حالة سيئة للغاية بعد تعذيبه بثلاثة أيام، وبعد فترة اُطلق سراحهم وسافرت العائلة بأكملها إلى بريطانيا حيث تعيش الآن.

على مدار الأعوام الماضية حاولت خولاني التواصل مع أشقائها مجد وعبدالستار الخولاني، اللذان جرى احتجازهما في صيف عام 2011، ومحمد الذي زُج به في السجن في عام 2012، وبعد دفع عدد كبير من الرشاوي تمكنوا من زيارة مجد وعبدالستار في سجن صيدنايا المعروف بسمعته السيئة في شمال دمشق، واعتبرته منظمة العفو الدولية "أمنستي" بمثابة مسلخ بشري. لم تستطع خولاني التعرف على اشقائها ووصفت عبدالستار بـ"الهيكل العظمي"، وكانت هذه المرة الأخيرة التي تراه فيه.

وفي عام 2015، عُثر على صورة محمد ضمن صور الجثث التي راحت ضحية التعذيب في السجون. وفي الصيف التالي تلقت الخولاني اخطارًا من الحكومة بوفاة شقيقيها مجد وعبدالستار.

زعم النظام أن الشقيقين توفيا لأسباب طبيعية، رغم أن المستندات التي عثر عليها صيادو الوثائق تؤكد أنهما قُتلا جراء التعذيب والضرب المُبرح في السجون.

تقول الخولاني: "نظام الأسد هو هتلر هذا العالم. بشار الأسد سوف يُحاكم، ربما لن أكون على قيد الحياة في ذلك الوقت، ولكن ابنائي سيعيشون هذه اللحظة في أحد الأيام".

فيديو قد يعجبك: