كيف استولى الحوثيون على المساعدات الغذائية وحرموا جوعى اليمن منها؟
كتبت- هدى الشيمي:
ايسهام بشير في الثانية من عمرها، نحيلة للغاية وضعيفة بشكل لا يُصدق كما أنها لم تخطُ أولى خطواتها حتى الآن، يحاول العالم مساعدتها هي وما يقرب من 16 مليون شخص يعانون من الجوع الشديد في اليمن من خلال إرسال المساعدات الغذائية.
ولكن وفقاً لتقارير الأمم المتحدة وتحقيقات أجرتها شبكة سي إن إن الأمريكية من على أرض الواقع، فإن مليشيات الحوثي اليمنية المدعومة من إيران تسرق بعض المساعدات الغذائية.
ذكرت "سي إن إن" أن الأمم المتحدة وجدت أن 1 % من المساعدات الغذائية مفقودة العام الماضي، وأشارت إلى أن الأمور تفاقمت أكثر مما كانت عليه الآن.
ووجد تحقيق سري أجرته الشبكة الأمريكية أن عشرات المناطق في البلد الذي دمرته الحرب لم يحصل على المساعدات سوى على الورق فقط، ولم تقدم الكثير من الموارد الغذائية والأدوية إلى العائلات كما المفترض.
تحدثت سي إن إن مع عدد من موظفي المنظمات غير الحكومية اليمنية والدولية والمسؤولين المحليين والمقيمين في أربع محافظات يسيطر عليها الحوثيين، كذلك حصلت على بضع الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة.
وجد تحقيق "سي إن إن" أن الأزمة طالت أعدادا أكبر كثيرًا من هؤلاء الذين يعيشون في العاصمة صنعاء. حسب التحقيق، فإن هناك فجوة كبيرة بين كمية المساعدات الغذائية التي تصل بالفعل إلى اليمن وعدد الأشخاص الذين يحصلون عليها في حوالي 33 منطقة بالبلد.
سرقة المساعدات الغذائية
حسب سي إن إن، فإن الأمم المتحدة تعتقد أن مليشيات الحوثي تستحوذ على المساعدات وتمنع وصولها إلى الأطفال الجائعين والعائلات التي تعاني من الفقر المُدقع وظروف الحياة القاسية، وتوصلها عوضًا عن ذلك إلى القوات المدعومة من إيران ومؤيديها، أو تجبر المواطنين على التحالف معهم ومساعدتهم في الحصول على المعلومات مقابل الحصول على المعلومات.
في المقابل، أنكر الحوثيون الأمر تمامًا ونفوا التهم الموجهة إليهم بسرقة المساعدات الغذائية، كما وصف مدير تنسيق المساعدات الحوثي هذه المزاعم بـ"المجنونة".
ذكرت الشبكة الأمريكية أن الطفلة ايسهام وباقي أهل بني قيس في شمال غرب اليمن لم يحصلوا على الحبوب أو زيوت الطهي وغيرها من المساعدات الغذائية لعدة أسابيع، موضحة أنهم لم يتضورون جوعًا حتى الآن، ولكنهم الأطفال يعانون من التقزم وسوء التغذية، ما يؤثر على نمو أجسادهم وعقولهم، وبعضهم يصاب بمرض شديد.
قالت حجة إبراهيم، والده إيسهام، أنهم لا يحصلون على المساعدات الغذائية ولا تصل إلى محل إقامتهم أبدًا. وتابعت: "لقد كانوا يعطوننا الحبوب والدقيق ولكنهم الآن لا يمنحونا أي شيء".
وفقاً للشبكة الأمريكية، فإن أوضاع عائلة ايسهام لا تختلف كثيرًا عن الوضع الاقتصادي للكثير من العائلات اليمنية الأخرى. يحاول والدهم كسب قوت يومه بأي شكل، وفي بعض الأحيان يكسب 25 سنتًا أمريكيًأ من خلال بيع الماء لشراء بعض الطعام. وفي أحيان أخرى لا يكسبون أي مال على الإطلاق، وتحاول عائلتهم البقاء على قيد الحياة من خلال الاعتماد على الخبز والماء.
تعليق المساعدات
أصدر برنامج الأغذية العالمي العام الماضي تقريرًا، يُحذر فيه من سرقة نحو 1200 طن من المساعدات الغذائية، وعدم تقديمها لعائلات من العاصمة صنعاء والتي كانت تسيطر عليها مليشيات الحوثي.
حسب التقرير، فإن حوالي 60 % من الأشخاص الذين يُقدّر عددهم بالآلاف لم يحصلوا على المساعدات الغذائية.
وقال برنامج الأغذية العالمي، في بيان أمس الاثنين، إنه يبحث تعليق إرسال المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن بسبب القتال وانعدام الأمن والتدخل في عمله.
حسب البيان، فإن المفاوضات مع قادة الحوثيين لإتاحة الوصول إلى الجياع لم تسفر حتى الآن عن أي نتائج ملموسة رغم أن بعضهم قدم تعهدات إيجابية، مُشيرًا إلى أن بعض قادة الحوثيين يتعرضون للخذلان من زعماء حوثيين آخرين تراجعوا عن الضمانات التي أعطوها لنا بشأن منع تحويل مسار المواد الغذائية، والاتفاق في النهاية على تحديد المستفيدين وإجراء عملية تسجيل باستخدام الإحصاء الحيوي.
إبقاء الناس على قيد الحياة
بينما يفكر المسؤلون الحوثيون في استراتيجية طويلة المدى بشأن السياسة والحرب، لا يهتم كثير من اليمنيين في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الشيعية بأي شيء سوى الجوع.
أشارت سي إن إن إلى أن المساعدات الغذائية لا تصل إلى من يحتاجها حقًا، ولكنها عوضًا عن ذلك تُستخدم لشراء الدعم والتأييد، أو يتم بيعها للحصول على المال.
عند سؤالها عما إذا كان برنامج المساعدات الغذائية قد يؤثر على تطويل أمد الحرب في اليمن، قالت ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في صنعاء،:"بالتأكيد قد يحدث ذلك، ولكن العاملين في المجال الانساني ليسوا سياسيين، نحن هنا لإبقاء الناس على قيد الحياة".
أكد غراندي أن مسؤولية إنهاء الصراع تقع على عاتق أطراف الحرب في اليمن، موضحة أن مسؤولية العاملين في المجال الانساني تتمثل في اخبار أقطاب النزاع أن عواقب أفعالهم وخيمة، وأنهم عليهم إنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن حتى لا تخرج الأوضاع عن السيطرة.
فيديو قد يعجبك: