الموصل والرقة.. مدينتان دمرهما داعش وقضى عليهما التحالف
كتب - هشام عبد الخالق:
قبل 5 سنوات تقريبًا، ظهرت قوة داعش بعد تحكمه في اثنتين من أكبر المدن الموجودة في سوريا والعراق؛ الرقة وكانت عاصمته الأولى، والموصل حيث أعلن خلافته المزعومة، وهما المدينتان اللتان تطلب تخليصهما من قبضة التنظيم الإرهابي جهود آلاف المقاتلين من الجيش العراقي والقوات السورية، وضربات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على تحرير الموصل والرقة، فإنهما لا تزالان مدمرتين بشكل كبير، ولا تزال عملية إعادة بنائهما أيضًا محل شك، وفق تقرير جديد لمجلة "التايم"، رصد حجم الدمار الذي لحق بالمدينتين.
ووفق المجلة الأميركية، فإن الفترة بين أكتوبر 2016 وأكتوبر 2017 - منذ بداية الحملة على الموصل وحتى انتهائها بالرقة - أسقط التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 46 ألفًا و683 ذخيرة حية في العراق وسوريا، كان نصيب الجيش الأمريكي فقط منها 29 ألف ذخيرة.
وقال القادة العسكريون الأمريكيون إن المعركة من أجل الموصل كانت أكبر عملية عسكرية في العالم منذ غزو العراق في عام 2003، وأنها أعنف قتال يشهده المدنيون منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 80% من مدينة الموصل القديمة مدمرة، وأن القتال خلّف أكثر من 8 ملايين طن من الحطام، بينما باتت الرقة "غير صالحة للسكن البشري" بعد تدمير أكثر من 11 ألف مبنى، ما يمثل 70% من المدينة.
وإن كان ما يخص الدمار في البنى التحتية واضحًا، فإن إحصاء عدد القتلى في هذه الحرب المستعرة لم يكن دقيقًا بالمرة، بفعل عمليات القصف العديدة من جانب التحالف، والمدة الطويلة للمعارك، وعدم وجود تحقيق مستقل على أرض الواقع.
وبعد مرور أكثر من عام على استعادة الرقة والموصل، فإن الأرقام المسجلة حاليًا تتخطى آلاف القتلى، ولكن يعتقد أن مئات آخرين لا تزال جثثهم مدفونة تحت الأنقاض، كما أن الحطام المنتشر في أرجاء المدينتين يمتلئ بالعبوات الناسفة والجثث غير المدفونة، وفق ما ذكره التقرير.
وتقول المجلة إن التجول في طرقات مدينة الموصل القديمة، يكشف اختلاط الحياة اليومية للعراقيين بمخلفات الحرب، ويمكنك أن ترى عبر الأنقاض، ذخائر وبقايا أسلحة، وألعاب وأواني طهي، وسترات الكيفلار (المضادة للرصاص)، والبطاطين وغيرها. كما أن البقايا البشرية موجودة أيضًا في المكان، تننظر بشغف من يلتقطها حتى يتم التعرف عليها.
وفي الرقة، فإن كل مبنى تقريبًا على مدى البصر إما مدمر بالكامل، أو أجزاء منه تعرضت للضرر. وفي كل مكان تنظر إليه، أصبحت المباني الشاهقة ركامًا وحطامًا على الأرض، بينما تعاني المباني التي لا تزال صامدة من أجل البقاء.
وتقول المجلة إن سكان المدنيتين يحاولون شق طريق جديد للخروج من الحطام الذي يعيشون فيه. ففي مدينة الموصل القديمة، تم افتتاح بعض المتاجر التي تعمل بمولدات كهربائية في الطوابق الأرضية. وفي الرقة، يعيش السكان في الأجزاء غير المدمرة من المباني، وعادت الكهرباء والمياه مرة أخرى إلى معظم الأحياء.
وتشترك الموصل والرقة في المستقبل غير المضمون، حيث لا تبدو هناك أي فرصة لعودتهما إلى ما كانتا عليه قبل داعش، وستصبح الفرص أقل بكثير دون مساعدة الولايات المتحدة. وهنا تشير المجلة إلى مارس 2018، حينما جمدت إدارة ترامب تمويل برامج الاستقرار في سوريا، وهي الأموال التي كان من شأنها أن تساعد في إعادة بناء الرقة، ودفع ثمن إزالة الألغام، ودعم المجلس المدني الناشئ. وبحسب ليلى مصطفى، رئيسة المجلس، فإن تكاليف إعادة البناء وحدها تبلغ 800 مليون دولار.
وفي العراق، يقدر المسؤولون تكلفة إعادة بناء الموصل القديمة بـ 7 مليارات دولار تقريبًا، ويعوق الفساد وعدم الكفاءة هناك إحراز أي تقدم. وقد تعهدت الولايات المتحدة بتقديم بضعة ملايين من الدولارات فقط للمساعدة.
ولا يزال الناس في مدينتي الرقة والموصل، اللتين ذاقتا مرارة الحكم الوحشي لتنظيم داعش و"تكتيكات الإبادة" في الحملة التي قادها التحالف الدولي، يكافحون من أجل استعادة الحياة التي فقدوها. والآن، وبعد مرور أكثر من 18 شهرًا على طرد الإرهاب، لا تزال عقارب الساعة متوقفة على آخر مشهد للحرب.
فيديو قد يعجبك: