"رعاة البقر وأعلام السوفييت".. لماذا قد يستمر ترامب في البيت الأبيض ثماني سنوات؟
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب- محمد الصباغ وهدى الشيمي:
في نهاية التجمعات الانتخابية الخاصة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجد النظام ينهار والناس متعبين، تقول صحيفة الجارديان البريطانية إنه يكون المكان المثالي للأشخاص الراغبين في الشعور بالصدمة أو الضيق، أو الإصابة بالجروح. ففي "إل باسو"، وهي إحدى مدن ولاية تكساس الواقعة على الحدود الجنوبية، نُظم أول حشد انتخابي للرئيس الجمهوري لحملته لعام 2019، وفيه رفع شخصان علم الاتحاد السوفيتي السابق.
في نهاية الحشد الانتخابي "بإل باسو"، بعدما انتهى الرئيس الأمريكي من خطابه وبينما يستعد أكثر من 7 آلاف شخص بمغادرة المكان، خرج شابان يترديان ملابس سوداء من المبنى حاملين علم الاتحاد السوفيتي السابق، ويطاردهم مجموعة من رعاة البقر.
تقول الصحيفة إن الحشود الانتخابية الخاصة بترامب دائمًا ما يحدث فيها مشاهد غريبة، ولكنها لم تصل إلى درجة غرابة الموقف سالف ذكره.
تقول الجارديان إنه بالرغم من إقامة الحشد الانتخابي في ولاية تكساس، وهي موطن رعاة البقر، إلا أن عددا قليلا من الحضور ارتدى قبعات رعاة البقرة الشهيرة، لكن هؤلاء الرجال الأربعة الذي لاحقوا الشابين أصحاب علم الاتحاد السوفيتي، كانوا يرتدون القبعات وملابس رعاة البقر، وحاولوا انتزاع العلم من أيديهم، إلا أن المتعاطفين مع الشيوعية كانوا أسرع وأمهر.
أقيم هذا الحشد في 11 فبراير الماضي، أي قبل أسبوع واحد من إلقاء ترامب لخطاب حالة الاتحاد الذي كان من المفترض أن يُلقيه في يناير ولكنه تأجل بسبب استمرار الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية، وتحدث فيه عن أهمية بناء الجدار الحدودي العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وعن خطورة المهاجرين غير الشرعيين الذين يتوافدون على بلاده.
أشارت الصحيفة إلى أن ترامب اختار مدينة "إل باسو"، وهي مدينة باتت أكثر هدوءًا واستقرارًا بعد بناء الجدار الذي يفصلها عن المكسيك في عام 2009.
أوضحت الجارديان أن حوالي 80 في المئة من سكان إل باسو من أصول إسبانية، كما أنها تعتبر معقلاً للديمقراطيين، ومن أشهر ساستها بيتو أوروك، والذي كان مرشح الحزب الديمقراطي في سباق الولايات المتحدة في مجلس الشيوخ في ولاية تكساس في الولايات المتحدة عام 2018، ونافس المرشح الجمهوري ائنذاك تيد كروز.
قالت الصحيفة البريطانية إن أوروك لا يختلف شيئًا عن السياسيين الديمقراطيين الآخرين، فهو يُذّكر الجميع بجون كنيدي، وأوباما، بالنظر إلى امتلاكه لكاريزما قوية مثلهما، وكان من المقرر في ذلك الوقت أن يُلقي الشاب الديمقراطي خطابًا أمام حشد جماهيري، بالتزامن مع حشد ترامب الانتخابي.
قال المشاركون في الحشد الانتخابي، للصحيفة البريطانية، إن الرئيس الأمريكي يطبق الديمقراطية وأنه يحاول صياغة سياسات جديدة، ورغم اعتقاد أغلبهم أن الجدار الحدودي لن يحل شيء، إلا أنهم أكدوا أن محاولات حاكمهم الجمهوري للتصدي للمهاجرين لن تتوقف، فإذا فشل الجدار سوف يجد شيئا آخر.
ويرى أغلب مؤيدي الرئيس، حسب الجارديان، أن الاقتصاد بات أقوى كثيرًا في عهده، وأشادوا بجهوده لجعل بلادهم قوية وقادرة على مجابهة بعض الدول مثل كوريا الشمالية أو الصين.
وعند سؤالهم عن رأيهم فيما حققه ترامب من وعوده الانتخابية، قال مؤيدو الرئيس الأمريكي للجارديان إنه لن يستطيع فعل كل شيء.
التقت الجارديان بامرأة ذات شعر رمادي طويل وقفت في استقبال الحشود الانتخابية الخاصة بترامب، تحمل صورة كبيرة تم تعديلها وتركيب قبعة مكسيكية كبيرة على رأسه، وكُتب عليها تعليق مُهين ومُسيء للرئيس الأمريكي، وأوضحت أنها ليست مُندهشة من حجم الدعم الذي يحظى به.
تقول المرأة ذات الشعر الرمادي، التي رفضت الافصاح عن اسمها، إن شقيقتها من أشد مؤيدي ترامب، وأنهما لم يتحدثان إلى بعضهما البعض منذ فترة طويلة.
وتضيف: "شقيقتي تعمل في إدارة الهجرة والجمارك، ومنذ بضع سنوات باتت مُتشددة للغاية إزاء كل المهاجرين، وتعتبرهم خطرًا على الأمن القومي والاجتماعي، وأنهم يحصلون على مزايا وفوائد لا يستحقونها". ووصل الأمر بالشقيقة إلى أنها باتت تتعامل بطريقة سيئة مع والدتها لأنها وُلدت خارج الحدود.
تقول الجارديان إن المرأة ذات الشعر الرمادي كانت واحدة من عدد قليل جدًا من المتظاهرين المعترضين على ترشح ترامب مرة أخرى في الانتخابات، الذين تجمعوا بالقرب من أحد المدارس الثانوية في المنطقة التي تبعد حوالي ميل واحد من اتجاه المسيرة الحاشدة المؤيدة للرئيس الأمريكي.
على الجانب الآخر، كان المؤيديون لترامب يرون أن وجود مظاهر احتجاج على ترشح ترامب للانتخابات دليلاً على المناخ الصحي الذي يعيش فيه الأمريكيون، وقالت إحدى السيدات المشاركات في الحشد الانتخابي: "لقد سمح لنا جميعًا بحرية التعبير".
"اللعنة على ترامب"
وأشارت تلك السيدة، حسبما نقلت الجارديان، إلى أن بعض الأشخاص ربما يحاولون إثارة الفوضى في الحشد الانتخابي، ولكنهم لن ينساقوا وراء محاولاتهم، لأن الرئيس الأمريكي في حاجة إليهم للحفاظ على المناخ السلمي. وأوضحت أيضًا أن المسؤولين عن تنظيم الحشد أخبروهم كيف يتعاملون مع المتظاهرين الذين ربما يحاولون اعتراض الحشد.
يهتم المسوؤلون بالحشود الانتخابية الخاصة بترامب بالموسيقى والأغاني، فيختارون أغاني وموسيقى تلهب حماس الحضور، وتتوقع الجارديان أن يكون هناك شخصًا مسؤولاً عن هذا الأمر، كما أنه دائمًا يقع الاختيار على أغاني تحمل عبارات وجمل تخدم الفكرة العامة التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي، وهذا ما حدث خلال أغلب حشوده الانتخابية لعام 2016، فلم يكن هناك أبدًا موسيقى ريفية بسيطة، أو معزوفات عادية، فإذا كنت قريبًا من أحد الحشود، ستشعر وكأنك تحضر حفل لإلتون جون، أو فرق كوين البريطانية الشهيرة.
كان من المفترض أن يبدأ الحشد الانتخابي الخاص ببيتو أوروك في الساعة السابعة مساءًا، وأن تنطلق مسيرة أولاً. في الساعة الرابعة عصرًا، كان أوروك يقف بالقرب من المدرج يتحدث إلى عدد قليل من الناس، كانوا محاطين بالكاميرات، وبعد بضع دقائق سار في أرجاء المكان وهو يُمسك بيدي طفلين صغيرين، والتقت الجارديان ببعض الأشخاص الذين حضروا الحشد، وأخبروها أنهم جاءوا لكي يُعبروا عن مساندتهم لأوروك، ويؤكدون على رفضهم لترشح ترامب مرة أخرى في الانتخابات.
وبينما كان مُراسل الصحيفة يجلس في سيارته، سمع أحدهم يصيح قائلاً: "اللعنة على ترامب"، وعندما اقترب منه وسأله لما يشعر بالغضب إزاء حاكم بلاده، أخبره بأنه يُدعى ادريان ساينز وُلد وعاش حياته كلها في إل باسو بتكساس، يعمل سائق شاحنة وقام بنقل البضائع من وإلى المكسيك.
يرى ساينز أن كل التصريحات التي يُدلى بها ترامب بشأن الجدار الحدودي العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك لا تخدم سوى مصلحته الشخصية فقط، ويقول: "إن بناء الجدار لن يحدث فرقًا كبيرًا في أي شيء، فالناس لا تزال تقفز عبر السياح وتصل إلى الولايات المتحدة بشكل يومي"، مُشيرا إلى أن حوالي أربعة أو خمسة منازل ممتلئين بالأجانب والمهاجرين غير الشرعيين.
ولكنه مع ذلك، لا يتعامل مع ترامب على أنه شخص عنصري.
وقال: "أنا مكسيكي، ولدت هناك، لكنني لا أعتقد أنه عنصري. كثير من الناس يريدون القفز إلى تلك الحقيقة السريعة، لكنه وظّف الكثير من المكسيكيين. أغلب الناس الذين بنوا المشروعات هم مكسيكيون. في منهاتن، كثير من اللاتينيين تم تعيينهم. أعني أنه رجل ذكي. والده أقرضه مليون دولار، وأصبح ملياردير."
وفي لحظة معينة استمعت الحشود إلى صوت يعلن عن دخول السيناتور الجمهوري تيد كروز للحديث.
"أنهوا الجدار"
احتفل الحضور بشكل كبير مع قدوم كروز في تلك الليلة الباردة، وكانت من أهم العبارات التي قالها هو أنه يجب انتخاب ترامب مرة أخرى لأنه بحاجة إلى وقت لإنهاء بناء الجدار الحدودي.
ذكرت الجارديان أنها كانت المرة الأولى التي لا يكون الحديث فيها عن بدء بناء الجدار بل إنهاءه. وكان أنصار ترامب في تلك الليلة يهتفون أثناء حديث ترامب، ويحمل كثيرون منهم لافتات تقرأ "أنهوا الجدار".
كان بناء الجدار من وعود حملة ترامب الانتخابية في 2016، تعهد ببنائه وبأن المكسيك هي من ستدفع ثمن ذلك. ومنذ ذلك الحين لم تبدأ إدارته في عملية البناء. ومع وصول الديمقراطيين إلى مجلس النواب في عام 2018، قرر ترامب أن الوقت قد حان لبناء الجدار، على الرغم من مرور عامين من قيادة الجمهوريين للكونجرس ولم يحدث ذلك.
تسبب ترامب في الإغلاق الحكومي لمدة 35 يومًا، آملا في إقناع الديمقراطيين بمنحه 5.7 مليار دولار من أجل بناء الجدار. لم يحدث ذلك، وإلى الآن لم تبدأ أي خطوات نحو البناء.
لم يحدث شيئًا مما وعد به ترامب بشأن الجدار، لكن أنصاره كانوا يهتفون بسعادة في تجمع تكساس متحدثين عن أن الجدار بات قريبًا من أن يكون أمر واقع.
أنهى كروز في ذلك اليوم كلمته ليبدأ بعده ترامب جونيور، الذي قال إنه يتواجد في تكساس قبل أسبوع من موعد التجمع، في رحلة صيد مع أصدقائه. أحب الحشود، بحسب الجارديان، تلك الكلمات من كروز عن رحلة الصيد. وأحبوا أيضًا هجومه على الاشتراكية.
كما لفتت الصحيفة إلى أن حضور ترامب جونيور القوي في الولاية يشير إلى أنه لو أعلن ترشحه لمنصب حاكم تكساس، أو أي ولاية أخرى، سوف يخرج فائزًا.
ربما يتفوق على تيد كروز وجون كورنين، فهو شاب ويستطيع إطلاق النار وقتل الحيوانات، ويمتلك نفس الكاريزما المتعالية مثل والده، تقول الجارديان.
في كلمته القصيرة قال إن أمريكا كانت جيدة والعلم الأمريكي كان جيدًا، وأن الحرية كانت جيدة وأن الأسلحة أيضًا كانت كذلك. ثم منح الميكروفون لوالده.
على بعد مسافة ليست بالطويلة، كان تجمع آخر للسياسي الديمقراطي بيتو أورورك. الحشد تكون من طلاب الجامعات والعائلات وكبار السن. وحمل بعضهم لافتات تقول "إل باسو آمنة.. ترامب ليس كذلك".
جاء حديث أورورك عاطفيًا حول الهجرة الأمريكية والطرق الفريدة التي تعايشت فيها إل باسو مع المكسيك. أشار إلى أن المدن الحدودية مع المكسيك شهدت أكثر معدل أمان بين المدن الأمريكية، فمدن إل باسو وسان دييجو أكثر أمنًا من شيكاغو وديترويت وسانت لويس.
وعلى الرغم من ترجمة كلمته للإسبانية، إلا أن صحيفة الجارديان رأت أن الديمقراطي في تلك الليلة قد خسر. حضر تجمع ترامب عدد أكبر بأربعة أضعاف من حشد أورورك. وحينما أنهى الأخير تجمعه وغادرت حشوده، كانت ترامب يضرب بقوة أمام أنصاره.
"المال والعمل"
يقول محرر الجارديان إنه تحرك سريعًا من حشد أورورك مرة أخرى إلى تجمع ترامب، وقبل أن يصل وجد ترامب يصرخ "تذكروا، أمريكا أولا". استمر التصفيق على كلماته لوقت طويل، ثم انطلق الهتاف: "يو اس ايه- يو اس ايه".
وصفت الجارديان كلمة ترامب في التجمع بأنها كانت كغيرها من خطاباته، مثل التنويم المغناطيسي. تحدث عن إطلاق سراح الأمريكيين من سجون كوريا الشمالية، وقال للحضور حول معارضة الإجهاض إن الديمقراطيين يشجعون قتل الأطفال بعد ولادتهم، وتفاعل معه الحضور بالهتاف ضد الديمقراطيين.
تحدثت الجارديان مع شاب عمره 22 سنة يدعى أفيلا، وقال إنه لم يصوت من قبل لترامب ولا لهيلاري كلينتون، لكن في الانتخابات المقبلة سوف يمنح الرئيس الحالي صوته. وحينما سأله محرر الصحيفة البريطانية عن السبب قال: "المال. العمل... من الرائع ما فعله لتحسين معدل البطالة في الولايات المتحدة. كنت أعمل لشركة (تويز آر أص) ولسوء الحظ أغلقت الشركة. ليس بسبب ترامب أو أي شيء، لكنني وجدت عملا آخر بسرعة".
وحول ما إذا كان مندهش من حجم الحشود في تجمع ترامب، قال الشاب إنه في حالة ذهول، مضيفًا: "لم نتوقع ذلك. نصف الناس هنا، لا يدركون ما يحدث. هم فقط هنا لأن ترامب هنا".
وتحدثت الصحيفة مع مجموعة من الأفارقة الكينيين بين أنصار ترامب، وحول وصف ترامب السابق للمهاجرين من دول أفريقية بأنهم "حثالة"، قال أحد الرجال الأفارقة: "ترامب ليس عنصري. هو رجل أعمال". حينها تدخل زميله الكيني الآخر وطلب منه عدم الحديث مع مراسل الجارديان. وقال له: "إنه من الإعلام الليبرالي".
فيديو قد يعجبك: