لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مجلة أمريكية: 5 خلفاء محتملين لبوتفليقة.. هل يلاحق "الربيع العربي" الجزائر؟

03:51 م الأربعاء 27 مارس 2019

احتجاجات الجزائر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

يواجه الجزائريون مُستقبلًا غامضًا في الوقت الذي تخلّي فيه رئيسهم، عبدالعزيز بوتفليقة، عن رغبته في الترشّح لولاية خامسة وأجّل الانتخابات الرئاسية التي كانت مُقرّرة في 18 أبريل المُقبل. كما عقد مؤتمرًا وطنيًا للاجتماع في وقت لاحق لإعادة كتابة الدستور، قبل أن يخرج الجيش ويطالب بإعلان خلو مقعد الرئاسة تطبيقا للمادة 102 من الدستور.

وتقول مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير مطوّل نشرته قبل خطوة الجيش الجزائري، إن بوتفليقة (82 عامًا) اشتُهِر في الأصل بدوره في إنهاء ما يُعرف بمرحلة "العِقد الأسود"، التي شهدت فيها الجزائر حربًا مدنية أهلية بين الإسلاميين المتطرفين والحكومة، فنظر إليه الجزائريون باعتباره بطلًا قوميًا، حتى جلس على كرسي الرئاسة.

وتُشير المجلة إلى أنه منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية المُناهضة لترشّح بوتفليقة لولاية خامسة، في 16 فبراير الماضي، اتجهت أنظار الجميع صوب الجيش، أقوى مؤسسة في الدولة الجزائرية، بانتظار معرفة ما إذا كان الجيش سيدعم بوتفليقة أم الشعب.

وتوضح المجلة أن جماعة من العسكريين والساسة ورجال الأعمال الجزائريين، يُعرفون باسم "السلطة" أو "لو بوفوار"- بالفرنسية، يُديرون الحكم في الجزائر بشكل فعلي منذ إصابة بوتفليقة بسكتة دماغية في 2013.

"السلطة" تحكم الجزائر

وتُشير إلى أن بوتفليقة تلقّى دعمًا ثابتًا من هذه الجماعة مقابل أن يُصبح "وجهًا" لنظامهم، وتسامح الشعب الجزائري بشكل عام مع نظام هذه الجماعة؛ حتى أنهم لم يستهدفوا باحتجاجاتهم تغيير النظام، ولكنهم سعوا إلى الحصول على تنازلات.

نجحت الحكومة الجزائرية في تجنب انتفاضات واسعة النطاق خلال ما يُعرف بثورات الربيع العربي؛ من خلال زيادة الدعم وخلق وظائف إضافية في القطاع العام. ومع ذلك، ونظرًا لانخفاض أسعار النفط البالغ 100 دولار للبرميل في 2014 إلى أقل من 70 دولارًا للبرميل، فإن النظام يفتقر إلى الموارد اللازمة لإعادة تطبيق هذا النهج.

بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الدعم الشعبي للحركات السياسية الإسلامية بالجزائر في أعقاب "العقد الأسود"، وتفتيت الأحزاب الأخرى، منع المعارضة المنظمة من تحدي النظام خلال الربيع العربي، كما تقول المجلة.

ورغم نجاح بوتفليقة في الحفاظ على استقرار بلاده طوال الربيع العربي، فإن رئيس أركان الجيش الجزائري اللواء أحمد قايد صالح، ثاني أهم رجل في الحكومة، أغفل ذكر بوتفليقة في خطابين متتاليين له. وبدلاً من ذلك، أكد على الروابط بين الشعب الجزائري وجيشه.

في 20 مارس الجاري، نأى صالح بنفسه بوضوح عن بوتفليقة، مشيدًا بـ"الأهداف النبيلة للمتظاهرين. ومع ذلك، ظل موقفه العام من تولي بوتفليقة غير واضح حتى ظهر أمس الثلاثاء، في خطاب أمام قادة القوات المسلحة في ورقلة (جنوب شرق)، دعا خلاله إلى إعلان خلو منصب الرئاسة. وطالب بإعادة تفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري، التي تقضي في أحد بنودها بأن يشغل رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، رئاسة البلاد مؤقتًا لمدة 45 يومًا على الأقل.

بث التلفزيون الرسمي الجزائري مقابلات مع نشطاء يدعون بوتفليقة إلى الامتناع عن الانتخابات. وقال نائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة، وهو مرشح محتمل للرئاسة، للإذاعة الرسمية إن "النظام الجديد سيقوم على إرادة الشعب". الأمر الذي عدّته المجلة مؤشرًا قويًا على أن بعض الأجهزة الحكومية التي يُديرها كبار المسؤولين وسط النزاع تدعم الإصلاحات الديمقراطية.

وفي الوقت ذاته، فإن ثمة دلائل تُشير إلى انقسام الجيش الجزائري بشأن خليفة بوتفليقة، خاصة بعد التوترات الداخلية التي أعقبت إطلاق وسجن 5 ضباط عسكريين جزائريين في أكتوبر الماضي بتهمة الفساد. ورغم إطلاق سراحهم لاحقًا، إلا أن سوء معاملتهم أغضب القادة العسكريين، لكنه جعلهم أيضًا أكثر حذرًا تجاه نظام الرئيس بوتفليقة.

وفي حين تُبرر السلطات الجزائرية الاعتقالات باعتبارها جزء من حملة لتطهير الفساد، يرى مُحللون أنها محاولة من بوتفليقة أو أنصاره للقضاء على خصومه السياسيين داخل الجيش.

بلغ معدل البطالة في الجزائر 11.7 بالمائة في سبتمبر الماضي. سجل البلد نتائج سيئة في محاربة الفساد، حيث احتل المرتبة 105 من أصل 180 على مؤشر مدركات الفساد في منظمة الشفافية الدولية لعام 2018. كما صُنّفت الجزائر "غير حرة" من قبل منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية.

وذكرت "فريدوم هاوس" في تقريرها أن السياسة في الجزائر تهيمن عليها "نخبة سرية مقرها الجيش". وأضاف التقرير أن الانتخابات يشوبها الاحتيال وتفتقر إلى الشفافية. وعبّر عدد من الصحفيين والناشطين الجزائريين عن قلقهم بشأن نزاهة الانتخابات في غياب أي شفافية.

خُلفاء مُحتملون

وفي هذا الصدد، تقول المجلة إنه في حال تمكّنت الدولة الجزائرية من إجراء انتخابات، فهناك عدد من الخلفاء المُحتملين لبوتفليقة مثل رئيس الأركان صالح، أحد أعضاء الحرس القديم الذين أدت سياساتهم في نهاية المطاف إلى ارتفاع معدلات البطالة والفساد وإضعاف الديمقراطية. لذا يمثل صلاح استمرارًا للوضع الراهن. في 2013، منع الجزائر من الانزلاق إلى هوة الاضطرابات، دعم بوتفليقة في مواجهة دعوة وزير التجارة نور الدين بوكروح إلى الانقلاب.

احتمالات تقلّد صلاح الحكم في الجزائر تعتمد إلى حدٍ كبير على نزاهة العملية الانتخابية ورغبته بالترشح، لكن تعتقد المجلة أنها احتمالات ضعيفة لكِبر سنه؛ فهو يبلغ من العُمر 79 عامًا، وهو السبب ذاته الذي يُخلخل حكم بوتفليقة ذي الـ82 عامًا.

الإبراهيمي

وهناك وزير الخارجية الجزائري السابق، الدبلوماسي المخضرم الإبراهيمي، الذي كان مبعوثًا للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا حتى مايو 2014، يمكن أن يكون مرشحًا أيضًا. تقول المجلة إن سجله مُميز بفضل عمله كممثل خاص للأمم المتحدة في أفغانستان أثناء وبعد حكم طالبان وكمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى العراق بعد سقوط صدام حسين.

بعد فشل الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا، عُيّن الإبراهيمي كمبعوث عربي للأمم المتحدة في سوريا في أغسطس 2012. ورغم إخفاقه في وقف سفك الدماء في سوريا، إلا أن أدواره الدبلوماسية الدولية أكسبته احترام الشعب الجزائري، واُختير لرئاسة المؤتمر الوطني لإعادة كتابة الدستور الذي اقترحه الرئيس بوتفليقة.

تم تكليف المؤتمر الوطني الشامل والمستقل بتقديم مسودة دستورية تتضمن إصلاحات بعيدة المدى، تهدف بشكل أساسي إلى تأسيس عملية انتخابية جديدة. وستخضع الوثيقة لاستفتاء عام. ويُتوقع أن ينال الإبراهيمي شعبية كرئيس للمؤتمر، والذي يهدف إلى تلبية مطالب الشعب.

لعمرة وبدوي

ويظهر اسم وزير الخارجية السابق، رمضان لعمرة، ضمن المُرشّحين المُحتملين لرئاسة الجزائر، بفضل عمله كسفير للجزائر في الولايات المتحدة وإثيوبيا وجيبوتي. وكذلك فإن رئيس الوزراء الجديد المعين في 11 مارس، نور الدين بدوي، يُعتبر أيضًا خليفة محتملاً لبوتفليقة. شغل بدوي سابقًا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية.

مرشح المعارضة

وفي خِضم ذلك، لا تزال المعارضة تفتقر إلى الإجماع على مرشح للسباق الرئاسي. ومع ذلك، اختار كثيرون مصطفى بوشي، وهو ناشط حقوقي مشهور، لتمثيل الحركة الشعبية.

وفي حال توفي بوتفليقة أو استقال من منصبه قبل تنظيم الانتخابات الجديدة، ينص الدستور الجزائري في مادته 102 على أن البرلمان سيعلن حالة عدم قدرة رئيس الجمهورية ويعين رئيس مجلس الأمة لمدة أقصاها 45 يومًا. بصفته رئيس الدولة المؤقت (وهو ما دعا إليه رئيس الأركان قايد صلاح). ومع تأجيل الانتخابات وتأسيس المؤتمر الدستوري، لم تتضح بعد إجراءات إعلان الترشيح. يعتقد كثيرون أن بوتفليقة أرجأ الانتخابات من أجل البقاء في السلطة.

ومع ذلك، تزداد شعبية المطالب برحيل بوتفليقة. ويخرج تحالف جديد تحت اسم "التنسيق الوطني من أجل التغيير" من كنف المعارضة المهترئة إلى حد كبير. يضم التحالف 9 شخصيات معارضة بارزة - من ضمنها ناشط في مجال حقوق الإنسان، ووزير خزانة سابق، وشخصيتان إسلاميتان مشهورتان.

أعلن هذا التحالف 7 مطالب، من ضمنها حل الحكومة داخل البرلمان وتشكيل حكومة الخلاص الوطني، وقبل كل ذلك، استقالة بوتفليقة قبل 27 أبريل. كما طالب برئاسة جماعية تتألف من شخصيات قومية نزيهة مستعدة للتخلي عن سلطاتها في نهاية الفترة الانتقالية.

وترى المجلة أن دعوة رئيس الأركان بوتفليقة إلى الاستقالة، فإن قايد صالح يمضي قُدمًا باتجاه تأجيل المؤتمر الدستوري والحفاظ على سلطة الجيش. وتُشير إلى أن مُطالبته بإعادة تفعيل المادة 102 من الدستور من شأنه أن يؤخر الإصلاحات التي من المرجح أن تضعف نفوذ الجيش الجزائري على المستوى المؤسسي.

ومع ضبابية المشهد الحالي في الجزائر، تُرجّح المجلة سيناريوهين للخروج من الأزمة؛ أولهما أن تتم الإطاحة بالرئيس بوتفليقة فتخمد الاحتجاجات الشعبية الجارية، كما حدث خلال ثورات الربيع العربي. والثاني أن يستمر المتظاهرون -الذين شاهدوا العديد من ثورات الربيع العربي تخفق- في مطالبة المؤتمر الدستوري بإصلاح الحكومة الجزائرية على نحو جوهري.

وتختتم المجلة بالقول "في الوقت الحالي، ينتظر الجزائريون لمعرفة ما إذا كان بوتفليقة سيتنحى قبل أن خلو منصب الرئيس في 28 أبريل المقبل".

فيديو قد يعجبك: