توماس فريدمان: الشرق الأوسط الجديد يتشكل عبر تويتر لا واشنطن
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، للكاتب توماس فريدمان، حول ظهور شرق أوسط جديد، مشيرًا إلى أنه على مدار الـ 50 عامًا الماضية، كانت توجد 5 أسباب أساسية تشكل سياسات الشرق الأوسط، ولكن هذا تغير الآن.
وقال الكاتب الحاصل على جائزة بوليتزر 3 مرات، أن الشرق الأوسط الجديد يتشكل عبر تويتر وليس من خلال الدبلوماسيين الأمريكيين، وبالبطالة وليس عن طريق الإرهاب، والاضطرابات في الشوارع وليس القادة في قصورهم، وتشكله النساء وليس الرجال كما كان الوضع في السابق.
ذكر فريدمان أنه في البداية، كان هناك تدخل صارخ من الولايات المتحدة في تشكيل مستقبل المنطقة، ولكن الآن، واشنطن ليس لديها سفراء في أي من مصر، تركيا، العراق، الإمارات، الأردن، والسعودية، كما أن سفير واشنطن في تل أبيب ما هو إلا محامي سابق لترامب، وأصبح وسيطًا تجاريًا أكثر من كونه دبلوماسيًا.
كما لفت أيضًا إلى أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت لديها مساع دائمة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناء على حل الدولتين، ولكن هذا انتهى، فعلى ما يبدو- بحسب فريدمان- أن الولايات المتحدة وإسرائيل تبحثان عن أفضل الطرق التي تقوم على أساس حل الدولة الواحدة، وهو ما يعني سيطرة إسرائيلية أمنية كاملة على الضفة الغربية والقدس الشرقية مع وجود بعض المناطق الفلسطينية تحت الحكم الذاتي.
من أسباب تشكل الشرق الأوسط الجديد كذلك، هو أن الحكومات العربية -حتى في ظل بيروقراطيتها وقبضتها الأمنية الشديدة- كانت تستطيع توفير الوظائف لشعبها، وهي نوعية الوظائف التي يمكنك من خلالها أن تأتي متأخرًا للعمل، وتعمل بوظيفة ثانية، ولكن هذا انتهى أيضًا، فمع انخفاض أسعار النفط وارتفاع عدد السكان، تحاول كل دولة عربية تقريبًا اكتشاف كيفية إبعاد موظفي الحكومة.
وتحدث الكاتب عن موقفًا قال فيه ملك الأردن، عبد الله الثاني، لمجموعة من العسكريين الأمريكيين مؤخرًا، إن ما يؤرقه ليلًا هو أنه يوجد ما يقرب من 300 ألف أردني بلا وظائف، ونسبة 87% منهم في الفترة العمرية بين 18-39 عامًا، وهي السن المثلى للعمل.
وفي غزة، بدأت مظاهرات الأسبوع الماضي، تحت شعار "ثورة الجياع"، ضد الأوضاع التي نتجت عن سوء إدارة حماس، وبدأت مظاهرات أخرى في الجزائر والسودان، تهدف لسقوط الأنظمة المستمرة منذ وقت طويل.
سبب آخر بحسب الكاتب في تشكل الشرق الأوسط الجديد، هو أن الأيام التي شهدت قدرة الحكومات العربية على التحكم في أصوات الجماهير في بلادهم انتهت، مع وجود تطبيقات مثل تويتر وفيسبوك و"واتسآب"، المنتشرة بشكل واسع في العالم العربي. وأصبح بإمكان أي شخص أن يكتب تغريدة ينتقد فيها الحاكم.
وأشار الكاتب، إلى أنه من الواضح أن وسائل التواصل الاجتماعي تجعل من الحكومات المستبدة مثل الصين، أكثر كفاءة، ولكنها تجعل من الحكومات المستبدة الناعمة، مثل الأردن، أكثر ضعفًا.
وأوضح الكاتب، أن السبب الأخير، في تشكل شرق أوسط جديد، هو أن زمن سيطرة الرجال على النساء انتهى بشكل كبير، وأصبحت النساء في عدة دول، مثل الأردن، تتفوق على الرجال في المدرسة الثانوية والجامعة.
ولكن دون تغير واضح في قوانين المرأة الخاصة بالزواج وحضانة الأطفال، كل النساء اللائي يؤدين بشكل جيد في المدارس والجامعات، لن يكونوا قادرين على الوصول لطاقاتهم الكاملة في العمل.
ويشير فريدمان، إلى أن قادة المنطقة تعلموا أنهم "لا يستطيعوا الاعتماد على أدوات القرن العشرين للحفاظ على الشعوب هادئة"، بحسب ما ذكر وزير خارجية الأردن السابق مروان المعشر.
وأوضح الكاتب، أن انتفاضات الربيع العربي كسرت حاجز الخوف في عديد من الدول العربية، كما أن انهيار أسعار النفط عام 2014 كسرا ورقة المساومة التي امتلكتها الحكومات العربية بعد ذلك ألا وهي المال، ويتبع المواطنون الآن مبدأ "إذا كنت لا تستطيع توفير وظيفة حكومية لي، فإن هذا يدفعني لقول ما أرغب به".
وأشار الكاتب، إلى أن هذا لا يعني أن الأردن يجب أن يغير من سياساته فورًا، ثم عاد واستعان بتصريحات المعشر: "يجب أن تكون هناك عملية مشاركة للقوى بين الحكومات والشعب ومنظمات المجتمع المدني، فلا تستطيع الحكومات أن تطلب من شعوبها أن يضحوا ويتخلوا عن الوظائف الحكومية، في مقابل المزيد من الضرائب، وكل ذلك بدون أن يكون لهم صوت حقيقي يمثلهم في الحكومة".
وأشار الكاتب، إلى أن هذا لا يعني أن كل ما هو جديد أمر سيء، على الأقل بالنسبة للأردن.
وأوضح الكاتب، أن الملك عبد الله لا يشارك السلطة مع أحد، ولكنه لا يزال قائدًا محترمًا يحاول تطوير دولة ذات تعداد سكاني 10 ملايين شخص بالإضافة لـ 1.3 مليون لاجئ سوري، وربما تكون أحد أكبر المبادرات التي أطلقها هي المبادرة لتشغيل المراكز التقنية في الأردن، وأصبح هناك مئات الشركات من القطاع الخاص مستقلة عن الحكومة تعمل على القضايا الاجتماعية مثل الفرص الاقتصادية.
وأشار الكاتب، أنه حتى الآن، لا يبدو أن الشرق الأوسط معرض لثورة، ففي الأردن على الأقل، تتصارع عدة أطراف (من بينها الشباب الذي يتنافس للحصول على وظيفة حكومية وأيضًا مجموعة جديدة من الشباب ذوو العقليات المختلفة الذين يحاولون الإبداع).
وأوضح الكاتب، أنه بحلول 2020 سيحصل الأردن على 20% من طاقته من السولار، وتحاول الحكومة بكل الطرق تعيين الشباب في القطاع الخاص.
ويقول الكاتب في ختام مقاله: "إن المشكلة هنا أن الوقت تأخر، وموعد الإصلاح السياسي تأخر كثيرًا، وكما صرح أحد الوزراء السابقين: "يجب علينا القيام بكل شيء، ولكن بشكل صحيح، وبسرعة".
فيديو قد يعجبك: