كيف يساهم الإعلام الهندي في تأجيج النزاع بين إسلام آباد ونيودلهي؟
كتبت- هدى الشيمي:
منذ الهجوم الانتحاري على بولواما، في مقاطعة كشمير التي يتنازع عليها كل من الهند وباكستان، والذي أودى بحياة 40 جنديًا هنديًا في 14 فبراير، أصبحت وسائل الإعلام الهندية تنادي بالثأر واستخدام العنف للرد على الواقعة، التي نفذتها جماعة جيش محمد الإرهابية، والتي تلوم نيودلهي وإسلام آباد على إيوائها ورعايتها.
وتصاعدت حدة التوتر بين الهند وباكستان في الأيام الأخيرة حتى وصلت إلى درجة تصعيد جوي وغارت واشتباك سقطت على إثره مقاتلات حربية.
قالت مجلة فورين بوليسي، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إن الإعلام الهندي بات مهوسًا بالحرب، واستغنى الإعلاميون والصحفيون عن الموضوعية وأبسط قواعد المهنية في نقل الأخبار وتغطية الأحداث، وأصبح المواطنون يسمعون عبارات مثل "لقد حان وقت الانتقام، ومن المفترض إراقة دم العدو"، مُشيرة إلى أن الإعلامي الهندي الشهير ارناب جوزوامي، يستخدم لغة عدائية قاسية إزاء باكستان بعد الهجوم الأخير.
كما أن وسائل الإعلام الهندية، حسب المجلة الأمريكية، هاجمت زوجة أحد الجنود القتلى بعدما تساءلت عن أسباب فشل السلطات في التصدي للهجوم، ومنع تكرار حدوثه، ودعت إلى إجراء حوار سلمي مع باكستان، فاتهمها البعض بأنها شخصية جبانة، فيما قال آخرون إنها لم تحب زوجها بما يكفي.
وتشير المجلة إلى أن الجنرالات والدبلوماسيين المتقاعدين الذين علقوا على الهجوم كانوا بعيدين تماماً عن هذا التحريض الإعلامي العدواني، ما يؤكد - حسب المجلة - إن الأشخاص الذين ليس لديهم أي خبرة في الحرب هم الأكثر حماسة بشأنها.
ذكرت فورين بوليسي أن الهند لم تخوض حربًا منذ فترة طويلة جدًا، عوضًا عن ذلك في تتعامل مع بعض الحركات المتمردة والهجمات الإرهابية، وعلى ما يبدو أن نقص الخبرة ترك جيلاً كاملاً من الهنود يحملون أفكارًا خطيرة وخاطئة بشأن أمجاد المعركة والانتصار.
وترى المجلة الأمريكية أن مشاعر المواطنين التي تتنوع ما بين الغضب والرغبة في الانتقام أمر طبيعي ومفهوم، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. مُشيرة إلى أن الغضب في هذه الحالة مُبرر ولا عيب فيه، بالنظر إلى أن إيواء باكستان لجماعة إرهابية يمثل مشكلة كبيرة وخطيرة للهند، لكن الخطاب العدواني المُستخدم في وسائل الإعلام له عواقب خطيرة، فكشمير وغيرها من البلدات والمدن الأخرى تواجه تهديدًا كبيرًا.
علاوة على ذلك، تقول فورين بوليسي إن الخطاب الإعلامي المتشدد يمثل ضغطًا كبيرًا على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات.
وترى المجلة أن هناك تساؤلات كان من المفترض أن يطرحها الإعلام الهندي، إلا أن شعوره بالغضب والرغبة في الانتقام أبعدوه عنها، ومنها مثلاً بالاكوت؟ ومن هم القتلى؟ وهل كانت باكستان مُستعدة للهجوم الجوي، كما رجحت تقارير؟ وما هي الاستراتيجية الانتقامية التي يتم العمل عليها؟ وهل كان من اللائق أن يتحدث رئيس الوزراء مع حشد انتخابي في اليوم الذي أعقب الهجوم؟ وكيف مات أكثر من 40 جنديًا في التفجير الانتحاري بفبراير الماضي؟ وهل التقصير نابع من الأجهزة الاستخباراتية أم فشل في الاتصالات؟
وتقول فورين بوليسي إنه بسبب الهتاف المتواصل لإراقة الدماء، والدعوات لشن الحرب، ترك الإعلام الهندي هذه الأسئلة المهمة لأرملة الجندي الشاب.
فيديو قد يعجبك: