لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فورين بوليسي تكشف.. كيف دمرت الثورة الإسلامية الموارد المائية في إيران؟

08:25 م الثلاثاء 26 فبراير 2019

الموارد المائية في إيران

كتب - هشام عبد الخالق:

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تحليلًا الإثنين، لما أسمته "انتحار إيران".

وقالت المجلة، في تحليلها المنشور على موقعها الإلكتروني: "لأكثر من عام كامل وبالتحديد منذ ديسمبر 2017، تسود المظاهرات والإضرابات المدنية المدن الإيرانية، والسبب الذي يتعلق بهذه المظاهرات حسبما يذكر المراقبون الأجانب هو الشكاوى السياسية والاقتصادية، ولكن ما يغفل عنه الكثرون هو أن محرك كبير لهذه الاضطرابات هو النقص الشديد في المياه".

وتضيف المجلة في تقريرها، أن أحد أسباب أزمة المياه هو تغير أنماط الطقس، لكن معظم اللوم يقع على عاتق الحكومة الإيرانية غير الكفؤة والإدارة الفاسدة للمياه، مشيرة إلى أن ما يسمى بالمعتدلين والإصلاحيين، مثل الرئيس السابق محمد خاتمي والرئيس الحالي حسن روحاني، يتحملون المسؤولية مثل أي مسؤولين إيرانيين آخرين عن هذه الكارثة.

وتقول المجلة، إن الفساد المستشري في النظام، والمحسوبية، وسوء إدارة الموارد البيئية والطبيعية، على مدى السنوات الأربعين الماضية، أدوا إلى وصول إيران إلى حافة كارثة. وفي عام 2013، أفاد الرئيس السابق لوكالة حماية البيئة في إيران أن 85% من المياه الجوفية في البلاد اختفت، في الوقت الذي تضاعف فيه عدد السكان في الأربعين عامًا الماضية.

وبحسب عيسى كالانتاري، وزير الزراعة السابق والرئيس الحالي لوكالة حماية البيئة، سيضطر ملايين الإيرانيين إلى الهجرة إلى بلدان أكثر تقدمًا، خاصة في أوروبا، إذا لم يتم حل أزمة المياه خلال 20 إلى 30 عامًا.

قبل ثورة 1979، كان عدد سكان إيران أقل من 34 مليون نسمة، وكانت مواردها المائية المتجددة حوالي 135 مليار متر مكعب، ولكن، في السنوات القليلة الماضية، ومع وصول عدد السكان إلى أكثر من 80 مليون نسمة، انخفضت الموارد المائية المتجددة إلى ما يقرب من 80 مليار متر مكعب، بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار وارتفاع معدل التبخر. وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل استهلاك الفرد، وإذا استمر هذا الوضع يتجه الوضع إلى نتيجة مأساوية.

وتقول المجلة، إن أزمة المياه في إيران بدأت قبل الثورة حتى، عندما قام الشاه محمد رضا بهلوي، بتأميم الموارد المائية لإيران. وعلى مدى أكثر من 3000 عام، تجنب الإيرانيون الاستغلال المفرط للطبقات المائية من خلال الاعتماد على القنوات المائية تحت الأرضية التي تمر داخل الأراضي القاحلة وشبه الجافة دون أن تتعرض المياه نفسها للشمس. لكن الشاه أدخل استخدام تكنولوجيا حفر الآبار العميقة ومضخات المحركات القوية إلى إيران مما أدى لاستنزاف طبقات المياه الجوفية في البلاد.

وجعلت السنوات الأولى من الثورة الأمور أسوأ، وحذر العديد من خبراء المياه والبيئة الإيرانيين الحكومة وقتئذ من حدوث انخفاض متوقع في نسبة الأمطار المتساقة سنويًا نتيجة لتغير المناخ، والذي سيكون له تأثير شديد على المياه السطحية وموارد المياه الجوفية.

واقترح الخبراء خططًا للحد من تلك الآثار، وتعتمد تلك الخطط على خفض استهلاك المياه وتنويع إنتاج الغذاء، واقترحوا تحويل سياسات إدارة المياه نحو إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، وتصميم تقنيات ري أفضل، والسعي إلى سياسات أكثر استدامة لقطاع الزراعة، والتي تستهلك أكثر من 90% من موارد المياه في إيران.

ولكن، بدلًا من ذلك، بنت إيران المئات من السدود، وكانت أغلبها -بحسب المجلة- غير ضرورية، وشبكات جديدة من أنابيب وقنوات نقل المياه. وكانت تأمل الحكومة الإيرانية في ذلك الوقت أن تسمح هذه الإجراءات بجمع وتزويد ما يكفي من المياه للمشاريع الزراعية والصناعية. وأفاد بناء السد شركات البناء المرتبطة بالنظام، وخاصة تلك التابعة للحرس الثوري الإسلامي.

وتشير المجلة، إلى أن السدود الجديدة منعت الأنهار الرئيسية من الوصول إلى أجزاء عديدة من البلاد وحالت دون تجديد موارد المياه الجوفية، ونتيجة لذلك، بدأ المزارعون في حفر آبار أعمق للوصول إلى جداول المياه الطبيعية التي كانت تغرق تدريجيًا.

في غضون ذلك، شجع النظام، الذي يسعى إلى اكتساب الاكتفاء الذاتي في صراعه مع الغرب، المزارعين على زراعة المزيد من القمح والحبوب الأخرى دون الالتفات إلى حالة طبقات المياه الجوفية المؤلمة. وأدى ذلك إلى قيام المزارعين بحفر عشرات آلاف الآبار، والعديد منها بصورة غير قانونية دون أي إشراف أو مساءلة.

صورة 1

وارتفع عدد الآبار في السنوات التي تلت الثورة الإسلامية في إيران، من 60000 إلى 800000، وفي 2018 أعلن نائب وزير الزراعة أن 430000 من هذه الآبار غير قانونية، وأن المزارعين كانوا يسحبون كميات كبيرة من المياه من العديد من الآبار القانونية، والآن أصبحت جداول المياه على وشك أن تصبح مستنفذة بالكامل.

وتقول المجلة، إن النظام الإسلامي في إيران بنى أكثر من 600 سد، ووعد بتوفير المياه الكافية للمزارعين في جميع أنحاء البلاد، ولكن بدلًا من ذلك، منعت هذه البنية التحتية المياه من الوصول إلى البحيرات والأراضي الرطبة ومستودعات المياه الجوفية، وبدأت طبقات المياه الجوفية التي لم يتم إعادة شحنها في الانهيار والضعف بشكل دائم، بطريقة تشبه تلك التي حدثت في بعض مناطق الولايات المتحدة مثل فريسنو بولاية كاليفورنيا الأمريكية.

تدمير النظام لبيئة إيران ومواردها المائية، يظهر بشكل جيد في نهر زاينده المحتضر، وتعني "زاينده" في الفارسية "مُعطي الحياة". وكان النهر، الذي ينبع من جبال زاجروس في الغرب وينتهي في بحيرة جافكوني بوسط إيران، مسؤولًا عن الحضارات الأولى في وسط إيران وكان السبب وراء ازدهار مدينة أصفهان الرائعة لقرون، والمعروفة في اللغة الفارسية بـ "نصف العالم".

والآن، بحسب المجلة، فإن الموت المستمر للنهر يدمر حياة الآلاف من المزارعين، وقد أدى ذلك إلى مظاهرات حاشدة ضد النظام، ليس فقط في أصفهان، بل في مدن أصغر مثل فارزانه، وهذا أمر مبرر. فخلال العقود الثلاثة الماضية، شهدت جبال زاجروس تساقطًا أقل للثلوج بسبب تغير أنماط هطول الأمطار، مما أدى إلى تقلص النهر. وبدلاً من إيجاد حلول مستدامة للأزمة، عملت الحكومة الإيرانية على تكثيف وتسريع تدمير النهر من خلال الإهمال والفساد.

سياسيو إيران، ومن بينهم خاتمي والرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي، حولوا المياه من نهر زاينده لأغراض سياسية، وكان لخاتمي دورًا أساسيًا في تدمير النهر عن طريق تحويل المياه إلى إقليم يزد الذي ينتمي له.

روحاني أيضًا أهمل أزمة المياه في إيران، واختار عدم اتباع سياسات يمكن أن تخفف من نقص المياه، بما في ذلك إدارة طبقات المياه الجوفية، وبناء محطات إعادة تدوير المياه، والحملات العامة التي تشجع الإيرانيين على خفض معدل استهلاكهم، وبدلًا من ذلك، فقد دفع لتحويل المياه المحلاة إلى مسقط رأسه بسمنان وبناء مزيد من السدود، وتعاملت حكومته مع احتجاجات المزارعين بالاعتقالات والتعذيب والضرب.

أزمة المياه لم تهدد استقرار النظام فحسب، بل شكلت تهديدًا لإيران كدولة قومية قادرة على الحفاظ على نفسها، وبحسب المجلة، فإنه إذا لم يتم حل الأزمة خلال 20 إلى 30 سنة، فإن ملايين الإيرانيين سيضطرون إلى المغادرة، وستصبح مناطق بأكملها من البلاد، ولا سيما خوزستان في الجنوب الغربي وبلوشستان في الجنوب الشرقي، غير صالحة للسكن.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن الجمهورية الإسلامية كانت القوة الأساسية في خلق أزمة المياه بإيران، فهي تفتقر إلى الرغبة والقدرة على حكم إيران لصالح شعبها.

وقالت المجلة الأمريكية في ختام تقريرها: إنه "ليس من المستغرب أن العديد من المزارعين الإيرانيين، الذين كانوا يعتبرون في يوم من الأيام مكوّنًا طبيعيًا للنظام الثوري، يدعون الآن إلى الإطاحة به، فلطالما استمر هذا النظام، ستواجه البلاد الجفاف والتدمير".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان