صحيفة إسرائيلية: نخشى أن يحاكم قادتنا أمام محاكمة دولية
كتب - محمد صفوت
لايزال إعلان فاتو بنسودا، المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، عن إطلاق تحقيقًا كاملًا حول جرائم الحرب المرتكبة في فلسطين، يلقي بظلاله على الأوساط الإسرائيلية، التي قد تكون المتهم الأول والرئيسي أمام الجنائية الدولية.
وقالت بنسودا في بيانها الجمعة الماضية، إنها لديها قناعة بأن جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، لافتة إلى أن التحقيق قد يشمل اتهامات ضد الفلسطينيين والإسرائيليين.
تقول صحيفة "تايمز أو إسرائيل" في نسختها الإنجليزية، إن المسؤولون الإسرائيليين يخشون أن يقودهم قرار المحكمة الجنائية الدولية، إلى التحقيق في جرائم حرب اتركبت على يد إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، ما قد يعرض قادة إسرائيل من سياسين وعسكريين حاليين وسابقين للمحاكمة أمام الجنائية الدولية.
يمهد الطريق لمحاكمة قادة إسرائيل
القناة "12" الإسرائيلي، تحدث مع مصادر دبلوماسية ونقلت قولهم بأن قرار المحكمة في الجرائم المزعومة يمهد الطريق لملاحقة قادة إسرائيل أمام محاكمة دولية، حسبما نقلت عنها الصحيفة الإسرائيلية.
وتقول القناة الإسرائيلية، نقلاً عن مصادرها، إن رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو، ورؤساء الأركان في الجيش وجهاز الأمن العام "شاباك" ووزراء الدفاع، خلال السنوات الخمس الأخيرة قد يواجهون مذكرات توقيف دولية إذ شرعت المحكمة في إجراء تحقيقًا موسعًا.
بدورها رفضت إسرائيل التعاون مع التحقيق المحتمل من قبل الجنائية الدولية، خلال الـ120 يومًا المقبلين هي المدة المحتملة لبدء التحقيق في جرائم الحرب، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية إسرائيلية للقناة العبرية.
إسرائيل ترفض التعاون
ونقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول في مكتب إدارة المشاريع قوله: "إنه سيتم اتخاذ قرارًا بعد أن تصدر الفرق القانونية توصياتها".
وأكدت المصادر الدبلوماسية، أن الحكومة الإسرائيل لن تتعامل مع التحقيق بأي صفة رسمية، موضحين أنه يمكن لمنظمات إسرائيلية خاصة أن تدافع عن من يوجه إليه الاتهام بشكل رسمي.
سياسيون وقادة إسرائيليون يرفضون القرار
إعلان بنسودا، الذي هاجمه بنيامين نتنياهو بشدة ووصفه في تعليقه عليه بـ"السخيف" زاعمًا أن المحكمة تستخدمه كسلاحًا ضد إسرائيل، كما وصفه بـ"يوم أسود بالنسبة للحق وللعدالة"
بدورها وصف المستشار القضائي إفيخاي ماندلبليت، القرار بـ"غير معقول" و"المتسرع".
ويقول إن إسرائيل دولة قانون وملتزمة باحترام القانون الدولي والقيم الإنسانية، وظل التزامها لعقودًا طويلة، حتى أمام التحديات التي واجهتها البلاد، فهو متجذر في طابع الدولة وقيمها ويضمن نظام قضائي قوي ومستقل في إسرائيل، مشددًا على رفضه لمثول قادة الكيان المحتل أمام الجنائية الدولية.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن التحقيق سيشمل سياسة إسرائيل في تمكين مواطنيها من الاستيطان في الضفة، وانشطتها خلال حربها على غزة في 2014، وقمعها لمسيرات العودة التي انطلقت منذ مارس الماضي.
كما سيشمل التحقيق استهداف حماس لمدنيين إسرائيليين خلال حرب 2014، واستخدامها للفلسطينيين المدنيين كدروع بشرية.
وكانت قد أحالت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، مسألة التحقيق إلى المحكمة للبت في مسألة الأراضي التي تتمتع فيها المحكمة بصلاحيات إنشاء محاكمة جنائية، خاصة أن إسرائيل ليست عضوًا في الجنائية الدولية، حسبما ذكرت الصحيفة.
من جانبه دعا رئيس حزب المعسكر الوطني ووزير المواصلات بتسلئيل سموتريتش، بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، أمس السبت بمنح الحكومة الفلسطينية مهلة لا تزيد عن 48 ساعة لسحب الدعوى المقدمة ضد إسرائيل في محكمة لاهاي، بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، وإلا إعلان انهيار السلطة السياسية الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرًا لها على الفور.
وانتقد سموتريش المحكمة الجنائية الدولية ووصفها بأنها "معادية للسامية".
وقال إن نتنياهو كان يجب أن يصدر الإنذار النهائي للسلطة الفلسطينية قبل سنوات عندما تقدمت بطلب لفتح التحقيق في عام 2015.
ودخل منافس نتنياهو، بيني جانتس، رئيس حزب "أزرق أبيض" على الخط وهاجم قرار المحكمة، قائلاً: "إن الجيش الإسرائيلي هو أحد أكثر الجيوش الأخلاقية في العالم، ولا يرتكب جرائم حرب".
وزعم جانتيس، أن قرار المحكمة لا أساس له، مطالبًا المدعية العامة بالمحكمة، بفتح تحقيق جنائي في الوضع داخل فلسطين، ووصف القرار بأنه "سياسي وليس قانوني".
وفور إعلان بنسودا، عن فتح التحقيق، سارع مسؤولون إسرائيليون في نشر رأي صادر عن المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت، الذي يزعم أن الجنائية الدولية ليس لها صلاحية لإجراء تحقيق.
وزعم أنه من خلال اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإن الفلسطينيين يسعون إلى دفع المحكمة لتحديد القضايا السياسية التي ينبغي حلها عن طريق المفاوضات، وليس عن طريق الإجراءات الجنائية.
بدوره علق تال بيكر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلي، على القرار قائلاً: "إن هناك جهد فلسطيني واضح لتجريم النزاع القائم بيننا، حيث يكون لإسرائيل وحدها التزامات قانونية ولفلسطين الحقوق فقط، مشددًا على أن القرار لا يدفع لتقارب وجهات النظر لحل النزاع بل يزيد منه ويأزمه أكثر.
في عام 2015 بدأ التحقيق الأولي من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن وقّعت السلطة الفلسطينية على نظام روما الأساسي وقبلت رسميًا اختصاص المحكمة على أراضيها.
وكانت بنسودا قد أشارت في الماضي إلى أن مسألة ما إذا كان للمحكمة اختصاص هي مسألة معقدة، وهذا هو السبب الذي دفع المستشار القانوني للحكومة في العام الماضي إلى إصدار ورقة تشرح وجهة نظر إسرائيل، كما قال روي شندورف، نائب المستشار القانوني للحكومة للقانون الدولي في وزارة العدل.
ويتطرق تقرير المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، إلى افتقار المحكمة المفترض للاختصاص فقط، ولا يناقش مسائل أخرى كان على المدعية العامة أخذها في الحسبان عند دراستها لقرار فتح تحقيق، مثل ما إذا كانت الجرائم المزعومة المرتكبة في فلسطين خطيرة بشكل يستدعي تدخل المحكمة، أو ما إذا كان يمكن الاعتماد على المحاكم المحلية للتحقيق في هذه الجرائم المزعومة.
ترحيب فلسطيني
الإعلان الذي كان الجمعة الماضية لاقى ترحيبًا من الفصائل الفلسطينية المختلفة، إذ قال محمود عباس الرئيس الفلسطيني، إن هذا يوم تاريخي والآن أصبح بإمكان أي فلسطيني أصيب جراء الاحتلال أن يرفع قضية، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
ورحبت حركة "حماس" بالقرار وأبدت استعدادها لتسهيل مهام أي لجان منبثقة عن المحكمة بشأن تهم جرائم الحرب التي قد يواجهها قادة إسرائيل.
وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة، إنهم على استعدادا لمساعدة اللجان ومدها بالأدلة والبراهين والوثائق التي تدين إسرائيل وتؤكد ارتكابها جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
فيديو قد يعجبك: