لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"أموالهن تُغذي التنظيم".. لماذا يُجند داعش الخادمات في شرق آسيا؟

09:39 ص الثلاثاء 12 نوفمبر 2019

عاملة منزلية في شرق آسيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت– إيمان محمود

تعمل ثلاث نساء كعاملات منازل لستة أيام في الأسبوع بسنغافورة، وفي أوقات فراغهن يبدأن أنشطة دعائية لتنظيم داعش الإرهابي على الإنترنت، كما تبرعن بأموال لمسلحي التنظيم، ووصل الحد بتطرفهن إلى أن واحدة كانت مستعدة لتنفيذ هجوم انتحاري في سوريا، وفقًا لوزارة الشؤون الداخلية في سنغافورة.

في سبتمبر الماضي، ألقت السلطات في سنغافورة القبض على النساء الثلاث اللاتي يحملن أصولا إندونيسية الأصل، للاشتباه في مشاركتهم في أنشطة تمويل الإرهاب ويواجهن عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامات تصل إلى 500 ألف دولار سنغافوري (362 ألف دولار).

أكدت متحدثة باسم السفارة الإندونيسية في سنغافورة اعتقال السيدات، وقالت إنها تقدم المساعدة القنصلية إلى النساء اللائي ليس لديهن تمثيل قانوني لأنهن ما زلن قيد التحقيق.

حتى الآن، لم يُوجه اتهامًا رسميًا للسيدات، ويقول خبراء في الإرهاب إنهن لسن الوحيدات من عاملات المنازل اللائي يُعتقد أنهن اتجهن للتطرف عبر الإنترنت خلال العمل بمدن آسيوية كبيرة مثل سنغافورة وهونج كونج.

وبينما ينظر داعش إلى آسيا بعد سقوط الخلافة المزعومة في الشرق الأوسط، فإن هؤلاء النساء يستهدفن بشكل متزايد، وإن يكن بطريقة أقل تنظيمًا، كما يحذر الخبراء.

وقالت نافا نورانية، الباحثة في مؤسسة فكرية إندونيسية: "يتعرضن للاستغلال من قِبل الخلايا المتشددة التي تعتبرهن في الأساس أبقارًا تأتين بالمال، لديهن دخل ثابت، ويتحدثن الإنجليزية وعادة ما تكن لديهن شبكة دولية واسعة، مما يجعلهن أهدافًا مثالية".

أسباب التطرف

تمثل تلك النساء مجموعة فرعية صغيرة من حوالي 250 ألف عاملة منزلية مهاجرة تعيش في سنغافورة ومن بين 385 ألف من المقيمين في هونج كونج.

وقال متحدث باسم وزارة الشؤون الداخلية في سنغافورة "الغالبية العظمى من العمال الأجانب ملتزمون بالقانون ويقدمون مساهمة إيجابية في مجتمعنا، ومع ذلك لا يزال هناك أفراد يواصلون تطرفهم من خلال اتباع أيديولوجية داعش العنيفة".

معظم الحالات التي تم تحديدها حتى الآن تشمل مواطنين إندونيسيين، وفقًا لخبراء الإرهاب.

حاولت شبكة" سي إن إن" الاتصال بالنساء الإندونيسيات الثلاث المحتجزات في سنغافورة لكن لم تتمكن من الحصول على تعليق.

وفقًا لمصدر في إندونيسيا على دراية بملامح المقاتلين المتطرفين الذين أُعيدوا إلى بلادهم، تم ترحيل ما لا يقل عن 20 عاملة منزلية متطرفة إلى إندونيسيا، التي تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم.

وقالت الباحثة نافا نورانية، إن النساء اللواتي أصبحن متطرفات، تبدأ العملية معهن عادة بعد حدوث صدمة، ويمكن أن يكون التطرف سريع للغاية.

ونقل تقرير المؤسسة حالة عاملة منازل إندونيسية من هونج كونج تحولت من كونها متحمسة للأزياء العلمانية إلى محبة لداعش في أقل من عام.

وقالت نورانية: "إما يواجهن الطلاق أو يعانين من صدمة ثقافية تتمثل في الانتقال إلى مكان مختلف تمامًا عن المنزل، وكلها قضايا شائعة يواجهها العمال المهاجرون".

وأضافت أن الذين يعيشون بعيدا عن المنزل في بيئة غير مألوفة، يتعرضون أحيانا لسوء المعاملة من قبل أرباب العمل عديمي الضمير، هم عرضة بشكل خاص للتلقين عبر الإنترنت.

"أصدقاء أونلاين"

تقول نورانية، إنه يمكن أن يكون لدى العاملات اتصال مع أحد المُنتمين لداعش ضمن قائمة أصدقائهم على فيسبوك، ويلجئون إليه أو يبحثون عن صفحات المتشددين البارزين.

وأضافت: "يتم تجنيد بعضهن من قبل عاملات منازل أخريات في مجموعة صلاة أو في حدث اجتماعي في يوم إجازتهن، إنه طريق باتجاهين: تتخذ عاملات المنازل الخطوة الأولى بالتواصل مع المتشددين، بالمقابل، يتم جلب الكثيرين بسرعة إلى مجموعات راديكالية وإعدادهم ليصبحوا مُسلحين.

وقالت خادمة إندونيسية من سيمارانج تعمل في سنغافورة خلال مقابلة مع IPAC: "لقد بدأت أستمع إلى تسجيل صوتي لشيخ سلفي أثناء تنظيف المنزل، كما بدأت بمتابعة أشخاصًا على فيسبوك بدت صفحاتهم إسلامية جدًا لأنني كنت بحاجة إلى أصدقاء يمكنهم توجيهي".

وأضافت أنها تأثرت بشكل خاص من خلال حساب إنستجرام الذي أظهر صورًا فوتوغرافية للضحايا المسلمين في سوريا.

ثم قابلت جزار إندونيسي يبلغ من العمر 29 عامًا يعيش في باتام. قالت إنه شجعها على السفر إلى سوريا للانضمام إلى داعش هناك. لكن الحكومة السنغافورية تعرفت على خططها ورحلتها إلى إندونيسيا في عام 2017، وفقًا لنورانية.

وترى نورانية أن نقطة التحول عادة ما تأتي بعد أن تقيم النساء علاقات شخصية مع المتشددين على الإنترنت. ثم يتم دعوتهن للانضمام إلى غرف الدردشة المخصصة على التطبيقات المشفرة، وبمجرد أن تتم عملية التطرف، تتزوج من أي جهادي.

وقامت إحدى الشخصيات البارزة المزعومة في مشهد داعش في هونج كونج، وهي امرأة تبلغ من العمر 36 عامًا من جاوة الوسطى، بجمع أموال من الخادمات وأرسلتهن إلى المنظمات الجهادية في إندونيسيا، وفقًا لمقابلاتها مع IPAC كما نظمت تذاكر الطائرة للمقاتلين الإندونيسيين الذين يسافرون إلى سوريا، وغالبًا عبر هونج كونج، وفقًا لنفس المصادر.

في يوم إجازتها، كانت تحضر أحيانًا فصولًا من قبل فريق "خدمة الإسلام"، وهي منظمة أسسها وائل إبراهيم، نجم بوب مصري الذي تحول إلى عالم سلفي، وقال لشبكة سي إن إن: "جاءت عادة مع صديق وكانت هادئة للغاية خلال الدرس، لكن بعد ذلك، كانت تتساءل بقوة عن سبب عدم دعمنا لتنظيم داعش".

انتهى به الأمر إلى استبعادها من صفوفه، في يوليو 2017، وتم ترحيلها إلى إندونيسيا، حيث بقيت هناك، وفقًا لنورانية.

يسافر بعض عمال المنازل المتطرفين إلى مناطق الحرب، فمن بين 50 عاملة منزلية متطرفة حاولت 12 على الأقل الوصول إلى سوريا عبر هونج كونج، اعتبارًا من يونيو 2017، أربعة منهن تمكنت السلطات من اعتقالهن وتم ترحيلهن إلى إندونيسيا، وفقًا لتقرير IPAC .

الوجهة الجديدة

يقول الخبراء إن داعش عززت موطئ قدم لها في جنوب شرق آسيا، وبدأ مؤيدو داعش -بمن فيهم عاملات المنازل المتطرفات- في تحديد الفلبين كوجهة جديدة.

وبعد عام 2017، بمجرد أن بدأ داعش يفقد الأراضي التي سيطر عليها في الشرق الأوسط، تغيرت رسالته، وقال زكاري أبوزا: "بدأ تشجيع المتشددين على السفر إلى مينداناو، في الفلبين، وإقامة الخلافة هناك.

وفي عام 2017، استولى إرهابيو داعش على بلدة مروي في مينداناو، مما أدى إلى حصار دام خمسة أشهر، والذي تم كسره فقط في أكتوبر 2017 بعد مقتل الزعيمين المتشددين عمر ماوت وإيزيلونون هابيلون، أمير البلاد المفترض لداعش في آسيا.

في ديسمبر عام 2016، تم اعتقال انتحارية في جاوة الوسطى، خلال فترة وجودها هناك كعاملة منزلية، وعادت إيكا بوسبيتاساري البالغة من العمر 34 عامًا إلى إندونيسيا لتتزوج من رجل التقت به عبر الإنترنت في عام 2015، وفقًا لما ذكرته IPAC وتقول السلطات إنها تطوعت بعد ذلك لتنفيذ هجوم بالقنابل في بالي عشية رأس السنة. حكم عليها بالسجن أربع سنوات وستة أشهر وغرامة في عام 2017.

مراقبة دقيقة

بحسب سي إن إن، فإن توظيف عاملات المنازل في هونج كونج وسنغافورة لم يمر دون أن يلاحظه أحد.

قامت سنغافورة بترحيل 16 عاملة منزلية زعمت أنهم تحولوا إلى التطرف في إندونيسيا منذ عام 2015 بعد الانتهاء من التحقيقات في قضاياهم، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الداخلية

ورفضت هونج كونج تقديم أرقام عن عدد المساعدين المنزليين الذين قامت بترحيلهم، لكن متحدثًا باسم الشرطة قال إنه "يراقب عن كثب اتجاهات الإرهاب الدولي ويقيم باستمرار التهديد الإرهابي لهونج كونج" من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية مع وكالات إنفاذ القانون الأخرى وإجراء تمارين متعددة الوكالات.

وفي عام 2018، تم إنشاء وحدة مخصصة لمكافحة الإرهاب بين الإدارات.

وتعمل سنغافورة مع المنظمات الدينية المحلية ومجموعة إعادة التأهيل للتواصل مع مجتمع عاملات المنازل الأجانب من خلال فعاليات التواصل في المساجد والسفارات الأجنبية، وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الحكومة.

وأضاف أن هذه الأحداث تعمل على تعليمهم القيم الاجتماعية متعددة الأديان في سنغافورة وتحذيرهم من الجماعات المتطرفة، كما تنظم وزارة القوى العاملة إحاطات إعلامية لوكالات التوظيف وأدرجت وحدة لمكافحة الإرهاب في برنامجها لتوطين عاملات المنازل الأجانب.

وبحسب "سي إن إن"، ما زالت النساء الإندونيسيات المعتقلات الثلاثة رهن الاحتجاز، بموجب قوانين الأمن في سنغافورة، يمكن احتجازهم لمدة تصل إلى عامين قبل محاكمتهم.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة إنه "يتم تقييمهم على أنهم يشكلون تهديدًا أمنيًا نظرًا لدعمهم لداعش والتحقيقات الجارية في أنشطة تمويل الإرهاب لديهم".

فيديو قد يعجبك: