"الحرب والحُب".. كيف أثر دونالد ترامب في عامين على أمريكا والعالم؟
كتب - هشام عبد الخالق:
تحل اليوم الموافق العشرين من يناير، الذكرى الثانية لأداء دونالد ترامب القسم الجمهوري رئيسًا للولايات المتحدة، ونشهد الآن تغيرا كبيرًا ليس في الولايات المتحدة فقط، ولكن على المستوى العالمي أيضًا، وسلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على أبرز العناصر التي تغيرت بأمريكا خلال فترة رئاسة ترامب.
واختارت الصحيفة البريطانية خمسة مجالات رئيسية رأت أنها شهدت أبرز التغييرات في العامين الماضيين بالنسبة لإدارة ترامب، وهي: السياسة الخارجية، الاقتصاد، القضاء، البيئة، والهجرة، نستعرضها فيما يلي:
السياسة الخارجية
تقول صحيفة "الجارديان"، إن ما يميز السياسة الخارجية لحقبة ترامب هو الارتباك، ليس فقط بسبب الفجوات المتكررة بين المسارات التي يتخذها الرئيس وإدارته، ولكن أيضًا في التناقضات والتراجع الذي يقوم به الرئيس نفسه.
وأضافت الصحيفة، ترامب يصر على إعادة القوات الأمريكية من سوريا وأفغانستان، ولكنه صدم مستشاريه في بعض الأحيان بعدائيته تجاه إيران على وجه التحديد، وهو ما يرفع الخطر بإمكانية نشوب حرب جديدة.
وفي الوقت الذي يشجب فيه ترامب الحكومة في طهران، قرر الرئيس الأمريكي عدم خوض منافسة مباشرة ضد النفوذ الإيراني في سوريا.
ترامب أيضًا هدد "بالنار والغضب" ضد كوريا الشمالية، لكنه منذ ذلك الحين زعم أنه "وقع في الحب" مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، على الرغم من أن الديكتاتور الشاب لم يظهر أي مؤشرات على تفكيك ترسانته النووية.
يتردد ترامب، بحسب الصحيفة، في انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما يعزز الشكوك في أنه تحت سيطرة الكرملين، ولكن إدارته اتخذت موقفًا أكثر صرامة ضد روسيا من سابقتها (إدارة باراك أوباما)، وفرضت المزيد من العقوبات ووفرت الأسلحة الفتاكة لأوكرانيا.
هناك بعض السمات التي تجعل السياسة الخارجية في عصر ترامب مختلفة تمامًا عن أي إدارة سابقة، وأحدها هو إضفاء الطابع الشخصي على العلاقات مع الحكومات الأجنبية.
من الواضح أن ترامب يثق في غريزته أكثر من نصائح مستشاريه للسياسة الخارجية والأمنية، وقد دفعته تلك الغرائز نحو الحكام المستبدين وأبعدته عن الحلفاء الديمقراطيين التقليديين، الذين غالبًا ما ينظر إليهم ترامب على أنهم يستغلون القوة الأمريكية.
سمة أخرى مميزة للسياسة الخارجية في عهد ترامب، إصراره على محو إرث باراك أوباما وأسلافه الآخرين، وتقريبًا كل شيء كان أوباما يدافع عنه يعارضه ترامب بشكل كبير، بداية من الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 إلى الصفقات التجارة مع أوروبا، أو اتفاق المناخ في باريس.
وسمة ثالثة لحقبة ترامب، هي انعدام الثقة في الاتفاقات والمؤسسات المتعددة الأطراف. فما يريده ترامب هو ما اعتاد عليه من عمله كرجل أعمال وهو رجلان يقومان بصفقة على طاولة واحدة، أما المائدة المستديرة التي تضم مجموعة متنوعة من الأشخاص تصيبه بالإحباط.
لم يختبر ترامب بعد أزمة دولية من صنعه، بحسب الصحيفة، التي استطردت: "ولكن سنرى إذا ما كان حظه وحظ العالم سيستمر في العامين المقبلين".
الاقتصاد
الرئيس الأمريكي قال للصحفيين العام الماضي: "هذا هو أعظم اقتصاد في تاريخ بلادنا"، وبعد عامين من رئاسته أصبح لديه الكثير ليتباهى به، ولكن أيضًا توجد بعض المشاكل الكبيرة التي كثير منها من صنعه.
وتقول الصحيفة البريطانية، إن معدلات البطالة اقتربت من أرقام لم تشهدها الولايات المتحدة منذ زمن بعيد، وتم خلق ما يقرب من 5 ملايين وظيفة في عصر ترامب، وعلى الرغم من أن الانتعاش الحالي بدأ بوضوح في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، إلا أن التحسن الذي قام به ترامب مثير للإعجاب.
بيل كلينتون يملك الرقم القياسي لأكبر زيادة في القوى العاملة حيث تم خلق 23 مليون وظيفة خلال فترتي ولايته، واستطاع أوباما -الذي انتخب في أسوأ فترة ركود- خلق 10 ملايين وظيفة خلال فترتي ولايته.
وبحسب "الجارديان"، فإن ترامب تفوق على أوباما -حتى الآن- في شيء واحد، ألا وهو زيادة الأجور، ولكن في نواحٍ أخرى فإن سجل ترامب الاقتصادي غير مشجع.
توجد سمة مميزة لعصر ترامب من الناحية الاقتصادية وهي الحروب التجارية، حيث استطاع الرئيس الأمريكي تمزيق اتفاقيات تجارية استمرت عقودًا وأثار عداء أكبر شركائه التجاريين.
وعلى الرغم من أن التأثير الذي سببه ترامب لا يزال قيد الدراسة، إلا أنه تسبب بالفعل في عمليات بيع مكثفة في أسواق الأسهم وربما ساهم في تباطؤ الاقتصاد الصيني. وأصدرت شركة "آبل" لأول مرة منذ عام 2002 تحذيرًا من الأرباح في وقت سابق من هذا الشهر، وألقت باللوم في ذلك على تباطؤ الأعمال في الصين بسبب الحرب التجارية.
شعبية ترامب الاقتصادية ساعدت على انتخابه رئيسًا، وسيعتمد حصوله على فترة ولاية ثانية على ما إذا كان بإمكانه الوفاء بالوعود التي قطعها في الفترة الأولى.
القضاء
يبذل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزعيم مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، قصارى جهدهما لحماية تفوق الرجال البيض في المحاكم الأمريكية.
وعلى مدار العامين الماضيين، قاما (ترامب وماكونيل) بملء المحاكم بالقضاة المحافظين من الذكور البيض، وهو ما قد يبدو وكأنه عمل معتاد لحزب في السلطة، لكنه في الواقع نتاج استراتيجية ماكونيل على المدى الطويل.
ماكونيل منع العشرات من الذين رشحهم أوباما للمحاكم الفيدرالية من خلال رفضه التصويت عليهم في مجلس الشيوخ، مراهنًا على أنه في عام 2016، قد يفوز الحزب الجمهوري بالرئاسة ويقدم قائمة بأسماء قضاة أكثر تحفظًا.
بعد وفاة أنتون سكاليا، قاضي المحكمة العليا في عام 2016، استخدم ماكونيل سيطرته على مجلس الشيوخ لإبقاء المقعد شاغرًا لمدة 293 يومًا عن طريق رفض جلسة الاستماع لمرشح أوباما، ميريك جارلاند.
بالنسبة للمسيحيين الإنجيليين البيض، كان المقعد الشاغر في المحكمة العليا هو السبب الأكثر إقناعًا بالتصويت لصالح ترامب، الذي تزوج ثلاث مرات، والذي كان متفاخرًا بتحيزاته الجنسية مع النساء، وبعد فوزه بالرئاسة، رشح ترامب نيل جورساتش.
في عام 2018، أُجبر المرشح في المحكمة العليا بريت كافانو على المرور بفحص صارم بسبب مزاعم الاعتداء الجنسي في الماضي، وهو ما نفاه كافانو.
ويحاول ماكونيل وترامب أيضًا تحويل دفة محاكم الاستئناف والمحاكم المحلية لصالحهما، وحتى الآن، تم تعيين 85 قاضيًا من قبل ترامب - اثنان في المحكمة العليا، و30 في محكمة الاستئناف و53 في محاكم المقاطعات-، وهذا معدل أسرع من أوباما الذي عين خلال ثماني سنوات قاضيين بالمحكمة العليا و55 قاضي استئناف و268 قاضي محلي.
يمكن لمجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون تحت قيادة نانسي بيلوسي، أن يوقف تشريعات الجمهوريين، لكن الديمقراطيين لا حول لهم ولا قوة ضد عزم ترامب على تنصيب أكبر عدد ممكن من القضاة.
البيئة
يرى الرئيس دونالد ترامب، أن تغير المناخ ما هو إلا أكذوبة صينية، وقررت وكالة حماية البيئة في الفترة ما بين أعياد الميلاد وبداية السنة الجديدة، أن القواعد التي تحد من انبعاثات الزئبق، والتي تسبب الإصابة بالاضطرابات العصبية ومشاكل القلب والرئتين ونظم المناعة المتعسرة، تكون مرهقة للغاية في مصانع الفحم ويجب التخلص منها.
وهذا القرار بالتخلص من القواعد التي تحد من انبعاثات الزئبق، هو الأحدث في قائمة تضم حوالي 80 قرارًا حول البيئة تم إلغائها من جانب إدارة ترامب، وتلك القرارات الهدف منها تدمير السياسة الرئيسية في عهد أوباما والتي كانت تهدف لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة من الطاقة، ووقف الحظر المزمع لمبيد حشري يُعتبر مضرًا لنمو الأطفال، وإضعاف معايير كفاءة استهلاك الوقود للسيارات.
في أكتوبر الماضي، حذر تقرير تاريخي أصدرته "اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" التابعة للأمم المتحدة، من أنه لم يتبق سوى عشرات السنين لمنع درجات الحرارة العالمية من أن تتخطى نقطة يصبح فيها الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة والفقر أسوأ بشكل مريع.
وكان رد ترامب على ذلك ادعائه أنه لديه "غريزة طبيعية للعلم" لأن عمه، جون ترامب، كان أستاذًا للهندسة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومضيفًا بأن المناخ "يتغير ذهابًا وإيابًا"، ومن ثم يصدر حكمه على تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قائلًا: "أنا لا أصدقها".
الهجرة
لمدة ثلاثة أشهر في 2018، اعترف ترامب بفصل الأطفال المهاجرين قسرًا عن عائلاتهم، مما أدى لاستفزاز مشاهد اليأس في قاعات المحاكم ومراكز الاحتجاز على الحدود، حيث توسلت الأمهات والآباء أن يعود أطفالهم.
ووصفت ابنة ترامب وكبير مستشاريه إيفانكا تلك الأشهر بأنها "نقطة مظلمة" في تاريخ الإدارة، التي تخلت رسميًا عن تلك السياسة في يونيو.
ومع ذلك، تستمر الإدارة في اتباع أجندة متطرفة حول الهجرة، مما يبقي العائلات منفصلة بطرق مختلفة وأكثر خبثًا.
وأيضًا حظر ترامب الخاص بدخول أفراد دول من أغلبية مسلمة، أوقف أفراد العائلات في بعض المناطق غير المستقرة بالعالم عن زيارة أحبائهم في أمريكا، ومؤخرًا مُنعت امرأة من اليمن من زيارة ابنها البالغ من العمر سنتين والمريض بسبب كونها يمنية على الرغم من أنه مواطن أمريكي.
وفي الوقت نفسه، خفضت الإدارة عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول البلاد إلى مستوى قياسي بلغ 30.000 فقط، وتم تخفيض عدد طلبات الحصول على البطاقة الخضراء، كما هدد ترامب شخصيًا بمحاولة وضع حد للمواطنة الموروثة (الحصول على الجنسية للمولودين في الولايات المتحدة).
وهناك أيضًا تعهد ترامب الشهير ببناء جدار على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، والذي يقر الآن بأنه لن يتم تمويله من المكسيك أو بنائه من الصلب.
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها بـ "على الرغم من أن الإغلاق الحكومي بسبب تمويل الجدار أدى لتعطيل جزء كبير من الحكومة الفيدرالية، إلا أن الأكثر عرضة للخطر هم الذين يطلبون اللجوء، والذين اضطرتهم الظروف للمكوث على حدود الولايات المتحدة، والذين يتحملون أكثر من غيرهم نتيجة سعي ترامب الحثيث لحل غير فعال في مواجهة مشكلة معقدة على الحدود".
فيديو قد يعجبك: