لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"صفقة تحمل مخاطر للمعارضة السورية".. كواليس الاتفاق التركي الروسي حول إدلب

11:53 ص الأحد 23 سبتمبر 2018

إردوغان وبوتين

كتبت- رنا أسامة:

كشفت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية كواليس مفاوضات "إدلب" الرامية لمنع النظام السوري من شن هجوم على المنطقة منزوعة السلاح، والتي تُعد آخر المحافظات الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وأثمرت المفاوضات عن صفقة لاقت استحسان كافة الأطراف المشاركة في الحرب السورية؛ تجنبًا لوقوع كارثة للسكان المحليين البالغ عددهم 3 ملايين نسمة. وجرت الموافقة على مواجهة الجماعات المسلحة التي ما تزال متحصنة في المحافظة.

وقالت الصحيفة، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين الماضي، في مدينة سوتشي الروسية الواقعة على البحر الأسود. واتفق الزعيمان على خارطة طريق لتحرير إدلب من هيئة تحرير الشام، الجماعة التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة سابقًا، دون الحاجة إلى التدخل العسكري.

ووفقًا لخارطة الطريق، ستنشئ الدولتان منطقة منزوعة السلاح بطول 15 إلى 20 كيلومترًا، بين قوات المعارضة في إدلب وقوات النظام السوري، بحلول 15 أكتوبر المُقبل، حسبما ذكرت "ميدل إيست آي".

تغييرات طهران

الأمر الذي يُمثّل، بحسب الصحيفة، تحولًا ملحوظًا يختلف عما جرى خلال لقاء بوتين وإردوغان مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في طهران يوم 7 سبتمبر، حيث رفض الرئيس الروسي مقترح نظيره التركي بوقف إطلاق النار.

حينها، علّق بوتين على مُقترح إردوغان "في الحقيقة، لا يوجد ممثلون للمعارضة المسلحة هنا على هذه الطاولة، بل الأكثر من ذلك، لا يوجد ممثلون لجبهة النصرة -الاسم السابق لهيئة تحرير الشام- أو تنظيم داعش أو الجيش السوري".

وتابع "أعتقد أن الرئيس التركي محق بشكلٍ عام، إنه أمر جيد، لكنني لا أستطيع التحدث نيابة عنهم، والأكثر من هذا أنني لا أستطيع التحدث نيابة عن جبهة النصرة أو داعش، وضمان أنهما سيوقفان إطلاق النار واستخدام الطائرات من دون طيار المحملة بالقنابل"، بحسسب الصحيفة.

لكن تُرى ما الذي حدث خلال 10 أيام ودفع بوتين للعدول عن رأيه؟ تتساءل الصحيفة.

وفي هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن مسؤولين أتراك عملوا على الصفقة ومصادر أمنية مُطلعة، قولهم إن "تركيا عرضت بدء عملية عسكرية في إدلب بدعم من (جماعات المعارضة المعتدلة) ضد هيئة تحرير الشام".

وبحسب المصادر- الذين طلبوا عدم كشف هويّاتهم- جاء ذلك في إطار "خطة تقضي بإنشاء منطقة كتلك التي أنشأتها في المناطق الشمالية بمدينتي عفرين وجرابلس، الخاضعتين لسيطرة تركيا حاليًا".

وبموجب هذا السيناريو، تعهّدت أنقرة بتوفير ممرات آمنة للنظام على الطريقين "إم 4" و"إم 5"، اللذين يربطان بين حلب ودمشق واللاذقية.

غير أن هذا المقترح رفضته موسكو، التي تدعم طموح نظام الرئيس بشار الأسد للقضاء على جميع المعارضين واستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، بما فيها إدلب.

ونتيجة لهذا، تقدّم وزيرا الدفاع والخارجية التركيان إلى روسيا بعرض جديد: منطقة منزوعة السلاح بين المعارضة وقوات النظام، وكذلك التعهّد بتطهير إدلب من هيئة تحرير الشام والجماعات المماثلة لها.

وفق المصادر، التي لم تُسمها الصحيفة، كانت الصفقة على وشك أن تحظى بموافقة روسيا حتى قبل قمة طهران، لكن عوامل أخرى اعترضت طريقها.

تمثّل أحد هذه العوامل- كما تقول "ميدل إيست آي"- في الصراع الأمريكي الروسي في سوريا، الذي دفع الجيش الروسي إلى إجراء تدريب عسكري ضخم في شرق البحر المتوسط مطلع سبتمبر الجاري. لم يودّ بوتين التصريح علنًا بالانسحاب من عملية عسكرية مُخطط لها في إدلب، وسط حالة استعراض القوة بين الطرفين.

إضافة إلى هذا، صرّحت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية بإمكانية تنفيذ عملية عسكرية ضد الأسد، حال استخدم أسلحة كيماوية ضد المدنيين. ولم يرغب بوتين في التراجع، لكنه أراد إظهار دعمه للأسد في إدلب، وفقًا لما زعمته مصادر تركية للصحيفة.

ما الذي عرضته تركيا؟

على مدى شهور، كانت تركيا تعمل على تمييز جماعات المعارضة في إدلب عن هيئة تحرير الشام، وقد حقّقت في ذلك بعض النجاحات؛ إذ رحل عن هيئة تحرير الشام الآلاف من أعضائها، وانضموا إلى جماعات المعارضة المدعومة من تركيا.

وفي الوقت الحالي يعمل أكثر من 70 ألف مقاتل مع تركيا في إدلب وعفرين، بينما يبلغ عدد أعضاء هيئة تحرير الشام نحو 15 ألف فرد تقريبًا. وترى تركيا في المنطقة منزوعة السلاح "فرصة لإقناع هؤلاء الذين كانوا يدعمون هيئة تحرير الشام في منطقة إدلب العنيفة بترك الجماعة"، بحسب الصحيفة.

وقال مصدر أمني لـ"ميدل إيست آي" إن بعض أعضاء هيئة تحرير الشام يدعمون جهود تركيا والبعض الآخر يعارضها، زاعمًا أن "المخابرات التركية ستعمل على تأليب الطرفين ضد بعضهما البعض".

وفي حال لم تفلح سياسة تفكيك هيئة تحرير الشام والفصل بين أعضائها، ستتمثّل الخطة البديلة في "استهداف الجماعة عبر تنفيذ عمليات عسكرية صغيرة ضدها، بالتعاون مع جماعات المعارضة المسلحة الأخرى".

وفي هذا الصدد، تُشير الصحيفة إلى أن أكثر من 90 بالمائة من أعضاء هيئة تحرير الشام سوريين، وتعتبرهم تركيا وروسيا "متهمين جنائيين خاضعين لمسؤولية الحكومة السورية". ونتيجة لهذا، سيُسلّم المعارضون الذين لا يتعاونون مع الجيش التركي وينتهكون قواعد عدم النزاع إلى شرطة الحكومة السورية.

وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى للصحيفة إن "الأسلحة الثقيلة والشاحنات التابعة لجماعات المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح ستُسلم إلى الجماعات الموجودة في إدلب بدلًا من تركيا".

وفي الوقت نفسه، ستُسيطر تركيا على الطريقين "إم 4" و"إم 5 "-اللذين تسيطر هيئة تحرير الشام على جزء منهما وتسيطر جماعات المعارضة المدعومة من تركيا على جزء آخر- وتضمن أمنهما.

ولا تزال الشاحنات الحكومية لا يُمكنها استخدام الطريق بدون دفع رشاوي للجماعات المُسلحة في نقاط التفتيش.

وفي 31 يوليو الماضي، استخدمت تركيا نفوذها لدى الجماعات المسلحة في إدلب لإزالة نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام. ومثّلت نقطة التفتيش هذه أكبر النقاط التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام على الطريق الرئيسي بين حلب ودمشق، الذي يُعَد حيويًا لكل الأطراف.

وقال المصدر الأمني: "أثبتنا قدرتنا على فعل هذا في يوليو الماضي، ويؤمن الروس حاليًا أننا سننجح في إزالة نقاط التفتيش الأربع الأخرى، التابعة لهيئة تحرير الشام".

وفي حين أبرم وزيرا الدفاع التركي والروسي الصفقة في 17 سبتمبر، وجرى الاتفاق على حدود المنطقة منزوعة السلاح في اجتماع ضم مسؤولين من وزارتي الدفاع في العاصمة التركية أنقرة، في الفترة من 19 إلى 21 سبتمبر الجاري، واصل النظام السوري عملياته في إدلب لكن "في منطقة محدودة".

وعن احتمالية انزعاج أنقرة من تصرفات نظام الأسد، قال مصدر تركي لميدل إيست آي: "توجد هذه المنطقة غالبًا ضمن المنطقة منزوعة السلاح، وتقع مسؤولية تطهيرها من الجماعات المتطرفة على عاتق روسيا وتركيا، حتى 15 أكتوبر المقبل".

وما زال يجري النقاش حول تفاصيل الصفقة بين المسؤولين من كلا الطرفين، ولن تُحدّد في شكلها الأخير حتى منتصف الشهر المقبل.

عودة اللاجئين إلى سوريا

تخطط تركيا لإعادة توطين 3 ملايين لاجئ سوري في مدينتي عفرين وجرابلس. وقال مسؤولون أتراك للصحيفة البريطانية إن "أنقرة تخطط لإعادة توطين نحو 3 ملايين لاجئ سوري، موجودين حاليًا في تركيا، شمالي سوريا، بين مدينتي عفرين وجرابلس".

بيد أنه في حال أقدمت روسيا ونظام الأسد على تنفيذ عملية عسكرية في إدلب، ستنقل تركيا المدنيين الفارين من إدلب إلى هاتين المنطقتين، ولن يتبقى مكان لإعادة توطين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.

وكذلك، تسعى موسكو إلى خلق قناة اتصال مباشرة بين دمشق وأنقرة، ستكون ضرورية في العملية السياسية، بحسب الصحيفة.

قال مصدر دبلوماسي تركي لميدل إيست آي "إنهم لم يبدأوا الحديث مع نظام الأسد، لكنهم يبحثون، على كل حال، عن طرق للتواصل معه بعد أعوام من الصراع".

ماذا بعد؟

تقول مصادر أمنية تركية ومصادر من المعارضة السورية، وصفتها الصحيفة بالمُطلعة، إن "الصفقة تحمل مخاطر للمعارضة".

إذ قال أحد مصادر المعارضة في مباحثات مع الاستخبارات التركية في إدلب: "لن تكون بحوزتنا أسلحة ثقيلة في المنطقة منزوعة السلاح، وكذلك النظام السوري، لكن عدم المساواة ينطلق من وجود القوات الجوية الروسية".

وأضاف: "ليس لدينا أي دعم جوي هنا. وفي حالة نشوب أي نزاع أو خرق الاتفاق، أو إذا اعتقدت موسكو أن المتطرفين ما زالوا موجودين هنا، يمكنهم بسهولة بدء قصف جوي والهجوم علينا، سيقضي هذا علينا على الفور حتى يتسنى لنا استعادة أسلحتنا الثقيلة للدفاع عن أنفسنا".

وعندما سُئِل مسؤول تركي عن مخاطر الصفقة، قال إن تركيا عززت مراكز المراقبة الـ12 التابعة لها في إدلب، تحسبًا لنشوب مثل هذه النزاعات.

وأضاف المسؤول من وزارة الخارجية التركية: "لن نترك مراكزنا هناك، فهي ستساعدنا على تأمين ما نكسبه على الأرض، عند بدء العملية السياسية حتى إذا انسحبت قوات المعارضة في حالة شن هجوم عليها"، بحسب الصحيفة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان