لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تبقي واشنطن على التعاون التركي الإيراني الروسي حيا في سوريا؟

06:32 م الثلاثاء 11 سبتمبر 2018

إردوغان يعارض الهجوم المرتقب على إدلب، بوتين وروحا

طهران (بي بي سي)

لا يفوت الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، زيارة المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في كل مرة يمر بها على طهران، حتى عندما زارها في مارس من العام ٢٠١٢ ولم يكن خامنئي في طهران، طار إليه إلى مشهد حيث التقيا، وحينها قيل إن سوريا فرقت بين الصديقين، مع إصرار اردوغان وقتها على ضرورة إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، ورد خامنئي بأن إيران ستفعل ما بوسعها للدفاع عنه.

في العادة لا يستخدم المرشد مترجما في حديثه الخاص مع إردوغان لكونه يجيد التركية الاذرية، المفهومة لأذن الإسطنبوليين، كما يحلو للإيرانيين تسميتهم، لذا لا يضيع شيء من الكلام في الترجمة.

وفي قمة طهران الثلاثية لزعماء إيران وروسيا وتركيا، لم يغير إردوغان عادته، وبعد القمة التي استفزته كثيرا في القول والفعل، ذهب إلى خامنئي برفقة نائب الرئيس الإيراني، إسحق جهانغيري، وكان لافتا جلوس وزير الخارجية التركي إلى جانب مستشار المرشد للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي. الأخير هو بمثابة وزير خارجية المرشد وحامل رسائل حول العالم. قبل شهرين كان في روسيا حيث استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحسب معلومات بي بي سي فهو يحضّر حاليا لزيارة إلى الصين، ينقصها حتى الآن تأكيد الرئيس الصيني تشي جيبينغ بأنه سيقوم باستقباله شخصيا، بصفته الرسمية مستشارا للمرشد.

في الغرفة الكبيرة التي جمعت الرجلين في مقر إقامة المرشد وسط طهران، سمع إردوغان كلاما عاما لم يكن ينتظره. خامنئي أشاد بمواقف الرئيس التركي من قضية المسلمين في ميانمار، وشدد على ضرورة توحيد المسلمين في مواجهة واشنطن التي يقلقها وجود دولة إسلامية، على حد قوله، وتأكيد على أهمية القضية الفلسطينية، كذلك زيادة نقاط الالتقاء أكثر وأكثر بين إيران وتركيا. إردوغان رد في المقابل بأن تشتت الدول الإسلامية وعدم وجود التنسيق بينها هو أحد أسباب ما آلت إليه الأوضاع اليوم، مضيفا أن الأوضاع باتت أكثر حساسية بسبب أسلوب التعامل الغربي مع الدول الإسلامية "وهذا ما يستوجب رفع مستوى التعاضد والأخوة خاصة بين الجمهورية الإسلامية في إيران وتركيا".

الهواجس التركية

الكلام العام المنشور لم يكن سوى إشارة واضحة إلى أن مطلب إردوغان الرئيسي في طهران لم يجد أذنا صاغية، كما على الطاولة كما في اللقاءات الثنائية وكما في بيت المرشد. الهدنة أو وقف إطلاق النار، التي طلب الرئيس التركي أن يتضمنها البيان، وإن كانت الهواجس التركية محل تفهم إيراني، ليس الورقة التي يمكن للإيرانيين تقديمها على الطاولة، أولا لأنهم لا يملكونها بشكل كامل، وثانيا لأن إيران تتفهم أيضا بشكل كبير، بل ملتزمة بشكل كامل بتنسيق ثلاثي آخر، يضمها إلى روسيا والحكومة السورية.
سوريون يتجهون إلى شمال محافظة إدلب
الخلاف على الطاولة الرئيسية أمام شاشات التلفزة خلال الجلسة الثلاثية يوم الجمعة لم يكن وليد الصدفة. فالرئيس التركي سعى بكامل الأدوات الممكنة لإقناع شركائه الإيرانيين والروس بإلغاء عملية إدلب، وهو ما يفسره لقاء وزير خارجيته مولود شاويش أغلو مرتين خلال الساعات الأربع وعشرين التي سبقت القمة بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في طهران. كذلك فإن إردوغان في لقائه الثنائي مع الرئيس الإيراني أثار الموضوع ولم يصل إلى نتيجة. لذا كان الحل الأخير أن يذهب بما لديه إلى الطاولة وأمام ملايين المشاهدين، ليقدم مشهد محادثات مباشرة مع بوتين وروحاني حول موضوع حساس وأزف ومحل اختلاف يصل إلى حد التهديدات، بين الاطراف الحليفة للأسد والأطراف المناوئة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.

بوتين بدا غير مكترث بالقلق التركي الذي شرحه إردوغان، وذهب مباشرة إلى القول إن ما من أحد يمثل "جبهة النصرة والإرهابيين" على حد وصف الرئيس الروسي، على الطاولة، متسائلا من ذا الذي سيضمن التزامهم بأي بند في البيان الختامي يتضمن تصريحا بالهدنة أو وقف الإطلاق النار، بحسب طلب إردوغان. روحاني، باعتباره رئيس الدولة المضيفة، كان لديه همان، هما الأول إخراج القمة بأفضل صورة ووضعها في خانة الناجحة، هذا من جهة، وهم آخر وهو العلاقة مع تركيا التي برغم تعرضها للعقوبات الأمريكية، فهي واحدة من رئات معدودة للاقتصاد الإيراني خلال المرحلة المقبلة مع أزوف الحزمة الثانية من عقوبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نوفمبر المقبل. روحاني ذهب لمحاولة لقاء في منتصف الطريق من خلال طرح اقتراح وقف إطلاق النار مقابل إلقاء السلاح.
أفراد من هيئة تحرير الشام في معسكر بمحافظة إدلب
لكن تركيا لم تخرج خالية الوفاض من القمة. البند الرابع من البيان الختامي للقمة تضمن اتجاها هو جديد لدى طهران بالدرجة الأولى، وروسيا بشكل أقل، نحو التمييز بين المعارضة المسلحة وبين من تصنف كجماعات إرهابية كما يعرف بتنظيم الدولة أو جبهة النصرة ومن يدور في فلكهما. فطهران ومنذ بداية الأزمة اعتبرت كل من يحمل سلاحا ضد الأسد إرهابيا، وهو ما اتفقت عليه مع روسيا، التي كان وزير خارجيتها سيرغي لافروف قد مهد لهذا الكلام في مناسبات سابقة، لا سيما خلال كلمة له في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية في ٣ سبتمبر/ أيلول حيث قال إنهم يبذلون حالياً "جهوداً حثيثة مع شركائنا الأتراك والحكومة السورية والإيرانيين، أطراف عملية أستانا، من أجل الفصل على الأرض بين المعارضين المسلحين العاديين وبين الإرهابيين، وذلك بطريقة لا تعرّض المدنيين للخطر."

بالنسبة لأنقرة هذه النقطة قد تساعد في صناعة جسر لمرحلة ما بعد تأجيل الأمر الواقع لهجوم إدلب، الذي لم يلغ بحسب ما تقول مصادر متقاطعة في دمشق وطهران، لكنه في "مرحلة إعادة الترتيب ليناسب جميع الأطراف". الأمر الواقع أعلاه، هو نتيجة الاتصالات المستمرة ما بعد القمة بين الأطراف الثلاثة، التي برغم خلافاتها تبدو وكأنها لا تملك حاليا سوى الإبقاء على إطار التواصل والتنسيق هذا في ظل اتفاقهم على القلق من أي دور أمريكي ممكن في سوريا، وهو الذي قد يقوض دورهم ويحد من تأثيرهم.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان