"مبنى التجارة العالمي".. معلومات عن محطة مترو دُمرت في هجمات 11 سبتمبر
كتبت- رنا أسامة:
عندما انهار برجا مركز التجاة العالمي في هجمات 11 سبتمبر 2001 الدامية، تحطّمت محطة مترو "كورتلاند ستريت"، انحنت دُعاماتها المتينة كما قُصاصات الورق، وتُرِكت آثارها مدفونة تحت الركام.
لنحو 17 عامًا، ظلت المحطة مُغلقة، وحُذِف اسمها بشكل مأساوي من خريطة مترو الأنفاق في مدينة نيويورك، حتى مع ظهور مجمع مركز التجارة العالمي الجديد الممتد فوق الأرض.
بعد طول انتظار، أُعيد افتتاح المحطة ظهر السبت الماضي بحضور مسؤولين وساسة وركاب احتشدوا للاحتفاء بعودتها مُجددًا.
وجاء الافتتاح قبل يومين من مرور 17 عامًا على أحداث 11 سبتمبر التي أسفرت عن مصرع قرابة 3 آلاف شخص، وإصابة آلاف الجرحى بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة. فيما لا يزال 24 شخصًا في عِداد المفقودين حتى اليوم.
توضح صحيفة "نيويورك تايمز" أن المحطة بدت أنيقة، مُشرقة، مُنعِشة، تحمل قليلًا من نفحاتها القديمة، بأجوائها الرطبة ذاتها."صفوف من كلمات الحرية والإلهام تنسدل من جدران المحطة"، تقول الصحيفة.
وقال أندريه كولازو، 46 عامًا، يعمل مصمم "بالرغم من أننا سقطنا، لكننا استطعنا على النهوض". وتابع "من المهم الشعور بأننا أقوياء ومرنون".
تُشير الصحيفة إلى أن إعادة افتتاح المحطة التي دمّرتها هجمات 11 سبتمبر تمثل "لحظة فارقة بالنسبة إلى نيويورك"؛ فهي آخر جزء رئيسي تسعى المدينة لإعادة بنائه قُبيل الذكرى الـ17 للهجوم. لكن حقيقة أن الأمر استغرق وقتًا طويلًا بمثابة " تذكير صارخ بالاختلال الوظيفي بين وكالات النقل بالمنطقة".
وبدأت هيئة ميتروبوليتان للنقل في نيويورك، التي تُدير نظام مترو الأنفاق، في بناء المحطة الجديدة في 2015 بعد أن سلّمت هيئة ميناء نيويورك ونيوجيرسي الموقع بعد الانتهاء من أجزاء أخرى من المنطقة.
"لقد طال انتظارها"، يصف ميتشل إل موس، مدير مركز رودين لسياسة النقل والإدارة بجامعة نيويورك، إعادة افتتاح المحطة. وأضاف "لقد كان تحديًا كبيرًا إعادة بناء مترو الأنفاق في نفس وقت إعادة بناء الموقع أعلاه".
تكلّفت إعادة بناء المحطة، التي سيُطلق عليها اسم "مبنى التجارة العالمي كورتلاند" لتعكس ارتباطها بموقع المبنى، 181.8 مليون دولار. وتزيّنت بالفسيفساء الذي كتب عليه نص بيان استقلال الولايات المتحدة ولائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة. كما زوّدت بنظام تهوية متطور للحفاظ على برودة الركاب خلال الأيام الحارة.
وأشار جوزيف لوتاه، رئيس هيئة النقل، إلى أن إعادة بناء المحطة كان "مشروعًا معقدًا"، استلزم العمل مع وكالات وممثلي الدولة والمدن الأخرى لتحديد موقع المباني الجديدة، قبل البدء في التخطيط لمداخل المترو.
وقال لوتاه "تذكّروا، كان هناك الكثير من عمليات البناء. هذه المداخل كانت وسط مواقع البناء حيث كانت هناك رافعات وما إلى ذلك من أدوات البناء. السلامة واحدة من أهم الأشياء التي نتعامل معها في كل يوم هنا".
لقد انتعشت مدينة مانهاتن السفلى وازدهرت في السنوات التي تلت الهجوم، حيث كانت تنبض بالأنشطة التجارية والمساكن والمطاعم والمتاجر، الأمر الذي بدا غير قابل للتخيّل خلال الأسابيع والأشهر التي أعقبت الموت والدمار الذي ظهر خلال عدة ساعات من بدء الهجمات. تقول الصحيفة "عودة محطة مترو الأنفاق تؤكّد ولادتها من جديد".
غادر القطار رقم 1 المحطة منذ سنوات بعد انهيار جزء من الطريق تحت الركام في 11 سبتمبر. بعد فترة وجيزة من الهجوم، قيّم رئيس البنية التحتية لمترو الأنفاق بنيويورك، جون فيريللي، حجم الضرر: "سقطت عشرات الطوابق من مبنى ضخم من ارتفاع 600 قدم فوق سطحنا مباشرة".
تأتي المحطة الجديدة في الوقت الذي يُعاني مترو الأنفاق بنيويورك من أزمة، مع زيادة تأخير زمن التقاطر منذ أكثر من عام بعد إعلان حاكم الولاية أندرو إم. كومو حالة الطوارئ على شبكة مترو الأتفاق.
وتغيّب كومو عن حضور افتتاح المحطة يوم السبت، وبدلًا من ذلك كان يباشر حملته قبل الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي المُقررة الخميس. ورفض مكتبه توضيح سبب تغيّبه.
فيما قال آندي بيلفورد، قائد وكالة (إم تي إيه) التي تُدير مترو الأنفاق، "لم أكن لأفوت هذا اليوم العالمي". وأضاف بينما كان يُجري جولة في المحطة الجديدة "إنه يوم يوم تاريخي، كما أعتقد، بالنسبة للمدينة وللبلد؛ فها هي المحطة باتت مفتوحة وأُطلِق عليها عمدًا مركز التجارة العالمي".
كان يُتوقع إعادة افتتاح المحطة في وقت لاحق هذا العام، غير أن السيد كومو قال إنه ومسؤولي النقل، وتحديدًا يانو ليبر- كبير مسؤولي التطوير- دفعوا لإعادة فتحها في أقرب وقت.
وأوضح بيفورد، الذي كان يعمل مسؤولًا بهيئة النقل في لندن وقت سقوط برجيّ مركز التجارة العالمي، أنه نظر إلى المحطة الجديدة -بالكلمات المكتوبة على جدرانها- أنها "هادئة ومليئة بالتحدي. وهذا ما أحبه فيها".
وقال بنيامين كاباك، الذي يُدير موقعًا الكترونيًا شهيرًا معنيًا بشؤون مترو الأنفاق، إنه "من الجيد انتهاء هذا المشروع، حتى لو استغرق الأمر طويلًا".
وأضاف كاباك "إنه ليس واحدًا من الإنجازات المُتوّجة. لقد واجهوا الكثير من المصاعب مع سلطة الموانئ"، في إشارة إلى وكالة (إم تي إيه) التي تدير مترو الأنفاق.
تُشير النيويورك تايمز إلى أن المحطة الجديدة مُصممة بأقل عدد من الأعمدة مع توفير 3 مصاعد تيسيرًا على ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يستخدمون الكراسي المتحركة. كما ستتيح إشارات الكترونية تحمل معلومات عن مواعيد القطارات في الوقت الفعلي مثل المحطات الأخرى.
وستساعد المحطة على ربط مركز التجارة العالمي بالأحياء المجاورة على طول الجانب الغربي من مانهاتن. يقول السيد موس "هذه المحطة من شأنها أن تجعل مانهاتن السفلى تزدهر".
وبالنسبة للعديد من المسافرين والزوار، لا تبدو أهمية "محطة مركز التجارة العالمي كورتلاند" في كونها أكثر راحة عن غيرها من المحطات، بقدر الأهمية التي تحملها فكرة إعادة افتتاحها بعد 17 عامًا، بحسب الصحيفة.
تقول آيدسيلي رودريجيز، معلمة بمدرسة في ميامي كانت تجلس خارج المحطة الجديدة، إن "مشاهدتها هجمات 11 سبتمبر على التلفزيون استنزفتها عاطفيًا لدرجة أنه بعد سنوات، بقيت بعيدة عن موقع مركز التجارة العالمي عندما جاءت إلى المدينة".
وبالرغم من تغيّر الحياة في نيويورك بسبب الهجمات، ترى رودريجيز أن "افتتاح المحطة من شأنه أن يُعيد المدينة على ما كانت عليه قبل 11 سبتمبر".
أما إيموري ليونز، 15 عامًا، وهو طالب ثانوي يعيش في حي تشيلسي في مانهاتن، فكان توّاقًا للغاية لمشاهدة المحطة الجديدة، حتى أنه وصل إليها قبل ساعة و45 دقيقة من افتتاحها رسميًا، وكان عليه أن ينتظر خارج بوابات الدخول الدوّارة.
ورغم أنه لم يولد حتى عندما انهات المحطة القديمة بفعل الهجمات الدامية، إلا أنه بحث عن صور لها. وقال إنه "شعر بارتباط شخصي بذلك المكان لأن والده ستيفن، وهو محامٍ، كان يعمل في مبنى على الجانب الآخر من برجيّ مركز التجارة العالمي".
وفي معرض حديثه عن المحطة الجديدة، قال ليونز "أحب الإحساس بها" ، لكنه أعرب عن اندهاشه من أنها استغرقت وقتًا طويلًا. "لماذا لم تنتهِ مبكرًا؟".
فيديو قد يعجبك: