لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفاصيل محاولة اغتيال رئيس فنزويلا.. هل كانت مؤامرة مُدبّرة من مادورو؟

12:45 م الثلاثاء 07 أغسطس 2018

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تفاصيل محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، بينما كان يُلقي خطابًا أثناء حضوره عرضًا عسكريًا، مساء السبت، في الوقت الذي تُثار تكهّنات بأن الأمر لا يتعدّى كونه "مؤامرة مُدبّرة من الحكومة".

وقالت الصحيفة، نقلًا عن شهود عيان كانوا على مقربة من الحادث: "عند المِنصة الرئاسية وقف الفريق الصغير الذي يحكم البلد الآن: لواء مخلص يشغل الآن منصب وزير الداخلية، ورئيس المحكمة العُليا، والرئيس نيكولاس مادورو الذي كان يتطلع من أسفل على موكب من قوات الحرس الوطني".

وتابعت "كان مادورو، الذي تزيّن للحفل مُرتديًا سلسلة ذهبية ووشاحًا يحمل ألوان علم بلاده الثلاث، يختتم حديثه بعد ظهر السبت حول الموضوع الذي يشغل بال كل فنزويلي بشكل أساسي: الاقتصاد المُدمَّر الذي خلّف الكثير من المواطنين جوعى وأفرغ المستشفيات من الأدوية ودفع مئات الآلاف لمغادرة البلاد".

على مرأى الجمهور المؤيد له، حاول الرئيس الفنزويلي التحدُّث بنبرة متفائلة بشأن التحسينات القادمة بالرغم من الوضع القاسي الذي تعيشه البلاد. قال مادورو في خطابه: "نراهن على النتائج الجيدة التي سيشهدها هذا البلد. لقد حان وقت الانتعاش الاقتصادي"، ثم دوَّى انفجار.

أخفض أحد اللواءات رأسه، في حين ارتبكت السيدة الأولى وحاولت الإمساك بذراع رئيس المحكمة العليا الواقف إلى جوارها. هرع المسؤولون الأمنيون إلى المِنصة وأحاطوا بالرئيس حاملين دروعًا سوداء كبيرة. ثم نظر الجميع إلى السماء والخوف يعتريهم.

تعرض مادورو إلى هجوم وصفته الحكومة بأنه "محاولة اغتيال"، استُخدِمت فيها "طائرات بدون طيار" لأول مرة ضد رئيس دولة.

ليس وليد اللحظة

وأوضحت الصحيفة أن هذا المشهد الفوضوي لم يكن وليد اللحظة، وأنه "خير دليل على الاضطرابات التي تشهدها فنزويلا منذ الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت الصيف الماضي وتسبّبت في سقوط أكثر من 100 قتيل واعتقال أكثر من 3 آلاف".

وأشارت إلى أن المعارضة في فنزويلا هدأت إلى حدٍ كبير منذ أن قمعت الحكومة تلك المظاهرات، وفاز مادورو مرة أخرى في الانتخابات التي جرت مايو الماضي، ووُصِفت على نطاقٍ واسع أنها مزوّرة.

بعد الحادث بيوم، أعلن وزير الداخلية الفنزويلي، نيستور ريفرول، "اعتقال 6 إرهابيين وقتلة مأجورين"، وأن أحدهم شن هجومًا ضد الحكومة من قبل.

وكان هناك بثٌّ مباشر للاحتفال على شاشات التلفاز، وبدلًا من أن تنطفئ الكاميرات وتظهر شاشة سوداء عند بدء الهجوم، صوّرت أعداد الجنود المحتشدين. وفي لقطة قريبة، اعترى الخوف وجه جندي شاب يرتدي قبعة عسكرية حمراء. وصاح أحدهم في الخلفية: "لنتجه إلى اليمين".

ثم وقع انفجار آخر. وفجأة تخلى مئات من رجال الحرس الوطني، الواقفين من أجل أداء العرض العسكري، عن الرئيس متدافعين في حالة من الذُعر بحثًا عن ملجأ آمن.

روايات شهود عيان

روى الناشط كارلوس خوليو روخاس، أنه شاهد تدافعًا عنيفًا بينما كان يقف في تظاهرة احتجاجية قريبة من مكان الحادث. وقال: "سمعت صِراخًا ورأيت رجال الحرس الوطني يركضون ببنادقهم الطويلة في الشوارع كالمجانين، حتى أنهم دفعوا سيدة عجوزًا كانت تحاول الجري".

وتابع "يُفترض أن جيشنا هو من يحمينا ولكن تُفاجأ أنهم يركضون بهذا الشكل".

خرج مادورو سليمًا من هذا الهجوم، وظهر على شاشات التلفاز مساء ذلك اليوم ليعلن فشل محاولة الاغتيال. ولكنه لم يُظهِر يقينًا تامًا بشأن المسؤولين عن محاولة اغتياله. وبالرغم من إلقائه اللوم على العناصر اليمينية في فنزويلا والحكومة الكولومبية، فإنه لم يقدم أي دليل يدعم تلك المزاعم.

في أعقاب الهجوم، صدر بيان رسمي منسوب إلى مجموعة غامضة من رجال الجيش الفنزويليين الفاسدين، عبر تويتر، مع تصريحات غامضة تُندِّد بالحكومة، ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن المجموعة تتحمّل مسؤولية الواقعة، وفق النيويورك تايمز.

مؤامرة من الحكومة؟

ألقى البعض في فنزويلا مسؤولية المؤامرة على مادورو، مُثيرين احتمالية وقوف الحكومة وراء الهجوم كشكل من أشكال القمع على المعارضين؛ لاسيّما مع عدم صدور أي إجراءات أمنية خاصة يوم الأحد حول موقع الهجوم، ما أثار مزيدًا من الشكوك حول مدى جدية الحكومة في متابعة الأمر ومواصلة التحقيقات.

قال نيكمار إيفانز، وهو عالم سياسة انفصل عن حزب مادورو وخاض حملات معارضة: "تكمن الفكرة في أنه إذا كان ذلك هجومًا شنته الحكومة بنفسها، فهل ستستغل الموقف الآن لمضاعفة الموجة القمعية؟".

في تمام الساعة 5:41، كان مادورو في ختام الاحتفال بمناسبة إحياء الذكرى الـ81 للحرس الوطني، تلك القوات التي كانت على الخطوط الأمامية العام الماضي في حملته المهلكة ضد المحتجين.

أما خوسيه جريجوريو تشاسين، الذي يقطن أمام موقع الانفجار، فكان يجلس في منزله بالقرب من شارع بوليفار، يشاهد العرض العسكري من نافذته.

قال يوم الأحد: " شاهد دائمًا جميع الأحداث. رأيت ضوءا ثم سمعت صوت انفجار. كان يشبه صوت فرقعة كما لم أسمع مثله في حياتي من قبل".

كان رد فعله البديهي هو الاتصال بزوجته التي خرجت مع ابنته، وعندما رأى تدفق القوات هربًا من العرض، فكر في أنه "ربما وقع شيء ما لمادورو".

ومع تردد أخبار الحادث، انطلقت فرق التلفزيون إلى مكان الموقع.

قالت نيدي فريتس، وهي مراسلة تبث الحدث مباشرة على قناة "فيفوبلاي" الفنزويلية، بكاميرا معلقة على المقعد الخلفي للسيارة: "نتجوّل الآن حول شارع بوليفار. يمكنكم رؤية الشرطة ومسؤولي الحرس الوطني أمامكم".

ثم سُمِع صوت ضربة على زجاج السيارة. قالت فريتس في مقابلة إن "قوات الحرس الوطني أمرت بإغلاق كاميراتها وقاموا بتعطيلها ثم اعتقالها".

ماذا حدث؟

وأشارت الصحيفة إلى تضارب الروايات حول سبب انبعاث دخان من مبنى قريب بدا أنه اشتعلت فيه النيران في نفس وقت الهجوم. أخبر رجال الإطفاء الصحفيين أن السبب هو "انفجار خزان الغاز"، في حين قال الشهود إن الحريق نجم عن "انفجار طائرة بدون طيار بعد سقوطها".

قال موظف شاب يعمل بمخزن في المنطقة، طلب عدم نشر اسمه خوفًا من إلقاء القبض عليه في تحقيق حكومي: "كان الشيء الطائر سيسقط في الشارع ولكنه اصطدم بالمبنى".

ولأكثر من ساعة بعد الهجوم، كانت البلاد في حالة انتظار وسط تردد شائعات فقط على وسائل الإعلام لسد ثغرات ما قد شوهد للتو. ماذا كان الانفجار؟ وهل نجا الرئيس الذي اختفى من على شاشات التلفاز فجأة؟

قال وزير الاتصالات خورخي رودريجز، الذي تحدَّث أمام الصحفيين بعد الساعة السابعة مساءً بقليل، إن مادورو تحدّث إليه شخصيًا وطلب منه "تهدئة روع البلاد".

وأوضح أن ما جرى كان محاولة لقتل الرئيس باستخدام "أجهزة طائرة متنوعة تشبه الطائرة بدون طيار"، وعلى الرغم من أنها باءت بالفشل، أُصِيب 7 من رجال الحرس الوطني.

أشاد رودريجز بالجنود قائلًا: "إن تشكيل جنود الحرس الوطني بقي صامدًا في مكانه". ولكن بدا ذلك مناقضًا لانسحاب الجنود المضطرب الذي شهدته البلاد.

لغز جديد

وفي وقت لاحق من مساء السب، ظهر لغز جديد على تويتر: "نسخ من بيان نُسِب لمجموعة غامضة تُطلق على نفسها (Operation Phoenix أو عملية فينيكس)".

يتزعّم المجموعة المؤلّفة من رجال عسكريين ساخطين، طيار فاسد يُدعى أوسكار بيريز، استولى العام الماضي على طائرة هليكوبتر وأطلق قنابل صاعقة على مبنى المحكمة العليا. كان ينشر رسائل على حسابه عبر انستجرام يحث فيها شعب فنزويلا على التمرد، حتى لقى حتفه لافي تبادل إطلاق نار مع الحكومة في يناير الماضي.

سخرت الرسالة التي نشرتها المجموعة، مساء السبت، من الحكومة ونعتتها بأنها "شيوعية" و"حكومة تجار مخدرات"، وقالت إن المتمردين سيدفعون حياتهم ثمنًا لاستعادة الديمقراطية. لكن -وبحسب الصحيفة- خلّف البيان الغامض وراءه سؤالًا رئيسيًا مفتوحًا: هل هم من أرسلوا الطائرات بدون طيار؟.

شاهد شعب فنزويلا رئيسه من جديد، على شاشات التلفاز في حوالي الساعة التاسعة مساء السبت، وكان واقفًا أمام المنصة ويبدو أنه لا يزال يرتدي البدلة وربطة العنق ذاتها. وبدا غير مرتبك بل متحمسًا لشرح ما حدث على المنصة بعد ظهر ذلك اليوم.

وقال: "كان أول رد فعل لي هو المراقبة مع الحفاظ على هدوئي، لأنني لدي ثقة كاملة في الشعب والقوات المسلحة والله الذي يحميني".

وأوضح أن الأمر كان مُحيّرًا ولكنه قضى وقتاً في محاولة حل لغز ما قد وقع أمامه بالفعل.

فيديو قد يعجبك: