آلية داعشية جديدة في عالم الاغتيال.. كيف استهدفت "الدرونز" رئيس فنزويلا؟
كتبت- رنا أسامة:
قالت مجلة "وايرد" الأمريكية إن محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مساء السبت، جرى تنفيذها بآلية غير مسبوقة في حوادث الاغتيال، رُبما كان يُنظر إليها قبل سنوات قليلة على أنها "ضرب من الخيال" لا يُمكن مُشاهدتها سِوى في أفلام هوليوود، لكنها باتت حتمية الآن.
استُهدِف مادورو بـ"طائرات بدون طيّار"، أثناء تواجده لحضور عرض عسكري وإلقاء خطاب في العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، بطريقة بدت "غير منطقية" في العروض والمحافل العسكرية؛ نظرًا لاعتمادها على أسلوب الاستهداف البعيد، وفق المجلة.
بحسب مقطع فيديو مُتداول على الشبكات الاجتماعية، سارع الحُرّاس إلى حماية مادورو بدروع مُضادة للرصاص، عقب سماع دويّ الصوت، ثم قرَّروا سحب الرئيس في هدوء بعيدًا عن مكان التفجير.
وأعلنت حكومة فنزويلا أن مادورو نجا من "هجوم" بطائرات مسيّرة مُحمّلة بعبوات ناسفة، اقتربت إحداها من مِنصة الرئيس الفنزويلي، حاملة متفجرات متوسطّة القوة التدميرية. وأُصيب 7 جنود بجروح، حسبما أكّد وزير الإعلام خورخي رودريجيز.
روايات متضاربة
وفي حين لا تزال التفاصيل حول طبيعة الهجوم -التي وصفها رودريجيز بأنها "محاولة اغتيال"- شحيحة، بما في ذلك نوع الطائرات بدون طيار المُستخدمة وطبيعة المتفجرات المعنيّة، تضاربت الروايات الإعلامية حول طريقة تنفيذ الهجوم بعد ساعات من الحادث.
ذكرت وكالة اسوشيتد برس، نقلًا عن 3 من رجال الإطفاء لم تُسمِهم، قولهم إن الهجوم وقع جراء "انفجار غاز بإحدى الشقق". ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن خبير عسكري في واشنطن، إن "الحكومة فقدت السيطرة على طائرة بدون طيار خاصة بها، فاضطرت إلى إسقاطها".
وتبنّت مجموعة متمردة غير معروفة، مؤلّفة من مدنيين وعسكريين، الهجوم. وأعلنت أنه "من المنافي للشرف العسكري أن نبقي في الحكم أولئك الذين لم يتناسوا الدستور فحسب؛ بل جعلوا أيضًا من الخدمة العامة وسيلة قذرة للإثراء".
وأعلن مادورو، الأحد، إلقاء القبض على بعض ممن وقفوا وراء محاولة اغتياله. وقال، في خطاب للأمة، إن "بعض المدبرين الماديين للهجوم بطائرات بدون طيار أصبحوا رهن الاحتجاز".
وأضاف أن بعض فصائل اليمين المتطرف داخل فنزويلا المتواطئة مع متآمرين في بوجوتا وميامي هي المسؤولة عن ذلك الهجوم. ووعد بإجراء تحقيق كامل لاحتجاز جميع المسؤولين عن الهجوم "بغض النظر عمّن يسقط".
واتَّهم مادورو نظيره الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، بأنه مسؤول الهجوم، مُعلنًا في كلمة تم بثها عبر التلفزيون والإذاعة: "لا شك لدي إطلاقًا في أن اسم خوان مانويل سانتوس خلف هذا الاعتداء". بيد أن مصدرًا في الرئاسة الكولومبية رفض هذا الاتهام، مؤكدًا أنه "عارٍ عن الصحة".
آلية داعشية
وبينما يُعد الهجوم باستخدام "طائرات بدون طيار" آلية غير مُعتادة في حوادث الاغتيال، فإن تنظيمات إرهابية، على رأسها داعش، تستخدمه باستمرار للكشف عن القنابل اليدوية والألغام المزروعة لسنوات طويلة في العراق وسوريا، بحسب المجلة الأمريكية.
خلال تقرير ظهر منذ عامين، أصدرته "منظمة أوبين بريفينج" غير الربحية، تم استعراض أسلوب داعش في استخدام الطائرات بدون طيار، والتي يمكن تسييرها عن بُعد. وحذر التقرير من إمكانية استخدام تلك الطريقة في عمليات الاغتيال على غِرار ما حدث في واقعة اغتيال مادورو.
يقول كولين كلارك ، محلل السياسات الأمنية الدولية، للمجلة: "لقد تم تقليل الحواجز الأمنية التي تعوق الدخول إلى فنزويلا إلى حد كبير، لدرجة أن أي شخص لديه ما يكفي من المال يُمكنه شراء طائرة بدون طيار، وتنفيذ محاولة اغتيال مماثلة".
واتفق مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية مع هذا الرأي، إذ أكدوا أن هذا النمط من استخدام الطائرات بدون طيّار يمثل تهديدًا خطيرًا للغاية، وأنهم "غير مستعدين للتصدّي لها".
وفي شهادة أمام الكونجرس في 6 يونيو الماضي، ألقى ديفيد جلاوي، نائب وزير الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الأمريكية، تحليلًا مماثلًا، مشددًا على خطورة تلك الأنماط من العمليات الإرهابية، لاسيّما وأنها أنها تعتمد بصفة رئيسية على التِقنيات التكنولوجية المتطورة.
كيف تعمل الطائرات بدون طيار؟
الطائرات بدون طيار، أو ما باتت تُعرف بـ"درونز"، مركبات جوية غير مأهولة تتم قيادتها عن بُعد، تُصنع من مواد مركبة خفيفة تُزيد قدرتها على المناورة، وتُمكّنها من التحليق على ارتفاعات شاهقة للغاية.
بحسب موقع "ردون زون"، المعني بشؤون الطائرات بدون طيار، تُزوّد هذه الطائرات بأحدث التقنيات الحديثة، مثل كاميرات الأشعة تحت الحمراء ونظام تحديد الموقع الجغرافي وأجهزة الليزر، ويتم التحكّم بهذه الطارات عبر نظام الكتروني عن بُعدج، يُشار إليه في بعض الأحيان بـ"قُمر القيادة الأرضية".
وبالرغم من أن اسمها يُشير إلى عدم حاجتها إلى طيّار، فإنها لا توجّه نفسها بنفسها بشكل كامل، بل تحتاج إلى طيار يجلس في محطة التوجيه على الأرض، ويتحكم بها عن بُعد بطريقة لاسلكية، كما يقول ديرك شميت، من معهد الرحلات الجوية في المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء، لصحيفة "دويتشه فيللا" الألمانية.
هذا الطيار الأرضي يتحمل مسؤولية قيادتها، ويضمن عدم وقوعها في أية حوادث، ويتدخل في حالات الطوارئ. ويفعل من خلال تحديد نقاط مسار الطائرة، وبعدها تقوم الطائرة بتوجيه نفسها بنفسها، وفق هذه الإحداثيات بواسطة نظامها الأوتوماتيكي، أي بتوجيه من نظام طيرانها الآلي.
ما يُميّز هذه الطائرات عن غيرها هو الغرض من استخدامها، فهو إما تجاري أو عسكري. وتُثار مخاوف حيال الاستخدامات العسكرية لها فيما يُعرف بـ"هجمات درونز"، التي يُمكن خلالها أن تنقضّ طائرة مسيّرة على هدف ما وتدمره. وفي الآونة الأخيرة ارتبطت هجمات الطائرات بدون طيار بحوادث الحوثيين التي تستهدف السعودية.
من أبرز حوادث "الدرونز"، تحطّم طائرة بدون طيار في يناير 2015 بجوار البيت الأبيض، وتحطّم أخرى من طراز "باروت إيه آر" في ألمانيا أمام المستشارة أنجيلا ميركل في سبتمبر 2014، كانت مُسيّرة من قِبل أحد أعضاء "حزب القراصنة" الألماني، احتجاجًا على مراقبة الحكومة.
فيديو قد يعجبك: