"وباء الفقر" في الجزائر.. قتيلان وعشرات المصابين بسبب الكوليرا
كتبت- رنا أسامة:
حالة من الهلع تنتاب الجزائريين بعد ظهور وباء الكوليرا مُجددًا بعد أكثر من نحو 20 عامًا على اختفائه، وتسجيل 139 حالة إصابة مُشتبه بها بينها حالتا وفاة، حسبما أعلنت وزارة الصحة الجزائرية، وسط انتقادات للحكومة من تقاعسها في التعاطي مع انتشار الوباء.
تتوزّع الحالات التي طالتها الكوليرا عبر 4 ولايات: الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة والبويرة، وهى مناطق تقع معظمها وسط الجزائر، حسبما أفادت وكالة الأنباء المحلية.
وأعلنت الوزارة في أحدث حصيلة، السبت، "تأكيد إصابة 46 حالة بالكوليرا ضمن 139 حالة تم استقبالها في المستشفيات منذ 7 أغسطس، وتسجيل ثاني حالة وفاة، وامتداد هذا الوباء الفتّاك إلى مناطق جديدة".
وذكرت أن حالة الوفاة الثانية تعود لسيدة في العِقد الخامس من العمر من ولاية "البليدة" الواقعة على مسافة 50 كيلومترًا جنوب العاصمة. فيما تعود الحالة الأولى للمدرب السابق للمنتخب الجزائري للملاكمة عثمان دحماني، الذي وافته المنيّة عن عمر يناهز 46 عامًا يوم الأربعاء.
وأمرت السلطات الجزائرية بإغلاق مستشفى "بوفاريك" في محافظة البليدة، المتخصص بالأمراض المعدية، بصفة مؤقتة، عقب تسجيل أول حالة وفاة. وخصصت إدارة المستشفى جناحًا خاصًا بالحالات التي استقبلها المستشفى.
وعزل الفريق الطبي المصابين عن طريق وضعهم تحت المراقبة الطبية، ومنع كل الزيارات عنهم إلى حين صدور نتائج التحاليل. وأعلنت وزارة الصحة تشكيلها خلية أزمة؛ لمتابعة الوضع في أعقاب ارتفاع حالات التسمم.
ولم تُسجّل أي حالة كوليرا في الجزائر منذ 1996 في حين يعود آخر انتشار وبائي للمرض إلى عام 1986.
ووفق الوزارة، فإن "التحقيقات والتحريات الوبائية التي تُجريها وزارة الصحة تؤكد وجود جرثومة الكوليرا" في نبع مياه بولاية تيبازة، حيث تم تأكيد إصابة 12 حالة. وتابعت أنه "تم إثبات تلوث النبع ومُنع استهلاك مياهه".
وانتقدت وسائل إعلام جزائرية عديدة تأخر السلطات في إعلان ظهور وباء الكوليرا.
وجاء إعلان وزارة الصحة الجزائرية في أعقاب ضغوطات شديدة مارستها عائلات المصابين الذين تم نقلهم إلى مستشفى بوفاريك بالبليدة، حيث طالبت بكشف الحقيقة، وفق تقارير محلية.
هل تلوّثت مياه الشرب؟
في حين تداول رواد التواصل الاجتماعي في الجزائر أنباءً تزعم انتقال الوباء عبر مياه الشرب، ولكن السلطات استبعدت انتقال الكوليرا بالمياه، مُرجّحة احتمال "غياب شروط النظافة في بعض المواد المستهلكة".
ونفى المدير العام لمعهد باستور للتحاليل الطبية بالجزائر، زوبير حراث، انتقال بكتيريا الكوليرا عبر مياه الشرب، بحسب التحاليل التي تم إجراؤها على عينات المياه التي تم رفعها من أماكن الإصابات.
وأوضح أن المعهد لم يحدد بعد أسباب انتقال بكتيريا الكوليرا ولا مصدره، مشددًا على أن خلية الأزمة التي تم تنصيبها على مستوى وزارة الصحة تبحث عن مصدر الجرثومة من خلال إجراء تحليل على الخضر والفواكه.
كما أكدت شركة "الجزائرية للمياه" أن "المياه المنزلية صالحة للشرب ولا داعي للتخوف من استهلاكها"، مع انتشار تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي من تناول مياه الشرب.
وبعث المدير العام للوقاية في وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، جمال فورار، برسائل طمأنة بخصوص الحالات المسجلة، مؤكدًا أن الوضع "لا يدعو إلى القلق ولا يستدعي إعلان حالة الطوارئ".
ودعا فوار إلى اتباع تدابير وقائية للحد من انتشار المرض البكتيري، ومنها احترام قواعد النظافة المتمثلة في "الغسل الجيد لليدين (الناقل الأساسي للعدوى)، وكذلك الخضر والفواكه قبل تناولها، مع تفادي زيارة المصابين في المستشفيات"، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.
كيف ينتقل "وباء الفقر"؟
يعتبر وباء الكوليرا المعروف بـ"وباء الفقراء" أحد الأوبئة المعدية الخطيرة التي قد تؤدي إلى الوفاة، وتتسبب فيه بكتيريا تنتشر مع غياب قواعد النظافة، بسبب استهلاك مياه أو خضر أو فواكه ملوثة، وتنتقل عن طريق اللمس.
يسببه نوع من البكتيريا تسمى "فايبريو كوليرا"، يصيب الجهاز الهضمي وخاصة الأمعاء الدقيقة، حيث يتكاثر وسطها ويفرز سموما تؤثر على عملها فيجعلها تفرز السوائل والأملاح بكميات كبيرة للغاية، بعد الإصابة بإسهال واستفراغ حادين ومتكررين، ما يؤدي إلى جفاف في الجسم، بحسب موقع "كل شيء عن الجزائر".
تعتبر المياه الملوثة العامل الأكبر لانتقال البكتيريا،إذ ترجع نسبة 90 بالمائة للمياه الملوثة، و10 بالمائة للطعام الملوث.
وتعيش البكتيريا داخل جسم العائل لمدة تتراوح بين يوم واحد و7 أيام، حيث تتسبب في إسهال حاد يؤدي إلى تعرض المصاب إلى الجفاف، ومضاعفات أخرى على القلب والرئة والكلى.
فيديو قد يعجبك: