"داعش أفغانستان".. هل تكون خراسان مهد الخلافة الجديد للتنظيم الإرهابي؟
كتب - هشام عبد الخالق:
أظهر تقرير جديد للجنة المتخصصة في عملية "العزم الصلب"، والتي أطلقتها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، أن التنظيم لا يزال يشكل خطرًا كبيرًا، وقدّر التقرير - بناء على معطيات وزارة الدفاع - عدد مقاتلي داعش في العراق بـ 17 ألف، وفي سوريا 14 ألف آخرين.
تقرير آخر للمشرعين الجمهوريين - تسربت أجزاء منه لوسائل الإعلام - لا يؤكد هذه الأرقام فقط، ولكن يزعم أيضًا أن المعلومات التي قدمها القيادة المركزية الأمريكية بالغت في تقدير نجاح الحملة التي شنتها الولايات المتحدة ضد داعش.
وفي الوقت نفسه، كشفت لجنة تابعة للأمم المتحدة، أن داعش لديه ما يقرب من 30 ألف عضو في العراق وسوريا، وهي قاعدة كبيرة يمكن من خلالها إعادة تشكيل قوة كبرى.
صحيفة "جيروزاليم بوست" ناقشت احتمالية عودة التنظيم الإرهابي ولكن هذه المرة بمركز خلافة آخر، وقالت في تحليل لها الخميس: "في الوقت الذي سيطر فيه تنظيم داعش في 2015 على منطقة تساوي مساحة المملكة المتحدة، إلا أنه يسيطر الآن على جيوب فقط في مناطق غير متجاورة أغلبها على الحدود السورية العراقية، وعلى الرغم من الضرر الذي لحق بالتنظيم، بحسب تقرير الأمم المتحدة، إلا أن انضباط أفراده لم يتأثر كثيرًا، ولا يزال أبو بكر البغدادي في منصبه القيادي كزعيم للتنظيم".
وتابع التقرير الأممي، يتحول تنظيم داعش من "دولة أولية" إلى "شبكة إرهابية تقليدية"، ولكن ليس مثلما تحوت "القاعدة" بعد تفككها خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001.
ويقول إلي كارمون، باحث كبير في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في مركز هرتسليا متعدد التخصصات: "في العراق، اختفى تنظيم داعش وسط السكان، بعد أن أعد البنية التحتية لهذا الغرض، ونرى اليوم أن التنظيم لا يزال مستمرًا في شن هجماته التقليدية، أما في سوريا فأطاحت قوات بشار الأسد بداعش من الجنوب الغربي، لكنه لا يزال نشطًا في الجنوب الشرقي على طول الحدود العراقية، ويقع المعقل الرئيسي لداعش في محافظة إدلب الشمالية".
منذ تدمير مقره في مدينة الرقة عام 2014، حاول تنظيم داعش الهروب من عملية "العزم الصلب" الأمريكية بإقامة قواعد في أماكن أخرى، وكانت أبرز هذه الأماكن شبه جزيرة سيناء واليمن وليبيا، وبدأ التنظيم عملياته رسميًا في أفغانستان أوائل عام 2015، وبعد عدة أشهر حذرت واشنطن من أن التنظيم "يركز بشدة على إقامة خلافة أخرى".
وتقولالصحيفة، في يونيو الماضي، كشف القائد الأعلى للقوات الجوية الأمريكية في أفغانستان عن أن تنظيم داعش في مقاطعة خراسان، أو كما يعرف بفرع التنظيم في جنوب آسيا، حاول مرتين هذا العام، إنشاء دولة له في ولاية ننكرهار، على جانبي الحدود مع باكستان.
حذر الجنرال الأمريكي جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية المكلف بالإشراف على الحرب في أفغانستان، هذا الأسبوع، من أن البنتاجون قلق من أن داعش ينوي شن هجمات في الغرب.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والرد عليه، حدد في وقت سابق من هذا الشهر، أن تنظيم داعش في ولاية خراسان، والذي يُصنف على أنه منفصل عن تنظيم داعش في سوريا والعراق، تم إدراجه كواحدٍ من أكثر عشر مجموعات إرهابية فتكًا في العالم، بعد أن نفذ 197 هجومًا في 2017 أدى لمقتل 1302 شخص، فيما قام تنظيم داعش في سوريا والعراق بشن 1321 هجومًا ما تسبب في مقتل 7120 شخص.
هذا التنظيم الذي يتبع ولاية خراسان يمثل تحديًا بالنسبة لواشنطن، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، لأنه سيتطلب من الولايات المتحدة إقناع باكستان بإنهاء لعبتها المزدوجة بإيواء ومكافحة الإرهابيين في آن واحد، بالإضافة إلى أن داعش خراسان وطالبان توقفا عن محاربة بعضهما البعض في أفغانستان، وهي الاستراتيجية التي أضعفت كلا التنظيمين في السابق.
في الوقت نفسه، زادت حركة طالبان من عملياتها العسكرية ضد الجيش الأفغاني المدعوم من قبل الولايات المتحدة، في الوقت الذي تعلق فيه إمكانية إجراء محادثات مباشرة أمام البيت الأبيض.
في الحقيقة، بحسب الصحيفة، قد تكون طالبان على وشك توسيع الرقعة التي تسيطر عليها بعد أن شنت هجومًا مفاجئًا على الملعب الوطني بأفغانستان والذي يبعد 110 كيلومترات جنوب شرق كابول، وعلى الرغم من أن الجنرال فوتيل شدد على أن جهود الولايات المتحدة نحو تحقيق المصالحة بين الحكومة الأفغانية وطالبان منفصلة عن الحرب ضد تنظيم داعش في خراسان، إلا أنه يبدو أن هناك علاقة واضحة بين الاثنين.
وطبقًا لحاكم مقاطعة جور الأفغانية السابق أقاهي عبد الله حوايد، فإن "تنظيم داعش كان يسيطر على المزيد من الأراضي في كل مكان في البلاد تقريبًا على مدار الثلاث سنوات الماضية، والحكومة المركزية كانت منشغلة في مواجهة هجمات طالبان، لذلك لا تملك كابول وقتًا كافيًا للتركيز على تنظيم داعش هناك، على الرغم من أن الأخير يملك الأسلحة الأكثر تطورًا، وبالنظر للطريقة التي تجري بها الأمور الآن فإن داعش سيبدأ في السيطرة على أراضي طالبان والتحكم في مجريات الأمور، وهذا هو ما يشعر به عامة الناس والسياسيين أمثالي".
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، حيث أصبحت أفغانستان منطقة خصبة لمنظمة إرهابية مزدهرة (داعش خراسان) وبعد أن هُزمت القاعدة إلى حد كبير على يد الجيش الأمريكي، يبدو أن الرئيس دونالد ترامب عازم على إعادة القوات الأمريكية إلى أرض الوطن.
واختتمت الصحيفة تقريرها بـ "بالنظر إلى أن تنظيم أسامة بن لادن (القاعدة) لا يزال نشطًا إلى حدٍ ما، وكذلك طالبان، فليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن تنظيم داعش سينتهي في أي وقت قريب".
فيديو قد يعجبك: