أزمة الليرة | أردوغان في وجه ترامب.. "خرطوم حديقة يطفئ حرائق غابات"
كتب – محمد الصباغ:
واصل الرئيس الأمريكي ورجل الأعمال دونالد ترامب، استخدام سلاحه الاقتصادي ضد الدول التي يجدها تتحرك في اتجاه لا يتفق مع مصالح الولايات المتحدة، فبعدما استخدم العقوبات الاقتصادية للضغط على كوريا الشمالية وإيران والصين، أعلن مضاعفة رسوم الجمارك على واردات الصلب والألومنيوم من تركيا.
أثرت الخطوة بشكل كبير على تركيا وتراجعت قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي بشكل كبير، حيث سجلت انخفاضًا قياسيًا وصل إلى 7.24 مقابل الدولار الأمريكي، في ظل مخاوف المستثمرين المتعلقة بحالة الاقتصاد وتدهور العلاقات مع أمريكا.
وفي بيان للبيت الأبيض، السبت، قال الرئيس ترامب "لقد قررت أنه من الضروري تطبيق رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع منتجات الصلب والألومنيوم المستورد من تركيا اعتبارًا من 13 أغسطس".
وبهذا القرار ضاعفت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50% والألومنيوم إلى 20، ما يجعلها ضعف ما كان مفروض في السابق.
وتعتبر تركيا ثامن أكبر منتج للصلب في العالم، بينما أمريكا ثالث أكبر مستورد للصلب التركي.
وهاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخطوة الأمريكية واعتبرها ضربة لحليف الولايات المتحدة بحلف الناتو، وصرح بأن ما لم تقدر عليه واشنطن عبر محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 تحاول أن تفعله بالسلاح الاقتصادي.
كما اتهم أردوغان الذي نجح في مواجهة الانقلاب العسكري عبر ظهور من خلال وسيلة للتواصل الاجتماعي مع قناة "سي إن إن ترك"، ما أسماهم بالإرهابيين الاقتصاديين بالتخطيط للإضرار بتركيا، عبر شائعات بوسائل التواصل تقول إن السلطات قد تفرض قيودا على حركة رؤوس الأموال.
وفي الوقت ذاته، قالت وزارة الداخلية التركية إنها حددت 346 حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي "تحمل تدوينات عن سعر الصرف قالت إنها خلقت انطباعًا سلبياً عن الاقتصاد". وأشارت الوزارة إلى أنها سوف تتخذ كافة الإجراءات القانونية نحو تلك الحسابات.
ما هي الرسوم الجمركية؟
الرسوم الجمركية هي ضرائب يتم فرضها على البضائع القادمة إلى دولة ما. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يتم دفع أغلب الرسوم الجمركية لحظة دخول الواردات إلى الولايات المتحدة عبر العملاء أو وكلاء لهم.
وبالأساس تهدف هذه الرسوم إلى رفع سعر البضائع المستوردة من أجل جعل المنافس المحلي أكثر جذبًا للمستهلك.
وفيما يخص استخدام ترامب لهذا السلاح ضد تركيا ومن قبله الصين، يحاول الرئيس الأمريكي جعل الشركات تستخدم بضائع مستوردة من الدولتين بدرجة أقل، والاتجاه لمواد مصنعة داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو دولة تربطها علاقات أكثر ودية مع واشنطن.
وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، فإنه برفع قيمة الرسوم الجمركية على بضائع بعض الدول، سوف ترتفع أسعار المنتج النهائي التي تدخل هذه البضائع (الصلب والألومنيوم مثالا) في تكوينه، وبالتالي على الشركات التي تستورد من تلك تركيا أو الصين أن ترفع أسعار منتجاتها، وهو ما يؤثر بالطبع على قدرتها على التوزيع والبيع.
لكن في الوقت الذي يقول فيه ترامب إن قراراته برفع قيمة الرسوم تهدف إلى زيادة الاعتماد على المنتج الأمريكي، إلا أن هذا الأمر قد يأتي بنتيجة عكسية.
على سبيل المثال، هذه الرسوم المضاعفة قد تجبر الشركات إما على رفع سعر منتجاتها أمام الزبائن في السوق الأمريكي، أو تقليص نفقاتها عبر وسائل مختلفة منها تقليل عدد العمال. كما أن هناك حل آخر يكمن في نقل مقر الشركات بالأساس إلى دول تفرض رسومًا أقل.
كيف يتصرف أردوغان؟
بعيدًا عن الهجوم على الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحاربة ما أسماهم "الإرهابيون الاقتصاديون"، هنا خيارات مختلفة أمام حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمواجهة أزمة تراجع الليرة القياسي.
يقول الخبير الاقتصادي كارستن هيسي، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن من بين الحلول هو البحث عن وسيلة لضخ النقد الأجنبي في البلاد.
لكنه عاد وأشار إلى أن الخيارات أمام أردوغان محدودة. فعلى العكس من اليونان التي تواجه أزمة مالية أيضًا –باختلاف حجمها- لكن تركيا ليست دولة في الاتحاد الأوروبي وبالتالي لا يمكن للبنك المركزي الأوروبي ضخ أموال من أجل المساعدة، ناهيك عن العلاقات المتوترة مع دول بالقارة العجوز مثل ألمانيا.
أمام الخيار الآخر فهو بالنظر نحو الشرق، حيث الصين أو روسيا. وهناك أيضًا قطر التي ربما لا تمانع المساهمة في مساعدة حليفتها تركيا.
وقال الخبير الاقتصادي هيسي: "يمكنني توقع أن بعض الدول ستمنح تركيا الأموال. يمكنهم شراء نفوذا سياسيا لأنفسهم بثمن أرخص". في إشارة إلى استغلال الأزمة الاقتصادية في الموقف الإقليمية بالمنطقة.
وشعر مستثمرون في الأسابيع الأخيرة في تركيا بالغضب بسبب عدم تحرك البنك المركزي التركي، والذي صدم الأسواق في الأشهر الماضية لرفضه رفع سعر الفائدة في مواجهة التضخم المتفاقم في البلاد.
واتهم البعض، بحسب سي إن إن، أردوغان بالتدخل في تلك القرارات من البنك المركزي، وهو الذي طالب بتحكم أكثر في سياسة البنك المركزي التركي، ووصف الفائدة بأنها "أم وأب كل الشرور".
وقال الخبير الاقتصادي إن الإجراءات التي أعلنتها تركيا اليوم الإثنين لمواجهة الأزمة عبارة عن "مواجهة حريق غابات بخرطوم حديقة".
واتخذت تركيا بعض الإجراءات لمواجهة الأزمة في العملة المحلية، إن البنك المركزي التركي سيؤمن السيولة اللازمة التي تحتاج إليها المصارف ويتخذ "كافة التدابير اللازمة" لضمان الاستقرار المالي.
كما أضاف أنه سيتم ضخ سيولة بقيمة 6 مليارات دولار وثلاثة مليارات دولار من الذهب، في النظام المالي.
فيديو قد يعجبك: