إعلان

صحيفة: لماذا لم تتغير حدود الدول العربية بعد 100 عام على اتفاقية "سايكس بيكو"؟

04:30 م الخميس 19 يوليو 2018

الرئيس السوري بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:

يستعيد الرئيس السوري بشار الأسد، سيطرته تدريجيًا على سوريا، بمساعدة من روسيا، إيران، وحزب الله، وعلى الرغم من أن العملية ما زالت جارية إلا أن جميع من في المنطقة يدرك أن سوريا ستظل على الوضع الحالي بها والرئيس بشار الأسد متحكم في الأوضاع فيها، وعلى الرغم من أن البعض يطرح إمكانية تحويل سوريا إلى دولة فيدرالية، لم يتم استبعاد هذه الإمكانية بعد، إلا أن الحدود السورية لن تتغير بمثل هذه الفرضية، وبغض النظر عن الأهمية الداخلية للدولة، إلا أن التطورات الأخيرة في سوريا توحي بتداعيات جديدة وبعيدة المدى، وخاصة أن الدولة الواقعة في الشرق الأوسط أثبتت أنها أكثر تماسكًا وصلابة مما اعتقد الكثيرون.

وتقول صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في تقرير لها: "في 2016، ومع حلول الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو - التي تم توقيعها عام 1916 لتقسيم أجزاء من المنطقة العربية بين فرنسا وإنجلترا - تم إعادة التأكيد على أنه لم يبقَ أمام العديد من الدول العربية كثير من الوقت، وأن نتائج ثورات الربيع العربي - والتي كان من بينها ظهور تنظيم داعش - تمثل تصحيحًا متأخرًا للحدود الواقعة بين الدول العربية، والتي رسمها الاستعمار الغربي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ولكن بعد مرور عامين على هذه المئوية، ولم تتغير حدود الدول العربية بعد".

وطبقًا للصحيفة، يكمن السبب وراء هذا في عدة عوامل، استعرضتها فيما يلي:

أول هذه العوامل، وجود هوية وطنية قوية ومستقرة، ففي مصر وتونس سبقت الهوية الوطنية الاستقلال، وكنتيجة لذلك صمدت السلامة الإقليمية في وجه التهديدات التي فرضتها الصدمات الأخيرة على القوى الحاكمة في هذه البلدان، ولكن في الدول "المصطنعة"، كانت المؤسسة الحاكمة هي من شكلت الهوية المحلية حسب رغباتها، من خلال مختلف عمليات التنشئة الاجتماعية، بما في ذلك الأعياد الوطنية والكتب المدرسية والفن والأدب، ومن الصعب تحديد مدى نجاح هذه المجهودات، ولكن لا يمكن إنكار وجود هوية للعراق، إذا تمكنت - بعد 15 سنة من الاحتلال الأمريكي والإرهاب الداعشي والحرب الأهلية - من إجراء انتخابات ديمقراطية.

ثانيًا، نجحت مؤسسات الدولة "العميقة" في التعامل مع الثورات بنجاح، ففي تونس، تمكنت قوى المجتمع المدني من إتمام ثورة ديمقراطية، وحصلت على جائزة نوبل للسلام على جهودها.

ثالثا، هذه العوامل، كما تذكر الصحيفة، كان مشاركة بعض الأطراف الخارجية التي ساهمت في الحفاظ على الهوية الإقليمية، والقوى المحلية والعالمية مثل تركيا، إيران، وإسرائيل، لديها مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن، وأي انتهاك لهذا الوضع قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وفي نهاية المطاف لحرب، وارتفاع أسعار النفط، وتعطل حركة الملاحة البحرية في الخليج العربي وقناة السويس، وإلى اضطرابات إقليمية أيضًا، وأفضل مثال على انتهاك هذا الوضع هو سوريا، والتي تم إنقاذها عن طريق تدخل روسيا، إيران، وحزب الله، ولعبت كلًا من الولايات المتحدة، إسرائيل والأردن أدوارًا ثانوية في هذه العملية.

وكان لتدخل الولايات المتحدة في العراق تأثير مماثل على استقرار البلد، وهناك حقيقة أن إيران لها أيضًا مصلحة في الحفاظ على وحدة أراضي العراق، ولكنها ترغب في إخضاعها لتأثيرها، علاوة على ذلك، منعت جميع القوى العالمية والإقليمية - باستثناء إسرائيل - انفصال المنطقة الكردية في العراق عن الدولة، وذلك بسبب المخاوف من المطالبات المماثلة من جانب الأكراد في الدول المجاورة.

رابعًا، اتبع العديد من القادة العرب استراتيجية ماكرة والتي منعت أي تدهور في أوضاع بلادهم، وأبرز الأمثلة على ذلك الملك محمد السادس ملك المغرب والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، حيث بدأ كلاهما بإصلاحات مصممة لتلبية بعض المطالب الشعبية والحفاظ على الحوار مع قوى المعارضة في دولتيهما، وعلى الرغم من أن المظاهرات مستمرة في المغرب والأردن بين الحين والآخر، ولكنها لم تتدهور بعد إلى حد التهديد الفعلي للنظام الملكي أو الهوية الإقليمية للدولة.

ولكن - بحسب الصحيفة - الوضع مختلف في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى التي تستخدم عائدات النفط للحصول على دعم مواطنيها مقابل سلسلة من الفوائد الاقتصادية والإصلاحات الحكومية، والأمر المثير للاهتمام هنا، هو أن دول الخليج - ولا سيما الإمارات وقطر وعمان والكويت والسعودية - تسجل أعلى مرتبة في مؤشر الدول الهشة الصادر عن صندوق السلام ومجلة فورين بوليسي الأمريكية مما يعكس ضعف الحكومة المركزية وعدم تقديم الخدمات العامة وانتشار الفساد واللاجئين والانخفاض الحاد للاقتصاد.

خامس هذه العناصر، بعض الدول اُنتخب قادتها ليس بغرض إحداث تغيير جذري فيها، بما في ذلك الجزائر، لبنان، السودان وفلسطين، وكنتيجة لذلك ليس من المتوقع أن تؤدي التطورات الداخلية في هذه الدول إلى تغييرات إقليمية، باستثناء الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل إقامة دولتهم.

كل ذلك يؤدي إلى الاستنتاج - بحسب الصحيفة - بأن سوريا ليست استثناءً من حيث النمط العام للسلامة الإقليمية في المنطقة، وحتى الدولتين المتبقيتين - اليمن وليبيا - لن يغيرا الصورة العامة للسلامة الإقليمية في المنطقة، وتوجد فرصة كبرى بأن تنقسم اليمن إلى دولتين (شمالية وجنوبية) كما كان الحال قبل توحيدهما في 1990، أما ليبيا فيبدو أن اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، استعاد السيطرة على البلد بأكمله.

وتقول الصحيفة في ختام تقريرها: "يبقى السؤال الرئيسي الذي يجب أن يطرحه علماء الشرق الأوسط، ليس لماذا تتفكك الدول العربية، ولكن ما هي العوامل التي تكمن وراء ثباتها وتماسكها، على الرغم من أن هويتها الإقليمية ليست طبيعية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان