لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"ثورة غضب".. العراق على صفيح ساخن: حرق مكاتب ومهاجمة مبانٍ حكومية

04:57 م الأحد 15 يوليو 2018

كتبت-رنا أسامة:

اضطرابات واسعة تشهدها محافظات جنوبي العراق منذ أسبوع، في ظل حالة الإحباط السائدة بين العراقيين جراء نقص الكهرباء والماء وارتفاع مُعدّل البطالة، فلم يجدوا مُتنفّسًا ليصبوا جام غضبهم سِوى بإضرام النيران في مكاتب جهات سياسية ومهاجمة مباني البنى التحتية الحكومية، ما زاد من المخاوف حول مستقبل البلاد السياسي الهشّ.

انطلقت شرارة التظاهرات الاحتجاجية من مدينة البصرة الغنية بالنفط، قبل 6 أيام، إذ يطالب المتظاهرون بتوفير الخدمات وتحسين الواقع المعيشي، وإنهاء الفساد المالي والإداري المتفشي في دوائر الدولة ومؤسساتها، وإيجاد فرص عمل للعاطلين.

وتُدر صادرات النفط من البصرة أكثر من 95 في المائة من عائدات العراق، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). الأمر الذي يعني أن أي تعطل للإنتاج قد يُلحِق ضرارًا شديدًا بالاقتصاد المُتعثّر.

بدورها، قطعت الحكومة العراقية، السبت، خدمات الإنترنت عن معظم محافظات العراق، فيما يبدو مُحاولة لاحتواء الغضب الحالي ومنعه من التفاقم. وأمرت وزارة الدفاع بوضع قوَّات الأمن في حالةِ تأهّب قُصوى بعد أن امتدت التظاهرات، بين عشيِّة وضحاها، إلى أجزاء عديدة من محافظات جنوب العراق التي تسكنها أغلبية شيعية، حيث ضربتها موجة حارة فاقمت الوضع سوءًا.

غير أن التظاهرات استؤنِفت مساء السبت، وفق شهادات سكان مُقيمين، وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن المتظاهرين هاجموا مبنى الحكومة المحلي في محافظة كربلاء، وقطعوا الطرق في مدينتيّ البصرة والنجف، مُتحدين فرض السلطات المحلية حظر التِجوال.

كما هاجم آلاف المتظاهرين البنية التحتية الحكومية ومكاتب الأحزاب السياسية في مدن الناصرية والكوت وكربلاء وبابل والعمارة. وفي البصرة، هاجم متظاهرون فندقًا، حيث مكث العبادي خلال زيارة مُقتضبة إلى المدينة لتهدئة الأوضاع. أما بغداد فلم تشهد سوى تظاهرة واحدة صغيرة في وقت مبكر من يوم السبت، أضرم خلالها المتظاهرون النار في إطارات السيارات وأغلقوا لفترة قصيرة الطريق السريعة الرئيسية المؤدية إلى الأردن.

وقت حَرِج

تقول الواشنطن بوست إن هذه الانتفاضة تأتي في وقت حَرِج بالنسبة للحكومة العراقية، لاسيّما بعد أن ضرب الشلل أوصالها منذ الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في مايو الماضي، ولم تُحسم نتيجتها بعد في الوقت الذي يتم فيه إعادة فرز أصواتها مرة أخرى، إثر ادعاءات بحدوث تزوير.

وأظهرت الانتخابات، التي جرت في 12 مايو الماضي، فوز تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر وحصوله على 54 مقعدا، تلاه تحالف "الفتح"، الذي يضم أغلب فصائل الحشد الشعبي بقيادة هادي العامري، وحصوله على نحو 47 مقعدا، فائتلاف "النصر" بقيادة العبادي في المرتبة الثالثة بنحو 42 مقعدا.

وبالرغم من أنه لا يُعوّل كثيرًا على النتائج الإجمالية في إحداث تغييرًا كبيرًا، تُشير الصحيفة إلى أن عملية إعادة الفرز أخّرت انعقاد برلمان جديد وتشكيل حكومة جديدة.

وأشارت الصحيفة إلى أنها لا تُعد المرة الأولى التي تتسبّب فيها التظاهرات -التي كانت شرارة انطلاقتها انقطاع الكهرباء في أشهر الصيف الحارة-في زعزعة استقرار محافظات جنوب العراق، حيث يعيش سكان العراق منذ الغزو الأمريكي حر الصيف دون مراوح أو أجهزة تكييف للهواء، بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء.

وزادت الأوضاع سوءا هذا العام بسبب الجفاف الشديد الذي أدى إلى شح المياه، وقرار إيران قطع الكهرباء التي تصدرها للعراق بسبب خلاف حول سداد المستحقات ما أسفر عن تقلص إمدادات الكهرباء.

أوسع انتشارًا

غير أن ما يُميّز التظاهرات هذه المرة، بحسب الصحيفة، هو أنها تبدو أوسع انتشارًا، كما أنها اتخذت طابعًا سياسيًا ونكهة مُعادية لإيران. وحصلت الأحزاب السياسية الشيعية، التي هيمنت على الساحة السياسية العراقية منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003، على نصيبُ الأسد من غضب المتظاهرين. وفي الوقت ذاته، صبَّ المتظاهرون جام غضبهم على إيران، التي تعد حليفًا مُقربًا من المؤسسة السياسية الشيعية.

ويُحمّل العراقيون الحكومة، وعلى رأسها العبادي وساسة شيعة آخرين، مسؤولية تردّي الأوضاع في البلاد؛ لإخفاقها في توفير فرص عمل وبنية تحتية وتحسين حالة الاقتصاد. وتتردّد في أوساط العراقيين مزاعم بوجود فساد ضارب على جميع المستويات في الحكومة، في الوقت الذي أجّجت العلاقة الوثيقة بين إيران والعديد من أفراد النخبة السياسية الشيعية غضب المواطنين العراقيين.

وأقال وزير الداخلية العراقي، الأحد، قائد شرطة النجف على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها المدينة منذ أيام. وأفادت وكالات أنباء عراقية بتكليف اللواء علاء غريب بإدارة شؤون مديرية شرطة المحافظة.

وكان العبادي أصدر، السبت، 7 قرارات بشأن مطالب المظاهرات التي شهدتها البلاد، من بينها حلّ مجلس إدارة مطار النجف، إلى جانب إطلاق تخصيصات للبصرة بقيمة 3.5 تريليون دينار فورًا، واستخدام التخصيصات المطلقة لتحلية المياه وفك الاختناقات بشبكات الكهرباء وتوفير الخدمات الصحية اللازمة.

انفجار مكبوت

تنقل الصحيفة عن أحد المُشاركين في تظاهرات البصرة، ويُدعى عبدالرحمن محمد (36 عامًا)، قوله "سئمنا تلك الأحزاب التي تُقدّم مصالح إيران علينا وتعامل الشعب كأنه حطب توقد فيه النار كلما احتاجت إلى المال".

وأضاف: "ما يحدث الآن هو انفجار أعقب سنوات من الضغط. نريد حقوقنا، وليس لدينا ما نخسره لأنهم سلبونا كل شيء".

ويُظهِر مقطع فيديو للهجوم على مقر حزب الدعوة في النجف، عبارات أطلقها متظاهر تحمل ازدراء لأداء الحزب الذي هيمن على الساحة السياسية العراقية منذ عام 2006 بقوله: "حزب الدعوة الإيراني". وكذلك يهتف متظاهرون في مقاطع فيديو أخرى، مُردّدين "احرقوا الأحزاب الإيرانية".

يقول حيدر الطايع (24 عامًا)، وهو طالب بكلية الطب في النجف وأحد المشاركين في حرق مقر حزب الدعوة في النجف: "نريد أن ننهي وجود هذه الأحزاب السياسية الفاسدة كما أنهينا وجود صدام حسين". وأضاف: "هذا الحزب يمصّ دماءنا منذ عام 2003، انظر إلى أعضائه الآن: إنهم أغنى أغنياء العراق"، وفق الصحيفة.

واندلعت التظاهرات يوم الأحد الماضي في البصرة، المحافظة الغنيِّة بالنفط التي تشهد قدرًا من الفقر المدقع في البلاد. وسقط خلال الأسبوع اثنان من المتظاهرين على يد قوات الأمن التي كانت تحاول احتواء الاضطرابات بعد استهداف المتظاهرين لمنشآت نفطية ومحاولتهم إغلاق ميناء أم قصر.

تصريحات السيستاني

وعززت انتفاضة الجمعة على الأقل بشكل جزئي بتعليقات أدلى بها آية الله علي السيستاني، الزعيم الروحي للأغلبية الساحقة من الشيعة العراقيين، أشار فيها إلى تعاطفه مع مظالم المتظاهرين.

وقال في بيان صدر نيابة عنه، في إشارة إلى البصرة: "ليس من الإنصاف بل وليس من المقبول أبدًا أن تكون هذه المحافظة المعطاءة من أكثر مناطق العراق بؤسًا وحرمانًا".

ووفقاً للنتائج الأولية للانتخابات، فاز الحزب الموالي للزعيم الشيعي الشعبي مقتدى الصدر بمعظم المقاعد في انتخابات مايو، ويعقد الصدر مشاورات مع الأحزاب الشيعية الرئيسية لتشكيل حكومة ائتلافية. وبدا أن معظم مكاتب تلك الأحزاب استُهدِفَت في التظاهرات، بخلاف الصدر الذي اتخذ موقفًا مُعارضًا للنفوذ الإيراني في العراق.

وأشار الصدر في تغريدة عبر تويتر، الجمعة، إلى مشاركته المتظاهرين مظالمهم، ووصف تظاهراتهم بأنها "ثورة جياع".

وبالرغم من مزاعم بعض الساسة العراقيين بأن الصدر يؤجِّج تلك الاضطرابات في البلاد، نفى المتظاهرون الذين تواصلنا معهم عبر الهاتف توجيه أي طرف سياسي للتظاهرات.

وقال الطايع، المشارك في تظاهرات النجف: "هذه ثورة شعب. ولن نسمح لأي أحزاب سياسية أن تشارك فيها، لأننا نتظاهر ضدهم"، بحسب الصحيفة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان