لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"ذا إنترسبت": كيف ساهم الصراع القطري السعودي في تدمير سوريا؟

08:10 م السبت 30 يونيو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:
نشر موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي تقريرًا للكاتب الأمريكي من أصل لبناني أسعد أبو خليل، حول دور الصراع بين قطر والسعودية في اشتعال الحرب السورية، ويقول أسعد: "إن الحرب السورية بعد مُضي أكثر من سبع سنوات على بدايتها، وتأزم الأمر لدرجة أن المناقشات والتحليلات أصبحت لا تُجدي شيئًا، وسيطرت الدعاية التي تُطرح كتحليل على الخطاب حول سوريا، وظهرت وجهتا نظر مسيطرتين حول أسباب الحرب، ويوجد بكلًا منهما بعض الحقائق، ولكنهما مضللتين إعلامياً بشكل كبير".

النظرية الأولى - والتي يروج لها النظام السوري بقيادة بشار الأسد وداعميه - تقول إن الدول الغربية والخليجية خططوا لقلب نظام الحكم في سوريا، وحرضوا على المظاهرات ضدها، ودفعوا للمتظاهرين ليقوموا بهذه الوظيفة على الأرض، وفي هذه الرواية فإن الحرب السورية ما هي إلا نتيجة تدخل قوى أجنبية.

ولكن على النقيض من هذا، تقول النظرية الأخرى، إن النزاع في سوريا بدأ بسبب الشكاوى المشروعة التي عبر عنها الشعب السوري ضد النظام، وبسبب اندلاع ثورتهم في وقت ثورات الربيع العربي، وتتطلب هذه الرواية أن يتعامل المرء مع العنف ضد النظام على أنه منتج ثانوي للاحتجاج الشرعي من قبل المواطنين السوريين العاديين ضد ديكتاتورهم القمعي.

ويتابع الكاتب، أن كلا الطرفين مُصرين على صحة روايتهم وتكذيب الطرف الآخر، وفي الواقع، فإن الروايتين صالحتان في نفس الوقت.

اشتكى الشعب السوري كثيراً ضد حكم عائلة الأسد القمعي، وسئم من الوعود الفاشلة التي يقطعها المسؤولون. في هذه الأثناء، كانت الأنظمة الخليجية والولايات المتحدة تخطط لعملية لتغيير النظام في سوريا، يرجع تاريخها إلى 2006 على الأقل.

وتُسلط النظريتان الضوء على نقطة مهمة في الصراع السوري طويل الأمد، وهي المنافسة المحتدمة بين السعودية وقطر، حيث كان النزاع بين هاتين الدولتين الأجنبيتين بعدًا أساسياً ومهمًا في الحرب، وكان تدخلهما ممكنًا فقط بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

التغطية الإعلامية للحرب السورية، كانت دومًا - سواء في الشرق والغرب - مليئة بالحديث عن مصالح كلًا من الأنظمة في السعودية وقطر من التدخل في الحرب، وتتحكم الدولتان في العديد من وسائل الإعلام العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وبخلاف امتلاكهما للعديد من وسائل الإعلام، تمكنت كلا الدولتين من السيطرة أو التأثير على روايات الصحفيين والمثقفين الغربيين، من خلال الاستثمارات الضخمة في أوساط نخبة السياسة الخارجية في واشنطن، وخاصة من خلال مؤسسات الفكر والرأي، إن مراكز الفكر في واشنطن، مثل معهد بروكينجز ومعهد الشرق الأوسط ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تشتهر باستقدام تمويلها من الأنظمة الخليجية وبالتالي تعكس جدول أعمالها، وانقسم أغلب خبراء الشرق الأوسط في مراكز الفكر الكبرى، الذين تحدثوا عن الحرب السورية، بين قطر والسعودية بسبب الصراع الدائر بينهما.

وتابع الكاتب، أنه لم يكن باستطاعة حكومات الشرق الأوسط مثل هذا التأثير الكبير في العاصمة واشنطن منذ فترة كبيرة، ويبدو أن التنافس بين السعودية وقطر له جذور متأصلة في التاريخ، وكان لكلًا منهما علاقات قوية مع النظام السوري.

وينسى العديد أن النظام السعودي كان أحد المستفيدين من حافظ الأسد، الرئيس السوري السابق ووالد بشار، لمدة تقارب الثلاثة عقود، وتقاربت مصالح البلدين كثيرًا في المنطقة، وأحد الأمثلة على ذلك هو القمع ضد المقاومة الفلسطينية واليسار اللبناني في عام 1976، والحرب على العراق عام 1991، تنسيق السياسات في خطط السلام التي ترعاها الولايات المتحدة، والعداء المشترك لياسر عرفات، الزعيم الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وكان التقارب السعودي السوري في هذه الأيام هامًا بالنسبة لدور الولايات المتحدة في المنطقة أيضًا، حيث اعتمد المسؤولون الأمريكيون على النظام السعودي في الهيمنة على السياسة الخارجية للنظام السوري من خلال سخاء السعودية المالي، وكان حافظ الأسد عضوًا رئيسياً في المحور السوري السعودي المصري الذي تشكل بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، وسيطر هذا المحور على السياسات العربية.

تفرّقت السياسات السعودية القطرية في أواخر التسعينيات عقب وفاة حافظ الأسد، حيث تم عزل قطر بسبب تضارب مصالحها مع السعودية وخاصة بعد الانقلاب الذي قام به حمد بن خليفة على والده خليفة بن حمد الذي كان مواليًا للسعودية.

قامت قطر بعد ذلك بتطبيع العلاقات مع إسرائيل واستضافت قوات أمريكية على أراضيها، واتهم الأمير القطري الجديد النظام السعودي بمحاولة الانقلاب عليه وإعادة والده مرة أخرى إلى الحكم.

ويضيف الكاتب: "في سوريا، بعد أن تمكن بشار الأسد، نجل حافظ الأسد من إحكام قبضته على السُلطة، قام بتغيير سياساته الخارجية نحو لبنان، واتجه ضد المصالح السعودية فيها وضد رئيس وزرائها رفيق الحريري، وكنتيجة لذلك، أصبحت قطر حليفًا طبيعيًا للأسد، في الوقت الذي انسحبت فيه السعودية بعيدًا عن النظام السوري، وكانت هذه هي النقطة التي انفصلت فيها مصالح السعودية وقطر عن بعضهما البعض، وساهمت في تشكيل الحرب الدائرة في سوريا حتى يومنا هذا".

مع تواجد بشار في السلطة، سعى النظام السعودي إلى تقويض الهيمنة السورية في لبنان (وكانت الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ترعى الهيمنة السورية على لبنان منذ عام 1989) وكانت السعودية جزءًا من التحالف الذي حاول إصدار قرار مجلس الأمن 1559، عام 2004، والذي كان يهدف لإنهاء الدور السوري في لبنان ونزع سلاح حزب الله.

علاوة على ذلك، سعت السعودية إلى تغيير النظام في سوريا، معتمدة في ذلك على العناصر الأساسية في النخبة الحاكمة، ومعظمهم من كبار المستشارين في عهد حافظ.

خلال هذا الوقت، بدأ السياسي اللبناني المفضل لدى السعودية، الحريري، في معاداة بشار، ونتيجة لذلك، كاد انهيار النظام السوري على يد السعودية يكتمل، وصعّدت المجموعة التي ترعاها السعودية داخل سوريا والمدعومة من الحريري، مؤامرتهم ضد بشار، وكانت هذه بداية النهاية للهيمنة السورية في لبنان، وكان اكتشاف هذه المؤامرة على الأرجح هو السبب في إنهاء حياة الحريري واغتياله عام 2005.

وفي الوقت الذي انفصلت فيه السعودية عن تبعية بشار الأسد، كان لقطر خططًا أخرى في المنطقة، وقويت شوكة النظام القطري باستغلالها لضعف السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، وبزوغ نجم رجب طيب أردوغان الذي كان حليفها الجديد في تركيا، وخططت كلًا من قطر وتركيا لزيادة تأثير جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة من فلسطين إلى تونس.

ويقول الكاتب: "لم يحرض نظاما تركيا وقطر على ثورات الربيع العربي، حيث بدأت كل هذه الثورات بشكل عفوي بسبب شكاوى المواطنين المشروعة من القمع والتعذيب والظلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسات الخارجية للأنظمة العربية وخضوعها للمصالح الغربية، لكن التحالفين المتنافسين الجديدين في الشرق الأوسط - السعودية والإمارات وإسرائيل من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى - سعيا لاستغلال تلك الانتفاضات لمصالحهما الخاصة.

بمجرد أن اندلعت الثورات العربية في 2011، عمل التحالف السعودي الإماراتي - جنبًا إلى جنب مع إسرائيل - على الحفاظ على الأنظمة في السلطة، بل وعودة هؤلاء من تم خلعهم إلى الحكم مرة أخرى، وعلى الجانب الآخر، عملت قطر وتركيا على دعم الصعود السياسي للإخوان المسلمين إلى الحكم (ماديًا ومن خلال وسائل الإعلام الخاصة بهم) وكان وصول محمد مرسي لحكم مصر في 2012 هو قمة هذا التعاون.

عندما بدأت الانتفاضة في سوريا، توقعت كلًا من السعودية وقطر سقوط نظام بشار الأسد بسرعة، وعندما لم يحدث ذلك لأسباب متنوعة، سارعت كلا الدولتين إلى رعاية الجماعات المتقاتلة وتسليحها داخل سوريا، ورأى السعوديون خاصة الفرصة في تحويل سوريا إلى صراع طائفي لتحقيق غاياتها الخاصة.

وظهرت بعد ذلك جماعات متمردة مسلحة بأسماء مختلفة داخل البلاد، وكان أحد أكثر الجماعات شهرة هو الائتلاف الوطني السوري، وهو جماعة معارضة تم إنشائها لعرض صورة مختلفة للمتمردين السوريين في العالم، وعلى الرغم من أن هذا المجلس كان يُرضي الغرب، إلا أنه انفصل عن الثوار السوريين الذين يحاربون داخل البلاد، ونتيجة لذلك كان المجلس ذو فائدة دعائية في الغرب ولكن غير متصل بالواقع على الأرض السورية.

وجدت قطر أن تنظيم القاعدة في سوريا مفيدًا لها ولأغراضها، في الوقت الذي فضلت فيه السعودية تنظيم "جيش الإسلام" بالإضافة لبعض المجموعات المسلحة الأخرى، ونُسل فضل تسمية الجماعات المتمردة بأسماء غير مُهدِدة وغالبًا مدنية للنظامين القطري والسعودي، لكن تلك الخدعة لم تدم طويلًا، وسادت الأسماء الدينية والإسلامية المتعصبة بسرعة، وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير سابق لها، أن عمليات التمويل للمجموعات المسلحة سواء بالأموال أو بالأسلحة في سوريا من دول الخليج كانت تحصل على موافقة إدارة أوباما، وكان هذا بسبب - حسبما يذكر الكاتب - أن الإدارة اعتقدت أن نظام الأسد سيسقط سريعًا، وتمنى كلا الطرفين أن يستغلا الفرصة بعد سقوطه في استحضار نظام يكون دمية لهم، ولكن، لم تسر هذه المنافسة الشرسة والمميتة حسبما تم التخطيط لها، وأدى اشتراك اللاعبين المحليين والدوليين في النزاع السوري لإطالة أمد الحرب ومعاناة الشعب السوري.

بعد ذلك، انشغلت كلًا من السعودية وقطر بصراعهما مع بعضهما البعض، وكذلك في الحرب اليمنية، ولم تكن سعادة وازدهار الشعب السوري من اهتمامات أيًا من النظامين، ولم تكن أولوية أيضًا لأي من الأطراف الخارجية التي تدخلت في سوريا.

ويقول الكاتب في ختام تقريره: "كانت ولا زالت المنافسة بين المملكة العربية السعودية وقطر عاملًا رئيسياً، في تدمير سوريا، وعلى الرغم من ذلك حظيت مشاركة كلتا الدولتين في الحرب السورية بدعم غربي كبير، ولم تكن مختلفة بأي حال من الأحوال عن السياسات الغربية الطائشة في الشرق الأوسط ككل".

فيديو قد يعجبك: