الجيش السوري يدق آخر مسمار في نعش المُعارضة بدمشق
كتب حاتم صدقي
ينهي الجيش السوري عملياته ضد آخر معاقل المعارضة المسلحة في منطقة مخيم اليرموك بمدينة دمشق، والذي يأتي سقوطه في يد النظام السوري، بعد أربعة أشهر من العمليات المنسقة لتحرير المدينة التي يبلغ عدد سكانها 1.7 مليون نسمة.
ويُعد مخيم اليرموك موطن جالية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وكان يضم مجموعة من المعارضين المسلحين في أواخر عام 2012، وتم تقسيمها فيما بعد إلى مناطق نفوذ من جانب جبهة النصرة –التابعة لتنظيم القاعدة- والجيش السوري الحر.
وسرعان ما حول الجماعات المسلحة، مخيم اليرموك إلى حصن مدني استخدموه لصد النار بقذائف الهاون في وسط دمشق، التي تبعد نحو 8 كيلومترات إلى الشمال، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وقالت الوكالة الروسية، أن هناك هجمات أخرى أدت إلى تسلل المقاتلين للمناطق المجاورة، بما في ذلك الطريق الاستراتيجي الذي يربط العاصمة بجنوب البلاد، وفي أماكن أخرى على طول الطريق السريع، إذ كان المسلحون يرمون القنابل العشوائية على المركبات المارة، مما جعل الطريق السريع الدولي غير صالح للاستخدام.
وفي أبريل عام 2015، خضع مخيم اليرموك "للإدارة الجديدة" مع إعلان داعش الحرب على الفصائل الإسلامية الاخرى، بالإضافة إلى بقايا الجيش السوري الحر، وتصاعد الصراع بشكل أكبر من قبل الفلسطينيين، الذين انقسموا بين داعمين للمسلحين، ورافضين لهم.
وظل مخيم اليرموك لمدة ثلاث في أيدي الفصائل المسلحة، في الوقت الذي كان الجيش السوري وحليفه الروسي، منشغلان بالهجمات على مناطق استراتيجية أخرى في سوريا.
وبحلول ربيع عام 2018، بعد استيلاء النظام السوري على حلب والمناطق الاستراتيجية في شمال وجنوب سوريا، ومناطق واسعة من الأراضي شرق البلاد، حول الجيش السوري نظرته إلى العاصمة وضواحيها، وبدأ عملية دمشق لطرد الفصائل من الغوطة الشرقية في منتصف فبراير وأوائل أبريل.
وتمكنت القوات السورية والروسية، بدعم من الميليشيات الموالية للحكومة، من الاستيلاء على معاقل ما يقرب من 20 ألف مقاتل كانوا مُحصنين في عدة جيوب بالمنطقة، وأجبرتهم على الاستسلام.
وغادر مقاتلو الغوطة الضاحية مع عائلاتهم إلى محافظة إدلب، بعد أربعة أيام من دخول القوات السورية دوما، وأصدرت الحكومة السورية انذارًا نهائيًا لبقايا داعش والنصرة في اليرموك بالانسحاب فورًا من الغوطة إلى ادلب مع عائلاتهم، أو مواجهة التدمير خلال 48 ساعة من صدور الانذار، إلا أن الجهاديون رفضوا تنفيذ الإنذار بالمغادرة في غضون 48 ساعة، مما دفع القوات الحكومية لشن هجومًا على مناطق الخضر والشيخ زازي والأسود واليرموك.
وأدي ذلك لفقد المقاتلين لنحو 150 مسلحًا خلال بضعة أيام، ومع اختراق الدفاعات التي تم إعدادها بعناية شديدة، بدأ المسلحون بالاستسلام في الأول من مايو.
وظل المسلحين مُحاصرين في وسط اليرموك، محاطين بجميع الأطراف ويواجهون قصفًا مستمرًا، بحسب الوكالة الروسية.
وفي 20 مايو، وصلت الحافلات إلى المنطقة لنقل آخر مجموعة كبيرة من المعارضة إلى شرق سوريا وإدلب بعد تفكيره في الخطوة التالية للجيش السوري، واقترح المراقب العسكري الروسي أندريه كوتز أن كل الدلائل تشير إلى أن الهجوم الرئيسي القادم سيكون في درعا، وهي مدينة صغيرة ولكنها استراتيجية في جنوب سوريا على الحدود مع الأردن.
وأبلغت وسائل الإعلام السورية عن تحرك قوات النظام على طول الطريق مع إسقاط سلاح الجو السوري لعدة آلاف من المنشورات على البلدات التي تسيطر عليها المقاتلين في المنطقة، بما في ذلك طفس، وديل، وموسيريب، وحث المقاتلين على إلقاء أسلحتهم وقبول شروط السلام أو مواجهة الهجوم.
وبينما لم يعلن الجهاديون علناً قرارهم بعد، فإن الهدف النهائي للعملية سيكون بلا شك قرية نصيب الصغيرة، التي تحتوي على نقطة عبور حدودية إلى الأردن، وفقاً لكوتز.
أما بالنسبة إلى إدلب، فقد اقترح كوتز أن يزداد الضغط على تلك المحافظة، التي يتحصن فيها أكثر من 30 ألف من مقاتلي داعش وآلاف المسلحين الآخرين، وتم إجلاء العديد منهم إلى المنطقة بعد تحرير حلب والغوطة ومدن استراتيجية أخرى.
وفي الأسبوع الماضي، كثفت القوات الجوية الروسية من هجماتها في المحافظة بعد جهد من الإرهابيين لشن هجوم على قاعدة حميميم الجوية باستخدام طائرات بدون طيار مؤقتة. كما أن نزاع إدلب معقد بسبب الاقتتال الداخلي بين الفصائل المتشددة، بما في ذلك جبهة النصرة وجبهة التحرير السورية الأقل شهرة، ويحاربان من أجل السيطرة على الإقليم.
فيديو قد يعجبك: