لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل يملك العرب أوراقا للتصدي لنقل السفارة الأمريكية للقدس؟

01:47 م السبت 19 مايو 2018

القدس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – سامي مجدي ومحمد الصباغ:

في ثمانينات القرن الماضي، قررت دولة الاحتلال الإسرائيلي ضم مدينة القدس المحتلة واعتبرتها عاصمتها الأبدية. وقتها هدد العرب بقطع العلاقات مع أي دولة تعترف بتلك الخطوة، الأمر الذي جعل دول العالم أجمع بما فيها الولايات المتحدة تحجم عن تأييد الاعتراف الإسرائيلي.

هدد العرب في بيان آنذاك الدول التي تفكر بنقل سفارتها إلى القدس بإيقاف إمدادات النفط عنها، وبتجميد كل العقود الاقتصادية مع تلك الدول. لكن الحال تغير الآن بعد نحو أربعة عقود من ذلك البيان.

603x339_cmsv2_78428fd9-c9af-57f6-8d70-b7bc94e9af3c-3153539

فيوم الاثنين الماضي، نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا اتخذه في ديسمبر عام 2017، ونقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، بعد أن اعترف بالمدينة المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وسط استنكار عربي ودولي شديد للقرار الأمريكي المخالف للقرارات الأممية. فهل يملك العرب أوراقا للتصدي لنقل السفارة الأمريكية، أم تغير الحال؟

تزامن افتتاح السفارة الأمريكية في القدس مع الذكرى السبعين لنكبة فلسطين، كما تزامن مع مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق محتجين فلسطينيين عزل في قطاع غزة المحاصر منذ نحو عقد من الزمان. قتل جنود الاحتلال أكثر من 60 فلسطينيا بالذخيرة الحية وأصابوا ما يقرب من ثلاثة آلاف آخرين، في أكثر الأيام دموية من العدوان الإسرائيلي على القطاع في 2014.

لم يكن هناك ردود فعل عربية على نقل السفارة الأمريكية سوى إدانة على استحياء. وانصبت أغلب الإدانات والاستنكارات على مجزرة غزة، وسط تساؤلات تواترت في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي: أين العرب؟

ربما لم يكن هناك من هو أكثر صراحة من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حديثه الأربعاء في مؤتمر الشباب. قال السيسي إن مصر حذرت وقت إعلان ترامب قراره في ديسمبر الماضي أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة سوف يكون له تداعيات سلبية على الرأي العام العربي والإسلامي و"شيء من عدم الرضا وعدم الاستقرار."

1625610-اشتباكات-مع-الاحتلال-على-حدود-غزة

وقتلت إسرائيل أكثر من 100 فلسطينا وأصابت آلاف في مسيرات العودة الكبرى على حدود القطاع المحاصر مع دولة الاحتلال منذ بداية المسيرات أواخر مارس الماضي.

ومع تزايد أعداد الضحايا خاصة الاثنين الدموي، ناشدت وزارة الصحة في القطاع مصر مدها بالمستلزمات الطبية والمساعدات لعلاج الجرحى، وبالفعل ساهمت مصر في ذلك. وشكر وزير الصحة في غزة، أشرف القدرة، نظيره المصري على ما بذله من جهود في مساعدة الفلسطينيين في القطاع.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر قدمت أدوية واحتياجات طبية لقطاع غزة، إلى جانب فتح معبر رفح للتخفيف عن الفلسطينيين. وقال أيضا "نحن على تواصل مع الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني حتى يتوقف نزيف الدم". كما أعلن السيسي مساء الخميس استمرار المنفذ الوحيد لغزة إلى العالم الخارجي طول شهر رمضان الكريم.

مع ذلك هناك كثيرون اعتبروا أن ما قدمته مصر والتحركات التي قامت بها ليست كافية، وأن مصر والعرب تستطيع القيام بما هو أكثر من ذلك لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين والعمل على وقف قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

بيد أن السيسي أوضح أن مصر لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك. وقال "منأدرش نعمل أكثر من كده... لا منأدرش... عايزين نشتغل وعايزين نكبر عشان يبقى لينا تأثير أكثر... التأثير مش بالكلام.... التأثير بالقدرة... والقدرة بالعمل والصبر والكفاح."

كلام السيسي كرره اثنان من الدبلوماسيين المصريين تحدث إليهما مصراوي على مدى عدة أيام. قال أحدهما وهو دبلوماسي في بلد أوروبي "هناك وسيلة واحدة ناجعة هي النفط. لكن هل العرب والخليج بالذات على استعداد لاستخدام هذه الورقة مثلما جرى في جرب أكتوبر 73؟ أشك في ذلك".

وأضاف مسؤول دبلوماسي آخر في الجامعة العربية أن "العرب متشرذمين ولا يستطيعون اتخاذ قرار موحد. لو نظرت على الخريطة ستجد أن كل الدول العربية تقريبا بينها خلافات ولا تتفق على شيء تقريبا." تحدث المسؤولان شريطة عدم الكشف عن هوياتهما لأنهما غير مخولين الحديث للصحافة.

وأدانت الدول العربية الخطوة الأمريكية بقوة، وأكدت أن إحلال السلام في المنطقة لن يكون إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى القرارات الدولية التي تضمن أيضًا عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم.

وعقدت الجامعة العربية اجتماعا طارئا يوم الخميس على مستوى وزراء الخارجية أدانوا فيه الخطوة الأمريكية، وطالب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط بلجنة تحقيق دولية في المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة يوم الاثنين الماضي.

1280x960

وقال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية إن هناك سعي نحو إعداد خطة تحرك عربية للتعامل مع القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.

كما تقدمت الكويت، العضو العربي في مجلس الأمن، بمشروع قرار يطالب بفرض حماية دولية للفلسطينيين في قطاع غزة، ويتوقع على نطاق واسع أن تعترض عليه الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يصوت المجلس على مشروع القرار الكويتي يوم الاثنين.

يقول الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية، إن "قصورا عربيا واضحا" تجاه مسألة القدس ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المحتلة.

وأضاف لمصراوي "هناك شعور لدى الشعب الفلسطيني بالخذلان لأنه كان هناك إمكانية لدى الأمة العربية أن تنفذ على الأقل قرارها بشأن قطع كافة العلاقات مع الإدارة الأمريكية، بحسب قرار جامعة الدول العربية الصادر عام 1980 في قمة عمّان الذي نص على ضرورة قطع العلاقات فورًا مع كل دولة تعترف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي".

446

وتعاني المنطقة من أزمات كبيرة بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وافتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، وهو ما اعتبرته السلطة الفلسطينية مخالفًا للقوانين الدولية. وقطعت السلطة الاتصالات مع الولايات المتحدة وأكدت أنها بذلك تخلت عن دور الوسيط في عملية السلام مع الإسرائيليين.

وتسعى دول عربية على رأسها السعودية والإمارات والبحرين إلى مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وتوغل طهران في العراق وسوريا واليمن عبر مجموعة من الوكلاء مثل جماعة الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن هناك شواغل للدول العربية (مصر وأشقائها في الخليج) تجاه الأمن القومي العربي، مضيفًا "المساس بأمن الخليج يمس أمننا".

ولمواجهة الخطوة الأمريكية، طالب مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير أحمد القويسني، بوضع محاور عمل أبرزها التمسك بمقتضيات الأمن القومي العربي وإيجاد مخطط لتعزيزه.

وأضاف في تصريحات لمصراوي حول الخطوات العربية لمواجهة القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس: "لا تمتلك أي دولة ترف المجازفة بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية".

وأشار إلى أن كل الدول العربية وقفت ضد القرار وأدانته رغم تهديدات الولايات المتحدة الأمريكية للدول التي ستعارضها في الأمم المتحدة.

وقال القويسني "نحن في عالم ملئ بالتشابكات والصراعات والتهديدات، والتي يجب التعامل معها بشكل فيه حكمة وحصافة. نحن لسنا في زمن (الرئيس جمال) عبد الناصر حينما كان يقود القومية العربية وكان هناك قوة عظمى أخرى تتمثل في الاتحاد السوفيتي."

وأضاف "يجب تحديد محاور العمل العربية بداية من الأمن القومي والتي منها مثلا قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات التي تظهر في المنطقة مثل صناعة تنظيم إرهابي مثل داعش أو تغلغل نفوذ إيراني في العراق واليمن".

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الأربعاء، وضع قيادات بحزب الله اللبناني المدعوم من إيران على قوائم الإرهاب، وذلك بالتوازي معه خطوة مماثلة في السعودية والبحرين وقطر والإمارات.

1021387547

ومن بين هذه القيادات حسن نصر الله، الأمين العام للتنظيم الذي تعتبره الدول الثلاث إرهابيًا. واعتبرت السعودية في بيانها بهذا الخصوص أن: "حزب الله وإيران الراعية له يطيلون أمد المعاناة الإنسانية في سوريا، ويأججون العنف في العراق واليمن، ويعرضون لبنان واللبنانيين للخطر، ويقومون بزعزعة لكامل منطقة الشرق الأوسط".

ووسط هذه التوترات في المنطقة، كان جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث في حفل افتتاح السفارة الإسرائيلية في القدس المحتلة حول ضرورة مواجهة إيران التي تمثل التهديد الأكبر بالمنطقة، مشيرًا إلى ضرورة العمل مع دول مثل السعودية ومصر والإمارات.

ووصل العداء بين السعودية وإيران إلى خروج سياسيين من المملكة يعلنون أنها أخطر من إسرائيل، بينما صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حوار سابق مع مجلة "ذي أتلانتيك" أن المرشد الإيراني على خامنئي أخطر من الزعيم النازي هتلر.

وقال ولي العهد في أبريل الماضي إن المرشد الإيراني يجعل هتلر يبدو شخصًا جيدًا.

في الثمانينات، حينما هددت الدول العربية بمقاطعة أي حكومة تعترف بالقرار الإسرائيلي بضم القدس، كان العراق في حرب مع إيران لكن ذلك لم يحول دون الوقوف ضد القرار الإسرائيلي.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أسامة شعث، أن الأزمة مع إيران لا يجب أن يكون لها علاقة بمواجهة القضية الأمريكية، وقال "كل الخلافات الإقليمية في المنطقة سواء مع إيران أو تركيا تبقى قزما بجوار الخلاف الرئيسي مع الاحتلال الإسرائيلي".

فيديو قد يعجبك: