إعلان

ما هي سيناريوهات المشهد بعد الانسحاب الأمريكي من الأتفاق النووي ؟

08:55 ص الإثنين 14 مايو 2018

دونالد ترامب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة - (أ ش أ)

تأتي جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والتي بدأها أمس الأول وتشمل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، في إطار المساعي الإيرانية لتلافي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية عليها، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حيث ترغب طهران في إقناع دول العالم بضرورة الإبقاء على الاتفاق، بدلاً من استمرارها في سياسة التخصيب النووي.

وتسعى إيران إلى إجراء مشاورات مع الدول الأوروبية والأطراف الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015، ودراسة إمكانية استمرار خطة العمل الشاملة المشتركة فى حالة ضمان مصالح إيران من وجهة نظرها.

وفي المقابل ستفاوض الدول الأوروبية إيران حول عناصر القلق التي دفعت ترامب للانسحاب، خصوصاً ما يتعلق ببرنامج الأسلحة الباليستية والدور المزعزع لإيران في الشرق الأوسط، فكما أن للدول الأوروبية مصالح وحسابات استراتيجية مع إيران، فإن ما يربط بين أوروبا والاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة الأمريكية أقوى بكثير، حيث قضايا الأمن المشترك وحسابات المصالح والنفوذ الدولي والإقليمي.

وفي هذا الصدد أكد مسئولون في أوروبا أن "القضايا التي دفعت أمريكا للانسحاب مهمة جداً"، وأنه "يجب أن تنفذ إيران هذه المطالب، وعليها أن تكون جاهزة لمناقشة القضايا التي تهم الآخرين، وعندما تقوم بذلك عليها أن تقدم ردوداً على ذلك، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب الصراع"

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اتفقت والرئيس الأمريكي على ضرورة مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض، كما اتفقا على عقد مباحثات العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن ضد إيران، كما بحثت ماي خلال اتصال هاتفي مع ترامب التأثير المحتمل للعقوبات على الشركات الأوروبية العاملة في إيران.

ووفقاً للمراقبين، فإن الاتفاق النووي مع إيران أو ما سماه بعض المحللين بـ "الصفقة" لم يربط بين المنافع المقدمة لإيران وبين وقف أنشطتها العسكرية الهدامة فى منطقة الشرق الأوسط، كما لم تقيد تمويل إيران لمنظمات إرهابية أو تشترط وقف اختباراتها لتطوير صواريخ بالستية.

كانت الصفقة، التي تعرف باسم "خطة عمل مشتركة وشاملة"، قد أبرمت فى عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما بعد مفاوضات مضنية، ورغم عيوبها، مثلت هذه الصفقة أحد الإنجازات المهمة لعهد أوباما، وكان وراءها هدف سياسي آخر يتعلق بتعزيز قوة إيران فى منطقة كان ينتظرها التفتيت على أسس عرقية وطائفية، ولأن وزير الخارجية الأسبق جون كيري كان أحد مهندسي الصفقة، فقد حاول جاهدا إثناء ترامب عن مسعاه، فقد كشف تقرير نشرته صحيفة "بوسطن جلوب" قبل أيام أن كيري، الذى لا يشغل حاليا أي منصب سياسي، عقد خلال الشهرين الماضيين لقاءات مع وزير خارجية إيران ومع الرئيسين الألماني والفرنسي ومسئولة الاتحاد الأوروبي بهدف الضغط على ترامب، ورد الأخير بتغريدة توتير موجهة لكيري تقول : "ابتعد عن المفاوضات يا جون، فأنت تضر بمصالح بلادك".

هل تُنقذ أوروبا الاتفاق النووي؟

على مدار الأشهر القليلة الماضية، كانت الحكومات الألمانية والفرنسية والبريطانية منهمكة في تجميع حزمة من التدابير - بما في ذلك فرض عقوبات محتملة ضد نخب إيرانية - لمعالجة مخاوف ترامب.. وقام كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيارة البيت الأبيض لإقناع ترامب بأنه من الأفضل البناء على الاتفاق بدلاً من هدمه.

وفي الأمد القريب، يأمل الأوروبيون أن تسمح تدابيرهم وممارستهم للضغوط على طهران لتنفيذ بعض المطالب الأمريكية بالإبقاء على الاتفاق النووي، إما من خلال إدخال تعديلات عليه أو إلحاقه باتفاق آخر منفصل، مع حرصهم ـ أي الأوروبيين ـ بتذكير ترامب بأن الحل الدبلوماسي لأزمة كوريا الشمالية النووية ربما يتوقف على ما إذا كان ترامب سيتخلى من جانب واحد عن التزامات أمريكا تجاه إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.

ولكن في الأمد البعيد، سوف تتوقف قدرة قادة أوروبا على إنقاذ الاتفاق على مدى تمكنهم من التصرف بما يحقق مصالحهم، وليس بوصفهم رهينة لرغبات وطموحات ومصالح إدارة الرئيس ترامب.

سيناريوهات مستقبلية

يمكن طرح عدة سيناريوهات مستقبلية على صعيد العلاقات الأوروبية الإيرانية بشأن الاتفاق النووي، وعلى ضوء جولة وزير الخارجية الإيراني لكل من بكين وموسكو وباريس ولندن وبرلين وبروكسل وتتمثل هذه السيناريوهات في التالي:

السيناريو الأول:

أن تنجح الدول الأوروبية والصين وروسيا في الضغط على إيران وإجبارها على العودة فى أقرب وقت إلى مائدة مفاوضات جديدة وفق الرؤية الأمريكية، وبشروط جديدة تجعل الصفقة القادمة آجلة ومرتبطة بتقييد أنشطة إيران الإقليمية.

السيناريو الثاني:

وهو مكمل للأول ومؤداه أن الصين وموسكو تحديداً سيكون لهم التأثير الأكبر في خضوع إيران لمرحلة من المفاوضات الجديدة، وذلك حفاظاً على المصالح الإيرانية والروسية والصينية في الشرق الأوسط، كون الدول الثلاث ترتبط بعلاقات وسياسية واقتصادية وثيقة، إذ يلقى هذا الصراع فى مجمله بظلال على أرض الواقع فى منطقة الشرق الأوسط، حيث نقاط التماس مع إيران متعددة وحائرة فى العراق وسوريا ولبنان واليمن.

السيناريو الثالث:

أنه في ضوء التصعيد غير المسبوق بين إيران وإسرائيل وسط مخاوف من اندلاع صراع إقليمي تكون ساحته الأراضي السورية، بعد تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية ضد عشرات الاهداف الايرانية فى سورية، تبدو طهران في مرحلة البحث عن مخرج من هذه "الورطة السياسية" ليحفظ لها ماء الوجه، وتتفادي الضغوط المزدوجة، الأولي من جانب واشنطن في إعادة فرضها للعقوبات الاقتصادية وربما العزلة السياسية على طهران، والثانية من إسرائيل واستهدافها للقوة الإيرانية في ملفات ونزاعات الشرق الأوسط في سوريا والعراق واليمن.

السيناريو الرابع:

في ضوء خبرة إيران في التفاوض والمراوغة وهو ما تأكد خلال مفاوضات الـ 12 عاماً حتى تم التوصل للاتفاق النووي عام 2015، فإن جولة وزير الخارجية الإيراني ومباحثاته مع المسئولين في كل من الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجيريني، ستكون البداية ربما في مشوار طويل من المفاوضات من أجل تحقيق هدفين: الأول: صيانة الداخل الإيراني من محاولات الزعزعة واستنهاض قوى المجتمع المدني للعمل على تغيير النظام من الداخل ومحاولة إسقاطه.

والثاني: إظهار الدبلوماسية الإيرانية أمام العالم باحترامها للاتفاقيات الدولية ولقواعد القانون الدولي، الأمر الذي ربما يكسبها تعاطفاً دولياً معها في معركتها الجديدة مع واشنطن وإسرائيل في الخارج، والتحاماً وطنياً على مستوى الداخل لمواجهة ما تعتبره طهران قوي الاستكبار العالمي.

ومن هنا لن تكون هذه الجولة الدبلوماسية الأخيرة، ومن المقرر أن يكون هناك عدة لقاءات خلال الأسابيع المقبلة حول هذا الأمر وعلى مستوى مساعدي وزراء الخارجية، وربما بعدها لقاءات على المستوى الرئاسي في الفترة القليلة المقبلة.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان