ساركوزي والقذافي.. تفاصيل العلاقة المثيرة للجدل
كتبت- سارة عرفة:
لايزال الزعيم الليبي معمر القذافي يثير الجدل بعد سبع سنوات من الإطاحة بحكمه ومقتله في خضم انتفاضة الربيع العربي في 2011. جدل القذافي لم يقتصر على بلده المترامي الأطراف ولا جيرانه، بل امتد إلى قلب عاصمة النور، باريس، حيث يواجه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي اتهامات بالفساد على خلفية مزاعم تلقيه أموالا من الزعيم الليبي الراحل.
واحتجزت الشرطة الفرنسية قبل نحو أسبوعين ساركوزي لاستجوابه في إطار التحقيق في تمويل حملاته الانتخابية في 2007، حيث تجري السلطات الفرنسية تحقيقات في القضية منذ 2013، بيد أن ساركوزي، الذي شغل منصب الرئيس الفرنسي بين عامي 2007 و2012، ينفي تلقيه أي تمويل غير مشروع لحملاته الانتخابية، ويرفض مزاعم التمويل الليبي، واصفا إياها بـ"المثيرة للسخرية".
وكانت السلطات البريطانية قد أوقفت رجل أعمال فرنسي في يناير الماضي، يشتبه بتحويله أموالا من القذافي لتمويل حملة ساركوزي، وتم الإفراج عنه بكفالة مالية بعد مثوله أمام محكمة في لندن.
ومن سخرية القدر أن توقيف ساركوزي تم غداة الذكرى السابعة لبدء قصف الدول الغربية ليبيا في الـ19 من مارس 2011، بعد حظر جوي على ليبيا بذريعة حماية المدنيين، وكان ساركوزي من الدعاة الأكثر حماسا لضرب حكم القذافي آنذاك.
"التحقيقات"
وبدأ التحقيق رسميًا حول الاتهامات الموجهة إلى نيكولا ساركوزي بتلقيه أموالا من العقيد القذافي منذ أبريل 2013، لكن الشبهات بدأت تحوم حوله منذ سنة 2011، عندما طالبه سيف الإسلام القذافي بإعادة الأموال الليبية التي أخذها لتمويل حملته الانتخابية، وذلك ردا على اعتراف فرنسا بالمعارضة الليبية.
سيف الإسلام: ليبيا مولت حملة ساركوزي الانتخابية
كما أشار القذافي نفسه في تلك الفترة إلى أن ساركوزي نجح في الانتخابات وأصبح رئيسا بفضل أموال الليبيين، قبل أن يتم تسريب وثيقة رسمية، عام 2012، صادرة من المحفظة الإفريقية الاستثمارية موقعة من قبل رئيس الاستخبارات الليبي السابق، موسى كوسا، تؤكد تمويل حملة ساركوزي بمبلغ تصل قيمته إلى 50 مليون يورو.
وكشف المترجم الرسمي للقذافي، السفير مفتاح ميسوري في حوار مع وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" أنه "في مارس 2011 سألت صحفية فرنسية معمر القذافي، هل مولت الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة نيكولا ساركوزي، فقال لها نعم، فقالت له كم دفعت، قال لها لا أدري أخبرك غدا، فقالت له غدا أسافر، فطلب منها أن تترك لي رقمها وبريدها الإلكتروني، وقال لها "معالي البروفيسور سيخبرك"، في إشارة منه إلى مترجمه ميسوري.
ويقول ميسوري: "وبعد يوم واحد، أجرى صحفي برتغالي حوارًا مع القذافي، وعندما سأله عن الأموال التي مول بها حملة ساركوزي، أجابه بأنه دفع 20 مليون دولار، وطلب مني أبلغ الصحفية الفرنسية بالرقم وقال لي إنه استفسر من الشؤون المالية".
وأضاف ميسوري:"اتصلت بي النيابة الفرنسية هاتفيا عام 2013 و طرحوا علي أسئلة خاصة بحقيقة تلقي ساركوزي للأموال، وشهدت بالحقيقة، ولكن إذا كان القضاء الفرنسي سجن ساركوزي بسبب حصوله على أموال من القذافي، فهذا شأن فرنسي."
وقال إن "ما يهم الليبيين أن يحاسب القضاء الفرنسي ساركوزي، على اعتدائه على دولة ذات سيادة، وقيامه بقصف الجيش الليبي والمدنيين قبل قرار مجلس الأمن وتجاوزه وخرقه لنص وروح قرار مجلس الأمن الخاص، بفرض حظر على السلاح الجوي الليبي، عام 2011."
"تساؤلات"
مما يثير تساؤلا اذا كان التدخل الغربي الذي قادته فرنسا ضد ليبيا في 2011 كان بهدف محاولة اخفاء آثار فضيحة التمويل الليبي لحملة ساركوزي؟
في هذا الصدد، اعتبر المدوّن علي الغرسلي أن ساركوزي تدخل في ليبيا من أجل مصلحته الخاصة، للتغطية على فضيحة تلقيه أموالا من معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية، التي بدأت خيوطها وأسرارها تنكشف يوما بعد يوم، بحسب ماورد في موقع قناة العربية.
وأضاف الغرسلي "كان ساركوزي أول من رغب بالحرب على ليبيا وأول المبادرين لقصفها، بحجة حماية المدنيين، وبدا متحمسا كثيرا آنذاك من أجل قلب النظام، وسعى بعدها بكل السبل إلى قتل القذافي والقضاء على المقربيّن منه من أجل دفن الحقيقة معه".
بدوره، اتهم الناشط الطاهر ترهوني، ساركوزي بأنه "تسبّب في تدخل خارجي في ليبيا أدى إلى تدميرها، وسارع إلى قتل القذافي من أجل ضمان صمته وإخفاء حقيقة تعاملاته المالية المشبوهة معه".
كما ربط ترهوني بين قضية تمويل ليبيا لحملة ساركوزي ومحاولة تصفية بشير صالح قبل أسابيع في جنوب إفريقيا، الذي يعد من أهمّ المقربين للقذافي وأمين ماله، حسب قوله.
وبرر ساركوزي في شهر مارس من عام 2011، التدخل العسكري في ليبيا، بأنه من أجل حماية المدنيين من قوة القذافي العسكرية والحيلولة دون سقوط آلاف القتلى، وذلك قبل أن تقفز إلى الواجهة قضية التمويل الليبي غير الشرعي لحملته الانتخابية، وتثير الشكوك بشأن مزاعمه.
سيف الإسلام القذافي: "حبس ساركوزي جاء متأخرا ومستعد للإدلاء بشهادتي خلال محاكمته"…
على هذا الأساس، وبعد أن دخلت القضية منعطفا جديدا وبدأ القضاء الفرنسي رسميا التحقيق مع ساركوزي، طالب المحامي والحقوقي خالد الغويل بضرورة محاسبته على الأموال التي أخذها، وكذلك على مسؤوليته في تدمير ليبيا وثرواتها، والإسراع بقصفها قبل صدور قرار مجلس الأمن، وكذلك مسؤوليته في مقتل القذافي ومن معه بطريقة لا إنسانية ودون محاكمة.
وقال الغويل "ستتم ملاحقته قانونيا من أجل أخذ حق الشعب الليبي".
فيديو قد يعجبك: