كيف تحاول قطر تأجيج الأزمة بين الإمارات والصومال؟
كتبت - رنا أسامة:
شهدت الأيام القليلة الماضية توترًا بين أبوظبي ومقديشيو بعد احتجاز السلطات الأمنية الصومالية لإحدى الطائرات المدنية للإمارات، في خطوة ردّت عليها الأخيرة بعدد من الإجراءات التصعيدية، فيما بدت قطر وكأنها تحاول تأجيج الأزمة على وقع أزمتها مع دول الرُباعي العربي.
وبدأت أجواء التوتّر تُخيّم على العلاقات بين البلدين، منذ الثلاثاء قبل الماضي، بعد أن أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانًا تستنكر فيه ما وصفته بـ"احتجاز السلطات الصومالية لإحدى طائراتها المدنية وعلى متنها 47 شخصًا، في مطار مقديشو الدولي، والاستيلاء على المبالغ المالية المخصصة لدعم الجيش الصومالي والمُتدربين تحت تهديد السلاح".
ووصفت الإمارات الخطوة بأنها "غير قانونية" ومُناقِضة للأعراف والتقاليد الدبلوماسية المستقرة بين الدول، كما أنها تعد إخلالًا جسيمًا بأحكام مذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين في نوفمبر 2014، والمتعلقة بتعزيز التعاون العسكري المُشترك، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
رد إماراتي
بعد نحو 5 أيام على الواقعة، قرّرت الإمارات إنهاء مهمة قواتها التدريبية في الصومال الرامية لإعادة بناء الجيش الصومالي والتي بدأت منذ عام 2014.
وتُشرِف الإمارات على برنامج قوات الشرطة البحرية المعنيّة بمكافحة الإرهاب والقرصنة في إقليم بونتلاند الصومالي، فضلًا عن أنها تدفع رواتب أكثر من ألفيّ جندي صومالي، وتبني مراكز تدريب ومستشفيات وطواقم طبية لعلاج الصوماليين.
وفي الوقت نفسه، تداولت عدة تقارير إعلامية أنباء عن إغلاق مستشفى الشيخ زايد الإماراتية بالعاصمة الصومالية مقديشو، دون أن يصدر تصريح رسمي حول هذا الأمر من الدولة.
ونقلت صحيفة الإمارات اليوم عن أحد الموظفين في المستشفى، طلب عدم نشر اسمه، قوله إن "المستشفى توقف عن العمل بعد أن صادرت السلطات الصومالية مبالغ مالية على متن طائرة إماراتية بمطار آدم عدي في مقديشو الأسبوع الماضي"، مؤكدًا أن جزءصا من هذه الأموال كان مُخصّصًا لأدوية ورواتب موظفي المستشفى.
يُشار إلى أن مستشفى الشيخ زايد افتتُح في الرابع من يونيو عام 2015، بمديرية عبدالعزيز بالعاصمة الصومالية مقديشيو، بتمويل إماراتي. ويُعد المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمات الطبية مجانُا للمواطنين الصوماليين ويستقبل يوميًا أكثر من 300 مريض على الأقل، وفق "الإمارات اليوم".
تحذير صومالي
في المقابل، وجّه الرئيس الصومالي محمد فرماجو، تحذيرًا غير مباشر للإمارات في كلمة ألقاها بمناسبة الدورة الثالثة لبرلمان البلاد، بحسب وسائل إعلام صومالية.
وقال فرماجو في معرض كلامه، الثلاثاء "نحن لسنا عدن كي تقومون باستغلالنا وتفرضون وصايتكم علينا". كما حذّر فرماجو دولاً أجنبية (لم يسمّها) من انتهاك مواثيق قانون الدولي التجاري من خلال استثمارات غير شرعية في بلاده.
وأوضح أن بلاده بحاجة إلى مشاريع واستثمارات في شتى المجالات، "لكن أن تتم بطريقة رسمية وبعلم من الحكومة الفيدرالية"، وفق قوله.
وقال وزير الدفاع الصومالي، محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، لوكالة الأنباء الصومالية، أمس الأربعاء، إن الحكومة ستتولى دفع أجور وتدريب الجنود المسجلين بالبرنامج الإماراتي.
استغلال قطري
ما بين التصعيد الإماراتي والتحذير الصومالي، يبدو أن قطر تحاول الاصطياد في المياه العكِرة بين البلدين، على خلفية "المقاطعة" المفروضة على الأخيرة من قِبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ أكثر من 10 شهور.
وفي إشارة لبدء أزمة دبلوماسية بين البلدين، مضت الصحف الإماراتية تنشر تقارير تزُعم أن ما وصفته بـ"الإجراءات الاستفزازية التي اتخذتها حكومة الصومال جاءت بإيعاز وتحريض من قطر".
والثلاثاء الماضي، منحت الحكومة القطرية نظيرتها الصومالية شًحنة مكونة من 30 حافلة نقل ورافعتين لنقل البضائع من السفن، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصومالية.
وتُعد هذه المنحة القطرية الثانية خلال شهرين تقدم للحكومة الفيدرالية ضمن سلسلة الأعمال الإغاثية والدعم المتواصل من الدوحة؛ إذ قدّمت قطر، السبت الماضي، مساعدات عسكرية إلى الصومال.
وفي فبراير الماضي، أعلنت الحكومة الصومالية تسلّمها مساعدات عسكرية لدعم الشرطة الوطنية من قطر، في إطار توطيد علاقات التعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين. وقالت إن "المعونات التي قدمتها قطر تتكون من 30 سيارة دفع رباعي، مخصصة لمهام قوات الشرطة الوطنية".
من جانبه، أكد القائم بالأعمال بالإنابة بسفارة دولة قطر في الصومال، استعداد بلاده لتقديم مزيد من المساعدات والدعم للصومال في مختلف المجالات، بناء على العلاقات المتينة بين البلدين.
ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، يأتي هذا القرار على خلفية حادث احتجاز السلطات الأمنية الصومالية طائرة مدنية خاصة مسجلة في دولة الإمارات وعلى متنها عناصر قوات الواجب الإماراتية.
فيديو قد يعجبك: