لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الدبلوماسية في امتحانٍ أخير لنزع فتيل مواجهة أمريكية روسية

05:48 م الخميس 12 أبريل 2018

برلين (دويتشه فيله)

تتجه أنظار العالم إلى واشنطن وباريس ولندن لانتظار قرارٍ بالدخول في عمل عسكري ضد النظام السوري. ماضي الحروب في الشرق الأوسط وحضور روسيا يجعل عدة متتبعين ينادون بالحلّ السلمي، لكن هل هناك فعلاً آفاقاً للحلول السلمية؟

يقرع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طبول الحرب في سوريا، رافعاً درجة التحدي في صراعه مع روسيا إلى أبعد مدى "صواريخنا قادمة.. استعدوا لها". اليوم، وبعد دخول الأزمة السورية عامها الثامن، يُطرح التدخل العسكري بقوة رداً على هجوم كيماوي مفترض في دوما، وجهت فيه عدة قوى دولية أصابع الاتهام لنظام بشار الأسد، وهو ما نفته دمشق وموسكو.

لكن ترامب وهو يصعّد لهجته، لم يحدد هدفاً لتدخله العسكري المرتقب، وعما إذا كان يخطط لضربة عسكرية مؤقتة موجهة ضد أهداف معينة، أم لحملة كبرى يكون هدفها إسقاط الأسد، بل زاد موقفه غموضاً عندما غرّد اليوم بطريقته المفضلة عبر تويتر قائلا بأن الهجوم المتوقع قد يكون قريباً جداً أو غير قريب إطلاقاً.

تتدخل واشنطن عسكرياً في سوريا منذ سنوات، لكن حضورها موجه، حسب التصريحات الرسمية، لمكافحة "داعش" والتنظيمات الإرهابية، وهو هدف تشاركه كذلك مع روسيا. ترامب الذي كان يخطّط لسحب قواته من سوريا، يريد تغيير خططه اليوم وشنّ هجوم ضد نظام الأسد، لكن ماضي بلاده مع التدخلات العسكرية الخارجية ليس وردياً، كما أن روسيا غير مستعدة للتفريط في نظام الأسد، ممّا يجعل الحل السلمي أحد الخيارات الأكثر تفضيلاً لعدة متدخلين دوليين.

هل يُستفاد من دروس الماضي؟

كلّفت الحرب في العراق واشنطن خسائر بشرية ومادية، ولم يتم تحقيق كل الوعود التي قدمتها الإدارة الأمريكية باستقرار العراق، الأمر الذي جعل الكثير من المراقبين يحمّلون أمريكا جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني ببلاد الرافدين. وليس العراق وحده من عانى أمنيا بعد التدخل العسكري، فليبيا التي تحمست فرنسا ولندن للتدخل في أجوائها عام 2011 لإسقاط نظام القذافي، لا تزال تعيش على وقع النزاعات الداخلية.

تدرك القوى الغربية المعنية بالتدخل في سوريا هذه التحديات، وهو ما يجعلها، حسب تصريحات يزيد صايغ، باحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، لـDW عربية لا ترغب بتكرار التجارب السابقة، وتخطط في الأغلب للقيام بهجمات محدودة. ويشير حسني عبيدي، مدير مركز الأبحاث حول العالم العربي ودول المتوسط بجنيف، أن "تفكير أمريكا وحلفائها في المواجهة العسكرية في سوريا يؤكد على فشل المقاربة الغربية في حل الأزمة، إذ فشل الغرب في الضغط على أطراف الأزمة لإنجاح المفاوضات". ويتابع عبيدي لـDW عربية أن "نتائج أيّ تدخل عسكري محتمل ستكون وخيمة".

حل سلمي بدل مواجهة مع بوتين؟

وما يُعقّد أمر أيّ تدخل عسكري قادم، هو التصميم الذي ظهر به الكرملين للدفاع عن الأسد، لدرجة أن مسؤولا روسيا هدّد باستهداف مصادر الصواريخ التي ستحاول ضرب مواقع نظام الأسد وليس فقط الصواريخ في حد ذاتها. هذا الوضع جديد بالنسبة لواشنطن وحلفائها، إذ لم تقف إلى جانب نظامي صدام حسين ومعمر القذافي قوة دولية بحجم روسيا.

وما يثير المخاوف من تداعيات خطيرة للتدخل العسكري ويشجع على حلّ سلمي، أن بوتين حوّل روسيا إلى أهم فاعل دولي في سوريا، ولن يصمت عن أيّ محاولة لتغيير الأمر الواقع بالقوة. ومن أوراق الضغط المهمة التي يتوّفر عليها بوتين، تطوير بلاده لأسلحة جديدة، منها ما هو نووي، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر للتحذير بالقول إن أيّ مواجهة عسكرية في سوريا، ولو كانت محدودة، ستكون إجراءً خطيراً، وقد تُخرج الوضع عن السيطرة.

بدوره، يحذر الخبير الألماني في الشرق الأوسط، غيدو شتاينبرغ، من الهجوم الامريكي المتوقع، معتبراً أن الأمر يتعلّق بـ"خطر كبير". ويشير في تصريحات نقلتها جريدة "راين نيكار تسايتونغ"الألمانية، أن "خطر التوتر بين روسيا وأمريكا سيكون أكبر من أيّ مصالح يحققها عمل عسكري ضد بشار الأسد"، مشيراً أن "هذا العمل سيمرّ حتماً عبر مواجهة الروس، وأنه لا يمكن أبداً استبعاد وقوع صدام بين الأمريكيين والجنود الروس الموجودين في سوريا".

بينما يقول حسني عبيدي، إن الحضور الروسي في سوريا لن يمنع وقوع هجوم غربي محتمل، بل يشكّل أحد دوافعه: "صحيح أن التدخل العسكري المرتقب يعلن إنهاء معاناة الشعب السوري هدفاً له، لكن الغرب يريد أن يتدخل لأن مصالحه في الشرق الأوسط صارت مهددة، فهو لا يقبل تضخم النفوذ الروسي في منطقة كانت تعتبرها الولايات المتحدة تحت تبعيتها السياسية" يقول عبيدي.

لكن ألم يفشل الحل الديبلوماسي بدوره؟

لكن المراهنة على الديبلوماسية لإنهاء الأزمة في سوريا قد لا تظهر كذلك حلاً بالنظر إلى عدم وصول المحادثات التي جرت بين أطراف الحرب السورية خلال السنوات الأخيرة إلى نتائج كبيرة أو عدم التزام الأطراف بمخرجات هذه المحادثات. نتائج المؤتمرات المتعددة التي جرت في جنيف وأستانا وسوتشي والرياض تباينت وردود أفعال اللاعبين في الملف اختلفت، خاصة وأن كل قوة دولية أو إقليمية حاولت الدفع نحو حلٍ ديبلوماسي يخدم مصالحها، فضلًا عن دخول بعض أطراف الأزمة بشروط مسبقة ترفض أيّ تفاوض بشأنها.

يتفق يزيد صايغ أن الحلول الديبلوماسية للأزمة السورية لم تكن ممكنة لعدة عوامل، من أبرزها أن أياً من داعمي المعارضة السورية لم يكن على استعداد لتقديم الدعم السياسي والمادي الكافي لأجل إجبار نظام الأسد على التفاوض، كما أن روسيا بدورها لا تمتلك التأثير الكافي لدفع الأسد نحو قبول حل سياسي. ويضيف صايغ أن أكبر عائق أمام الحل الديبلوماسي هو أن ن"ظام الأسد مقتنع بأن قبوله لحل ديبلوماسي، برعاية دولية، سيقوّض قوته (أي النظام)، لذلك لم يتفاوض يوما بصدق ولن يقوم بذلك مستقبلا".

غير أن أودو شتاينباخ، المدير السابق لمعهد دراسات الشرق في برلين، يرى أن ترامب قد يستغل الضربة العسكرية المحتملة لروسيا لأجل تقوية دور الولايات المتحدة في المفاوضات حول مستقبل الأسد، بمعنى أنه سيتخذ الهجوم المرتقب وسيلة لدعم توجهات بلاده في الحل الديبلوماسي للأزمة، حتى يبث الروح في مفاوضات جنيف ويقلّل من نتائج مفاوضات أستانا وسوتشي اللتين حضرت فيهما روسيا بثقلها، وهو ما يؤكد أن الضربات العسكرية لن تشكل بديلاً للعمل الديبلوماسي، حسب تصريحات الخبير الألماني لـDW عربية.

أطراف قد تحيي الحل الديبلوماسي

ترفض الأمم المتحدة أيّ تصعيد جديد في الأزمة، إذ ناشد أمينها العام، أنطونيو غوتيريس، بتجنب خروج الوضع في سوريا عن السيطرة. الموقف الأممي قد يدفع لاعبين دوليين إلى محاولة لعب أدوار الوساطة حتى لا تندلع مواجهة أمريكية - روسية، ومنهم تركيا التي تحتفظ بعلاقات قوية مع روسيا فضلاً عن كونها عضوا في حلف الناتو. ويعدّ اتصال أردوغان ببوتين وترامب لبحث الأزمة تجسيداً للرغبة التركية في نزع فتيل التوتر، إذ تحاول أنقرة البقاء على الحياد في شجار أمريكا وروسيا، خاصة وأنها ترتبط معهما في عدة ملفات وتختلف معهما في أخرى.

بدورها، تشكّل ألمانيا أحد الأطراف الأوروبية التي قد تساهم في البحث عن حل ديبلوماسي. نأت برلين بنفسها عن المشاركة في الكثير من التدخلات العسكرية الدولية، وقد أعلنت اليوم أنها لن تشارك في أيّ تحرك عسكري بسوريا، لكنها في الوقت ذاته تؤكد أنها تدعم الجهود الغربية لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية، وفق ما أكدته المستشارة أنغيلا ميركل.

وتبقي ألمانيا على مرونة في علاقتها مع روسيا رغم الخلافات المتعددة، ولا تزال الاتصالات جارية بين البلدين في في ملفات ثنائية وأوروبية.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان