عن قمة "مصر والسودان".. خبراء: احتواء الإعلام ضروري لحل الأزمة
كتب – محمد الصباغ:
شهدت القاهرة اليوم الخميس اجتماعا مصريا سودانيا جمع وزيري الخارجية ومديري المخابرات في البلدين بعد أشهر من العلاقات المتوترة، حيث شهدت الفترة الأخيرة تقديم السودان لشكوى للأمم المتحدة بسبب حلايب واستدعت سفيرها لدى القاهرة وحظرت استيراد بعض المحاصيل المصرية.
وشهدت وسائل الإعلام في البلدين جدلًا كبيرًا وهجوماً متبادلاً لدرجة أن نقلت صحيفة "اليوم التالي" السودانية تصريحات عن سفير السودان عبد المحمود عبد الحليم زعمت أنه هدد فيها باحتمالية وصول التصعيد السوداني ضد مصر إلى حرب، وهو ما نفته سريعًا الخارجية السودانية بشكل قاطع.
وربما بسبب ذلك تضمن البيان المشترك لاجتماع -اليوم الخميس- بندًا يؤكد أهمية تصحيح التناول الإعلامي ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين، والعمل المشترك على إبرام ميثاق الشرف الإعلامي بين البلدين، ورفضهما للتناول المسيء لأي من الشعبين أو القيادتين".
حضر الاجتماع كل من إبراهيم غندور، وزير خارجية السودان، والفريق أول مهندس محمد عطا المولى عباس، رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وسامح شكري، وزير الخارجية، واللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية.
وأصدر الأطراف بيانًا شمل 11 نقطة كان أبرزها العمل على تنفيذ نتائج القمة المصرية السودانية الإثيوبية حول سد النهضة في أديس أبابا قبل نحو أسبوعين، وذلك في إطار تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الموقع بالخرطوم في 23 مارس من العام 2015.
كما اتفق المسؤولون على أهمية تطوير التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين في مجالات مياه النيل في إطار التزامهما بالاتفاقات الموقعة بينهما بما في ذلك اتفاقية 1959. وأيضًا أكد على ضرورة الاتفاق على "دورية عقد آلية التشاور السياسي والأمني التي تضم وزيري الخارجية ورئيسي جهازي المخابرات في البلدين، وبما يعزز التنسيق في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وحل أية شواغل قد تطرأ بين البلدين".
واعتبر هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن البيان جاءت صياغته تفصيلية لكثير من القضايا بلغة تنم عن أجواء ودية وارتياح متبادل وتدل على توافر إرادة سياسية لدى الجانبين لفتح صفحة جديدة وتناول القضايا بعقل مفتوح وحوار هادئ.
وأضاف -في اتصال هاتفي مع مصرواي- أن أهم النقاط بالبيان كانت الإشارة إلى قضية التنسيق في قضايا المياه طبقًا لمقتضيات اتفاقية 59 التي تدعو لتبني مواقف مشتركة بين مصر والسودان.
ودعا البيان أيضًا إلى التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي وتنفيذ التوجيه الرئاسي بإقامة صندوق ثلاثي لتعزيز البنية التحتية والمشاريع التنموية الثلاثية في مصر والسودان وإثيوبيا.
واعتبر السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن النقطة السابق هي أحد أهم النقاط التي خرج بها الاجتماع اليوم. وأشار إلى أن أهميتها تعود إلى أنه لا تقرر دولة الاستثمار في بلد آخر إلا إذا كان هناك قرار باستمرار الصداقة بينهما.
وأضاف بيومي: "طالما نسمع أن هناك اجتماعات يعني أن الأمور تسير بشكل جيد الاجتماعات تمتص أي صدمات لأنه حدثت تصريحات من الخارجية السودانية والإعلام المصري ضخمها وتعامل معها بطريقة قاسية".
واعتبر أيضًا حينما يجتمع الرئيسان عبد الفتاح السيسي وعمر البشير ويقرران وجود لجنة مشتركة برئاسة الخارجية والمخابرات يعني أن بين البلدين صداقة. وأضاف في اتصال هاتفي لمصراوي: "يعني أننا سنترك النزاع والمهاترات والتصريحات غير المواتية إلى النقاش والإقناع حتى يستفيد البلدين بالتعاون أفضل من حدوث شجار أو خلاف".
وفي أعقاب النقاش الرباعي، خرج السفير السوداني لدى مصر ليعلن أنه سوف يعود لمزاولة عمله بالقاهرة قريبًا. وصرح لوسائل إعلامية محلية سودانية: "سيتم استدعائي في وقت قريب".
كانت الحملات الإعلامية بين البلدين قد زادت حدتها عقب إعلان السودان إعطاء تركيا حق إدارة جزيرة سواكن في البحر الأحمر، وأشار بعض الخبراء إلى أهميتها الاستراتيجية وبالتالي يمكن أن تقيم أنقرة عليها قاعدة عسكرية.
لكن السفير السوداني إبراهيم غندور أكد اليوم وبشكل قاطع أن السودان لن يسمح بإقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيه.
كما زعمت وسائل إعلامية سودانية أن مصر تدعم جنوب السودان التي تجمعها علاقات متوترة مع الخرطوم، في حين اعتبر البعض أن الإدارة التركية لجزيرة سواكن هو رد على مصر التي تتوتر علاقاتها مع أنقرة.
ويقول رسلان إن القمة تطرقت إلى "الهواجس الأمنية عقب اتهامات مثارة في الإعلام من مصر للسودان بإيواء عناصر مسلحة من الإخوان وأيضًا اتهامات إعلامية سودانية لمصر بدعم مجموعات معارضة في جنوب السودان".
واختتم حديثه لمصراوي قائلًا إن التطرق إلى دور الإعلام "مفيد جدًا ومهم وضروري لأنه كانت هناك حملة عاتية وشرسة ضد مصر ذلك ينقل الأزمات من هذا النوع من مستوى الخلافات السياسية بين النظم إلى العلاقات بين الشعوب وهذا تطور غير إيجابي بالنسبة للعلاقة المصرية السودانية".
واتفق السفير جمال بيومي معه في هذا الشأن، وأضاف حول أزمة حلايب وشكوى السودان قدمتها للأمم المتحدة زعمت فيها ملكيتها للمثلث الحدودي، أنه يجب أن "نُرضي السودان لأنه في الحقيقة الأمور لا تنتهي بالخلاف وإنما بتوضيح المواقف وبالمستندات".
فيديو قد يعجبك: