لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الغوطة الشرقية.. جبهات الصراع تلعب على وتري "الإنسانية" و"الإرهاب"

08:16 م الخميس 22 فبراير 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب– محمد الصباغ:

الوفيات تتساقط كالأمطار في الغوطة الشرقية. ما تشهده المدينة هي مجزرة القرن العشرين. وباتت الغوطة الشرقية "جهنم على الأرض". الجمل السابقة كانت تصف ما يحدث في المنطقة السورية القريبة من العاصمة دمشق، بعد قصف متواصل من قوات حكومة بشار الأسد أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثمائة من المدنيين خلال اليومين الماضيين وأصيب المئات.

تحاصر الحكومة السورية المدينة منذ خمسة أعوام وتبقى واحدة من المناطق الأخيرة القريبة من دمشق التي تسيطر عليها قوات معارضة مسلحة. وبحسب منظمتي الأمم المتحدة للاجئين و"أنقذوا الأطفال" فإن حوالي 350 ألف نسمة محاصرون داخل الغوطة الشرقية ويعانون أوضاعًا إنسانية غاية في الصعوبة.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية الغربية، تقريبًا لا يتوقف تداول الصور ومقاطع الفيديو الصادمة لمشاهد مأساوية لأطفال ومصابين جراء القصف الحكومي العنيف على المدينة. هذه الصور والأوضاع الإنسانية جعلت الأمور أشبه بشكل كبير بما حدث في حلب الشرقية حينما قررت القوات الحكومية السورية القضاء على المعارضين المسلحين فيها.

وفي بيان غريب لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" صدر أمس الأول، حول الأوضاع الكارثية في الغوطة الشرقية، جاء إنه لا توجد كلمات يمكنها أن تنصف الأطفال القتلى أو أمهاتهم وآبائهم أو من يحبونهم. وأضاف البيان الذي احتوى على أسطر فارغة: "تصدر يونيسف هذا البيان الخالي من الكلمات. لم يعد لدينا كلمات لوصف معاناة الأطفال وغضبنا".

أما لجنة الإنقاذ الدولية فذكرت أن المخاوف بشأن ما يحدث في الغوطة الشرقية له ما يبرره، بالمدارس أغلقت منذ يناير الماضي بسبب الهجمات كما تفشى سوء التغذية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الأربعاء، إن ما تشهده الغوطة الشرقية هو "جحيم على الأرض"، وطالب بوقف سريع للتصعيد في المنطقة. وردت روسيا بالدعوة إلى جلسة عاجلة بمجلس الأمن من أجل الوصول لهدنة مدتها 30 يومًا، لكن وزير الخارجية سيرجي لافروف اشترط ألا تشمل التنظيمات المصنفة إرهابية والتي تنشط في الغوطة الشرقية.

هذا السيناريو يشبه ما قام به النظام السوري حينما اقتحم حلب الشرقية في عام 2016، وفرض سيطرته عليها. حينذاك أعلنت دمشق ومعها موسكو "تحرير" المدينة ممن وصفوهم بالإرهابيين، وأشار مسئولون من البلدين إن الجهود سوف توجه نحو بدء إيصال المساعدات الإنسانية.

لماذا الغوطة الشرقية؟

المنطقة تعد الأخيرة التي يسيطر عليها مسلحون معارضون بالقرب من العاصمة السورية دمشق. وكانت سوريا ومعها إيران وتركيا، والأخيرة تمتلك علاقات قوية بمسلحي الجيش السوري الحر المتمركز في المدينة، طرحوا إدراج الغوطة الشرقية ضمن مناطق التهدئة على هامش محادثات آستانا في مايو من عام 2017.

وصرح وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن هذا المقترح رفضته مجموعات مقاتلة مثل جبهة النصرة (أو المعروفة حاليًا بجبهة فتح الشام المحسوبة على تنظيم القاعدة). وأضاف أن التنظيم استمر في قصف أهدافًا من مواقعه بالمدينة واستخدم المدنيين بالغوطة الشرقية كدروع بشرية.

ويسعى الأسد للسيطرة على الغوطة لإنهاء تواجد المعارضة المسلحة بالقرب من العاصمة، وتكرار ما فعله في مدينة حلب حيث سيطر على المدينة الهامة استراتيجيًا. ويتمركز في المدينة مجموعات مسلحة تفوق في أعدادها من كانوا متمركزين في حلب الشرقية، وهو ما يجعل سيطرته على الغوطة الشرقية مكسب كبير في الحرب السورية بشكل عام.

وبحسب تحليل لموقع دويتش فيله الألماني، فإن ما دفع الأسد للتصعيد أيضًا في هذه المرحلة هو أن الجماعات المسلحة في الغوطة باتت متفرقة بعد اتحادهم لفترة من أجل القضاء على تنظيم داعش الإرهابي. وبعد هزيمته وإخراجه من المنطقة بدأت اشتباكات مسلحة بين الفصائل المختلفة، ما جعل دمشق واثقة من السيطرة على المدينة.

وبعد التصعيد الغربي الكبير ضد نظام الأسد بسبب الغوطة الشرقية، أشار تحليل بموقع قناة الميادين اللبنانية التابعة لحزب الله وتميل لصالح الأسد، إلى أن أسباب العملية السورية في الغوطة الشرقية هو توفير "الأمان لحوالي 5 مليون مدني في دمشق".

وأضاف أن أهداف التصعيد الحكومي بالغوطة الشرقية يعود إلى سببين، الأول هو إنهاء "ذيول أذرع" كانت تتلقى التمويل الخليجي من قطر والسعودية من أجل إسقاط النظام في سوريا لسنوات. والأمر الثاني بحسب الميادين هو أن السيطرة على الغوطة وهزيمة المجموعات المعارضة المسلحة فيها، سوف تعطي النظام قوة في فرض معادلات جديدة في الصراع الدائر بشكل عام، معتبرًا أن ذلك هو سبب "عزف" دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا على "الوتر الإنساني" في الغوطة.

بحسب التقارير الواردة من منظمات الإغاثة على الأرض في الغوطة الشرقية فقد قُتل الأطفال ومُحيت الأسر والمنازل في أعقاب القصف الحكومي الذي لم يفرق بين مدنيين ومجموعات مسلحة.

ما هي المجموعات المسلحة؟

وفي مقاله بصحيفة الإندبندنت البريطانية، تعجب الصحفي روبرت فيسك، من عدم ظهور أي عنصر مسلح في المواد المصورة التي تنقلها وسائل الإعلام الغربية على الرغم من وجود جماعات مسلحة قوية وبينها جبهة فتح الشام الإرهابية.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن الغوطة الشرقية ينشط فيها مجموعات مسلحة مختلفة أهمها "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن".

وأضافت أن "جيش الإسلام" هو اتحاد لعشرات الفصائل من الجيش السوري الحر، ويضم تقريبًا بين صفوفه من 10 إلى 15 ألف مقاتل. ويرى مراقبون أن هذا الفصيل يواجه "معركة وجود" حاليًا.

أما "فيلق الرحمن" فهو جماعة يقدر عدد مقاتليها بحوالي 10 آلاف مقاتل، وتندرج تحت "الجيش السوري الحر" أيضًا. لكن الفصيلين السابقين قاتل كل منهما الآخر في صراع على النفوذ والمكاسب الاقتصادية.

أما الفصيل الثالث فهو "أحرار الشام" والتي تقول إنها "تقاتل في سبيل الله" وكانت حليفة لجبهة النصرة في بعض المعارك. وبحسب دويتش فيله، فإنها شكرت من قبل تركيا وقطر على دعم "الثورة" ما أشار إلى تلقيها دعمًا من الدولتين.

وهناك أيضًا "هيئة تحرير الشام" التي ترتبط بجبهة النصرة بشكل كبير، برغم محاولاتها مرارا إنكار ذلك. وغيّرت اسمها إلى جبهة فتح الشام وطرحت نفسها كبديل للقاعدة وداعش. وتسعى لإسقاط الأسد وترفض أي حوار يشارك فيه نظامه، كما نقول إنها تريد إقامة نظام حكم إسلامي.

فيديو قد يعجبك: